الحمد لله حمدًا لا ينفد، كما ينبغي له أن يُحمد، وصلى الله وسلم على أفضل المصطفين محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد.
أذكّر نفسي و إيّاكم بسنن الفطر مما
الإفـــــــــــطار في رمضــــــــــــان..
كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يقتصر في إفطاره على بضع تمرات وجرعة من
الماء يقوم بعدها إلى الصلاة حتى إذا أغطش الليل وانتهى من الصلاة تناول طعاماً خفيفاً يسد جوعه ، ويسدحاجة
جسمه من الغذاء ، دون شعور بالتخمة أو بالامتلاء .
هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ، فإن إعطاء الطبيعة الشئ الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله ، وانتفاع
القوى به وحلاوة المدينة التمر، ومرباهم عليه، وهو عندهم قوت وأدم ورطبه فاكهة . وأما الماء ، فإن الكبد يحصل لها
بالصوم نوع يبس فإذا رطبت الماء ، كمل انتفاعها بالغذاء بعده . ولهذا كان الأولى بالظمآن ، أن يبدأ قبل الأكل بشرب
قليل من الماء ، ثم يأكل بعده .
ومن فوائد هذا النمط من الإفطار :
1- عدم إرهاق المعدة بما يقدم إليها من غذاء دسم وفير بعد أن كانت هاجعة نائمة طيلة 18 ساعة
تقريباً ، بل تبدأ عملها بالتدريج في هضم التمر السهل الامتصاص ، ثم بعد نصف ساعة يقدم لها الافطار المعتاد .
2- أن تناول التمر أولاً يحد من جشع الصائم فلا يقبل على المائدة ليلتهم ماعليها بعجلة دون مضغ أو تذوق .
3- أن المعدة تستطيع هضم المواد السكرية في التمر خلال نصف ساعة فإذا بالدم يترع بالوقود السكري الذي يجوب
أنحاء الجسم ويبعث في خلاياه النشاط ، فيزول الاحساس بالدوخة والتعب سريعاً .
التي يقع فيها بعض الصائمين عند الإفطار نقف على الأخطاء التالية:
1- تأخير الإفطار إلى بعد أن يدخل وقته، وهو خلاف السنَّة التي جاءت بتعجيل الفطر إذا دخل وقته، كما
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) متفق عليه .
2- ومن ذلك أن بعض الصائمين لا يفطر إلا بعد أن ينتهي المؤذن من أذانه احتياطًا، وهذا من التنطع والتكلف
الذي لم يطالب به العبد .
3- ومن الأخطاء انشغال بعض الصائمين بالإفطار عن الترديد مع المؤذن، والسنة للصائم وغيره أن يتابع
المؤذن عند سماعه، فيقول مثل ما يقول، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إذا سمعتم النداء فقولوا
مثل ما يقول المؤذن ) متفق عليه. ولا يلزم الصائم أن يقطع أكله أو شربه من أجل المتابعة، بل يتابع المؤذن مع
مواصلة الإفطار؛ حيث لم يرد في الشرع نهي عن الأكل حال متابعة المؤذن وترديد ما يقول .
4- ومن الأخطاء غفلة بعض الصائمين عن الدعاء عند الإفطار، مع أن هذا الموطن من المواطن التي يُسن فيها
الدعاء ويُستجاب، ومن الغبن والحرمان أن يضيع العبد على نفسه هذه الفرصة العظيمة، وقد قال صلى الله عليه
وسلم: ( ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر ) رواه أحمد وصححه الألباني . وكان
صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ( ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله ) رواه أبو داود .
5- ومن الأخطاء الإكثار والتوسع في أنواع المطاعم والمشارب حال الإفطار دون حاجة لذلك، مما قد يجر إلى
الإسراف الذي نهى الله عنه، قال تعالى: ** وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } (الأعراف:31).
كما أن الإكثار من الأكل والشرب يُثقل الإنسان عن العبادة وأداء الصلاة بخشوع وحضور قلب، وهذا خلاف ما
شُرع له الصوم .
6- ومن الأخطاء التي تقع عند الإفطار أيضاً ما يفعله بعض الصائمين من الفطر على ما حرم الله، كالسجائر
وغيرها من الخبائث. ولا شك فإن الصوم فرصة عظيمة للتخلص من هذه العادات السيئة، إذ فيه تدريب للإنسان
على ترك المألوفات التي تعودها، فمن استطاع أن يتركها في نهاره، فلا يعجزه - بالصبر والعزيمة - الإقلاع عن
هذه الخبائث في ليله أيضًا، حتى إذا انتهى رمضان كان قد تعود على تركها، فيسهل عليه المداومة والاستمرار
سنـــن الإفــــــــطار...
1- تعجيل الإفطار. عن سل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" لا يزال الناس بخير ما
2-الإفطار على تمر. عن أنس قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلى، فان لم تكن رطبات
فعلى تمرات، فان لم تكن حسا حسوات من الماء" حسن صحيح.
3- الدعاء عند الإفطار. عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال:"ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت
فرحة عظيمة تغامر نفس الصائم وقد أتم صيام يومه، آملاً ثواب ربه، إنها فرحة الطاعة، ولذة العبادة،
والقرب من المولى سبحانه وكسب محبته، تلك الفرحة تزيد على فَرَحه بالطعام بعد الانقطاع عنه، ولذلك جاء الوصف
النبوي لتلك الحالة وصفاً دقيقاً رائعاً، حين قال: ( للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح
بصومه ) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
على مائدة الإفطار يتذكر الصائم أولئك الفقراء والمساكين الذين يستمر صومهم ساعات أطول وأياماً أكثر، فهم
دائماً في صراع مع الجوع والعطش، لا يهنؤون بالطعام وأنواعه، بل قد لا يجدون ما يفطرون عليه، ولذلك جاء
الترغيب النبوي بتفطير الصائم، حيث قال صلى الله عليه وسلم : ( من فطر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا
ينقص من أجر الصائم شيئاً ) رواه أصحاب السنن، وصححه الألباني.
أسأل الله أن ينفعني و إياكم بما نقرأ و نعلم..