مہجہرد إنہسہآن
ادارة الموقع
السلام عليكم
الهاشميون عبر التاريخ
في العاشر من حزيران من عام 1916م اطلق الشريف الحسين بن علي، طيب الله ثراه، رصاصة الثورة العربية الكبرى، فانطلقت جيوش العرب من اجل تحرير الأرض والإنسان وتقدمت بقوة وثبات عقيدة وهي تحمل ارث التاريخ وهموم الأمة وأمل المستقبل، وتستند الى مبادئ الثورة والنهضة وفكر العرب الأصيل الذين يدعو الى تأكيد وجود الدولة العربية المستقلة الواحدة.
الشريف الحسين بن علي في زيارة له إلى عمان في شهر كانون الثاني 1924م
© أرشيف الديوان الملكي الهاشمي
وقاد الهاشميون الأمة وهم القادة في التاريخ ويصنعون المجد العربي منذ ان كانت قريش دار زعامة ورفادة وقيادة، ويتحدث التاريخ عن آل هاشم وهم يبنون الدولة ويسعون نحو الاستقلال والسيادة والكرامة العربية.
** ما قبل الإسلامـ ,
لم تعرف العرب نظام دولة او تنظيم مجتمع، الا حين تولى قصي بن كلاب القرشي رئاسة مكة وادارة الحج من رفادة وسقاية واعمال الندوة و******، وابتدأ عمله بانشاء دار الندوة كأول مؤسسة اجتماعية عربية، ويتحدث ياقوت الحموي في معجم البلدان والطبري في تاريخه ان قصي اول من اصاب الملك من قريش بعد ولد اسماعيل وذلك في ايام المنذر بن النعمان ملك الحيرة، فجعل قصي مكة ارباعاً وبنى بها دار الندوة.
كانت هذه البداية لبني هاشم في بناء نظام خاص للمجتمع العربي في الفترة من 418- 482 ميلادية قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم التي كانت عام 570 ميلادية. وبعد دار الندوة انشأ الهاشميون حلفاً جديداً اسمه حلف الفضول بقيادة بني عبد مناف، وهدف هذا الحلف هو توفير الامن والاستقرار لمواكب الحجاج ما قبل الاسلام، ودفع الاذى عن الناس واحقاق الحق والعدل، واستند الحلف في قوته الى قوة الهاشميين القرشيين وقدرتهم على صياغة المجتمع المكي قبل ظهور الاسلام، ونفوذهم الذي مارسوه بشكل ايجابي في بناء وحدة المجتمع العربي داخل الجزيرة، وهذا قد تميز ببعد آخر وهو قدرتهم على الاتصال مع قبائل العرب، من الجنوب عسير واليمن ومن الشمال حتى اطراف الشام الذين كانوا يأتون الى مكة من اجل التجارة والحج، فنقل الناس عن الهاشميين انهم اهل خير وفضل، وقيادة وزعامة، وعزز هذا الامر رحلات الايلاف القرشية الهاشمية الصيفية نحو ديار الشام والشتوية نحو اليمن ومصر، فعرف الناس الهاشميين انهم اهل قيادة وحكم وزعامة ، وانهم ذوو اخلاق وحسن معاملة، وكان هاشم جد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من اشهر قادة رحلات الايلاف وقد توفاه الله في احدى رحلاته وهو في غزة في فلسطين، ولا زال قبره هناك ولا زالت غزة تعرف باسم غزة هاشم.
كان حلف الفضول الهاشمي القرشي اول نموذج للعمل الاجتماعي والنواة الاولى للتنظيم وبناء اشكال الوحدة، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم حلف الفضول وهو ابن عشرين سنة -وقيل ابن خمسة وعشرين سنة- شهد ذلك مع قبائل العرب من عبدالمطلب وبني اسد وحضر اجتماعاته في دار عبدالله بن جدعان، وحين كانت البعثة النبوية الشريفة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا الحلف:
" لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دعيت اليه في الاسلام لأجبت.. تحالفوا ان يردوا الفضول على اهلها وان لا يعز - يغلب - ظالم مظلوما..."
** فجر الإسلام ,
ابتدأت رسالة الاسلام، يحملها الهاشمي محمد عليه الصلاة والسلام في ارض مطهرة مكرمة امتازت بانها حققت الاتصال مع قبائل العرب المناذرة والغساسنة ومن خلالها كان الاتصال مع حضارتي الفرس والروم، وتوسعت التجارة التي هي عامل هام وقوي في بناء الثقافة العربية، وكان لمكة ووجود الكعبة فيها الدور في تشكيل النظام السياسي والثقافي والاجتماعي وتشكيل الشعور القومي ايضاً، واصبحت مكة عاصمة ثقافية دينية تاريخية وهي اول العواصم التي عرفها العرب بفضل قيادة بني هاشم الذين استطاعوا تقديم انفسهم كزعماء لهم القدرة على ادارة شؤون الحج والمواسم المختلفة مثل موسم سوق عكاظ السياسي الاجتماعي الاقتصادي الثقافي، الذي يشبه المواسم الثقافية والمعارض الدولية الحالية، وظهرت ايضا اللغة القومية التي اجاد الشعراء والادباء والخطباء في تهذيبها وتطويرها واتسمت قريش برقي فكرها وبعد نظرها.
وفي وسط كل هذا الاجواء كانت رسالة الاسلام السمحة يحملها النبي الامين صلى الله عليه وسلم، وتأتي الرسالة لتنظيم المجتمع العربي داخل الجزيرة وفق منهج التسامح والمحبة والايثار والدعوة بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ابتدأ الرسول الكريم بعشيرته: "وانذر عشيرتك الاقربين" وقاد الغزوات وادار المعارك من اجل توحيد العرب وجمعهم تحت لواء ان "لا اله الا الله وحده لا شريك له"، وتمكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من بناء المجتمع الاسلامي كنموذج للمجتمعات القادمة فنجح في جزيرة العرب وانطلق بعالمية الاسلام فكانت مؤته البوابة الاولى في السنة الثامنة للهجرة، وكانت اليرموك سنة 13 هجرية الاساس لتأمين الحدود الشمالية، والقادسية سنة 15 هجرية لتأمين الحدود الشرقية، فاكتملت دولة الاسلام داخل الشام والجزيرة العربية والعراق، وانتظم المجتمع في وحدة عربية اساسها اللغة العربية والشعور القومي على اساس الدين القويم مع الحفاظ على حقوق اهل الذمة ومن اراد ان يبقى على دينه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقود الامة ويدعو للصلاح وهو يتلو قوله تعالى: "يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير."
"الحجرات، الآية 13"
** العصور الإسلاميـة ,
جاهد آل البيت في المجتمع العربي، وحملوا مشروع النظام العربي المتكامل على أساس المساواة والعدل وحرية العقيدة، ومظهره نظام الدولة الواحدة بأركانها المختلفة، التي تضمن وحدة المجتمع وحقوق الإنسان وصون الكرامة والحرية والعقيدة.
ويشهد التاريخ لبني هاشم دورهم انهم الرجال الذين ما خلا عصر من بني امية حتى العباس، والفاطميين والايوبيين وغيرهم من دورهم الراشد في بناء المجتمع وتقديم الشورى، وتعرضوا في سبيل ذلك وبسبب وقفتهم الصلبة للعديد من انواع القتل والفتك والصدود والرد ولكنهم ثبتوا عند حق المجتمع وما ارادوا لانفسهم حقا، وصمدوا عند رغبة بناء المجتمع وصون كرامة الناس دون الالتفات لمغنم او مكسب في هذه الدنيا.
بسم الله الرحمن الرحيم
"قل لا اسألكم عليه اجراً الا المودة في القربى"
فكان اساس دعوة بني العباس رسالة آل البيت الاطهار الهاشمية القرشية فاقام العباسيون اعظم دولة شهدها عصرهم امتدت بامتداد غيوم السماء ونشرت العدل والحق بلسان النبي الكريم والقرآن المنزل الطاهر الشريف، وحين قامت دولة المماليك فقد حملت رسالة الاسلام ونجحت في وقف زحف المغول وطردهم من ديار الاسلام بروح العقيدة وقوة الايمان، وبعد ان اقام العثمانيون امبراطوريتهم استندوا على الرسالة الهاشمية في اداراتهم وحكمهم، وحكموا الارض العربية على مدى اربعة قرون قبل ان يتحول النظام في الباب العالي وينحرف عن رسالة الاسلام ومعاني الدولة والحكم والنظام الاجتماعي، ويتجه الى نظام غريب يهدف تحويل المجتمع الواحد الموحد الى شكل من التبعية اللادينية
** العصر الحديث ,
رغم ان العصور المختلفة قد شهدت ممالك وحكام من عرب واعاجم الا ان الدور الهاشمي في مكة والمدينة لم يتأثر ، وبقي الهاشميون، واهل قريش يقومون بخدمة الديار المقدسة، وحافظ المجتمع الاسلامي في الجزيرة العربية على نظامه وبنيانه، وحتى ان الباحث والناظر الى الجزيرة ليرى وكأنها تتشكل من حكومتين هما حكومة مكة وحكومة المدينة بقيادة الهاشميين اجداد الشريف الحسين بن علي، الذين توارثوا شرف الخدمة والقيادة و****** كابراً عن كابر، وحتى كان فجر القرن العشرين، وكان التحول في السياسة الدولية ونشوء حركة القوميات ومنها القومية الطورانية، وكان العرب احوج ما يكونوا الى قيادة وزعامة لترعى مسيرة القومية العربية في مواجهة تيارات الاستلاب والعنصرية واللادين، وتوفرت الاسباب في آل هاشم في مكة والمدينة الذين تهيأت لهم كل الظروف لانهم:
أ. ما توانوا عبر التاريخ عن اداء دورهم السياسي والاجتماعي وبقائهم على اتصال مع المجتمع العربي بنفس الخلق والمنهج الذي اختطه الهاشميون منذ القرن السادس الميلادي.
ب. ثباتهم على العقيدة والمبدأ وتضحياتهم في سبيل خدمة العرب جميعاً.
جـ. رغم كل ما لحق بآل البيت عبر تاريخهم من الأذى والقتل فانهم ما ردوا الأذى بالأذى ولا القتل بالقتل، وانما بقوا اهل الاحسان والمعروف والتسامح يحتسبون الامر عند الله وهذا ثبّت المحبة في قلوب الناس وعظُم احترامهم.
لهذه الاسباب وغيرها، توجه الناس الى آل البيت لان يستمروا في دورهم التاريخي المؤسس على الارث الهاشمي بقيادة الامة واعادة وحدتها والخروج من ظلام العصر. وانصاع آل البيت لرغبات احرار العرب الذين التقوا في دمشق عام 1915 ومعهم الامير فيصل الاول بن الحسين، والذين صاغوا ميثاق دمشق الذي حدد الدولة العربية والنظام العربي، فحمله الشريف الحسين يرحمه الله منهجاً ودافع عنه كمبدأ ثابت من اجل العرب ووحدة العرب والقومية والدولة، حتى كانت انطلاقة الثورة العربية الكبرى التي ارادت ان تكون هناك دولة عربية واحدة مستقلة وليتكرر دور مكة المكرمة التاريخي فبمثلما كان انبعاث رسالة الاسلام الموحدة الهادية على يد محمد الهاشمي القرشي صلى الله عليه وسلم، لاخراج الناس من الظلمات الى النور قبل اكثر من اربعة عشر قرنا، يكون المنطلق الجديد على يد هاشمي يحمل ارث التاريخ ليطلق رصاصة الحرية والحق في العاشر من شهر حزيران من عام 1916بعد اربعة قرون من الظلام والتغييب.
** الهاشميون و الدولة الحديثة ,
تبدأ مسيرة الدولة العربية الحديثة بثبات وعزم مؤسس على الارادة العربية وليس على ارادة لاشخاص. فكان الهاشميون هم في خدمة هذه الاهداف، ويترجمون المبادئ الى افعال وواقع يتفق وبناء الدولة العصرية الحديثة، فكانت القيادة الهاشمية في مستوى الصحوة العربية التي بدأ بها المتنورون الاحرار العرب. وكانوا في مستوى طموح الامة وامال الشعوب التي كانت تتطلع الى المؤسسة العربية الفاعلة التي تريد تجديد دور مكة وامية والعباس فجاءت صياغة الثورة واهدافها ونظامها واضحاً من خلال مراسلات الشريف الحسين-مكماهون والمفاوضات البريطانية الحجازية واشترك الامير فيصل بن الحسين في مؤتمر لندن ومؤتمر باريس عام 1918 و1919 ومفاوضات الملك المؤسس عبدالله بن الحسين مع ونستون تشرتشل في القدس عام 1921. فاختلفت التواريخ والاماكن، ولكن كان الثبات الواحد على الدولة العربية المستقلة هو الاساس، اضافة لفهم الواقع السياسي الدولي وادراك القدرات للوصول الى الطموحات حتى وان كانت في ادناها.
ولكن مع عدم التنازل عن مبدأ عربي واحد، كانت تضحية الشريف الحسين بن علي بالعرش وهو يقاتل مجاهداً في اروقة السياسة يرفض التنازل عن شبر واحد من القدس وارض فلسطين، ويصر على وحدة ارض العرب والشعوب العربية وكانت مفاوضات الامير فيصل الشاقة في لندن وباريس لتحقيق الدولة العربية والوصول بها الى المستوى اللائق، وواصل الامير عبدالله بن الحسين الجهاد حتى تمكن من تأسيس الدولة المستقلة في الاردن والتي نعيشها اليوم كثمرة من ثمار جهاد آل البيت وكفاح الهاشميين الموصول من اجل الدولة المستقلة والسيادة العربية الاكيدة.
** الهاشميون و المنهج الثـابت ,
ادى الهاشميون عبر التاريخ دوراً مسؤولاً مستنداً الى الارث التاريخي الذي حباهم الله سبحانه وتعالى به
بسم الله الرحمن الرحيم
"انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"
فقادوا العرب عبر التاريخ، ونجحوا في بناء النظام العربي وارساء الوحدة النموذج لضمان الحقوق وترتيب الواجبات، وصيانة الكرامة الانسانية والسيادة، والاهتمام ببناء الشخصية العربية، وقدم الهاشميون منهجاً في الحكم والادارة ونموذجاً في توحيد المجتمعات، وبناء الدولة ابتدأ من دارة الندوة وحلف الفضول حتى الدولة الاسلامية الكبرى بامبراطورياتها المتعددة، وكان الهاشميون هم الامل حين يشتد الخطب، فتبرز ادوارهم ويتقدمون متناسين كل الماضي يسيرون في مقدمة الشعوب نحو الثورة وقيادة السياسة وادارة الحكم لا يبتغون الا الخير والصلاح والفلاح.
وشهد التاريخ ممالك ملوك بني هاشم في ارض الحجاز، ثم لتمتد في عهد الرسول الكريم لتشمل قصور كسرى وبصرى، وتتقدم العصور الاسلامية وهي تبني النظام والوحدة الى ان كان التراجع ويسدل الظلام ظلاً الى حين، فينبزغ فجر العرب من جديد بقيادة آل هاشم يعيدون مجد الامة والعروبة في مطلع القرن العشرين ويتقدمون من جديد لبناء الدولة العربية وبعث الروح القومية في نفوس العرب جميعاً ونستذكر قول الملك المؤسس حين يقول "نحن آل البيت انما السبب في كل الممالك والزعامات العربية التي نراها اليوم."
ويكفي آل هاشم فخراً هذا الدأب والمنحى ويكفيهم انهم الصدق عند اللقاء، وأنهم يتقدمون صفوف الخير والمساندة ويسخّرون كل الوقت والجهد لنصرة قضايا العرب في كل المحافل الدولية، يدعون للوحدة وتنظيم الصفوف وبناء القوة الذاتية العربية ونبذ كل اشكال العنف والدعوة للحوار والمنطق المسؤول، ويترجم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم كل هذه المعاني ثابتاً عند الحق، متقدماً الصفوف، كنهج آل البيت وآل هاشم الاطهار الميامين.
الهاشميون عبر التاريخ
في العاشر من حزيران من عام 1916م اطلق الشريف الحسين بن علي، طيب الله ثراه، رصاصة الثورة العربية الكبرى، فانطلقت جيوش العرب من اجل تحرير الأرض والإنسان وتقدمت بقوة وثبات عقيدة وهي تحمل ارث التاريخ وهموم الأمة وأمل المستقبل، وتستند الى مبادئ الثورة والنهضة وفكر العرب الأصيل الذين يدعو الى تأكيد وجود الدولة العربية المستقلة الواحدة.
الشريف الحسين بن علي في زيارة له إلى عمان في شهر كانون الثاني 1924م
© أرشيف الديوان الملكي الهاشمي
وقاد الهاشميون الأمة وهم القادة في التاريخ ويصنعون المجد العربي منذ ان كانت قريش دار زعامة ورفادة وقيادة، ويتحدث التاريخ عن آل هاشم وهم يبنون الدولة ويسعون نحو الاستقلال والسيادة والكرامة العربية.
** ما قبل الإسلامـ ,
لم تعرف العرب نظام دولة او تنظيم مجتمع، الا حين تولى قصي بن كلاب القرشي رئاسة مكة وادارة الحج من رفادة وسقاية واعمال الندوة و******، وابتدأ عمله بانشاء دار الندوة كأول مؤسسة اجتماعية عربية، ويتحدث ياقوت الحموي في معجم البلدان والطبري في تاريخه ان قصي اول من اصاب الملك من قريش بعد ولد اسماعيل وذلك في ايام المنذر بن النعمان ملك الحيرة، فجعل قصي مكة ارباعاً وبنى بها دار الندوة.
كانت هذه البداية لبني هاشم في بناء نظام خاص للمجتمع العربي في الفترة من 418- 482 ميلادية قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم التي كانت عام 570 ميلادية. وبعد دار الندوة انشأ الهاشميون حلفاً جديداً اسمه حلف الفضول بقيادة بني عبد مناف، وهدف هذا الحلف هو توفير الامن والاستقرار لمواكب الحجاج ما قبل الاسلام، ودفع الاذى عن الناس واحقاق الحق والعدل، واستند الحلف في قوته الى قوة الهاشميين القرشيين وقدرتهم على صياغة المجتمع المكي قبل ظهور الاسلام، ونفوذهم الذي مارسوه بشكل ايجابي في بناء وحدة المجتمع العربي داخل الجزيرة، وهذا قد تميز ببعد آخر وهو قدرتهم على الاتصال مع قبائل العرب، من الجنوب عسير واليمن ومن الشمال حتى اطراف الشام الذين كانوا يأتون الى مكة من اجل التجارة والحج، فنقل الناس عن الهاشميين انهم اهل خير وفضل، وقيادة وزعامة، وعزز هذا الامر رحلات الايلاف القرشية الهاشمية الصيفية نحو ديار الشام والشتوية نحو اليمن ومصر، فعرف الناس الهاشميين انهم اهل قيادة وحكم وزعامة ، وانهم ذوو اخلاق وحسن معاملة، وكان هاشم جد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من اشهر قادة رحلات الايلاف وقد توفاه الله في احدى رحلاته وهو في غزة في فلسطين، ولا زال قبره هناك ولا زالت غزة تعرف باسم غزة هاشم.
كان حلف الفضول الهاشمي القرشي اول نموذج للعمل الاجتماعي والنواة الاولى للتنظيم وبناء اشكال الوحدة، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم حلف الفضول وهو ابن عشرين سنة -وقيل ابن خمسة وعشرين سنة- شهد ذلك مع قبائل العرب من عبدالمطلب وبني اسد وحضر اجتماعاته في دار عبدالله بن جدعان، وحين كانت البعثة النبوية الشريفة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا الحلف:
" لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دعيت اليه في الاسلام لأجبت.. تحالفوا ان يردوا الفضول على اهلها وان لا يعز - يغلب - ظالم مظلوما..."
** فجر الإسلام ,
ابتدأت رسالة الاسلام، يحملها الهاشمي محمد عليه الصلاة والسلام في ارض مطهرة مكرمة امتازت بانها حققت الاتصال مع قبائل العرب المناذرة والغساسنة ومن خلالها كان الاتصال مع حضارتي الفرس والروم، وتوسعت التجارة التي هي عامل هام وقوي في بناء الثقافة العربية، وكان لمكة ووجود الكعبة فيها الدور في تشكيل النظام السياسي والثقافي والاجتماعي وتشكيل الشعور القومي ايضاً، واصبحت مكة عاصمة ثقافية دينية تاريخية وهي اول العواصم التي عرفها العرب بفضل قيادة بني هاشم الذين استطاعوا تقديم انفسهم كزعماء لهم القدرة على ادارة شؤون الحج والمواسم المختلفة مثل موسم سوق عكاظ السياسي الاجتماعي الاقتصادي الثقافي، الذي يشبه المواسم الثقافية والمعارض الدولية الحالية، وظهرت ايضا اللغة القومية التي اجاد الشعراء والادباء والخطباء في تهذيبها وتطويرها واتسمت قريش برقي فكرها وبعد نظرها.
وفي وسط كل هذا الاجواء كانت رسالة الاسلام السمحة يحملها النبي الامين صلى الله عليه وسلم، وتأتي الرسالة لتنظيم المجتمع العربي داخل الجزيرة وفق منهج التسامح والمحبة والايثار والدعوة بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ابتدأ الرسول الكريم بعشيرته: "وانذر عشيرتك الاقربين" وقاد الغزوات وادار المعارك من اجل توحيد العرب وجمعهم تحت لواء ان "لا اله الا الله وحده لا شريك له"، وتمكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من بناء المجتمع الاسلامي كنموذج للمجتمعات القادمة فنجح في جزيرة العرب وانطلق بعالمية الاسلام فكانت مؤته البوابة الاولى في السنة الثامنة للهجرة، وكانت اليرموك سنة 13 هجرية الاساس لتأمين الحدود الشمالية، والقادسية سنة 15 هجرية لتأمين الحدود الشرقية، فاكتملت دولة الاسلام داخل الشام والجزيرة العربية والعراق، وانتظم المجتمع في وحدة عربية اساسها اللغة العربية والشعور القومي على اساس الدين القويم مع الحفاظ على حقوق اهل الذمة ومن اراد ان يبقى على دينه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقود الامة ويدعو للصلاح وهو يتلو قوله تعالى: "يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير."
"الحجرات، الآية 13"
** العصور الإسلاميـة ,
جاهد آل البيت في المجتمع العربي، وحملوا مشروع النظام العربي المتكامل على أساس المساواة والعدل وحرية العقيدة، ومظهره نظام الدولة الواحدة بأركانها المختلفة، التي تضمن وحدة المجتمع وحقوق الإنسان وصون الكرامة والحرية والعقيدة.
ويشهد التاريخ لبني هاشم دورهم انهم الرجال الذين ما خلا عصر من بني امية حتى العباس، والفاطميين والايوبيين وغيرهم من دورهم الراشد في بناء المجتمع وتقديم الشورى، وتعرضوا في سبيل ذلك وبسبب وقفتهم الصلبة للعديد من انواع القتل والفتك والصدود والرد ولكنهم ثبتوا عند حق المجتمع وما ارادوا لانفسهم حقا، وصمدوا عند رغبة بناء المجتمع وصون كرامة الناس دون الالتفات لمغنم او مكسب في هذه الدنيا.
بسم الله الرحمن الرحيم
"قل لا اسألكم عليه اجراً الا المودة في القربى"
فكان اساس دعوة بني العباس رسالة آل البيت الاطهار الهاشمية القرشية فاقام العباسيون اعظم دولة شهدها عصرهم امتدت بامتداد غيوم السماء ونشرت العدل والحق بلسان النبي الكريم والقرآن المنزل الطاهر الشريف، وحين قامت دولة المماليك فقد حملت رسالة الاسلام ونجحت في وقف زحف المغول وطردهم من ديار الاسلام بروح العقيدة وقوة الايمان، وبعد ان اقام العثمانيون امبراطوريتهم استندوا على الرسالة الهاشمية في اداراتهم وحكمهم، وحكموا الارض العربية على مدى اربعة قرون قبل ان يتحول النظام في الباب العالي وينحرف عن رسالة الاسلام ومعاني الدولة والحكم والنظام الاجتماعي، ويتجه الى نظام غريب يهدف تحويل المجتمع الواحد الموحد الى شكل من التبعية اللادينية
** العصر الحديث ,
رغم ان العصور المختلفة قد شهدت ممالك وحكام من عرب واعاجم الا ان الدور الهاشمي في مكة والمدينة لم يتأثر ، وبقي الهاشميون، واهل قريش يقومون بخدمة الديار المقدسة، وحافظ المجتمع الاسلامي في الجزيرة العربية على نظامه وبنيانه، وحتى ان الباحث والناظر الى الجزيرة ليرى وكأنها تتشكل من حكومتين هما حكومة مكة وحكومة المدينة بقيادة الهاشميين اجداد الشريف الحسين بن علي، الذين توارثوا شرف الخدمة والقيادة و****** كابراً عن كابر، وحتى كان فجر القرن العشرين، وكان التحول في السياسة الدولية ونشوء حركة القوميات ومنها القومية الطورانية، وكان العرب احوج ما يكونوا الى قيادة وزعامة لترعى مسيرة القومية العربية في مواجهة تيارات الاستلاب والعنصرية واللادين، وتوفرت الاسباب في آل هاشم في مكة والمدينة الذين تهيأت لهم كل الظروف لانهم:
أ. ما توانوا عبر التاريخ عن اداء دورهم السياسي والاجتماعي وبقائهم على اتصال مع المجتمع العربي بنفس الخلق والمنهج الذي اختطه الهاشميون منذ القرن السادس الميلادي.
ب. ثباتهم على العقيدة والمبدأ وتضحياتهم في سبيل خدمة العرب جميعاً.
جـ. رغم كل ما لحق بآل البيت عبر تاريخهم من الأذى والقتل فانهم ما ردوا الأذى بالأذى ولا القتل بالقتل، وانما بقوا اهل الاحسان والمعروف والتسامح يحتسبون الامر عند الله وهذا ثبّت المحبة في قلوب الناس وعظُم احترامهم.
لهذه الاسباب وغيرها، توجه الناس الى آل البيت لان يستمروا في دورهم التاريخي المؤسس على الارث الهاشمي بقيادة الامة واعادة وحدتها والخروج من ظلام العصر. وانصاع آل البيت لرغبات احرار العرب الذين التقوا في دمشق عام 1915 ومعهم الامير فيصل الاول بن الحسين، والذين صاغوا ميثاق دمشق الذي حدد الدولة العربية والنظام العربي، فحمله الشريف الحسين يرحمه الله منهجاً ودافع عنه كمبدأ ثابت من اجل العرب ووحدة العرب والقومية والدولة، حتى كانت انطلاقة الثورة العربية الكبرى التي ارادت ان تكون هناك دولة عربية واحدة مستقلة وليتكرر دور مكة المكرمة التاريخي فبمثلما كان انبعاث رسالة الاسلام الموحدة الهادية على يد محمد الهاشمي القرشي صلى الله عليه وسلم، لاخراج الناس من الظلمات الى النور قبل اكثر من اربعة عشر قرنا، يكون المنطلق الجديد على يد هاشمي يحمل ارث التاريخ ليطلق رصاصة الحرية والحق في العاشر من شهر حزيران من عام 1916بعد اربعة قرون من الظلام والتغييب.
** الهاشميون و الدولة الحديثة ,
تبدأ مسيرة الدولة العربية الحديثة بثبات وعزم مؤسس على الارادة العربية وليس على ارادة لاشخاص. فكان الهاشميون هم في خدمة هذه الاهداف، ويترجمون المبادئ الى افعال وواقع يتفق وبناء الدولة العصرية الحديثة، فكانت القيادة الهاشمية في مستوى الصحوة العربية التي بدأ بها المتنورون الاحرار العرب. وكانوا في مستوى طموح الامة وامال الشعوب التي كانت تتطلع الى المؤسسة العربية الفاعلة التي تريد تجديد دور مكة وامية والعباس فجاءت صياغة الثورة واهدافها ونظامها واضحاً من خلال مراسلات الشريف الحسين-مكماهون والمفاوضات البريطانية الحجازية واشترك الامير فيصل بن الحسين في مؤتمر لندن ومؤتمر باريس عام 1918 و1919 ومفاوضات الملك المؤسس عبدالله بن الحسين مع ونستون تشرتشل في القدس عام 1921. فاختلفت التواريخ والاماكن، ولكن كان الثبات الواحد على الدولة العربية المستقلة هو الاساس، اضافة لفهم الواقع السياسي الدولي وادراك القدرات للوصول الى الطموحات حتى وان كانت في ادناها.
ولكن مع عدم التنازل عن مبدأ عربي واحد، كانت تضحية الشريف الحسين بن علي بالعرش وهو يقاتل مجاهداً في اروقة السياسة يرفض التنازل عن شبر واحد من القدس وارض فلسطين، ويصر على وحدة ارض العرب والشعوب العربية وكانت مفاوضات الامير فيصل الشاقة في لندن وباريس لتحقيق الدولة العربية والوصول بها الى المستوى اللائق، وواصل الامير عبدالله بن الحسين الجهاد حتى تمكن من تأسيس الدولة المستقلة في الاردن والتي نعيشها اليوم كثمرة من ثمار جهاد آل البيت وكفاح الهاشميين الموصول من اجل الدولة المستقلة والسيادة العربية الاكيدة.
** الهاشميون و المنهج الثـابت ,
ادى الهاشميون عبر التاريخ دوراً مسؤولاً مستنداً الى الارث التاريخي الذي حباهم الله سبحانه وتعالى به
بسم الله الرحمن الرحيم
"انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"
فقادوا العرب عبر التاريخ، ونجحوا في بناء النظام العربي وارساء الوحدة النموذج لضمان الحقوق وترتيب الواجبات، وصيانة الكرامة الانسانية والسيادة، والاهتمام ببناء الشخصية العربية، وقدم الهاشميون منهجاً في الحكم والادارة ونموذجاً في توحيد المجتمعات، وبناء الدولة ابتدأ من دارة الندوة وحلف الفضول حتى الدولة الاسلامية الكبرى بامبراطورياتها المتعددة، وكان الهاشميون هم الامل حين يشتد الخطب، فتبرز ادوارهم ويتقدمون متناسين كل الماضي يسيرون في مقدمة الشعوب نحو الثورة وقيادة السياسة وادارة الحكم لا يبتغون الا الخير والصلاح والفلاح.
وشهد التاريخ ممالك ملوك بني هاشم في ارض الحجاز، ثم لتمتد في عهد الرسول الكريم لتشمل قصور كسرى وبصرى، وتتقدم العصور الاسلامية وهي تبني النظام والوحدة الى ان كان التراجع ويسدل الظلام ظلاً الى حين، فينبزغ فجر العرب من جديد بقيادة آل هاشم يعيدون مجد الامة والعروبة في مطلع القرن العشرين ويتقدمون من جديد لبناء الدولة العربية وبعث الروح القومية في نفوس العرب جميعاً ونستذكر قول الملك المؤسس حين يقول "نحن آل البيت انما السبب في كل الممالك والزعامات العربية التي نراها اليوم."
ويكفي آل هاشم فخراً هذا الدأب والمنحى ويكفيهم انهم الصدق عند اللقاء، وأنهم يتقدمون صفوف الخير والمساندة ويسخّرون كل الوقت والجهد لنصرة قضايا العرب في كل المحافل الدولية، يدعون للوحدة وتنظيم الصفوف وبناء القوة الذاتية العربية ونبذ كل اشكال العنف والدعوة للحوار والمنطق المسؤول، ويترجم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم كل هذه المعاني ثابتاً عند الحق، متقدماً الصفوف، كنهج آل البيت وآل هاشم الاطهار الميامين.