مہجہرد إنہسہآن
ادارة الموقع
الـسّلـط ُ مدينة ٌ بين التاريخ والطبيعــة
إعداد و تصوير
عبدالكريم أحمـد الخلايلـــــه
2008
مـقـدمـــة .
تحـتل مدينة السلط مكانـة ً مرموقة بين المدن الأردنيـة
، فهي تقع في مكان إستراتيجي متوسط ٍ بين تلك المدن وتتصل معها بشبكات ٍ من الطرق المنظمة ،
إضافة إلى موروثها التراثي والثقافي الذي تشكل عبر الحقب الزمنية المتتالية ،كما أن سكانها يتميزون بالمحافظة على التقاليد العربية الأصيلة والعادات الطيبة فهم أهـل كرم ٍ ونخـوة ٍ وأصالة ٍوثقـافة ٍ، فارتبطوا بعلاقات ٍ وديـّـة ٍ مع جميع أبناء المحافظات في أرجاء المملكة ، ومنهم شيوخ وقضاة ٌعشائريون ورجالات دولة وأدباء ومثقفون وسياسيون يحظون بإحترام الناس وتقديرهم لما قدموه من واجبات وطنية وقومية . هذا وقد دلت الحفريات والتنقيبات الأثرية أن تاريخ السلط يعود إلى سنوات ماقبل الميلاد و منذ العصورالحجرية (4500 ـ 3500 ق . م) فقد تعاقبت عليها موجات بشرية وأممٌ كثيرة ٌ متنوعـة في الثقافات والديانات وأساليب الحياة ؛ مما أضفى على السلط تفردا ً وتنوعا ً في موروثها الحضاري،.وقد إتخذت تلك الأمم من السلط مقرا ً لنشاطاتها العسـكرية و الإقتصاديـــة والعمرانيــة ؛ فاستوطنها الأموريون والعمونيون والآشوريون واليونانيون والبيزنطيون والرومان والعرب والمماليك والأمويون والعباسيون والأتراك العثمانيون .
تقع مدينة السلط إلى الشمال الغربي من العاصمة الأردنية عمــّـان ، إذ تبعد عنها حوالي 30 كم ، وهي مركز محافظة البلقاء، وتحيط بالمدينة عدة جبال ٍ مثل جبال السلالم والجدعة والقلعة ، ويبلغ إرتفاعها عن سطح البحر حوالي 1130 مترا ً ،وتتميز السلط بجبالها وأوديتها وحاراتها وأدراجها الحجرية القديمة ومبانيها وبكثرة المعالم الأثرية فيها إضافة ً إلى طبيعتها الخلابــة التي تحيط بها مثل : منطقة زي ومنطقة أم العمد وعـلا َن ومنطقة الرميمين ومنطقة وادي شعيب ومنطقة الأغوار وغيرها .
ويبلغ عدد الســـكان في محــافظة البلقاء حاليا مايقرب من 350 ألف نسمة بعد أن كان حوالي 15 ألف نسمةعام 1912 م ويشكل سكان مدينة السلط حاليا ً مانسبته 35 % من مجموع السكان في محافظة البلقاء، . وقد عكف بعض ٌ من أبنائها على دراسة تاريخها في العصور القديمة والحديثة ، وأهم المؤلفات في تاريخ السلط :ـ
ـ تاريخ مدينة السلط عبر العصور ، د. محمود أبو طالب وآخرون،2000
ـ تاريخ السلط والبلقاء...، محمد علي الصويركي الكردي .1998.
ـ دراسات في تاريخ مدينة السلت( السلط )، د . محمد الخريسات،1997.
ـ السـلط تاريخ وصور، 1989 م بإشرف الدكتور عبدالله النسور والإقتصادي أنيس المعشـر ، ويتضمن بحثين هما :ـ
أ ـ السلط في التاريخ والمكان والزمان ، د. سحبان خليفات.
ب ـ أرض الجادور في تاريخ السلط ، د محمود أبو طالب .
ـ السلط وجـوارهـا ، د . جورج طريف .
تسمية السلط : ـ
يرى كثير من المؤرخين أن إسم :" السلط " يرجع إلى الكلمة اللاتينية " سالتوس " وهي أصلا ً إسم القائد اليوناني الذي فتحها زمن الإسكندر المقدوني،وقد أطلق الرومانيـون عليها أيضا ً كلمة "سالتوس " وتعني حسب الترجمة العربية " الوادي المشجر " أو " أرض التين والعنــب " ، أو " الجبال المقطوعـة " أو " الحجر القاسي " وقد كتبـت بالحـروف اللاتينيــــة " وتكتب وتلفظ بــ Essalt ، وبما أن اللغة اللاتينية لا تشتمل على حرفي الــ " ص " أو حرف الـ " ط" فقد ظل إسمها يلفظ ب " السلت " إلا أنه ومع مرور الأزمان ، وظهورالحضارة
العربية الإسلامية تم تحوير كلمة " السلت " ، إلى كلمة " السلط " حسب اللفظ العربي ، وحتى يومنا هذا .
معالم السلط الحضارية : ـ
تكثر في محافظة البلقاء ، بشكل ٍ عام ، ومدينة السلط ، بشكل ٍخاص المعالم السياحية والدينية والحضارية ومنها : ـ
ـ الجامع الكبير : ـ تشير روايات تاريخية أن المسجد الحالي أقيم على أنقاض جامع مملوكي ، وقد ذكره بعض الرحالة في مدوناتهم عند زيارتهم مدينة السلط ؛ حيث زارها الرحالة سيتزن عام 1806 م والرحالة بيركهارت عام 1812 م والرحالة شـوماخـر عام 1891 م ؛ فقال سيتزن " ... وفي البلدة جامع قديم ... " وقال شوماخر "... ونشاهد إلى اليسار مسجد المسلمين ... " .
ـ مدرسة السلط الثانوية : ـ
بدأ التعليم في مدينة السلط منذ زمن مبكر ؛ حيث أنشأ الأمير العثماني سيف الدين الحسامي مدرسة ً عام 1323 م ( الموافق 724 هـ ) وعـُرفت بــ " المدرسة السيفيــة " ، ثم فيما بعد ، أنشأت طائفة الروم الأرثوذوكس أول مدرسة ٍ طائفية عام 1850 م ثم أنشئت المدرسة الإنجيلية في عام 1856 م ،ثم أنشئت مدرسة للطائفة اللاتينية ؛ الأولى للذكور في عام 1871 م والأخرى للإناث في عام 1872 م ثم تم إفتتاح أول فرع لمدرسة الراهبات الوردية للذكور في عام 1883، ثم قامت الطائفة البروتستانية بإنشاء مدرسة للذكور في عام 1885 م و مدرسة أخرى للإناث في عام 1887 م . وتنادى أهالي السلط لإنشاء مدرسة ،فأنشأوا مدرسة تعمل بنظام الكتاتيب ،ثم أنشئت أول مدرسة عام 1879 م وقد تم العثور على شهادة رسمية ٍ صادرة بتاريخ 20 / 6 / 1910 م مازات محفوظة حتى تاريخه . وفي عام 1918 م تم إستئجار مبنى ً للمدرسـة ، إلى أن قام الأهالي بجمـع
التبرعات لإنشاء مدرسة أفضل من المبنى المستأجر ، وعلى إثر ذلك تم إختيار منطقة " تل الجادور " بتاريخ 12 / 6 / 1923 م لبناء المدرسة عليها ، فكانت إنطلاقة نحو تأسيس مدرسة السلط الحالية .وقد قام الأمـير عبدالله إبن الحسين بوضع حجر الأساس إيذانا ً ببدء مشروع المدرسة(حيث كان آنذاك أميرا ً لإمارة شرقي الأردن ) ثم بدأ العــام الدراسـي ( 1925 ــ 1926 م) فيها بتاريخ 19 / 9 / 1925 م ، إلى أن قام سموالأميرنفسه بإفتتاح المدرسة رسميا ً بتاريخ 12 / 12 / 1925 م . هذا وقد أطلق على المدرسة عدة أسماء ٍ منها :ـ
ـ المدرسة السلطانية
ـ مدرسة السلط التجهيزية
ـ مدرسة التل
ـ مدرسة الحربي
ـ مدرسة السلط ( إذ تم إطلاق هذه التسمية عام 1938 م)
وقد قال عنها جلالة الملك الراحل الحسين إبن طلال طيب الله ثراه "....فلست أجد مدرسة ً ولا مؤسســة ً في بلدنا إرتبط تاريخهــا بتاريخ الوطن واتصل إستمرارها ببناء الدولة وتطورها كمدرسة السلط العريقة"
القلعـة :ـ
تقع القلعة على قمة أحد الجبال ، والذي كان يسمى قديمــــا ً " رأس الأمير " ، و يبلغ إرتفاعــه عن سطح البحر حوالي 840 مترا ً . ويُـرجـُح بعض المؤرخين أن إنشاء هذه القلعة يعود إلى العمونيين ، كما أورد بعضهم إحتمالية أن يكون الهللينيون هم الذين جددوا بناءهــا في القرن الأول الميلادي . وقد إستدل الباحثون من خلال الحفريات ومن دراسة ماتبقى من تلك القلعة أنها تعـود إلى العصـر الروماني ، وأن القلعة قد تعرضت للتدميرعلى يد الملك الصليبي بلدوين ( ملك القدس آنذاك ) عام 1107 م، وقد ذكرت بعض النصوص أن " عـز الدين أســامــة " أحد القادة العسكريين في جيوش صلاح الدين الأيوبي هو الذي أعاد بناء القلعة ، بعد التدمير الصليبي ، وإتخذهـا كموقع إستراتيجي للإنطلاق نحو تحرير بيت المقدس ، ثم تعرضت للتدمير على أيدي المغول التتار ، إلا أن الظاهر بيبرس أعاد بناءها في عام 1266 م ثم تعرضت ،مرة ً أخرى، للتدمير على يد إبراهيم باشا العثماني عندما إجتاح المنطقة عام 1840 م، ثم قام الإنجليز بتدميرهــا في عام 1918 م .
مبنى أبو جـابر : ـ
يقع مبنى أبو جابر في " حارة الجدعــة " و يتكون المبنى من ثلاث طوابق ؛ حيث بني الطابق الأرضي عام 1896 م ، ثم أضيف إليه الطابق الثاني عام 1905 م، ثم أضيف طابق ٌ ثالث ٌ ،وكان الطابق الأول يستخدم مستودعــا ً للمؤن والحطب وفيه خان ٌ للحيوانات . أمـا الطابق الثاني فكان لإستقبال الضيوف وإقامة الولائم ، بينما كانت عائلـة أبو جــابر تسكن في الطابق الثالث . ومما يجدر ذكره أن للمبنى 55 مفتاحــــا ً ، وكان يعتبر من أكبر بيوت السلط القديمة ، ويتميز المبنى بإختلاف لون الحجر فيه ونوعيته ، ويوجد على مدخله أبواب قوسية ٌ وأعمدة وبعض من الزخارف . ومما يجدر ذكره أن السيد صالح الناصر أبو جابر هو الذي أنشأ هذا المبنى .
المتحـف : ـ
هو عبارة عن مبنى يتكون من طابقين ، قامت عائلة طـوقان ببنائــه بين عامي 1900 م و 1915 م ، وقامت مؤسســة إعمــار السلـط بشراء المبنى ، وقدمتــه هدية لبلدية السلط ، حيث تم تأسيس متحف السلط داخل المبنى عام 1983 م ، ويضم في جنباته مجموعات ٍ من القطع الأثرية والقطع النقدية والأواني الفخارية والتي تم العثور عليها أثناء عمليات الحفريات والتنقيب ، تعود الى الفترة الممتدة من العصر الحديدي وحتى الفترة الإسلامية ، ويشتمل الطابق الثاني على قطع ٍ تمثل الحياة الشعبية لأهالي السلط .
مقامات الأنبياء في السلط : ـ
توجد في مدينة السلط عدة مقامات للأنبياء عليهم السلام ومنها : ـ
ـ مقام حزير :
حزير هو" أشير " أحد أبناء يعقوب عليه السلام وهو أخ النبي يوسف عليه السلام ، ويقع المقام في وادي شعيب في الجنوب الشرقي من مدينة السلط بالقرب من " عين حزير "
ـ مقام النبي يوشع :
ويقع المقام في الشمال الغربي من مدينةالسلط ويبعد عنها حوالي 3 كم ، على مرتفع يشرف على مناطق الأغواروالبحرالميت ، في منطقة تسمى " زي " ترتفع عن مستوى سطح البحر مايقارب من 1130 م ، أما المقام فهو مبنيٌ من حجالرة قديمة وعليها نقوش إسلامية ، تشير بعض الروايات التاريخية والأثرية أنها تعود إلى العهد الأيوبي ـ المملوكي ، وهوالخليل يوشع بن نون وسبط سيدنا يوسف عليه السلام ، إبن يعقوب إبن إسحاق إبن إبراهيم عليهم السلام.
ـ مقام النبي جاد ( جادور ) :
ويقع على تلة الجادور في المنطقة الجنوبية الشرقية من مدينة السلط ، وهو عبارة عن مسجد في داخله ضريح ينسب إلى النبي " جاد "
ـ مقام النبي شعيب :
ويقع على قمة جبل ٍ ، في وادي شعيب ، ٍ جنوب شرقي السلط ، ويبعد عنها حوالي 15 كم ، وعلى طريق ٍ يؤدي إلى الأغوار ، ويبعد الموقع عن عمــّـان حوالي 40 كم ، وقد ورد ذكرسيدنا شعيب في القـرآن الكريم عشـر مــرات ٍ ، ويعــــــرف بــ " خطيب الأنبياء " بعثه الله رســولا ً إلى " أهل مدين " ثم إلى " اهل الأيكة " ، وأهل مدين هم عـرب ٌ، ينتهي نسبهم إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام ، و كانوا يقيمـون في " أرض معان " من أطراف الشام ، قرب بحيرة لوط ( البحر الميت حاليا ً ) وكانت بعثته عليه السلام قبل سيدنا موسى وبعد بعثة سيدنا لوط عليهما السلام .
وعندما وصل سيدنا موسى عليه السلام إلى مدين ( ولم يكن نبيا ً في تلك الفترة ) ، فارا ً من الطاغية فرعون إلتقى إبنتي شعيب عند بئر ماء ٍ وساعدهما ، فاستضافه سيدنا شعيب ٍ وعمل موسى عند شعيب ٍ عشر سنوات ٍ وتزوج من " صفورا " إبنة شعيب ثم عاد بها إلى وطنه مصر َ ، وعلى الطريق كرّمه الله بــ " النبوة ". ويروي الشيخ أبو غالب ٍ حاتم الحلبي من فلسطين : أنه قام بزيارة للأردن يوم 8 / 5 / 1948 م وزار الموقع الذي كان يسكنه شعيب ، في واد ٍ عميق ٍ ، وو صفها بأنها عبارة عن مغارة كبيرة ، واسعة ، يبلغ عمقها أربعة أمتار ٍ ، وإرتفاعها ثلاثة أمتار ٍ وعرضها ثلاثة أمتار ونصف، ٍ ، وأن باب المغارة يقع في جهتها الجنوبية الغربية . هذا وقد بني مسجـد ٌ بالقرب من مرقد سيدنا شعيب إفتتحه جلالة الملك عباله الثاني إبن الحسين بتاريخ 21 / 11 / / 2003 م
في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك .
ـ مقام النبي أيوب : يقع مقام سيدنا أيوب عليه السلام في المنطقة الجنوبية الغربية من السلط ، وفي منطقة تعرف بــ " خـربة أيوب " في قرية " بطنا "ويتكون المقام من أساسات لأبنية أثريـة ، وهي عبارة عن بقايا أسوار ٍ وأحجار ٍ يشار في عدد من المصادر أنها تعود للفترة المملوكية ، وينسب هذا المقام إلى سيدنا أيوب علي السلام ، وسيدنا أيوب هو أيوب بن أموص ؛ ينتهي نسبه إلى سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ، وقيل : أن أمـّـه هي إحدى بنات سيدنا لوط عليه السلام ، وأن زوجته واٍسمها " رحمــه " يقال أنها من أحفاد سيدنا يوسف علي السلام ‘ وهي التي شاركته حياته زمن النعمة وزمن الإبتلاء ، وكانت شاكرة صبورة ، وقيل أنه عاش في الجزيرة العربية قبل ولادة سيدنا محمد ٍ عليه الصلاة والسلام بألفي سنة ، كما تشير مصادر أخرى أنه عاش في أرض حوران قبل 2500 سنة ، وورد أيضا أنه ظهر في فلسطين قبل 3400 سنه . وأنه كان ذا مال ٍ وأولاد ٍ ، إبتلاه الله في ماله وأولاده وجسـده مدة ً تصل بين 13 إلى 18 عامـا ً، إلا أنه ظل ّ خاضعا ً لإرادة الله ومشيئته ، مؤمنا ً، صابرا ً، رابط الجأش ، واجتاز الإبتلاء والإختبار بنجاح باهر ٍ، فرد الله عليه صحته وماله وأولاده ، ومن ثم إصطفاه وبعثه رسولا ً. وقد ورد ذكره في القرآن الكريم أربع مرات . وتشير بعض الـروايـات التاريخيــة إلى أن لـه 26 ولدا ذكرا ًً؛ منهــــم " بشر " الذي إصطفـــاه الله وبعثـــه رســــولا ً فيمـا بعـــد ، وسمـّـاه " ذوالكفل " عليه السلام . ومات سيدنا أيوب عن 93 عامــا
إعداد و تصوير
عبدالكريم أحمـد الخلايلـــــه
2008
مـقـدمـــة .
تحـتل مدينة السلط مكانـة ً مرموقة بين المدن الأردنيـة
، فهي تقع في مكان إستراتيجي متوسط ٍ بين تلك المدن وتتصل معها بشبكات ٍ من الطرق المنظمة ،
إضافة إلى موروثها التراثي والثقافي الذي تشكل عبر الحقب الزمنية المتتالية ،كما أن سكانها يتميزون بالمحافظة على التقاليد العربية الأصيلة والعادات الطيبة فهم أهـل كرم ٍ ونخـوة ٍ وأصالة ٍوثقـافة ٍ، فارتبطوا بعلاقات ٍ وديـّـة ٍ مع جميع أبناء المحافظات في أرجاء المملكة ، ومنهم شيوخ وقضاة ٌعشائريون ورجالات دولة وأدباء ومثقفون وسياسيون يحظون بإحترام الناس وتقديرهم لما قدموه من واجبات وطنية وقومية . هذا وقد دلت الحفريات والتنقيبات الأثرية أن تاريخ السلط يعود إلى سنوات ماقبل الميلاد و منذ العصورالحجرية (4500 ـ 3500 ق . م) فقد تعاقبت عليها موجات بشرية وأممٌ كثيرة ٌ متنوعـة في الثقافات والديانات وأساليب الحياة ؛ مما أضفى على السلط تفردا ً وتنوعا ً في موروثها الحضاري،.وقد إتخذت تلك الأمم من السلط مقرا ً لنشاطاتها العسـكرية و الإقتصاديـــة والعمرانيــة ؛ فاستوطنها الأموريون والعمونيون والآشوريون واليونانيون والبيزنطيون والرومان والعرب والمماليك والأمويون والعباسيون والأتراك العثمانيون .
تقع مدينة السلط إلى الشمال الغربي من العاصمة الأردنية عمــّـان ، إذ تبعد عنها حوالي 30 كم ، وهي مركز محافظة البلقاء، وتحيط بالمدينة عدة جبال ٍ مثل جبال السلالم والجدعة والقلعة ، ويبلغ إرتفاعها عن سطح البحر حوالي 1130 مترا ً ،وتتميز السلط بجبالها وأوديتها وحاراتها وأدراجها الحجرية القديمة ومبانيها وبكثرة المعالم الأثرية فيها إضافة ً إلى طبيعتها الخلابــة التي تحيط بها مثل : منطقة زي ومنطقة أم العمد وعـلا َن ومنطقة الرميمين ومنطقة وادي شعيب ومنطقة الأغوار وغيرها .
ويبلغ عدد الســـكان في محــافظة البلقاء حاليا مايقرب من 350 ألف نسمة بعد أن كان حوالي 15 ألف نسمةعام 1912 م ويشكل سكان مدينة السلط حاليا ً مانسبته 35 % من مجموع السكان في محافظة البلقاء، . وقد عكف بعض ٌ من أبنائها على دراسة تاريخها في العصور القديمة والحديثة ، وأهم المؤلفات في تاريخ السلط :ـ
ـ تاريخ مدينة السلط عبر العصور ، د. محمود أبو طالب وآخرون،2000
ـ تاريخ السلط والبلقاء...، محمد علي الصويركي الكردي .1998.
ـ دراسات في تاريخ مدينة السلت( السلط )، د . محمد الخريسات،1997.
ـ السـلط تاريخ وصور، 1989 م بإشرف الدكتور عبدالله النسور والإقتصادي أنيس المعشـر ، ويتضمن بحثين هما :ـ
أ ـ السلط في التاريخ والمكان والزمان ، د. سحبان خليفات.
ب ـ أرض الجادور في تاريخ السلط ، د محمود أبو طالب .
ـ السلط وجـوارهـا ، د . جورج طريف .
تسمية السلط : ـ
يرى كثير من المؤرخين أن إسم :" السلط " يرجع إلى الكلمة اللاتينية " سالتوس " وهي أصلا ً إسم القائد اليوناني الذي فتحها زمن الإسكندر المقدوني،وقد أطلق الرومانيـون عليها أيضا ً كلمة "سالتوس " وتعني حسب الترجمة العربية " الوادي المشجر " أو " أرض التين والعنــب " ، أو " الجبال المقطوعـة " أو " الحجر القاسي " وقد كتبـت بالحـروف اللاتينيــــة " وتكتب وتلفظ بــ Essalt ، وبما أن اللغة اللاتينية لا تشتمل على حرفي الــ " ص " أو حرف الـ " ط" فقد ظل إسمها يلفظ ب " السلت " إلا أنه ومع مرور الأزمان ، وظهورالحضارة
العربية الإسلامية تم تحوير كلمة " السلت " ، إلى كلمة " السلط " حسب اللفظ العربي ، وحتى يومنا هذا .
معالم السلط الحضارية : ـ
تكثر في محافظة البلقاء ، بشكل ٍ عام ، ومدينة السلط ، بشكل ٍخاص المعالم السياحية والدينية والحضارية ومنها : ـ
ـ الجامع الكبير : ـ تشير روايات تاريخية أن المسجد الحالي أقيم على أنقاض جامع مملوكي ، وقد ذكره بعض الرحالة في مدوناتهم عند زيارتهم مدينة السلط ؛ حيث زارها الرحالة سيتزن عام 1806 م والرحالة بيركهارت عام 1812 م والرحالة شـوماخـر عام 1891 م ؛ فقال سيتزن " ... وفي البلدة جامع قديم ... " وقال شوماخر "... ونشاهد إلى اليسار مسجد المسلمين ... " .
ـ مدرسة السلط الثانوية : ـ
بدأ التعليم في مدينة السلط منذ زمن مبكر ؛ حيث أنشأ الأمير العثماني سيف الدين الحسامي مدرسة ً عام 1323 م ( الموافق 724 هـ ) وعـُرفت بــ " المدرسة السيفيــة " ، ثم فيما بعد ، أنشأت طائفة الروم الأرثوذوكس أول مدرسة ٍ طائفية عام 1850 م ثم أنشئت المدرسة الإنجيلية في عام 1856 م ،ثم أنشئت مدرسة للطائفة اللاتينية ؛ الأولى للذكور في عام 1871 م والأخرى للإناث في عام 1872 م ثم تم إفتتاح أول فرع لمدرسة الراهبات الوردية للذكور في عام 1883، ثم قامت الطائفة البروتستانية بإنشاء مدرسة للذكور في عام 1885 م و مدرسة أخرى للإناث في عام 1887 م . وتنادى أهالي السلط لإنشاء مدرسة ،فأنشأوا مدرسة تعمل بنظام الكتاتيب ،ثم أنشئت أول مدرسة عام 1879 م وقد تم العثور على شهادة رسمية ٍ صادرة بتاريخ 20 / 6 / 1910 م مازات محفوظة حتى تاريخه . وفي عام 1918 م تم إستئجار مبنى ً للمدرسـة ، إلى أن قام الأهالي بجمـع
التبرعات لإنشاء مدرسة أفضل من المبنى المستأجر ، وعلى إثر ذلك تم إختيار منطقة " تل الجادور " بتاريخ 12 / 6 / 1923 م لبناء المدرسة عليها ، فكانت إنطلاقة نحو تأسيس مدرسة السلط الحالية .وقد قام الأمـير عبدالله إبن الحسين بوضع حجر الأساس إيذانا ً ببدء مشروع المدرسة(حيث كان آنذاك أميرا ً لإمارة شرقي الأردن ) ثم بدأ العــام الدراسـي ( 1925 ــ 1926 م) فيها بتاريخ 19 / 9 / 1925 م ، إلى أن قام سموالأميرنفسه بإفتتاح المدرسة رسميا ً بتاريخ 12 / 12 / 1925 م . هذا وقد أطلق على المدرسة عدة أسماء ٍ منها :ـ
ـ المدرسة السلطانية
ـ مدرسة السلط التجهيزية
ـ مدرسة التل
ـ مدرسة الحربي
ـ مدرسة السلط ( إذ تم إطلاق هذه التسمية عام 1938 م)
وقد قال عنها جلالة الملك الراحل الحسين إبن طلال طيب الله ثراه "....فلست أجد مدرسة ً ولا مؤسســة ً في بلدنا إرتبط تاريخهــا بتاريخ الوطن واتصل إستمرارها ببناء الدولة وتطورها كمدرسة السلط العريقة"
القلعـة :ـ
تقع القلعة على قمة أحد الجبال ، والذي كان يسمى قديمــــا ً " رأس الأمير " ، و يبلغ إرتفاعــه عن سطح البحر حوالي 840 مترا ً . ويُـرجـُح بعض المؤرخين أن إنشاء هذه القلعة يعود إلى العمونيين ، كما أورد بعضهم إحتمالية أن يكون الهللينيون هم الذين جددوا بناءهــا في القرن الأول الميلادي . وقد إستدل الباحثون من خلال الحفريات ومن دراسة ماتبقى من تلك القلعة أنها تعـود إلى العصـر الروماني ، وأن القلعة قد تعرضت للتدميرعلى يد الملك الصليبي بلدوين ( ملك القدس آنذاك ) عام 1107 م، وقد ذكرت بعض النصوص أن " عـز الدين أســامــة " أحد القادة العسكريين في جيوش صلاح الدين الأيوبي هو الذي أعاد بناء القلعة ، بعد التدمير الصليبي ، وإتخذهـا كموقع إستراتيجي للإنطلاق نحو تحرير بيت المقدس ، ثم تعرضت للتدمير على أيدي المغول التتار ، إلا أن الظاهر بيبرس أعاد بناءها في عام 1266 م ثم تعرضت ،مرة ً أخرى، للتدمير على يد إبراهيم باشا العثماني عندما إجتاح المنطقة عام 1840 م، ثم قام الإنجليز بتدميرهــا في عام 1918 م .
مبنى أبو جـابر : ـ
يقع مبنى أبو جابر في " حارة الجدعــة " و يتكون المبنى من ثلاث طوابق ؛ حيث بني الطابق الأرضي عام 1896 م ، ثم أضيف إليه الطابق الثاني عام 1905 م، ثم أضيف طابق ٌ ثالث ٌ ،وكان الطابق الأول يستخدم مستودعــا ً للمؤن والحطب وفيه خان ٌ للحيوانات . أمـا الطابق الثاني فكان لإستقبال الضيوف وإقامة الولائم ، بينما كانت عائلـة أبو جــابر تسكن في الطابق الثالث . ومما يجدر ذكره أن للمبنى 55 مفتاحــــا ً ، وكان يعتبر من أكبر بيوت السلط القديمة ، ويتميز المبنى بإختلاف لون الحجر فيه ونوعيته ، ويوجد على مدخله أبواب قوسية ٌ وأعمدة وبعض من الزخارف . ومما يجدر ذكره أن السيد صالح الناصر أبو جابر هو الذي أنشأ هذا المبنى .
المتحـف : ـ
هو عبارة عن مبنى يتكون من طابقين ، قامت عائلة طـوقان ببنائــه بين عامي 1900 م و 1915 م ، وقامت مؤسســة إعمــار السلـط بشراء المبنى ، وقدمتــه هدية لبلدية السلط ، حيث تم تأسيس متحف السلط داخل المبنى عام 1983 م ، ويضم في جنباته مجموعات ٍ من القطع الأثرية والقطع النقدية والأواني الفخارية والتي تم العثور عليها أثناء عمليات الحفريات والتنقيب ، تعود الى الفترة الممتدة من العصر الحديدي وحتى الفترة الإسلامية ، ويشتمل الطابق الثاني على قطع ٍ تمثل الحياة الشعبية لأهالي السلط .
مقامات الأنبياء في السلط : ـ
توجد في مدينة السلط عدة مقامات للأنبياء عليهم السلام ومنها : ـ
ـ مقام حزير :
حزير هو" أشير " أحد أبناء يعقوب عليه السلام وهو أخ النبي يوسف عليه السلام ، ويقع المقام في وادي شعيب في الجنوب الشرقي من مدينة السلط بالقرب من " عين حزير "
ـ مقام النبي يوشع :
ويقع المقام في الشمال الغربي من مدينةالسلط ويبعد عنها حوالي 3 كم ، على مرتفع يشرف على مناطق الأغواروالبحرالميت ، في منطقة تسمى " زي " ترتفع عن مستوى سطح البحر مايقارب من 1130 م ، أما المقام فهو مبنيٌ من حجالرة قديمة وعليها نقوش إسلامية ، تشير بعض الروايات التاريخية والأثرية أنها تعود إلى العهد الأيوبي ـ المملوكي ، وهوالخليل يوشع بن نون وسبط سيدنا يوسف عليه السلام ، إبن يعقوب إبن إسحاق إبن إبراهيم عليهم السلام.
ـ مقام النبي جاد ( جادور ) :
ويقع على تلة الجادور في المنطقة الجنوبية الشرقية من مدينة السلط ، وهو عبارة عن مسجد في داخله ضريح ينسب إلى النبي " جاد "
ـ مقام النبي شعيب :
ويقع على قمة جبل ٍ ، في وادي شعيب ، ٍ جنوب شرقي السلط ، ويبعد عنها حوالي 15 كم ، وعلى طريق ٍ يؤدي إلى الأغوار ، ويبعد الموقع عن عمــّـان حوالي 40 كم ، وقد ورد ذكرسيدنا شعيب في القـرآن الكريم عشـر مــرات ٍ ، ويعــــــرف بــ " خطيب الأنبياء " بعثه الله رســولا ً إلى " أهل مدين " ثم إلى " اهل الأيكة " ، وأهل مدين هم عـرب ٌ، ينتهي نسبهم إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام ، و كانوا يقيمـون في " أرض معان " من أطراف الشام ، قرب بحيرة لوط ( البحر الميت حاليا ً ) وكانت بعثته عليه السلام قبل سيدنا موسى وبعد بعثة سيدنا لوط عليهما السلام .
وعندما وصل سيدنا موسى عليه السلام إلى مدين ( ولم يكن نبيا ً في تلك الفترة ) ، فارا ً من الطاغية فرعون إلتقى إبنتي شعيب عند بئر ماء ٍ وساعدهما ، فاستضافه سيدنا شعيب ٍ وعمل موسى عند شعيب ٍ عشر سنوات ٍ وتزوج من " صفورا " إبنة شعيب ثم عاد بها إلى وطنه مصر َ ، وعلى الطريق كرّمه الله بــ " النبوة ". ويروي الشيخ أبو غالب ٍ حاتم الحلبي من فلسطين : أنه قام بزيارة للأردن يوم 8 / 5 / 1948 م وزار الموقع الذي كان يسكنه شعيب ، في واد ٍ عميق ٍ ، وو صفها بأنها عبارة عن مغارة كبيرة ، واسعة ، يبلغ عمقها أربعة أمتار ٍ ، وإرتفاعها ثلاثة أمتار ٍ وعرضها ثلاثة أمتار ونصف، ٍ ، وأن باب المغارة يقع في جهتها الجنوبية الغربية . هذا وقد بني مسجـد ٌ بالقرب من مرقد سيدنا شعيب إفتتحه جلالة الملك عباله الثاني إبن الحسين بتاريخ 21 / 11 / / 2003 م
في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك .
ـ مقام النبي أيوب : يقع مقام سيدنا أيوب عليه السلام في المنطقة الجنوبية الغربية من السلط ، وفي منطقة تعرف بــ " خـربة أيوب " في قرية " بطنا "ويتكون المقام من أساسات لأبنية أثريـة ، وهي عبارة عن بقايا أسوار ٍ وأحجار ٍ يشار في عدد من المصادر أنها تعود للفترة المملوكية ، وينسب هذا المقام إلى سيدنا أيوب علي السلام ، وسيدنا أيوب هو أيوب بن أموص ؛ ينتهي نسبه إلى سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ، وقيل : أن أمـّـه هي إحدى بنات سيدنا لوط عليه السلام ، وأن زوجته واٍسمها " رحمــه " يقال أنها من أحفاد سيدنا يوسف علي السلام ‘ وهي التي شاركته حياته زمن النعمة وزمن الإبتلاء ، وكانت شاكرة صبورة ، وقيل أنه عاش في الجزيرة العربية قبل ولادة سيدنا محمد ٍ عليه الصلاة والسلام بألفي سنة ، كما تشير مصادر أخرى أنه عاش في أرض حوران قبل 2500 سنة ، وورد أيضا أنه ظهر في فلسطين قبل 3400 سنه . وأنه كان ذا مال ٍ وأولاد ٍ ، إبتلاه الله في ماله وأولاده وجسـده مدة ً تصل بين 13 إلى 18 عامـا ً، إلا أنه ظل ّ خاضعا ً لإرادة الله ومشيئته ، مؤمنا ً، صابرا ً، رابط الجأش ، واجتاز الإبتلاء والإختبار بنجاح باهر ٍ، فرد الله عليه صحته وماله وأولاده ، ومن ثم إصطفاه وبعثه رسولا ً. وقد ورد ذكره في القرآن الكريم أربع مرات . وتشير بعض الـروايـات التاريخيــة إلى أن لـه 26 ولدا ذكرا ًً؛ منهــــم " بشر " الذي إصطفـــاه الله وبعثـــه رســــولا ً فيمـا بعـــد ، وسمـّـاه " ذوالكفل " عليه السلام . ومات سيدنا أيوب عن 93 عامــا