غـلا روحـي
عضو جديد
أصغر سجين
احذر لسانك أن تقول فتبتلى *** إن البلاء موكل بالمنطق
لعلك تساءلت - أخي الشاب - وحدثتك نفسك ؛
من هو أصغر سجين في العالم ؟؟
- نترك الجواب لابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - حيث يقول :
ما شيءٌ أحق بطول حبسٍ من لسان . فلعك عرفت أصغر و أخطر
سجين في العالم ..
- اللسان هو تلك العضلة التي وراءها كل معضلة .. يقول فيه
الحبيب - صلى الله عليه وسلم - :
( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة )
[ أخرجه البخاري ] ..
فالحبيب - عليه الصلاة والسلام - ما ضمن لنا الجنة من أمر
يسير بل هو والله شاقٌ عسير ولكن ليس إلا على أصحاب
النفوس الضعيفة .. ثم هو في الوقت نفسه يسير على من يسره
الله عليه و إن شئت فقل إن ضبطه سهلٌ ممتنع ؛ يوفق الله إليه
مَن شاء مِن عباده ..
وقد قيل قديما :
{ اللسان عضو صغير يكشف به الأطباء عن أمراض
الجسد والحكماء عن أمراض النفس } ..
- يروى أن المغيرة بن شعبة قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -
: أنا بخير ما أبقاك الله ؛ فقال عمر : أنت بخير ما اتقيت الله ..
فانظر - بارك الله فيك - إلى ضبط اللسان ، واختيار الألفاظ ،
وإلجام النفس بلجام التقوى والحزم ، فلله در الهمم ..
- يقول الحق تبارك وتعالى
( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ؛
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره (7/398) لهذه الآية :
[ وقد اختلف العلماء : هل يكتب الملك كل شيء من الكلام ؟
وهو قول الحسن وقتادة ، أو إنما يكتب ما فيه من ثواب وعقاب ؟
وهو قول ابن عباس ، على قولين ؛ وظاهر الآية الأول ،
لعموم قوله : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ] ..
و أخرج أحمد بإسناده عن بلال بن الحارث – رضي الله عنه –
قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ
ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ،
وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت
يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه "
( صححه الألباني في السلسلة الصحيحة : 2 / 579 ) ؛
فكان علقمة يقول : كم من كلامٍ قد منعنيه حديث بلال بن الحارث .
قلت : وصدق الأول إذ يقول :
كم في المقابر من قتيل لسانه *** كانت تخاف لقاءه الشجعان
ويقول الآخر في نفس المعنى :
يصاب المرء من عثرة بلسانه *** وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
- ثم تأمل بورك فيك أخي الشاب في ميزان الكلام الذي يحدثنا عنه
ابن مسعود - رضي الله عنه - حيث يقول :
( من كان كلامه لا يوافق عمله فإنما يوبخ نفسه ) ،
فاعرض ما تقوله على هذا الميزان واختبر نفسك ، وزِن كلامك ..