إصابات مباغتة لأبرياء.. ودعوات لإنفاذ القانون
زايد الدخيل وعبد الله الربيحات
وحدة التحقيقات الاستقصائية
عمان- رغم تواصل النداءات والتحذيرات على مدى سنوات طويلة من إطلاق العيارات النارية بالأفراح والمناسبات، واستخدام الأسلحة ايضا في مشاجرات وأعمال عنف، وتسببها بمقتل وإصابة العديد من المواطنين، فإن مسلسل استخدام الأسلحة النارية بالأفراح والمشاجرات ما يزال متواصلا، مستنزفا أرواحا بريئة، ومخلفا إصابات وإعاقات ومآسي عديدة ترزح تحت وطأتها مئات العائلات والافراد.
خرق سيادة القانون والمس بهيبة الدولة هو عنوان فوضى انتشار واستخدام السلاح في مختلف مناطق المملكة، بحسب ما يرى معنيون ومختصون، وهو عنوان لظاهرة وقضية تؤرق المجتمع، فضلا عن كلفتها الباهظة على أرواح الأبرياء.
ورغم ما لهذه الظاهرة من ابعاد اجتماعية وثقافية اساسية تدفع الى اللجوء اليها، فإنها "تبقى ظاهرة امنية بامتياز، وعلاجها امني اساسا"، بحسب ما يجمع مواطنون ومعنيون.
نجا بأعجوبة
لم يكن يتصور عبد الغني العبداللات (28 عاما) ان سينتمرات قليلة فقط ستحول دون إصابته بعياري ناري طائش، ربما كان كفيلا بأن يودي بحياته قبل نحو أسبوعين في ضاحية الرشيد.
كان العبداللات متوجها بسيارته مساء الى المسجد في ضاحية الرشيد لأداء الصلاة، ليفاجأ برصاصة طائشة تخترق زجاج السيارة الأمامي بشكل طولي، محطمة الزجاج وثاقبة الكرسي المحاذي للسائق لتستقر الرصاصة في بطن الكرسي. يقول العبداللات لـ "الغد" "الحمد لله لم اصب بالرصاصة، كما ان أحدا لم يكن معي، وإلا كان قد أصيب في تلك الحادثة".
يقول العبداللات "بعد تعرضي للحادثة لم أتوان عن الذهاب الى المركز الامني وتقديم شكوى، بعد أن تكرر إطلاق العيارات النارية في المنطقة تلك الليلة، والذي كان يصدر عن حفلة عرس كان تقام في المنطقة، ولكن للأسف سجلت الشكوى ضد مجهول وذهبت أدراج الرياح".
ودعا العبدللات الاجهزة الامنية المعنية الى "ضرورة التشديد" في متابعة هذه الظاهرة، ومحاسبة المسؤولين عنها، بهدف القضاء عليها بشكل نهائي .لافتا الى ان الجميع بات يعرف ان الأفراح هي مصدر ومكان هذه الظاهرة بكل سلبياتها.
تقاليد وعادات قاتلة!
ورغم غياب التقديرات الرسمية او غير الرسمية الدقيقة لظاهرة انتشار السلاح في الاردن بين المواطنين، فإن اقتناء السلاح يعد في المجتمع الاردني، جزءا من تقاليد اجتماعية، تعتبر من اقتنائه وحمله مصدر فخر واعتزاز، وجزءا من ثقافة المجتمع، فيما يعتبر إطلاق النار في المناسبات، خصوصا في الأعياد والأعراس وحفلات التخرج والنجاح، من الظواهر السلبية المتكررة.
ولا يكاد يمر حفل عرس دون إطلاق عشوائي للعيارات النارية، وهي ظاهرة لا تقتصر على الأرياف والبوادي والاطراف، ولا تنجو منها المدن الكبرى، بما فيها العاصمة عمان، كل ذلك بالرغم من حملات التوعية والتحذيرات، التي تطلقها جهات رسمية وأهلية دوريا، خاصة في ظل ما تتسبب به من خسائر بشرية ومادية لا تنتهي.
ابعد من ذلك، يرى معنيون ان انتشار ظاهرة إطلاق العيارات النارية في الأفراح والمناسبات، تعكس انتشار السلاح، سواء بصورة مرخصة او غير مرخصة، بين المواطنين، الامر الذي تظهر خطورته اكثر في المشاجرات وحالات العنف الاجتماعي، التي باتت في تزايد في السنوات القليلة الاخيرة.
يوافق الثلاثيني حسن السردي على ان ظاهرة انتشار السلاح واستخدامه في الأفراح والمناسبات "بات ظاهرة مقلقة وسلبية جدا". وهو يرجع أسباب ذلك الى "عدم التقدير الصحيح من قبل بعض الأشخاص للمخاطر، التي يمكن أن تلحق بهم وبمن حولهم، عند قيامهم بإطلاق النار، سواء بداعي الفرح والابتهاج"، معتبرا ان اللجوء الى هذه الفعلة "يتم في العديد من الحالات بدافع التباهي والتفاخر، وحب الظهور بحمل السلاح".
ويحذر السردي من ان إطلاق الأسلحة النارية في المناسبات يشكل "خطورة بالغة" على المجتمع والناس، بل قد يعكر صفو المناسبة، وربما يحولها إلى مأساة، ليذهب جراء هذه العشوائية أبرياء لا ذنب لهم سوى انهم جاءوا ليحتفلوا بمناسبة عزيزة عليهم" .
يقول استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتور سري ناصر أن ظاهرة إطلاق العيارات النارية "كانت تندرج قديما تحت العادات والتقاليد، وكان يعد تعبيرا عن الفرح، ونوعا من إخبار الناس بانعقاد الفرح، خاصة في ظل بعد المسافات بين الناس في القرى والبوادي في تلك الفترة، وعدم توفر وسائل الاتصال". لكنه يرى ان الوضع أختلف الآن، واصبحت المدن مزدحمة، وتطورت وسائل الاتصال، وآن الأوان للتخلي عن هذه الظاهرة المزعجة والخطرة، التي يمكن ان تخلف عواقب وخيمة" .
ويرى ناصر أن القضاء على هذه الظاهرة "ممكن عن طريق التعليم والوعي، اضافة الى التشديد من قبل الأجهزة المعنية للتخلص من هذه الظاهرة نهائيا".
دعوات شعبية لإجراءات صارمة
ويشير مواطنون ومتضررون من حوادث إطلاق العيارات النارية الى ان مشهد إطلاق العيارات النارية من المسدسات او البنادق في السماء بات مشهدا مألوفا في موسم الأعراس ومناسبات التخرج في الصيف، ومما يزيد من خطورتها إطلاقها داخل الأحياء وبين البيوت. وتنتشر هذه العادة القاتلة في الغالب بين فئة الشباب، وفقا للشاب معتز عواد.
عواد، هو احد ضحايا إطلاق العيارات النارية العشوائية، حيث أصيب بطلق في كفه اثناء حضوره احد الاعراس في محافظة مادبا الصيف الماضي. وهو يعتبر نفسه محظوظا، لأنه خرج فقط بإصابة طفيفة، ولم يصبه العيار الناري في مقتل ويودي بحياته.
ويعتبر عواد ان إطلاق الأعيرة النارية هو "أسوأ وسيلة يمكن التعبير فيها عن الفرح، وهو خطر لا مبرر له، وسلوك اجتماعي غير حضاري، يحول ليلة الفرح إلى حزن ومأتم".
ويأمل عواد أن تكون هناك "إجراءات صارمة" من قبل الجهات الأمنية ضد إطلاق العيارات النارية في الأفراح والأعراس. ويحث على ضرورة "التنفيذ الدقيق" للتعليمات الصادرة من وزارة الداخلية بهذا الخصوص، وبما يعمل على منع تكرار مثل هذه الحوادث، وحفظا للأرواح والممتلكات.
انتشار السلاح مشكلة
ويعتبر بلال الشوبكي، وهو ضحية اخرى لهذه الظاهرة، أن "الجهل والتخلف"
يقف وراء انتشار ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية بالأفراح والمناسبات، لكنه يرى ان ثمة مشكلة في انتشار الأسلحة، سواء من حيث اقتنائها أو حملها، في المجتمع الاردني. ويقول ان البعض "يعتقد ان حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية نوع من الرجولة وتعبير عن الفرح والفخار، متناسين ان ذلك يعرض الأبرياء للخطر" .
والشوبكي سبق وان تعرض قبل أشهر لإصابة بعيار ناري في قدمه، "خرج من احد العابثين والمستهترين اثناء مرور موكب تخرج". ويقول "كلنا سمعنا عن مثل هذه الحوادث، وعن هذه الممارسات اللامسؤولة، التي تشكل خطرا على المواطنين بالمرحلة الاولى، وعلى ممتلكاتهم بالدرجة الثانية".
ويضيف الشوبكي ان ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات "يسبب الألم والحزن لأشخاص أبرياء، لا ذنب لهم سوى انهم كانوا في أماكن فيها مستهترين، لا يقدرون ضرورة الحفاظ على حياة الناس، وهي أغلى شيء في الوجود، لكنها اصبحت تؤخذ وتهدر بكل بساطة واستهتار في الأفراح والمناسبات".
ويستذكر المواطن عبد الله الهقيش بألم وحسرة، إصابة ابنه الشاب محمد بعيار ناري، أطلقه مستهتر، ليباغته وهو يجلس امام منزله في منطقة قريبة من عمان، وليستقر العيار في ظهر محمد، على بعد سنتمترين فقط من عموده الفقري، والذي كاد ان يتسبب له بالشلل .
يشير الهقيش ان ابنه كان يجلس امام المنزل، اثناء إطلاق عيارات نارية في الهواء في حفلة عرس لأحد الأقرباء في المنطقة. يقول "ما هي الا دقائق قليلة من بدء إطلاق النار، حتى وجدت ابني غارقا في دمائه. قمت على الفور بنقله الى المستشفى لإنقاذ حياته".
ويؤكد الهقيش ان "هذه الظاهرة مرفوضة حضاريا وقانونيا ودينيا، لما تسببه من أذى ودمار يمس حياة المواطنين الأبرياء، وعلى الجميع التصدي لها".
أرقام لا تعكس الواقع
ولا تعكس الاحصاءات الرسمية والأرقام المسجلة لقضايا إطلاق العيارات النارية، التي ترصدها مديرية الامن العام، حجم انتشار الظاهرة بصورة حقيقية، بحسب معنيين، خاصة ان ما يصل منها الى الشرطة وتسجل كقضايا لا يزيد عن تلك الحوادث التي يقع فيها ضحايا وإصابات.
وتشير مديرية الامن العام، بحسب الناطق باسمها المقدم محمد الخطيب، الى ان عدد قضايا إطلاق العيارات النارية بلغ منذ بداية العام الحالي ولغاية منتصفه فقط سبع قضايا، نجم عنها إصابتين بجروح دون التسبب بوفاة، وقد اكتشفت الجاني في اربع قضايا منها.
فيما سجل العام الماضي 30 قضية إطلاق عيارات نارية، اكتشفت منها 18 قضية، ونجم عنها سبع إصابات بجروح، دون وقوع أية حالة وفاة ايضا. في حين سجل عام 2008 نحو 19 قضية، اكتشفت منها 15 قضية، وبلغ عدد المصابين فيها سبعة، فيما توفي فيها شخصان.
وبالمجمل، سجلت في السنوات الأربع الماضية (دون المسجلة في الأشهر الستة الماضية) نحو 43 إصابة بإطلاق عيارات نارية طائشة، نجم عنها ثلاث وفيات .فيما سجلت، في سياق قريب، شهدت السنوات الأربع الماضية 21 قضية انفجار لمفرقعات (الألعاب النارية)، نجم عنها 23 إصابة لمواطنين .
ويشير المقدم الخطيب الى ان دور مديرية الامن العام، فيما يتعلق بقضايا إطلاق العيارات النارية، يتلخص في استلام الشكاوى والبلاغات بهذا الخصوص، والعمل على ضبط مرتكب هذا الفعل والسلاح، وتوديعه للقضاء، مبينا انه عند العلم بحيازة اي شخص لسلاح ناري بدون ترخيص "يتم العمل على تفتيش هذا الشخص، بعد الحصول على الموافقات وضبط تلك الأسلحة" .
ويوافق الخطيب على ان ظاهرة إطلاق العيارات النارية مشكلة حقيقية. ويقول "من الجميل ان يعبر كل واحد منا عما في داخله من مشاعر الفرح او الحزن بشكل جميل وسليم وحضاري، لكن دون إيصال تلك المشاعر بنيران مشتعلة وأصوات مرتفعة ومرعبة تهز الأسماع، وترعب القلوب، ويمكن ان تخلف الحزن والألم، وتسيء لحياة الآخرين".
يشار الى ان قرارا لمجلس الوزراء صدر العام الماضي، حظر فيه استيراد الألعاب النارية نهائيا، وأعطي القرار حينها مهلة عام لأصحاب المؤسسات للتخلص من الألعاب النارية الموجودة لديهم .
يشير المقدم الخطيب الى ان مسؤولية قادة الاقاليم ومدراء الشرطة هو مراقبة اية مخالفات بهذا الخصوص. لافتا الى انه "تم بموجب القرار اغلاق بعض المؤسسات، قبل انتهاء المدة المسموحة لهم لعدم تجديد الترخيص السنوي".
وسمح القرار الحكومي باستخدام الألعاب النارية في مناسبات ما، على ان يحصل الراغب بذلك على موافقة من المعلومات الجنائية، وان تتم عملية الإطلاق بمعرفة فني إطلاق ومندوب من المركز الامني، على ان لا يتم ذلك بعد العاشرة ليلا. وذلك تحت طائلة المسؤولية، واتخاذ اجراءات ادارية وقانونية بحق المخالف.
عدم التزام واسع بحظر الألعاب النارية
رغم هذا الحظر لاستخدام الألعاب النارية، وتشديد التعليمات الخاصة بالمسموح منها، فإن الشكاوى من قبل مواطنين ما تزال تتوارد يوميا من اللجوء المكثف لاستخدام الألعاب النارية، على غرار العيارات النارية، وبصورة مكثفة، والتي تستمر لأوقات متأخرة من الليل، الأمر الذي دفع الأمن العام قبل ايام الى تجديد تحذيره من هذه الظاهرة، ومن أنه سيتخذ الاجراءات المناسبة بحق المخالفين.
وينص قانون الأسلحة والذخائر المعمول به على إيقاع العقوبة على كل من أطلق عيارا ناريا دون داع بما يصل الى الحبس مدة ثلاثة أشهر او بغرامة قدرها الف دينار، او بكلتا العقوبتين، كما يصادر السلاح المستخدم سواء كان مرخصا او غير مرخص.
ويلفت الخطيب الى ان وزارة الداخلية والامن العام يحرصان على الحد من انتشار الأسلحة، سواء من حيث اقتنائها أو حملها، إلا في أضيق الحدود، والتي تقترن باشتراطات خاصة وبما يضمن الحد من انتشارها.
وبحسب الخطيب، توجد ضوابط صارمة لعملية اقتناء وحمل السلاح، منها منع إعطاء رخصة اقتناء سلاح، إلا لمن كان حسن السيرة والسلوك، فضلا عن وجود تحذيرات من حمل الأسلحة خلال المؤتمرات والاجتماعات ومواكب الأعراس والجنازات أو أي اجتماعات أخرى، يزيد عدد المجتمعين فيها عن عشرة أشخاص.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الداخلية، باعتبارها الجهة المسؤولة عن تراخيص الأسلحة والتعامل الأمني معها، على أن حمل واقتناء الأسلحة محصور بفئات محددة، فان رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان المحامي هاني الدحلة يشير الى تسلم المنظمة للعديد من الشكاوى من مواطنين، تفيد بتهديدهم بالسلاح من قبل مواطنين آخرين.
ويشدد الدحلة على أهمية تطبيق دعوة جلالة الملك في مواجهة العنف المجتمعي، وذلك من خلال تفعيل تطبيق القانون، بما يضمن الحد من انتشار الأسلحة، عبر حملات أمنية شاملة تحد من انتشارها.
ويرى الدحلة ان تطبيق القانون "يجب أن يكفل حصر اقتناء وحمل الأسلحة بأشخاص محددين، وضمن شروط محددة، تشدد على حصولهم على رخص من وزارة الداخلية والأمن العام"، معتبرا ان "الواقع العملي وانتشار استخدام السلاح يشير الى ان ثمة تساهلا في تطبيق القانون في هذا الاتجاه".
ويشدد الدحلة أن "قوات الأمن والحكومة هما من يتحملا مسؤولية إيقاف هذه الظاهرة"، وذلك بتشديد الاجراءات الوقائية، ولم يتردد الدحلة في المطالبة بوضع رجل أمن أمام كل حفلة عرس "حتى يتم القضاء نهائيا على هذه الظاهرة غير الحضارية" .
وما بين موقف وزارة الداخلية الذي حصر حمل الأسلحة بالأشخاص الذين تتطلب طبيعة أعمالهم حملها، وموقف المنظمة العربية لحقوق الإنسان الداعي إلى تطبيق القانون.
الفايز: مطلوب مواثيق عشائرية ضد الأسلحة
يرى الشيخ طايل الفايز أن المشكلة "ليست في اقتناء الأسلحة، بل في الاستخدام السلبي لها"، ويوضح أن اقتناء السلاح واستخدامه "يجب أن يتم في أضيق الحدود وللدفاع عن النفس فقط".
ويبين الفايز أن استخدام الأسلحة للدفاع عن النفس "يجب أن تتوفر له شروط، وهي الضرورة واللزوم والتناسب، ودفع اعتداء غير محق". مشددا على أهمية دور العشيرة في ضبط انفعالات وممارسات أفرادها "ضمانا لحمايتهم ومنع رعونة أي منهم وممارستهم لأية سلوكيات تتنافى والأخلاق والقانون، ومن بينها استخدام السلاح".
ويشدد الفايز على أهمية إصدار مواثيق شرف عشائرية، تلزم الجميع بتنفيذها، وبما يضمن الحد من انتشار الأسلحة واقتنائها، ويحد من استعمالها، وحصر استخدام السلاح في الضرورة الملحة فقط، وبما يضمن حسن التعامل بين المواطنين، وسيادة ثقافة المودة والمحبة والحوار.
ويلفت الفايز الى اهمية ان يساند الدور العشائري "إجراءات تنفيذية مشددة من قبل الأجهزة الأمنية، التي تحرص على الدوام على استقرار وأمن الوطن، وبما يضمن الحد من انتشار الأسلحة ويحصر استعمالها في أضيق الحدود".
ويرى المرشد الديني هاني مزايدة ان لتزايد حيازة الأسلحة النارية خطورة كبيرة، يتفق عليها علماء الجريمة، وتشتد خطورة المشكلة مع زيادة استخدام هذه الأسلحة، في أوجه غير شرعية، كالإرهاب وتجارة المخدرات والسرقة.
ويشير مزايدة الى ان استخدام الأسلحة النارية مرتبط بعادات وتقاليد اجتماعية موروثة، يختلف استخدامها حسب الموقف الاجتماعي، فقد يستخدم السلاح لإطلاق النار في الهواء تعبيراً عن الفرح، مثلما يحدث في احتفالات الزواج والأعياد، وقد يستخدم للصيد، وأحياناًَ أخرى قد يستخدم في الجريمة.
ويحذر مزايدة من فوضى انتشار السلاح، خصوصا مع انتشار اقتنائه بين البالغين، وحمله في الأماكن والمناسبات العامة، وهذا يعد من المؤشرات الخطيرة، التي قد تؤدي إلى تدهور الأمن وشيوع ثقافة العنف .
زايد الدخيل وعبد الله الربيحات
وحدة التحقيقات الاستقصائية
عمان- رغم تواصل النداءات والتحذيرات على مدى سنوات طويلة من إطلاق العيارات النارية بالأفراح والمناسبات، واستخدام الأسلحة ايضا في مشاجرات وأعمال عنف، وتسببها بمقتل وإصابة العديد من المواطنين، فإن مسلسل استخدام الأسلحة النارية بالأفراح والمشاجرات ما يزال متواصلا، مستنزفا أرواحا بريئة، ومخلفا إصابات وإعاقات ومآسي عديدة ترزح تحت وطأتها مئات العائلات والافراد.
خرق سيادة القانون والمس بهيبة الدولة هو عنوان فوضى انتشار واستخدام السلاح في مختلف مناطق المملكة، بحسب ما يرى معنيون ومختصون، وهو عنوان لظاهرة وقضية تؤرق المجتمع، فضلا عن كلفتها الباهظة على أرواح الأبرياء.
ورغم ما لهذه الظاهرة من ابعاد اجتماعية وثقافية اساسية تدفع الى اللجوء اليها، فإنها "تبقى ظاهرة امنية بامتياز، وعلاجها امني اساسا"، بحسب ما يجمع مواطنون ومعنيون.
نجا بأعجوبة
لم يكن يتصور عبد الغني العبداللات (28 عاما) ان سينتمرات قليلة فقط ستحول دون إصابته بعياري ناري طائش، ربما كان كفيلا بأن يودي بحياته قبل نحو أسبوعين في ضاحية الرشيد.
كان العبداللات متوجها بسيارته مساء الى المسجد في ضاحية الرشيد لأداء الصلاة، ليفاجأ برصاصة طائشة تخترق زجاج السيارة الأمامي بشكل طولي، محطمة الزجاج وثاقبة الكرسي المحاذي للسائق لتستقر الرصاصة في بطن الكرسي. يقول العبداللات لـ "الغد" "الحمد لله لم اصب بالرصاصة، كما ان أحدا لم يكن معي، وإلا كان قد أصيب في تلك الحادثة".
يقول العبداللات "بعد تعرضي للحادثة لم أتوان عن الذهاب الى المركز الامني وتقديم شكوى، بعد أن تكرر إطلاق العيارات النارية في المنطقة تلك الليلة، والذي كان يصدر عن حفلة عرس كان تقام في المنطقة، ولكن للأسف سجلت الشكوى ضد مجهول وذهبت أدراج الرياح".
ودعا العبدللات الاجهزة الامنية المعنية الى "ضرورة التشديد" في متابعة هذه الظاهرة، ومحاسبة المسؤولين عنها، بهدف القضاء عليها بشكل نهائي .لافتا الى ان الجميع بات يعرف ان الأفراح هي مصدر ومكان هذه الظاهرة بكل سلبياتها.
تقاليد وعادات قاتلة!
ورغم غياب التقديرات الرسمية او غير الرسمية الدقيقة لظاهرة انتشار السلاح في الاردن بين المواطنين، فإن اقتناء السلاح يعد في المجتمع الاردني، جزءا من تقاليد اجتماعية، تعتبر من اقتنائه وحمله مصدر فخر واعتزاز، وجزءا من ثقافة المجتمع، فيما يعتبر إطلاق النار في المناسبات، خصوصا في الأعياد والأعراس وحفلات التخرج والنجاح، من الظواهر السلبية المتكررة.
ولا يكاد يمر حفل عرس دون إطلاق عشوائي للعيارات النارية، وهي ظاهرة لا تقتصر على الأرياف والبوادي والاطراف، ولا تنجو منها المدن الكبرى، بما فيها العاصمة عمان، كل ذلك بالرغم من حملات التوعية والتحذيرات، التي تطلقها جهات رسمية وأهلية دوريا، خاصة في ظل ما تتسبب به من خسائر بشرية ومادية لا تنتهي.
ابعد من ذلك، يرى معنيون ان انتشار ظاهرة إطلاق العيارات النارية في الأفراح والمناسبات، تعكس انتشار السلاح، سواء بصورة مرخصة او غير مرخصة، بين المواطنين، الامر الذي تظهر خطورته اكثر في المشاجرات وحالات العنف الاجتماعي، التي باتت في تزايد في السنوات القليلة الاخيرة.
يوافق الثلاثيني حسن السردي على ان ظاهرة انتشار السلاح واستخدامه في الأفراح والمناسبات "بات ظاهرة مقلقة وسلبية جدا". وهو يرجع أسباب ذلك الى "عدم التقدير الصحيح من قبل بعض الأشخاص للمخاطر، التي يمكن أن تلحق بهم وبمن حولهم، عند قيامهم بإطلاق النار، سواء بداعي الفرح والابتهاج"، معتبرا ان اللجوء الى هذه الفعلة "يتم في العديد من الحالات بدافع التباهي والتفاخر، وحب الظهور بحمل السلاح".
ويحذر السردي من ان إطلاق الأسلحة النارية في المناسبات يشكل "خطورة بالغة" على المجتمع والناس، بل قد يعكر صفو المناسبة، وربما يحولها إلى مأساة، ليذهب جراء هذه العشوائية أبرياء لا ذنب لهم سوى انهم جاءوا ليحتفلوا بمناسبة عزيزة عليهم" .
يقول استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتور سري ناصر أن ظاهرة إطلاق العيارات النارية "كانت تندرج قديما تحت العادات والتقاليد، وكان يعد تعبيرا عن الفرح، ونوعا من إخبار الناس بانعقاد الفرح، خاصة في ظل بعد المسافات بين الناس في القرى والبوادي في تلك الفترة، وعدم توفر وسائل الاتصال". لكنه يرى ان الوضع أختلف الآن، واصبحت المدن مزدحمة، وتطورت وسائل الاتصال، وآن الأوان للتخلي عن هذه الظاهرة المزعجة والخطرة، التي يمكن ان تخلف عواقب وخيمة" .
ويرى ناصر أن القضاء على هذه الظاهرة "ممكن عن طريق التعليم والوعي، اضافة الى التشديد من قبل الأجهزة المعنية للتخلص من هذه الظاهرة نهائيا".
دعوات شعبية لإجراءات صارمة
ويشير مواطنون ومتضررون من حوادث إطلاق العيارات النارية الى ان مشهد إطلاق العيارات النارية من المسدسات او البنادق في السماء بات مشهدا مألوفا في موسم الأعراس ومناسبات التخرج في الصيف، ومما يزيد من خطورتها إطلاقها داخل الأحياء وبين البيوت. وتنتشر هذه العادة القاتلة في الغالب بين فئة الشباب، وفقا للشاب معتز عواد.
عواد، هو احد ضحايا إطلاق العيارات النارية العشوائية، حيث أصيب بطلق في كفه اثناء حضوره احد الاعراس في محافظة مادبا الصيف الماضي. وهو يعتبر نفسه محظوظا، لأنه خرج فقط بإصابة طفيفة، ولم يصبه العيار الناري في مقتل ويودي بحياته.
ويعتبر عواد ان إطلاق الأعيرة النارية هو "أسوأ وسيلة يمكن التعبير فيها عن الفرح، وهو خطر لا مبرر له، وسلوك اجتماعي غير حضاري، يحول ليلة الفرح إلى حزن ومأتم".
ويأمل عواد أن تكون هناك "إجراءات صارمة" من قبل الجهات الأمنية ضد إطلاق العيارات النارية في الأفراح والأعراس. ويحث على ضرورة "التنفيذ الدقيق" للتعليمات الصادرة من وزارة الداخلية بهذا الخصوص، وبما يعمل على منع تكرار مثل هذه الحوادث، وحفظا للأرواح والممتلكات.
انتشار السلاح مشكلة
ويعتبر بلال الشوبكي، وهو ضحية اخرى لهذه الظاهرة، أن "الجهل والتخلف"
يقف وراء انتشار ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية بالأفراح والمناسبات، لكنه يرى ان ثمة مشكلة في انتشار الأسلحة، سواء من حيث اقتنائها أو حملها، في المجتمع الاردني. ويقول ان البعض "يعتقد ان حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية نوع من الرجولة وتعبير عن الفرح والفخار، متناسين ان ذلك يعرض الأبرياء للخطر" .
والشوبكي سبق وان تعرض قبل أشهر لإصابة بعيار ناري في قدمه، "خرج من احد العابثين والمستهترين اثناء مرور موكب تخرج". ويقول "كلنا سمعنا عن مثل هذه الحوادث، وعن هذه الممارسات اللامسؤولة، التي تشكل خطرا على المواطنين بالمرحلة الاولى، وعلى ممتلكاتهم بالدرجة الثانية".
ويضيف الشوبكي ان ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات "يسبب الألم والحزن لأشخاص أبرياء، لا ذنب لهم سوى انهم كانوا في أماكن فيها مستهترين، لا يقدرون ضرورة الحفاظ على حياة الناس، وهي أغلى شيء في الوجود، لكنها اصبحت تؤخذ وتهدر بكل بساطة واستهتار في الأفراح والمناسبات".
ويستذكر المواطن عبد الله الهقيش بألم وحسرة، إصابة ابنه الشاب محمد بعيار ناري، أطلقه مستهتر، ليباغته وهو يجلس امام منزله في منطقة قريبة من عمان، وليستقر العيار في ظهر محمد، على بعد سنتمترين فقط من عموده الفقري، والذي كاد ان يتسبب له بالشلل .
يشير الهقيش ان ابنه كان يجلس امام المنزل، اثناء إطلاق عيارات نارية في الهواء في حفلة عرس لأحد الأقرباء في المنطقة. يقول "ما هي الا دقائق قليلة من بدء إطلاق النار، حتى وجدت ابني غارقا في دمائه. قمت على الفور بنقله الى المستشفى لإنقاذ حياته".
ويؤكد الهقيش ان "هذه الظاهرة مرفوضة حضاريا وقانونيا ودينيا، لما تسببه من أذى ودمار يمس حياة المواطنين الأبرياء، وعلى الجميع التصدي لها".
أرقام لا تعكس الواقع
ولا تعكس الاحصاءات الرسمية والأرقام المسجلة لقضايا إطلاق العيارات النارية، التي ترصدها مديرية الامن العام، حجم انتشار الظاهرة بصورة حقيقية، بحسب معنيين، خاصة ان ما يصل منها الى الشرطة وتسجل كقضايا لا يزيد عن تلك الحوادث التي يقع فيها ضحايا وإصابات.
وتشير مديرية الامن العام، بحسب الناطق باسمها المقدم محمد الخطيب، الى ان عدد قضايا إطلاق العيارات النارية بلغ منذ بداية العام الحالي ولغاية منتصفه فقط سبع قضايا، نجم عنها إصابتين بجروح دون التسبب بوفاة، وقد اكتشفت الجاني في اربع قضايا منها.
فيما سجل العام الماضي 30 قضية إطلاق عيارات نارية، اكتشفت منها 18 قضية، ونجم عنها سبع إصابات بجروح، دون وقوع أية حالة وفاة ايضا. في حين سجل عام 2008 نحو 19 قضية، اكتشفت منها 15 قضية، وبلغ عدد المصابين فيها سبعة، فيما توفي فيها شخصان.
وبالمجمل، سجلت في السنوات الأربع الماضية (دون المسجلة في الأشهر الستة الماضية) نحو 43 إصابة بإطلاق عيارات نارية طائشة، نجم عنها ثلاث وفيات .فيما سجلت، في سياق قريب، شهدت السنوات الأربع الماضية 21 قضية انفجار لمفرقعات (الألعاب النارية)، نجم عنها 23 إصابة لمواطنين .
ويشير المقدم الخطيب الى ان دور مديرية الامن العام، فيما يتعلق بقضايا إطلاق العيارات النارية، يتلخص في استلام الشكاوى والبلاغات بهذا الخصوص، والعمل على ضبط مرتكب هذا الفعل والسلاح، وتوديعه للقضاء، مبينا انه عند العلم بحيازة اي شخص لسلاح ناري بدون ترخيص "يتم العمل على تفتيش هذا الشخص، بعد الحصول على الموافقات وضبط تلك الأسلحة" .
ويوافق الخطيب على ان ظاهرة إطلاق العيارات النارية مشكلة حقيقية. ويقول "من الجميل ان يعبر كل واحد منا عما في داخله من مشاعر الفرح او الحزن بشكل جميل وسليم وحضاري، لكن دون إيصال تلك المشاعر بنيران مشتعلة وأصوات مرتفعة ومرعبة تهز الأسماع، وترعب القلوب، ويمكن ان تخلف الحزن والألم، وتسيء لحياة الآخرين".
يشار الى ان قرارا لمجلس الوزراء صدر العام الماضي، حظر فيه استيراد الألعاب النارية نهائيا، وأعطي القرار حينها مهلة عام لأصحاب المؤسسات للتخلص من الألعاب النارية الموجودة لديهم .
يشير المقدم الخطيب الى ان مسؤولية قادة الاقاليم ومدراء الشرطة هو مراقبة اية مخالفات بهذا الخصوص. لافتا الى انه "تم بموجب القرار اغلاق بعض المؤسسات، قبل انتهاء المدة المسموحة لهم لعدم تجديد الترخيص السنوي".
وسمح القرار الحكومي باستخدام الألعاب النارية في مناسبات ما، على ان يحصل الراغب بذلك على موافقة من المعلومات الجنائية، وان تتم عملية الإطلاق بمعرفة فني إطلاق ومندوب من المركز الامني، على ان لا يتم ذلك بعد العاشرة ليلا. وذلك تحت طائلة المسؤولية، واتخاذ اجراءات ادارية وقانونية بحق المخالف.
عدم التزام واسع بحظر الألعاب النارية
رغم هذا الحظر لاستخدام الألعاب النارية، وتشديد التعليمات الخاصة بالمسموح منها، فإن الشكاوى من قبل مواطنين ما تزال تتوارد يوميا من اللجوء المكثف لاستخدام الألعاب النارية، على غرار العيارات النارية، وبصورة مكثفة، والتي تستمر لأوقات متأخرة من الليل، الأمر الذي دفع الأمن العام قبل ايام الى تجديد تحذيره من هذه الظاهرة، ومن أنه سيتخذ الاجراءات المناسبة بحق المخالفين.
وينص قانون الأسلحة والذخائر المعمول به على إيقاع العقوبة على كل من أطلق عيارا ناريا دون داع بما يصل الى الحبس مدة ثلاثة أشهر او بغرامة قدرها الف دينار، او بكلتا العقوبتين، كما يصادر السلاح المستخدم سواء كان مرخصا او غير مرخص.
ويلفت الخطيب الى ان وزارة الداخلية والامن العام يحرصان على الحد من انتشار الأسلحة، سواء من حيث اقتنائها أو حملها، إلا في أضيق الحدود، والتي تقترن باشتراطات خاصة وبما يضمن الحد من انتشارها.
وبحسب الخطيب، توجد ضوابط صارمة لعملية اقتناء وحمل السلاح، منها منع إعطاء رخصة اقتناء سلاح، إلا لمن كان حسن السيرة والسلوك، فضلا عن وجود تحذيرات من حمل الأسلحة خلال المؤتمرات والاجتماعات ومواكب الأعراس والجنازات أو أي اجتماعات أخرى، يزيد عدد المجتمعين فيها عن عشرة أشخاص.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الداخلية، باعتبارها الجهة المسؤولة عن تراخيص الأسلحة والتعامل الأمني معها، على أن حمل واقتناء الأسلحة محصور بفئات محددة، فان رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان المحامي هاني الدحلة يشير الى تسلم المنظمة للعديد من الشكاوى من مواطنين، تفيد بتهديدهم بالسلاح من قبل مواطنين آخرين.
ويشدد الدحلة على أهمية تطبيق دعوة جلالة الملك في مواجهة العنف المجتمعي، وذلك من خلال تفعيل تطبيق القانون، بما يضمن الحد من انتشار الأسلحة، عبر حملات أمنية شاملة تحد من انتشارها.
ويرى الدحلة ان تطبيق القانون "يجب أن يكفل حصر اقتناء وحمل الأسلحة بأشخاص محددين، وضمن شروط محددة، تشدد على حصولهم على رخص من وزارة الداخلية والأمن العام"، معتبرا ان "الواقع العملي وانتشار استخدام السلاح يشير الى ان ثمة تساهلا في تطبيق القانون في هذا الاتجاه".
ويشدد الدحلة أن "قوات الأمن والحكومة هما من يتحملا مسؤولية إيقاف هذه الظاهرة"، وذلك بتشديد الاجراءات الوقائية، ولم يتردد الدحلة في المطالبة بوضع رجل أمن أمام كل حفلة عرس "حتى يتم القضاء نهائيا على هذه الظاهرة غير الحضارية" .
وما بين موقف وزارة الداخلية الذي حصر حمل الأسلحة بالأشخاص الذين تتطلب طبيعة أعمالهم حملها، وموقف المنظمة العربية لحقوق الإنسان الداعي إلى تطبيق القانون.
الفايز: مطلوب مواثيق عشائرية ضد الأسلحة
يرى الشيخ طايل الفايز أن المشكلة "ليست في اقتناء الأسلحة، بل في الاستخدام السلبي لها"، ويوضح أن اقتناء السلاح واستخدامه "يجب أن يتم في أضيق الحدود وللدفاع عن النفس فقط".
ويبين الفايز أن استخدام الأسلحة للدفاع عن النفس "يجب أن تتوفر له شروط، وهي الضرورة واللزوم والتناسب، ودفع اعتداء غير محق". مشددا على أهمية دور العشيرة في ضبط انفعالات وممارسات أفرادها "ضمانا لحمايتهم ومنع رعونة أي منهم وممارستهم لأية سلوكيات تتنافى والأخلاق والقانون، ومن بينها استخدام السلاح".
ويشدد الفايز على أهمية إصدار مواثيق شرف عشائرية، تلزم الجميع بتنفيذها، وبما يضمن الحد من انتشار الأسلحة واقتنائها، ويحد من استعمالها، وحصر استخدام السلاح في الضرورة الملحة فقط، وبما يضمن حسن التعامل بين المواطنين، وسيادة ثقافة المودة والمحبة والحوار.
ويلفت الفايز الى اهمية ان يساند الدور العشائري "إجراءات تنفيذية مشددة من قبل الأجهزة الأمنية، التي تحرص على الدوام على استقرار وأمن الوطن، وبما يضمن الحد من انتشار الأسلحة ويحصر استعمالها في أضيق الحدود".
ويرى المرشد الديني هاني مزايدة ان لتزايد حيازة الأسلحة النارية خطورة كبيرة، يتفق عليها علماء الجريمة، وتشتد خطورة المشكلة مع زيادة استخدام هذه الأسلحة، في أوجه غير شرعية، كالإرهاب وتجارة المخدرات والسرقة.
ويشير مزايدة الى ان استخدام الأسلحة النارية مرتبط بعادات وتقاليد اجتماعية موروثة، يختلف استخدامها حسب الموقف الاجتماعي، فقد يستخدم السلاح لإطلاق النار في الهواء تعبيراً عن الفرح، مثلما يحدث في احتفالات الزواج والأعياد، وقد يستخدم للصيد، وأحياناًَ أخرى قد يستخدم في الجريمة.
ويحذر مزايدة من فوضى انتشار السلاح، خصوصا مع انتشار اقتنائه بين البالغين، وحمله في الأماكن والمناسبات العامة، وهذا يعد من المؤشرات الخطيرة، التي قد تؤدي إلى تدهور الأمن وشيوع ثقافة العنف .
ويضيف مزايدة "مكمن الخطورة في هذا السلاح انه يمكن أن يستخدم في الخلافات العائلية أو الشخصية، وقد يستغل في عمليات السطو والاعتداء".