همسآت شرقية
طاقم الادارة
في ذكر النساء الطالحات
أم جنكزخان
أصلها من قبيلة التتار ، وتسمى تلك القبيلة قتات ، حملت في جنكزخان من غير زوج ، وقيل : إنها كانت متزوجة ن رجل من أقاربها ومات زوجها ، ثم بعد أعوام حملت من غير زوج ، والظاهر يدل على أنه من السفاح ، فأنكر عليها أهلها حملها من غير بعل فقالت لهم : إني رأيت في المنام كأن نوراً دخل في فرجي ثلاث مرات ، فأمهلوني فإني حامل في ثلاثين بنين ذكوراً ، فإن صدقت وإلا فاعلموا بي ما شئتم ، فلما تم حملها وضعت ثلاثة أولاد ذكوراً ، فعند ذلك ظهرت براءتها ، بزعمهم فسمت أحدهن بوقن ، والثاني ماعي ، والثالث : نود بحر وهو جنكزخان .
وعلى ما ذكروا من أنه ظهرت براءتها بقولها ، قال في الهداية : المطلقة الرجعية إذا جاءت بولد لسنتين أو أكثر ما لم تقر بانقضاء العدة لاحتمال العلوق في حالة العدة ، وعلى هذا القول فتكون أم جنكز خان صادقة ، ويلحق جنكز بأبيه ، وقال أيضاً في الهداية : أكثر مدة الحمل سنتان ، لقول عائشة ، رضي الله عنها : الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين ولو بظل مغزل ، أقله ستة أشهر .
فعلى هذا قد يكون بين وضع جنكيز خان وبين ممات أبيه أقل من سنتين وقول هل التواريخ أعوام ، يحتمل وصاعداً ، وقال في الدر المختار : أكثر مدة الحمل سنتان لخبر عائشة رضي الله عنها وعند الأئمة الثلاثة أربع سنين وأقلها ستة أشهر ، على هذا فقد ظهرت براءة أم جنكزخان ، ولا يتوهم من أن المرأة لا تحمل أكثر من تسعة أشهر فقد قيل إن ( وليداً ) أقام في بطن أمه أربعة أعوام فلما ولدته ضحك وله أسنان في فمه ، والله أعلم .
واعلم أن مملكة الصين متسعة ، ودورتها ستة اشهر وانقسمت قديماً ستة أجزاء ، كل جزء مسير شهر كامل ، ولكل جزء خان يملكه ، وكان خانهم الكبير ذلك الزمان اسمه الطن خان ، ورث الخانية كابراً عن كابر ، بل كافراً عن كافر ، ومن عادة خانهم الأعظم الإقامة بمدينة طوغاج ، وفي ذلك الوقت كان أحد الخانات الستة دوشى خان زوج عمة جنكزخان فمات فعمدت عمة جنكزخان إليه وولته مملكة زوجها بعد أن استأذنت كشلوخان وغيره ، فبلغ خبره الطن خان فسار لحربهم كسروه ، وتمكن جنكزخان فمات ( الطن ) خان وملك جنكزخان مملكته وإضافة لما في يده ، ثم مات كشلوخان وأقام ابنه مكانه ، فحاربه جنكزخان وقتله وضم إليه مملكته ، وبقي يملك نصف الصين ، وثم قاتل خوارزم شاه محمد وملك بلاده ، واتسعت مملكة جنكزخان حتى ملك الصين والأغوات ، وإيران والعراق ، وعمت سراياه ، الآفاق فلا رحم الله روحه .
وكان جنكزخان أمياً لا يقرأ ولا يكتب وعسكره مسلمون ويهود ونصارى ، وكان لا يتعرض لأحد منهم ، وهو لا دين له ، بل يعظم علم كل طائفة ، ولم يكن [ له ] علم فوضعوا قلم المغل ، ورتبوا له كتاباً سماه ( الباسق الكبير ) وذكروا فيه لكل حسنة مثوبة ، ولكل سيئة عقوبة ، وصلب السارق ، وخنق الزاني ، وإن شهد عليه واحد ، واستبعاد الأحرار ، وتوريث نكاح الزوجة لأقارب في العدة ، والأخذ بقول الجواري والصبيان ومطالبة الجار بالجار وغير ذلك من القواعد الملعونة على خلاف الشريعة الميمونة .