مہجہرد إنہسہآن
ادارة الموقع
أنقل لك كلام الشيخ عبد الغني الدقر في معجمه:
* الضمير:
-1 تَعْرِيفُه:
هوَ ما وُضِعَ لمتكلمٍ، أو لِمُخَاطَبٍ، أو غَائِبٍ، كـ "أنا، وأنتَ، وهو". أو لِمُخَاطَبٍ تَارةً، ولِغَائبٍ أُخْرى وهو "الألِفُ والوَاوُ والنُّون ".
-2 أقسامُه:
يَنْقَسِمُ الضَّميرُ إلى قِسْمَين:
بارِزٍ، ومُسْتَتِرٍ.
(1) الضَّمير البارزُ وقِسْماه:
الضمير البارزُ: هو ما لَهُ صُورَةٌ في اللَّفْظ كتَاء "قُمْتُ" وينقَسِمُ إلى:
مُنْفَصِل ومُتَّصِل.
"أ" فالضمير المنفَصِل:
هُو ما يُنْتَدَأ به النُّطْق، ويَقَعُ بعدَ "إلاَّ" تقولُ "أنَا مؤمِنٌ" وتقولُ: "ما نَهضَ إلاَّ أنْتَ".
ويَنْقَسمُ المنفصلُ بحَسَبِ مواقِعَ الإعرابِ إلى قسمين:
(أحدهما) ما يَخْتَصُّ بالرَّفْعِ وهو "أنا" للمتكلم، و "أنْتَ" للمُخَاطبِ، و "هوَ" للغَائِب وفُرُوعُهُنَّ، ففَرْع أنا "نحن"، وفرع أنت " أنتِ، أنُتما، أنتُمْ، أنتُنَّ" وفرْع هو: " هي، هُمَا، هُمْ، هُنّ".
(الثاني) ما يَخْتَصَّ بِمَحَلِّ النَّصبِ، وهي" إيَّايَ" للمُتَكَلِّم و "أيَّاكَ". للمُخَاطَب، و "أيَّاهُ" للغَائبِ، وفُرُوعُهُنَّ، فَفَرْعُ إيَّايَ "إيَّانا" وفرعُ إيَّاهُ "إيّاهَا، إيَّاهُمَا، إيَّاهُمْ، إيَّاهُنَّ ".
"ب" والضمير المُتَّصلُ:
هوَ ما لا يُبْتَدَأ به في النُّطْقِ، ولا يَقع بعدَ "إلاَّ" كياءِ " ابني" وكاف "أَكْرَمكَ" وهاء "سَلْنِيهِ" ويائه، أمَّا قولُ الشَّاعر:
ومَا نُبالِي إذا مَا كنتِ جارَتَنا * أنْ لا يُجاورَنا إلاَّكِ دَيَّارُ
فضَرُورة، والقِياس إلاّ إيَّاك.
وينقسمُ المتَّصلُ بحَسبِ مَواقِع الإعراب إلى ثلاثة أقسام:
(الأول) ما يَخْتصُّ بمحَل الرَّفعِ فقط وهي خمسة:
(1ً) "التاءُ" كـ "قُمْتَُِ" بالحركات الثلاث، أو متَّصلةً بما كـ "قُمتُما"
أوبالمِيم كـ "قُمْتُمْ" أو النونِ المشدَّدَةِ كـ "قُمْتُنَّ".
(2ً) "الألِفُ" الدالَّة على اثنينِ أو اثْنَتَيْن كـ "قَامَتَا " و "قامَا".
(3ً) "الوَاوُ" لجمع المذكَّرِ كـ "قامُوا".
(4ً) "النونُ" لجمع النسوة كـ "قُمْنَ ".
(5ً) "ياءُ المخاطبة " كـ "قُومي".
(الثاني) ماهُوَ مُشْتَرَكٌ بينَ محل النَّصْبِ والجَرِّ فَقَط وهو ثَلاثَةٌ:
(1ً) "ياءُ المتكلم" نحو "رَبِّي أكْرِمْني"فياء ربي محلِّ جرٍّ بالإضافة، وياء أكْرَمْني في محلِّ نصب مفعولٍ به.
(2ً) "كافُ المخَاطَبِ "نحو {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } فالكاف في وَدَّعَكَ في محلِّ نصبٍ مفعُولٌ به، والكاف من ربُّكَ في محلِّ جر بالإضافة.
(3") "هاء الغَائب" نحو {وقَالَ لَهُ صاحِبُهُ وهُوَ يُحَاورُه} (الآية "37" من سورة الكهف "18" ). فالهاءمن له في محلِّ جرٍّ بالإضافة والهاءُ من "يحاورُه" في محلِّ نصبٍ على المفعُوليَّة.
والخلاصةُ: فما اتّصل منها بالاسمِ فمضافٌ إليه، ومااتَّصلَ منها بالفعلِ فمفعولٌ بهِ، وما اتَّصل بـ "إن" فاسمها، وما اتَّصلَ بـ "كانَ" فخبرها.
(الثالث) ماهو مُشتركٌ بين الرَّفعِ والنَّصبِ والجرِّ وهو "نا" خاصةً نحو {رَبَّنا إنَّنا سَمِعْنَا} (الآية "193"من سورة أل عمران "3" ) فَنَا في "رَبَّنَا" في محلِّ جَرِّ، وفي"إنَّنَا" في محلِّ نصب، وفي"سَمِعْنَا" في محلِّ رَفْعٍ.
(2) الضَّمِيرُ المستترُ وقِسْمَاه:
الضَّمِيرُ المستترُ: هو ما لَيسَ لَهُ صُورَةٌ في اللفظ ويختصُّ يضمِيرِ الرَّفْعِ وينقسمُ إلى قِسْمَينِ:
(الأول) "المستترُ وُجُوباً" وهومَا لا يخلُفُهُ ظاهرٌ، ولا ضميرٌمنفصِلٌ، ومواضعُه:
(1") "مَرْفُوعُ أمْر الوَاحِدِ" كـ "قُمْ، وافْهَمْ، واسْتَخْرِجْ" والضمير المستَتَرهو الفاعل، المقدَّر بأنت.
(2") "مرفُوعُ المُضارع المبدوءِ بتاءِ خِطَابِ الوَاحِدِ" نحو "أنت تَفْهمُ وتَسْتخرجُ " وفاعله ضمير تقديرأنت، أو "المبدوء بهمزةِ المُتكَلم" كـ "أذْهَبُ" وفاعلُه ضميرٌ تقديرُه: أنا أو "المَبْدُوء بالنُّونِ" كـ "نُسَافِرُ" وفاعِلُه ضميرٌ تَقْديره: نحن.
(3") "مَرْفُوع فعل الاسْتِثْناء" كـ "خَلاَ، والأكْثرُ أن خلا حرفُ جرـ وعدا، وليس، ولا يكون" في نحو قولك: "فازَالقومُ ما عَدَا خالِداً أو ماخلاهُ". في ما عدا ضميرٌ مُسْتتر فاعلٌ يعودُ على الفائزين المفهومة من فَازَ. و "نجحُوا ليسَ بكراً" و "لا يكون زيداً". واسمُ ليس ولا يكونُ ضميرٌ مُسْتَتِر يعود على الواو من نجحوا.
(4") "مرفوع أفعلَ في التَعَجُّبِ" كقولك: "ما أحْسَنَ الصِّدقَ". فاعل أحْسَن ضمير مستتر يعود على ما.
(5") "مرفوعُ أفعلَ في التَّفضيل" نحو {هُمْ أحْسَنُ أَثَاثاً} (الآية "74"من سورة مريم "19" . ) فاعل أحسن ضمير ممستتر يعودعلى هم.
(6") "مرفُوعُ اسمِ الفعلِ غير الماضي" كـ "أوَّه" بمعنى أتوجَّع و "نزالِ" بمعنى انزال.
(7ً) "مرفوع ُالمصدر النائب عن فعله" نحو{فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (الآية "4" من سورة محمد"47").
(الثاني) "المُسْتَتِرُ جوَازاً" وهوَ ما يَخلُفُهُ الظاهرُ، أو الضميرُ المُتْفَصِل، ومَوَاضِعُه:
(1") مَرْفُوعُ فعْلِ الغَائِب كـ "عَليٌّ اجتَهَدَ" أو الغَائِبةِ كـ " فاطِمةُ فَهِمَتْ".
(1ً) مرفوعُ الصِّفاتِ المَحْضَة كـ "بكرٌ فاهمٌ" و "الكِتَابُ مَفْهُومٌ".
(3ً) مرفوعُ اسمِ الفعل الماضي كـ "شَتَّانَ وهَيْهَاتَ".
ويرى بعضهم أنَّ التقسيم القويم في وجوبِ الاستتار أو جوازه أن يقال: العامل إمَّا أنْ يَرفَع الضميرَ المُستَتِرَ فَقَط كـ "أقومُ" وهذا هو واجبُ الاستتار، وإمَّا ان يرفعَهُ ويرفَع الظَّاهر، وهذا هو جائزُ الاسْتِتَار، كـ "قامَ وهيهاتَ".
-3 إذا تَأتَّى أن يَجيء المتَّصِلُ لا يُعْدَلُ إلى الـمُنْفَصِل:
يقول المُبرِّد: اعلَم أنَّ كلَّ مَوْضِعٍ تَقْدِر فيه على الضّمير مُتّصلاً،
المنفصل لا يَقعُ فيه، تقول: "قُمتُ" ولا يصلُح "قامَ أنا" وكذلكَ
"ضَرَبْتُك" ولا يصلُح ضَرَبْت إيَّاكَ، وكذلك ظَنَنْتكَ قَائِما، ورَأَيْـتـُني، وهكذا فأمَّا قَوْلُ زِياد بن حَمَل التميمي:
ومَا أُصَاحِبُ مِنْ قَوْمٍ فأذكُرُهم * إلَّا يَزِيدُهُمْ حبّاً إليَّ هُمُ
(معنى البيت: ما صَحِبت قَوماًبعد قومي فذكرتُ لهم قومي إلا بَالَغُوا في الثناء عليهم حتى يزيدوا قومي حبّـَاً إليَّ، وإعراب هم في يزيد مفعول أول ليزيد وحُباًمفعول له الثاني وهُمُ الثانية آخر البيت فاعل يزيد والأصل يزيدون، فعدل عن الواو إلى هم للضرورة).
وقول الفرزدق:
بالباعِثِ الوَارِثِ الأمْوات قد ضَمنَتْ * إيَّاهُم الأَرضُ في دَهْرِ الدهاريرِ
(قوله: بالباعث متعلقة بحلفت في بيت قبله، والباعث: هو الذي يبعث الأموات، والوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك، وضمنت: اشتملت، والدهر الزمن، والدهارير: الشدائد، والشاهد هنا قوله: "ضمنت إياهم" فإياهم مفعول ضمنت، والأصل أن يقول: ضمنتهم) فضرورة فيهما.
ويُسْتـَثـْنى منْ هذه القاعدةِ مَسألتان، يجوزُ فيهما الإنْفِصالُ مع إِمْكَانِ الإتِّصَال.
(إحْداهما) أنْ يكونَ عامِلُ الضَّميرِ عامِلاً في ضَمِيرٍ آخَرَ أَعْرَفَ(ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب) منه مُقَدَّماًعليه، وليس المُقَدّمُ مَرْفُوعاً، فيَجوزُ حِينَئِذٍ في الضَّميرِ الثَّاني الإتَّصالُ والإنْفِصالُ.
ثمَّ إنْ كانَ العامِلُ في الضَّميرين فِعلاً غير ناسخ كـباب "أعْطَى" فالوَصْل أَرْجَح كقولك "الكتابَ أَعْطِنيِه، أوْ سَلْنِيه" فـ "أَعْطِنِيه" فعلٌ غيرُ نَاسِخ عَامِلٌ في ضَمِيرين "الياء والهَاء" واليَاءُ أَعْرَفُ من الهاء، فجازَ في مِثْلِ هذا وصلُ الضَّميرِ الثَّاني وفَصْلُهُ، تقول: "سَلْنِيه" و "سَلْني إيَّاهُ" فمن الوصلِ قوله تعالى: {فَسَيَكْفِـيكَهُمُ اللَّه } (الآية "137" من سورة البقرة "2) و {أنُلْزِمُكُمُوهَا} (الآية "28" من سورة هود "11" ) ومِنَ الفصلِ قول النبيِّ (صلى الله عليه وسلم): (إنَّ اللَّه مَلَكَكُمْ إيَّاهُمْ) ولو وصَلَ لقالَ: "مَلَّكَكَمُوهُمْ" ولكنَّهُ فَرَّ مِنَ الثِّقَلِ الحاصلِ من اجتماعِ الواوِ مع ثلاثِ ضَمَّاتٍ.
وإنْ كانَ العَاملِ فِعلاً ناسِخاً من باب ظَنَّ نحو "خِلْتَنِيهِ" فالأرجحُ الفصل، (وعند ابن مالك والرُّوماني وابنِ الطَّراوة: الوصل أرجح، وجاء على هذا المذهب قوله تعالى: {إذ يُرِيكَهُمُ اللَّه}) كقولِ الشاعر:
أخي حَسِبْتُك إيَّاهُ وقد مُلِئتْ * أرْجاءُ صَدْرِكَ بالأضْغَانِ والإحَنِ
(أخي: مفعولٌ بفعل محذوف يفسره حسبتك، أو مُبتَدأ ومَا بعدَه خبره على الوَجْهين في الاشتِغال، لا مُنَادَى سقط منه حرفُ النِّداء كما أعربه العَيني لفساد المعنى)
وإنْ كانَ العاملُ في الضميرينِ اسمـاً، وكانَ أوَّلَ الضَّمِيرينِ مَجْروراً فالفصْل أرْجَح نحو "عَجِبْت من حِبِّي إيَّاه" فَحُبُّ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلى فاعِلِه وهو ياء المتكلم، و إيَّاه مفعولُه، ومن الوَصْلِ قول الحَمَاسِيِّ:
لَئِنْ كانَ حُبُّكَ لي كَاذِباً * لَقَدْ كانَ حُبِّيكَ حَقَّا يَقينـا
فإنْ كانَ الضَّمِيرُ الأوَّلُ غيرَ أعرف، وَجَبَ الفصلُ نحو "الكتابَ أعطاهُ إيَّاكَ أو إيَّايَ".
ومن ثمَّ وجَبَ الفصلُ إذا اتَّحَدَتْ رُتْبَةُ الضَّمِيرَينِ نحو قولِ الأسيرِ لمَنْ أَطْلَقَهُ "مَلَّكْتَـني إيَّايَ" وقولُ السيد لعبده "مَلَّكْتُكَ إيَّاكَ" وإذا أخبر "مَلَّكْتُهُ إيَّاهُ".
وقد يُبَاحُ الوصْلُ إنْ كانَ الإتحادُ في ضَمِيرَي الغَيبة، واخْتلَف لفظُ الضميرَينِ كقوله:
لِوَجْهِكَ في الإحْسانِ بَسْطٌ وبَهْجةٌ * أَنَا لُهُمَاهُ قَفْوُ أكرَمِ وَالِدِ
وشَرَطْنَا في أوَّلِ المسألة: ألاَّ يكونَ المُقَّدمُ مرْفُوعاً، فإنْ كانَ الضَّمِيرُ المقَدَّمُ مَرْفُوعاً وجب الوَصْلُ نحوَ أَكْرَمْتُكَ.
(المسألة الثانيةَ) أنْ يكونَ الضَّمِيرُ مَنْصُوباً بكانَ أو إحدى أخَواتِها، سَواءٌ أكانَ قبلَهُ ضميرٌ أم لا( وبذلك فارقت المسألة الأولى). نحو "الصديقَ كُنْتَه أو كَانَهُ زيدٌ". فيُجوزُ في الهاءِِ الإتِّصالُ والانْفِصال. (والأرجح عندَ الجمهور الفَصْل، وعند ابنِ مالك و الرُّوماني وابنِ الطَّراوَة الوَصْل كما هو الخلاف في أفعال الظن). وكِلاهُما وَرَد، فمن الوصل: الحديث: (إنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عليه).
ومن الفصل قول عمر بن أبي ربيعة:
لَئِنْ كانَ إيَّاهُ لقَدْ حالَ بَعْدَنا * عن العَهْدِ والإنْسانُ لا يَتَغَيَّرُ
-4 مَتى يجبُ انفِصالُ الضَّميرِ:
يجبُ انْفصالُ الضميرِ في مَواضعَ كثيرة أَشْهَرُها:
"أ" عندَ إرادَةِ الـحَصْرِ كما إذا تَقَدَّم الضَّميرُ على عَامِلِه نحو {إيَّـاكَ نَعْبُدُ} (الآية "4" من سورة الفاتحة "1" ). أو تأخَّرَ ووَقَعَ بعد إلاَّ نحو { أَمَرَ ألاَّ تَعْبُدوا إلاَّ إيَّاه} (الآية "40" من سورة يوسف "12" ) أو وَقَعَ بعد إنَّما، ومنْهُ قَوْلُ الفرزدق:
أنَا الذَّائِذُ الحَامِي الذَّمَارَ وإنَّما * يُدافِعُ عن أحْسَابِهمْ أنا أو مِثلِي
(المعنى: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا، والذَّائذ: المانع، والذَّمار: ما لزم الشخصُ حفظَه.
"ب" أنْ يَكُونَ عامِلُهُ مَحْذُوفاً كما في التَّحْذير نحو "إيَّاك والكَذِبَ".
"ج" أنْ يكونَ عا ملهُ معْنَويَّاً نحو "أنا مؤْمِنٌ".
"د أن يكْونَ عامِلُهُ حَرْفَ نَفيٍ نحو {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} (الآية "40" من سورة يوسف "12" ).
"هـ" أنْ يُفْصِلَ مِنْ عَامِلِهِ بمتبوعٍ له نحو {يُخْرَجُونَ الرَّسُولَ وإيَّاكُمْ} (الآية "1" من سورة المجادلة "58").
"و "أن يُضافَ المصدرُ إلى مَفْعُولِه، ويرفعَ الضميرُ نحو قوله: "بِنَصرِكُمْ نَحْنُ كُنْتُمْ ظافرين". سواءٌ كانَ مفعولُهُ المُضَافُ إليه ضميرأً كما مُثِّلَ أو اسْماً ظَاهِراً نحو: "عَجِبْتُ من ضَرْبِ زيدٍ أنتَ".
"ز" أنْ يُضَافَ المصدرُ إلى فاعله، وينصب الضمير نحو "سرَّني إكرامُ الأميرِ إيَّاكَ".
* ضميرُ الشَّأن والقِصَّة: إذا وَقَعَ قبْلَ الجُملةِ ضَميرٌغَائِبٌ، فإنْ كان مُذكَّراً يُسمَى ضمير الشَّأْنِ، نحو "هو زيدٌ مُنْطَلِقٌ" ونحو{قُلْ هو الله أحد}، وإنْ كان مُؤَنًّثاً يُسَمَّى ضميرَ القِصَّة نحو {فإنَّها لا تَعْمَى الأبْصَار} (الآية "46"من سورة الحج "22" )، ويعودُ ضميرُ الشَّأنِ والقصة إلى ما في الذِّهن من شَأْنٍ أو قِصَة، وهما مَضْمُونُ الجُمْلة التي بَعْدَ أحَدِهِما.
وضَميرُ الشأنِ لا يَحتاجُ إلى ظَاهِرِ يَعودُ عَليْه، بخلاف ضَميرِ الغَائِب، وضميرُ الشَّأنِ لا يُعْطَف عَلَيه، ولا يُؤَكَّد، ولا يُبْدَلُ منه لأنَّ المَقْصودَ منه الإبْهَامُ، ولا يُفَسَّر إلا بجُمْلةٍ، ولا يُحذف إلاَّ قليلاً، ولا يجوز حذف خبره، ولا يتقدم خبره عليه ولا يخبر عنه بالذي، ولا يَجوزُ تثنيتُة ولا جَمعُه، ويكونُ لِمُفَسِّرِه مَحَلٌّ من الإعراب، بخلاف سائر المُفَسرات، ولا يُستعملُ إلا في أمرٍ يُرادُ منه التَّعْظِيم والتَّفخيم ولا يجوزُ إظْهار الشَّأن والقِصَّة. ويكون مستتراً في باب "كَادَ" نحو{مِنْ بعدِ مَا كَادَ يَزيغُ قلوبُ فَريقٍ مِنهم} (الآية "117" من سورة التوبة "9" )، وبارِزاً متَّصلاً في باب "إن" نحو{إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ ويَصْبِرْ} (الآية "90" من سورة يوسف "12" ).
وبارِزاً مُنفصلاً إذا كان عامِلُه مَعْنَويّاً نحو {هُوَ اللَّه أحَد} (الآية "1" من سورة الإخلاص"112").
ويجبُ حَذْفه مع "أَنْ" المَفْتوحةِ المخفَّفَةِ نحو {وآخِرُ دَعْواهُم أَنِ الحَمْدُ للَّهِ ربِّ العَالَمِين} (الآية "10" من سورة يونس "10" ). أي أنه.
وأمَّا المتَّصِل بالفاعل المتَّقَدم المُفَسَّر بالمَفْعُول المتَأخِّر فالصَّحيحُ قصْره على السَّماع نحو:
كَسَا حِلْمُه ذَا الحِلْمِ أَثْوابَ سُؤْدُدٍ * ورَقَّى نَداهُ ذا النَّدى في ذُرَى المَجْدِ
* ضَميرُ الفَصْلِ الذي لا مَحلَّ لَهُ مِنَ الإعْراب:
-1 قَدْ يَقَعُ الضَّمِيرُ المنفصلُ المرفوعُ في موقعٍ لا يُقْصَدُ به إلاّ الفَصْل بينَ ما هو خبَر وما هو تابع، ولا مَحلَّ له من الإعراب ويقعُ فصلاً بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله مبتدأ وخبر نحو قوله تعالى: {إنْ كانَ هَذَا هوَ الحَقُّ} (الآية "32" من سورة الأنفال "8" )، {وكُنْتَ اَنْتَ الرقِيبَ} (الآية "117" من سورة المائدة"، {وكُنَّا نَحْنُ الوارِثينَ} (الآية "58"من سورة القصص "28" ). فـ "هُوَ" و "أنْتَ" و "نحنُ" ضمائر فصلٍ لا محلَّ لها من الإعراب و "الحَقَّ" في المثل الأول خبر "كان" وفي الثاني "الرَّقِيبَ" خبر"كنتَ" وفي الثالث "الوارثين" خبر "وكُنَّا" ومثله {تَجِدُوهُ عْندَ اللَّه هُوَ خَيْراً} (الآية "20" من سورة القصص "28" ) فهو ضميرُ فصلٍ لا محلَّ له من الإعرابِ، و "خيرا": مفعولٌ ثانٍ لتَجِدُوهُ، ولضَمِير الفَصْل شروط وفوائد.
-2 يُشْتَرط فيما قَبْلَه أَمْران:
(1) كونُه مُبْتَدأً في الحَالِ، أو في الأصل نحو {أولئكَ هُمُ المفلحون} (الآية "157"من سورة الأعراف "7" ).
{كنتَ أنتَ الرقيبَ عليهم} (الآية "117"من سورة المائدة "5" ).
{تجدُوه عندَ اللّهِ هُوَ خَيْراً} (الآية "20" من سورة المزمل"73").
{إنْ تَرَني أنَا أقلَّ مِنْك مَالا وَوَلَداً} (الآية "39" من سورة الكهف "18" ).
(2) الثَاني كونُه مَعرفَة كما مثِّل.
-3 يشترط فيما بعده أمران:
(1) كونُه خبراً لمبتدأٍ في الحال، أو في الأصل.
(2) كونه معرفةٌ، أو كالمعرفة في أنَّهُ لا يقبل "أل" كما تقَّدم في "خيراً" بآية {تجدوه . }، و "أقلَّ" بآية {إن ترني . } وشرطُ الذي كالمعرفة أنْ يكونَ(وخالف في ذلك الجرجاني فألحق المضارع بالاسم لتشابههما وجَعل منه {إنه هو يُبْدِئ ويُعيد} وهو عند غيره توكيد أو مبتدأ) واسماً كما مثل.
-4 يُشْترطُ لَهُ في نَفْسِه أَمْران:
(1)أن يكون بصيغَةِ المَرْفوع فيمتنعُ: زيد إياهُ العالم.
(2) أن يُطابقَ ما قَبْلَه فلا يجوزُ: كنتُ هو القاضل وإنما "كنتُ أنا الفَاضِلَ" فأمَّا قول جرير:
وكائِنٍ بالَأبَاطِح مِنْ صَدِيقٍ * يَرَاني لوأُصِبْتُ هو الـمُصَابَا
وقياسهُ: يرانِي أنا، وأوَّلوا هذا بأوْجه منها: أنَّه ليس فَصلاً، وإنما هو توكيدٌ للفاعل في "يَرَانِي" أي الصديق.
-5 فوائد ضمير الفصل:
فوائِدُه منها الَّلفْظي، ومنها المعنوي.
أمَّا اللَّفظي: فهو الإعلامُ مِنْ أوَّلِ الأمرِ بأنَّ ما بَعْدَه خَبرٌلا تابع.
وأمَّا المَعْنَويّ: فله فائِدتان:
(الأولى) هي التوكيدُ لذلك بني عليه أنَّه لا يُجامِعُ التَّوكيد، فلا يقال: " زَيدٌ نفسُه هو الفاضل".
(الثانية) هي الاخْتِصاص، وهو أنَّ ما يُنْسَب إلى المُسْنَد إليه ثابتٌ لهُ دون غيره نحو{وأولئك هم الـمفلحون}. (الآية "5" من سورة البقرة "2" ).
-6 محلُّه من الإعراب:
يَقُول البصريُّون: إنه لا محلِّ لهُ من الإعراب، ثُم قال أكثرُهم: إنَّه حرفٌ، وعند الخليل: اسم، غير معمول لِشَيءٍ وقد يَحتمل إعرابُ ضميرِ الفصل أوُجُهاً منها: الفَصْلِيَّة التي لا مَحلَّ لها، والتَّوكيدِ في نحو قوله تعالى: {كنتَ أنتَ الرَّقِيب عَلَيهم } ( الآية "117" من سورة المائدة "5" )، ونحو{إنْ كُنَّا نحْنُ الغَالبين}( الآية "113" من سورة الأعراف "7" )، ولا وجهَ للإبْتداءُ لانتصاب ما بعده، ومنها:
الفَصْلِية والإبتداءُ في ونحو قوله تعالى: {وإنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّون} (الآية "165" من سورة الصافات "37" ) ولا وجْهَ للتوكيد لدُخُول اللام.
ومنها: احْتِمالُ الثَّلاثةِ: الفَصْلِيَّةُ والتَّوكيدِ والإبتداءِ في نحو قوله تعالى: {إنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ} (الآية "109" من سورة المائدة "5" ).
-7 ومن مسائل سيبويه في الكتاب "قَـْد جرَّبتُكَ فكنتَ أنْتَ أنْتَ".
الضميران: مبتدأ وخبر، والجملة خبر كان، ولو قدرنا الأول فصلاً أو توكيداً لقلنا "أنتَ إيَّاكَ".
* الضمير:
-1 تَعْرِيفُه:
هوَ ما وُضِعَ لمتكلمٍ، أو لِمُخَاطَبٍ، أو غَائِبٍ، كـ "أنا، وأنتَ، وهو". أو لِمُخَاطَبٍ تَارةً، ولِغَائبٍ أُخْرى وهو "الألِفُ والوَاوُ والنُّون ".
-2 أقسامُه:
يَنْقَسِمُ الضَّميرُ إلى قِسْمَين:
بارِزٍ، ومُسْتَتِرٍ.
(1) الضَّمير البارزُ وقِسْماه:
الضمير البارزُ: هو ما لَهُ صُورَةٌ في اللَّفْظ كتَاء "قُمْتُ" وينقَسِمُ إلى:
مُنْفَصِل ومُتَّصِل.
"أ" فالضمير المنفَصِل:
هُو ما يُنْتَدَأ به النُّطْق، ويَقَعُ بعدَ "إلاَّ" تقولُ "أنَا مؤمِنٌ" وتقولُ: "ما نَهضَ إلاَّ أنْتَ".
ويَنْقَسمُ المنفصلُ بحَسَبِ مواقِعَ الإعرابِ إلى قسمين:
(أحدهما) ما يَخْتَصُّ بالرَّفْعِ وهو "أنا" للمتكلم، و "أنْتَ" للمُخَاطبِ، و "هوَ" للغَائِب وفُرُوعُهُنَّ، ففَرْع أنا "نحن"، وفرع أنت " أنتِ، أنُتما، أنتُمْ، أنتُنَّ" وفرْع هو: " هي، هُمَا، هُمْ، هُنّ".
(الثاني) ما يَخْتَصَّ بِمَحَلِّ النَّصبِ، وهي" إيَّايَ" للمُتَكَلِّم و "أيَّاكَ". للمُخَاطَب، و "أيَّاهُ" للغَائبِ، وفُرُوعُهُنَّ، فَفَرْعُ إيَّايَ "إيَّانا" وفرعُ إيَّاهُ "إيّاهَا، إيَّاهُمَا، إيَّاهُمْ، إيَّاهُنَّ ".
"ب" والضمير المُتَّصلُ:
هوَ ما لا يُبْتَدَأ به في النُّطْقِ، ولا يَقع بعدَ "إلاَّ" كياءِ " ابني" وكاف "أَكْرَمكَ" وهاء "سَلْنِيهِ" ويائه، أمَّا قولُ الشَّاعر:
ومَا نُبالِي إذا مَا كنتِ جارَتَنا * أنْ لا يُجاورَنا إلاَّكِ دَيَّارُ
فضَرُورة، والقِياس إلاّ إيَّاك.
وينقسمُ المتَّصلُ بحَسبِ مَواقِع الإعراب إلى ثلاثة أقسام:
(الأول) ما يَخْتصُّ بمحَل الرَّفعِ فقط وهي خمسة:
(1ً) "التاءُ" كـ "قُمْتَُِ" بالحركات الثلاث، أو متَّصلةً بما كـ "قُمتُما"
أوبالمِيم كـ "قُمْتُمْ" أو النونِ المشدَّدَةِ كـ "قُمْتُنَّ".
(2ً) "الألِفُ" الدالَّة على اثنينِ أو اثْنَتَيْن كـ "قَامَتَا " و "قامَا".
(3ً) "الوَاوُ" لجمع المذكَّرِ كـ "قامُوا".
(4ً) "النونُ" لجمع النسوة كـ "قُمْنَ ".
(5ً) "ياءُ المخاطبة " كـ "قُومي".
(الثاني) ماهُوَ مُشْتَرَكٌ بينَ محل النَّصْبِ والجَرِّ فَقَط وهو ثَلاثَةٌ:
(1ً) "ياءُ المتكلم" نحو "رَبِّي أكْرِمْني"فياء ربي محلِّ جرٍّ بالإضافة، وياء أكْرَمْني في محلِّ نصب مفعولٍ به.
(2ً) "كافُ المخَاطَبِ "نحو {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } فالكاف في وَدَّعَكَ في محلِّ نصبٍ مفعُولٌ به، والكاف من ربُّكَ في محلِّ جر بالإضافة.
(3") "هاء الغَائب" نحو {وقَالَ لَهُ صاحِبُهُ وهُوَ يُحَاورُه} (الآية "37" من سورة الكهف "18" ). فالهاءمن له في محلِّ جرٍّ بالإضافة والهاءُ من "يحاورُه" في محلِّ نصبٍ على المفعُوليَّة.
والخلاصةُ: فما اتّصل منها بالاسمِ فمضافٌ إليه، ومااتَّصلَ منها بالفعلِ فمفعولٌ بهِ، وما اتَّصل بـ "إن" فاسمها، وما اتَّصلَ بـ "كانَ" فخبرها.
(الثالث) ماهو مُشتركٌ بين الرَّفعِ والنَّصبِ والجرِّ وهو "نا" خاصةً نحو {رَبَّنا إنَّنا سَمِعْنَا} (الآية "193"من سورة أل عمران "3" ) فَنَا في "رَبَّنَا" في محلِّ جَرِّ، وفي"إنَّنَا" في محلِّ نصب، وفي"سَمِعْنَا" في محلِّ رَفْعٍ.
(2) الضَّمِيرُ المستترُ وقِسْمَاه:
الضَّمِيرُ المستترُ: هو ما لَيسَ لَهُ صُورَةٌ في اللفظ ويختصُّ يضمِيرِ الرَّفْعِ وينقسمُ إلى قِسْمَينِ:
(الأول) "المستترُ وُجُوباً" وهومَا لا يخلُفُهُ ظاهرٌ، ولا ضميرٌمنفصِلٌ، ومواضعُه:
(1") "مَرْفُوعُ أمْر الوَاحِدِ" كـ "قُمْ، وافْهَمْ، واسْتَخْرِجْ" والضمير المستَتَرهو الفاعل، المقدَّر بأنت.
(2") "مرفُوعُ المُضارع المبدوءِ بتاءِ خِطَابِ الوَاحِدِ" نحو "أنت تَفْهمُ وتَسْتخرجُ " وفاعله ضمير تقديرأنت، أو "المبدوء بهمزةِ المُتكَلم" كـ "أذْهَبُ" وفاعلُه ضميرٌ تقديرُه: أنا أو "المَبْدُوء بالنُّونِ" كـ "نُسَافِرُ" وفاعِلُه ضميرٌ تَقْديره: نحن.
(3") "مَرْفُوع فعل الاسْتِثْناء" كـ "خَلاَ، والأكْثرُ أن خلا حرفُ جرـ وعدا، وليس، ولا يكون" في نحو قولك: "فازَالقومُ ما عَدَا خالِداً أو ماخلاهُ". في ما عدا ضميرٌ مُسْتتر فاعلٌ يعودُ على الفائزين المفهومة من فَازَ. و "نجحُوا ليسَ بكراً" و "لا يكون زيداً". واسمُ ليس ولا يكونُ ضميرٌ مُسْتَتِر يعود على الواو من نجحوا.
(4") "مرفوع أفعلَ في التَعَجُّبِ" كقولك: "ما أحْسَنَ الصِّدقَ". فاعل أحْسَن ضمير مستتر يعود على ما.
(5") "مرفوعُ أفعلَ في التَّفضيل" نحو {هُمْ أحْسَنُ أَثَاثاً} (الآية "74"من سورة مريم "19" . ) فاعل أحسن ضمير ممستتر يعودعلى هم.
(6") "مرفُوعُ اسمِ الفعلِ غير الماضي" كـ "أوَّه" بمعنى أتوجَّع و "نزالِ" بمعنى انزال.
(7ً) "مرفوع ُالمصدر النائب عن فعله" نحو{فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (الآية "4" من سورة محمد"47").
(الثاني) "المُسْتَتِرُ جوَازاً" وهوَ ما يَخلُفُهُ الظاهرُ، أو الضميرُ المُتْفَصِل، ومَوَاضِعُه:
(1") مَرْفُوعُ فعْلِ الغَائِب كـ "عَليٌّ اجتَهَدَ" أو الغَائِبةِ كـ " فاطِمةُ فَهِمَتْ".
(1ً) مرفوعُ الصِّفاتِ المَحْضَة كـ "بكرٌ فاهمٌ" و "الكِتَابُ مَفْهُومٌ".
(3ً) مرفوعُ اسمِ الفعل الماضي كـ "شَتَّانَ وهَيْهَاتَ".
ويرى بعضهم أنَّ التقسيم القويم في وجوبِ الاستتار أو جوازه أن يقال: العامل إمَّا أنْ يَرفَع الضميرَ المُستَتِرَ فَقَط كـ "أقومُ" وهذا هو واجبُ الاستتار، وإمَّا ان يرفعَهُ ويرفَع الظَّاهر، وهذا هو جائزُ الاسْتِتَار، كـ "قامَ وهيهاتَ".
-3 إذا تَأتَّى أن يَجيء المتَّصِلُ لا يُعْدَلُ إلى الـمُنْفَصِل:
يقول المُبرِّد: اعلَم أنَّ كلَّ مَوْضِعٍ تَقْدِر فيه على الضّمير مُتّصلاً،
المنفصل لا يَقعُ فيه، تقول: "قُمتُ" ولا يصلُح "قامَ أنا" وكذلكَ
"ضَرَبْتُك" ولا يصلُح ضَرَبْت إيَّاكَ، وكذلك ظَنَنْتكَ قَائِما، ورَأَيْـتـُني، وهكذا فأمَّا قَوْلُ زِياد بن حَمَل التميمي:
ومَا أُصَاحِبُ مِنْ قَوْمٍ فأذكُرُهم * إلَّا يَزِيدُهُمْ حبّاً إليَّ هُمُ
(معنى البيت: ما صَحِبت قَوماًبعد قومي فذكرتُ لهم قومي إلا بَالَغُوا في الثناء عليهم حتى يزيدوا قومي حبّـَاً إليَّ، وإعراب هم في يزيد مفعول أول ليزيد وحُباًمفعول له الثاني وهُمُ الثانية آخر البيت فاعل يزيد والأصل يزيدون، فعدل عن الواو إلى هم للضرورة).
وقول الفرزدق:
بالباعِثِ الوَارِثِ الأمْوات قد ضَمنَتْ * إيَّاهُم الأَرضُ في دَهْرِ الدهاريرِ
(قوله: بالباعث متعلقة بحلفت في بيت قبله، والباعث: هو الذي يبعث الأموات، والوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك، وضمنت: اشتملت، والدهر الزمن، والدهارير: الشدائد، والشاهد هنا قوله: "ضمنت إياهم" فإياهم مفعول ضمنت، والأصل أن يقول: ضمنتهم) فضرورة فيهما.
ويُسْتـَثـْنى منْ هذه القاعدةِ مَسألتان، يجوزُ فيهما الإنْفِصالُ مع إِمْكَانِ الإتِّصَال.
(إحْداهما) أنْ يكونَ عامِلُ الضَّميرِ عامِلاً في ضَمِيرٍ آخَرَ أَعْرَفَ(ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب) منه مُقَدَّماًعليه، وليس المُقَدّمُ مَرْفُوعاً، فيَجوزُ حِينَئِذٍ في الضَّميرِ الثَّاني الإتَّصالُ والإنْفِصالُ.
ثمَّ إنْ كانَ العامِلُ في الضَّميرين فِعلاً غير ناسخ كـباب "أعْطَى" فالوَصْل أَرْجَح كقولك "الكتابَ أَعْطِنيِه، أوْ سَلْنِيه" فـ "أَعْطِنِيه" فعلٌ غيرُ نَاسِخ عَامِلٌ في ضَمِيرين "الياء والهَاء" واليَاءُ أَعْرَفُ من الهاء، فجازَ في مِثْلِ هذا وصلُ الضَّميرِ الثَّاني وفَصْلُهُ، تقول: "سَلْنِيه" و "سَلْني إيَّاهُ" فمن الوصلِ قوله تعالى: {فَسَيَكْفِـيكَهُمُ اللَّه } (الآية "137" من سورة البقرة "2) و {أنُلْزِمُكُمُوهَا} (الآية "28" من سورة هود "11" ) ومِنَ الفصلِ قول النبيِّ (صلى الله عليه وسلم): (إنَّ اللَّه مَلَكَكُمْ إيَّاهُمْ) ولو وصَلَ لقالَ: "مَلَّكَكَمُوهُمْ" ولكنَّهُ فَرَّ مِنَ الثِّقَلِ الحاصلِ من اجتماعِ الواوِ مع ثلاثِ ضَمَّاتٍ.
وإنْ كانَ العَاملِ فِعلاً ناسِخاً من باب ظَنَّ نحو "خِلْتَنِيهِ" فالأرجحُ الفصل، (وعند ابن مالك والرُّوماني وابنِ الطَّراوة: الوصل أرجح، وجاء على هذا المذهب قوله تعالى: {إذ يُرِيكَهُمُ اللَّه}) كقولِ الشاعر:
أخي حَسِبْتُك إيَّاهُ وقد مُلِئتْ * أرْجاءُ صَدْرِكَ بالأضْغَانِ والإحَنِ
(أخي: مفعولٌ بفعل محذوف يفسره حسبتك، أو مُبتَدأ ومَا بعدَه خبره على الوَجْهين في الاشتِغال، لا مُنَادَى سقط منه حرفُ النِّداء كما أعربه العَيني لفساد المعنى)
وإنْ كانَ العاملُ في الضميرينِ اسمـاً، وكانَ أوَّلَ الضَّمِيرينِ مَجْروراً فالفصْل أرْجَح نحو "عَجِبْت من حِبِّي إيَّاه" فَحُبُّ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلى فاعِلِه وهو ياء المتكلم، و إيَّاه مفعولُه، ومن الوَصْلِ قول الحَمَاسِيِّ:
لَئِنْ كانَ حُبُّكَ لي كَاذِباً * لَقَدْ كانَ حُبِّيكَ حَقَّا يَقينـا
فإنْ كانَ الضَّمِيرُ الأوَّلُ غيرَ أعرف، وَجَبَ الفصلُ نحو "الكتابَ أعطاهُ إيَّاكَ أو إيَّايَ".
ومن ثمَّ وجَبَ الفصلُ إذا اتَّحَدَتْ رُتْبَةُ الضَّمِيرَينِ نحو قولِ الأسيرِ لمَنْ أَطْلَقَهُ "مَلَّكْتَـني إيَّايَ" وقولُ السيد لعبده "مَلَّكْتُكَ إيَّاكَ" وإذا أخبر "مَلَّكْتُهُ إيَّاهُ".
وقد يُبَاحُ الوصْلُ إنْ كانَ الإتحادُ في ضَمِيرَي الغَيبة، واخْتلَف لفظُ الضميرَينِ كقوله:
لِوَجْهِكَ في الإحْسانِ بَسْطٌ وبَهْجةٌ * أَنَا لُهُمَاهُ قَفْوُ أكرَمِ وَالِدِ
وشَرَطْنَا في أوَّلِ المسألة: ألاَّ يكونَ المُقَّدمُ مرْفُوعاً، فإنْ كانَ الضَّمِيرُ المقَدَّمُ مَرْفُوعاً وجب الوَصْلُ نحوَ أَكْرَمْتُكَ.
(المسألة الثانيةَ) أنْ يكونَ الضَّمِيرُ مَنْصُوباً بكانَ أو إحدى أخَواتِها، سَواءٌ أكانَ قبلَهُ ضميرٌ أم لا( وبذلك فارقت المسألة الأولى). نحو "الصديقَ كُنْتَه أو كَانَهُ زيدٌ". فيُجوزُ في الهاءِِ الإتِّصالُ والانْفِصال. (والأرجح عندَ الجمهور الفَصْل، وعند ابنِ مالك و الرُّوماني وابنِ الطَّراوَة الوَصْل كما هو الخلاف في أفعال الظن). وكِلاهُما وَرَد، فمن الوصل: الحديث: (إنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عليه).
ومن الفصل قول عمر بن أبي ربيعة:
لَئِنْ كانَ إيَّاهُ لقَدْ حالَ بَعْدَنا * عن العَهْدِ والإنْسانُ لا يَتَغَيَّرُ
-4 مَتى يجبُ انفِصالُ الضَّميرِ:
يجبُ انْفصالُ الضميرِ في مَواضعَ كثيرة أَشْهَرُها:
"أ" عندَ إرادَةِ الـحَصْرِ كما إذا تَقَدَّم الضَّميرُ على عَامِلِه نحو {إيَّـاكَ نَعْبُدُ} (الآية "4" من سورة الفاتحة "1" ). أو تأخَّرَ ووَقَعَ بعد إلاَّ نحو { أَمَرَ ألاَّ تَعْبُدوا إلاَّ إيَّاه} (الآية "40" من سورة يوسف "12" ) أو وَقَعَ بعد إنَّما، ومنْهُ قَوْلُ الفرزدق:
أنَا الذَّائِذُ الحَامِي الذَّمَارَ وإنَّما * يُدافِعُ عن أحْسَابِهمْ أنا أو مِثلِي
(المعنى: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا، والذَّائذ: المانع، والذَّمار: ما لزم الشخصُ حفظَه.
"ب" أنْ يَكُونَ عامِلُهُ مَحْذُوفاً كما في التَّحْذير نحو "إيَّاك والكَذِبَ".
"ج" أنْ يكونَ عا ملهُ معْنَويَّاً نحو "أنا مؤْمِنٌ".
"د أن يكْونَ عامِلُهُ حَرْفَ نَفيٍ نحو {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} (الآية "40" من سورة يوسف "12" ).
"هـ" أنْ يُفْصِلَ مِنْ عَامِلِهِ بمتبوعٍ له نحو {يُخْرَجُونَ الرَّسُولَ وإيَّاكُمْ} (الآية "1" من سورة المجادلة "58").
"و "أن يُضافَ المصدرُ إلى مَفْعُولِه، ويرفعَ الضميرُ نحو قوله: "بِنَصرِكُمْ نَحْنُ كُنْتُمْ ظافرين". سواءٌ كانَ مفعولُهُ المُضَافُ إليه ضميرأً كما مُثِّلَ أو اسْماً ظَاهِراً نحو: "عَجِبْتُ من ضَرْبِ زيدٍ أنتَ".
"ز" أنْ يُضَافَ المصدرُ إلى فاعله، وينصب الضمير نحو "سرَّني إكرامُ الأميرِ إيَّاكَ".
* ضميرُ الشَّأن والقِصَّة: إذا وَقَعَ قبْلَ الجُملةِ ضَميرٌغَائِبٌ، فإنْ كان مُذكَّراً يُسمَى ضمير الشَّأْنِ، نحو "هو زيدٌ مُنْطَلِقٌ" ونحو{قُلْ هو الله أحد}، وإنْ كان مُؤَنًّثاً يُسَمَّى ضميرَ القِصَّة نحو {فإنَّها لا تَعْمَى الأبْصَار} (الآية "46"من سورة الحج "22" )، ويعودُ ضميرُ الشَّأنِ والقصة إلى ما في الذِّهن من شَأْنٍ أو قِصَة، وهما مَضْمُونُ الجُمْلة التي بَعْدَ أحَدِهِما.
وضَميرُ الشأنِ لا يَحتاجُ إلى ظَاهِرِ يَعودُ عَليْه، بخلاف ضَميرِ الغَائِب، وضميرُ الشَّأنِ لا يُعْطَف عَلَيه، ولا يُؤَكَّد، ولا يُبْدَلُ منه لأنَّ المَقْصودَ منه الإبْهَامُ، ولا يُفَسَّر إلا بجُمْلةٍ، ولا يُحذف إلاَّ قليلاً، ولا يجوز حذف خبره، ولا يتقدم خبره عليه ولا يخبر عنه بالذي، ولا يَجوزُ تثنيتُة ولا جَمعُه، ويكونُ لِمُفَسِّرِه مَحَلٌّ من الإعراب، بخلاف سائر المُفَسرات، ولا يُستعملُ إلا في أمرٍ يُرادُ منه التَّعْظِيم والتَّفخيم ولا يجوزُ إظْهار الشَّأن والقِصَّة. ويكون مستتراً في باب "كَادَ" نحو{مِنْ بعدِ مَا كَادَ يَزيغُ قلوبُ فَريقٍ مِنهم} (الآية "117" من سورة التوبة "9" )، وبارِزاً متَّصلاً في باب "إن" نحو{إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ ويَصْبِرْ} (الآية "90" من سورة يوسف "12" ).
وبارِزاً مُنفصلاً إذا كان عامِلُه مَعْنَويّاً نحو {هُوَ اللَّه أحَد} (الآية "1" من سورة الإخلاص"112").
ويجبُ حَذْفه مع "أَنْ" المَفْتوحةِ المخفَّفَةِ نحو {وآخِرُ دَعْواهُم أَنِ الحَمْدُ للَّهِ ربِّ العَالَمِين} (الآية "10" من سورة يونس "10" ). أي أنه.
وأمَّا المتَّصِل بالفاعل المتَّقَدم المُفَسَّر بالمَفْعُول المتَأخِّر فالصَّحيحُ قصْره على السَّماع نحو:
كَسَا حِلْمُه ذَا الحِلْمِ أَثْوابَ سُؤْدُدٍ * ورَقَّى نَداهُ ذا النَّدى في ذُرَى المَجْدِ
* ضَميرُ الفَصْلِ الذي لا مَحلَّ لَهُ مِنَ الإعْراب:
-1 قَدْ يَقَعُ الضَّمِيرُ المنفصلُ المرفوعُ في موقعٍ لا يُقْصَدُ به إلاّ الفَصْل بينَ ما هو خبَر وما هو تابع، ولا مَحلَّ له من الإعراب ويقعُ فصلاً بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله مبتدأ وخبر نحو قوله تعالى: {إنْ كانَ هَذَا هوَ الحَقُّ} (الآية "32" من سورة الأنفال "8" )، {وكُنْتَ اَنْتَ الرقِيبَ} (الآية "117" من سورة المائدة"، {وكُنَّا نَحْنُ الوارِثينَ} (الآية "58"من سورة القصص "28" ). فـ "هُوَ" و "أنْتَ" و "نحنُ" ضمائر فصلٍ لا محلَّ لها من الإعراب و "الحَقَّ" في المثل الأول خبر "كان" وفي الثاني "الرَّقِيبَ" خبر"كنتَ" وفي الثالث "الوارثين" خبر "وكُنَّا" ومثله {تَجِدُوهُ عْندَ اللَّه هُوَ خَيْراً} (الآية "20" من سورة القصص "28" ) فهو ضميرُ فصلٍ لا محلَّ له من الإعرابِ، و "خيرا": مفعولٌ ثانٍ لتَجِدُوهُ، ولضَمِير الفَصْل شروط وفوائد.
-2 يُشْتَرط فيما قَبْلَه أَمْران:
(1) كونُه مُبْتَدأً في الحَالِ، أو في الأصل نحو {أولئكَ هُمُ المفلحون} (الآية "157"من سورة الأعراف "7" ).
{كنتَ أنتَ الرقيبَ عليهم} (الآية "117"من سورة المائدة "5" ).
{تجدُوه عندَ اللّهِ هُوَ خَيْراً} (الآية "20" من سورة المزمل"73").
{إنْ تَرَني أنَا أقلَّ مِنْك مَالا وَوَلَداً} (الآية "39" من سورة الكهف "18" ).
(2) الثَاني كونُه مَعرفَة كما مثِّل.
-3 يشترط فيما بعده أمران:
(1) كونُه خبراً لمبتدأٍ في الحال، أو في الأصل.
(2) كونه معرفةٌ، أو كالمعرفة في أنَّهُ لا يقبل "أل" كما تقَّدم في "خيراً" بآية {تجدوه . }، و "أقلَّ" بآية {إن ترني . } وشرطُ الذي كالمعرفة أنْ يكونَ(وخالف في ذلك الجرجاني فألحق المضارع بالاسم لتشابههما وجَعل منه {إنه هو يُبْدِئ ويُعيد} وهو عند غيره توكيد أو مبتدأ) واسماً كما مثل.
-4 يُشْترطُ لَهُ في نَفْسِه أَمْران:
(1)أن يكون بصيغَةِ المَرْفوع فيمتنعُ: زيد إياهُ العالم.
(2) أن يُطابقَ ما قَبْلَه فلا يجوزُ: كنتُ هو القاضل وإنما "كنتُ أنا الفَاضِلَ" فأمَّا قول جرير:
وكائِنٍ بالَأبَاطِح مِنْ صَدِيقٍ * يَرَاني لوأُصِبْتُ هو الـمُصَابَا
وقياسهُ: يرانِي أنا، وأوَّلوا هذا بأوْجه منها: أنَّه ليس فَصلاً، وإنما هو توكيدٌ للفاعل في "يَرَانِي" أي الصديق.
-5 فوائد ضمير الفصل:
فوائِدُه منها الَّلفْظي، ومنها المعنوي.
أمَّا اللَّفظي: فهو الإعلامُ مِنْ أوَّلِ الأمرِ بأنَّ ما بَعْدَه خَبرٌلا تابع.
وأمَّا المَعْنَويّ: فله فائِدتان:
(الأولى) هي التوكيدُ لذلك بني عليه أنَّه لا يُجامِعُ التَّوكيد، فلا يقال: " زَيدٌ نفسُه هو الفاضل".
(الثانية) هي الاخْتِصاص، وهو أنَّ ما يُنْسَب إلى المُسْنَد إليه ثابتٌ لهُ دون غيره نحو{وأولئك هم الـمفلحون}. (الآية "5" من سورة البقرة "2" ).
-6 محلُّه من الإعراب:
يَقُول البصريُّون: إنه لا محلِّ لهُ من الإعراب، ثُم قال أكثرُهم: إنَّه حرفٌ، وعند الخليل: اسم، غير معمول لِشَيءٍ وقد يَحتمل إعرابُ ضميرِ الفصل أوُجُهاً منها: الفَصْلِيَّة التي لا مَحلَّ لها، والتَّوكيدِ في نحو قوله تعالى: {كنتَ أنتَ الرَّقِيب عَلَيهم } ( الآية "117" من سورة المائدة "5" )، ونحو{إنْ كُنَّا نحْنُ الغَالبين}( الآية "113" من سورة الأعراف "7" )، ولا وجهَ للإبْتداءُ لانتصاب ما بعده، ومنها:
الفَصْلِية والإبتداءُ في ونحو قوله تعالى: {وإنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّون} (الآية "165" من سورة الصافات "37" ) ولا وجْهَ للتوكيد لدُخُول اللام.
ومنها: احْتِمالُ الثَّلاثةِ: الفَصْلِيَّةُ والتَّوكيدِ والإبتداءِ في نحو قوله تعالى: {إنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ} (الآية "109" من سورة المائدة "5" ).
-7 ومن مسائل سيبويه في الكتاب "قَـْد جرَّبتُكَ فكنتَ أنْتَ أنْتَ".
الضميران: مبتدأ وخبر، والجملة خبر كان، ولو قدرنا الأول فصلاً أو توكيداً لقلنا "أنتَ إيَّاكَ".