همسآت شرقية
طاقم الادارة
شرح و تحليل قصيدة تفاؤل و أمل لغة عربية صف سادس فصل ثاني
أبو القاسم الشابي- شاعر تونس 1909-1934 نبذه في سيرته : ولد في قرية الشّابة جنوبيّ تونس، كانّ أبوه قاضيًا وشيخًا فتثقّفَ عنه علوم اللغة العربية وبلاغتها، والروح الصوفية المتجلية في شعره. كان الشابي مُصابًا بالقلب منذ نشأته، كان ضعيف البُنية نحيف الجسد، قوي البديهية سريع الإنفعال حادّ الذهن، ظلّ شاعرنا نسرًا يحلّق، عنيد الجناح وهزارا جريح النغم. لكنه لم يعرف الاستقرار طيلة العشرين عامًا متنقلا في شرق البلاد وغربها. نال إجازةً في الحقوق، وقد استهواه الأدب وخلب لُبّه، فأخذ ينظم القصائد ويلقي المحاضرات، يُحاكي في صنيعه الأدبي الشعراء المهجّريين، بنزعة الحرية والتمرّد والتجديد والرومانسية. أشهر قصائدة: " إرادة الحياة" وله كتاب: " الخيال الشعري عند العرب"، وديوانه " أغاني الحياة"، وعدد من الرسائل. وقد ناصر الشابي حركة تحرير المرأة. إلّا أنَّ الصدمات توالت عليه، فماتت حبيبته وهي ما زالت شابة ومات أبوه وتسلّل الدّاء إلى قلبه يعذّبه، فنصحه الأطباء بالإخلاد إلى الراحة فخادن لطبيعة، ولم تفتر عزيمته في النّظم والتأليف، متأثرًا بتلك البيئة الجميلة الساحرة المغمورة بالأريج والألحان، وزقزقة الجداول، إلى أن توفاه الله سنة 1934 ولما يبلغ من العمر السادسة والعشرين. يغلب على شعره طابع التحدي وقد صفع الجبن وأنشد الحرية لنفسه ولبني قومة، لغته رومانسية تصويرية وموسيقيّة الإيقاع وله قصائد مُغنّاة. المفردات وشرح الأبيات: (الأبيات من 1-3) : ثقة الشاعر بنفسه رغم الألم. 1. الشمّاء: العالية، الدّاء: المرض. اصطدم الشاعر بمعاناة الألم واحاطة الأعداء به، لكنه لن يستسلم للألم والمرض والعدو، أنّه سيتغلّب على كل واحد منها وسيحلق بعيدًا كالنسر فوق القمّة الشاهقة. 2. أرنو: أتطلّع، الأنواء: الأجواء المُضطربة/ العواصف. أنظر وأتأمّل الشمس المنيرة ساخرا بالغيوم والأمطار والعواصف. الشاعر هنا يؤكّد المعنى الوارد في البيت السابق، فهو مرتفع وأعلى من هذه جميعها. 3. أرمق : أُديم النظر، الهوّة: المنخفض السحيق. لا أنظرُ إلى أسفل حيث الظلال الحزينة والكئيبة، وحيث الهوّة البعيدة القعر والمكسوّة بالظلام والسواد ( البيت كناية عن رفعة الشاعر وطموحه). الأبيات ( 4-7 ): التمتّع بمظاهر الجمال في الكون. 4. يسير شاعرنا في دنيا المشاعر والأحاسيس الحالمة، وهذه السعادة الحقيقية له ( نلاحظ أنّ الشاعر شبّه المشاعر بدنيا يسير فيها الإنسان وهو كالطائر المُغرّد والحالم). 5. الكون : الوجود المطلق العام، موسيقى الحياة: مظاهر الجمال في الكون. وينصت الشاعر إلى جمال الحياة والحامها، ويتفاعل مع الكون بما فيه من خلال أشعاره المُعبّره. يقصد الشاعر بإنشائه أي شعره. 6. أصيخ: أُصغي، الأصداء: جمع صدى أي رجع الصوت وتردّده. أصغي وأستمع إلى الصوت الإلهي حيث الطهارة والنقاء بعيدا عن أطماع البشر، وهذا الصوت يحيي في قلبي الأصداء الميّته. ( استعارة: شبّه الصدى بالكائن الحي الذي يموت ويحيا). الأبيات (7-12): تحدّي الشاعر للأعداء من خلال رسالته إلى القدر. 7. القدر: القضاء الذي يقضي به الله تعالى على الإنسان. لا ينثني: لا ينصرف ولا يرتدّ، البلاء: المصيبة (المحنة تنزل لتختبر بلاء الإنسان). يرى الشاعر أنّ القدر يحارب آماله وتطلعاته التي يرغب في تحقيقها وحبّه للحياة بشتى المصائب التي يبعثها إليه. (أقول للقدر استعارة مكنيّة حيث شبّه القدر بإنسان يخاطبه، وشبّه آماله بجيش في ميدان الحرب). 8. العواصف: الرياح الشديدة وعواصف الأرزاء تشبيه والأرزاء تعني المصائب. يردّ أبو القاسم الشابي على القدر الذي يحارب آماله الراغب في تحقيقها ويقول: ليس باستطاعته أن يخمد النار المشتعله فيه مهما هاج موج الحزن وهبّت رياح المصائب. 9. الصخرة الصمّاء: شديدة الصلابة يتحدى الشاعر ويطلب هدم فؤاده، وهذا لن يتمّ لأنّ قلبه من صخر صلب لا يتزعزع. ( اهدم فؤادي: استعارة مكنيّة وفعل الأمر هنا يفيد التحدي). 10. ضراعة: توسّل، الشكوى: التوجّع من الألم. شاعرنا لا يشكو بذلّه ولن يبكي، لن يتوسّل كالأطفال ولن يستكين استكانة الضعيف الذليل. 11. جبّار: قوي، يحدّق: يشدّد النظر، النائي: البعيد. لن يضعف الشاعر ولن يستسلم للأقدار، بل سيظلُّ يعيش حياة الأقوياء ناظرا إلى الفجر الجديد. 12. زوابع: مفردها زوبعة أي الاعصار، الحصباء: مرض الحصبة/ صغار الحجارة، الدجى: الظلام. يستمر الشاعر في تحديه للقدر ويطلب منه أن يخيفه بالظلام ويزرع في طريقه الأشواك وصغار الحجارة (أو مرض الحصبى). الأبيات (13-15): تفاؤل الشاعر بالمستقبل. 13. سأُتابع مسيرتي صامدا على الرغم مما يفعله القدر، وسأظل أصدح بشعري وأترنّم بأبياته. 14. متوهّج: مشتعل، الأدواء: الأمراض، ظلمة الشاعر عبارة: غن أوجاعه وأمراضه... يستمرّ الشاعر في صموده، ويسير بروح حالم فعو كالنجم المنير والمشتعل في الظلام. 15. الجوانح: الأضلاع ومفردها جانحة. النور في قلبي وبين أضلاعي، لماذا أخاف السير في الظلام ( شبّه الشاعر قلبه بالمصباح المنير بلاأمل والتفاؤل). الخلاصة انتصار النور والحياة على الظلمة والموت في القصيدة، وهذا يدل على تطلّع شاعرنا إلى الفجر والحرية والحياة، وتلذذه بالأمل المقترن بالتحدي والقوّة والنصر على الأمراض والأعداء على حدِّ سواء. كلمة في مضمون القصيدة: هذه القصيدة تعبير صادق وجليٌّ عن ثنائية النور والظلمة، الحياة والموت. كما أنّها قصيدة ملحميّة تتغنّى بفلسفة القوّة والحياة وألأمل والحب والبناء في مواجهة فلسفة الضعف والخنوع والاستسلام والحقد والكراهيّة والهدم. وقف الشاعر أمام آلامه متحديّا، يدفعه احساسه بالقوّة والقدرة على تجاوز الأزمات، وقد اتخذ منحى التفاؤل في قصيدته. وأبو القاسم الشابي سمّى نفسه بروميثيوس، أو قارن نفسه بالبطل اليوناني الذي خلّص شعبه من الجهل، بعد أن سرق النار (مشعل الحضارة). وقد ضحّى بروميثيوس بنفسه من أجل أن ينقذ شعبه من بطش زيوس ... والملاحظ أنّ شاعرنا حاضر في القصيدة باسمه وهويته الشخصية. وقد صارع الشابي من أجل الحياة ، ولديه الكثير من الأعداء، ربما كان أول أعدائه هي الدنيا، ولكنه سيحيا رغم المرض الذي يضعفه. إنّ اختيار الشابي العنوان الفرعي (هكذا غنّى بروميثيوس) هو إعطاء مرجعية ينطلق منها المتلقي. فبروميثيوس هو الجبّار، وبذلك يحدّد دلالة العنوان الرئيسي، ويسير المتلقي باتجاة معيّن كأن يعقد مقارنةً بين المرجعية التاريخية للأسطورة وبين معطيات النص، فالجبّار كلمة مجرّدة عامة، أما بروميثيوس فهو أسطورة يونانية معلروفة. وبروميثيوس في هذه الأسطورة اله يوناني دافع عن الإنسان، فعاقبته الآله عقابا شديدا، لكنه لم يتزحزح وبقي متحديا رغم كل ما يوجهه. نجدُ علاقة بين القصيدة ومسيرة الشاعر الذاتيّة، لأنّه كان مريضا، لكنه متفائل بالحياة ومواجه لملّمات الحياة، فالقصيدة تعكس سيرة الشاعر بعناصرها المرض والتفاؤل والإرادة لقويّة، وفيها لبس شاعر الإنسان الجديد ابن الحياة معتنقًا إرادة القوّة، وقد أصبح حُرّا يذوب في روح الكون. فهذه القصيدة تشكّل مرحلة جديدة في نظر الشّابي إلى الحياة. نرى الشابي في قصيدته يصرُّ على تحدي الحياة ومصادر الألم، تمتّع بمظاهر الكون الجميلة ويعتزُّ بشعره هازئًا بالألم. وخلاصة القول: إنّ نشيد الجبار ما هو إلا قصيدة وجدانية ذاتيّة رومانسيّة ترتبط بحياة الشّابي الشخصية ومرض القلب الذي كان سببًا في موته المبكّر. وقد وظّف الاسطورة اليونانية ليتحدّث عن معاناته وصموده وتمسّكه بالحياة والجمال والطبيعة الساحرة، ويقف في وجه القدر والتحدّيات الكثيرة. مُميّزات القصيدة: 1. تتضمّن القصيدة ستة وثلاثين بيتًا شعريًّا منظومًا على وزن البحر الكامل، وتتميّز القافية بكونها مُطلقة، رويّها الهمزة، هذه القصيدة تقليديّة البناء والقالب، بمعنى أنّها تتقسّم بتتابع الأبيات والتراوح بين نظام الشطرين (الصدر والعجز) ووحدة الروي والقافية. 2. العنوان الفرعي " هكذا غنّى بروميثيوس" هو نشيد الجبّار، والجبّار كلمة مُجرّدة أما برويثيوس سارق النار فهو اسطورة يونانية معروفة. 3. تكثُر في القصيدة الأفعال المُضارعة وهي تؤكّد تحدي الشاعر لقدرته، كما وتفيد الأفعال المُضارعة للمشهدية أي تجعل القارئ المُتلقي يرى الأشياء الموصوفة أمام عينيه وتُفيد أيضا الإستمرارية. 4. رسم أبو القاسم الشابي لوحات شعرية رائعة الجمال كما هو حال الرومانسيين مستعينا في ذلك بما له في الطبيعة من روعة وجمال، وقد سخّر هذه المظاهر الجميلة في الكون ليبرز من خلالها عواطفه وأفكاره وصورة الرائعة (المقطع الأوّل، الأبيات 1-5). 5. الاستعارة المكنية: وهي كثيرة في أبيات القصيدة نذكر منها على سبيل المثال: - هازئًا بالسحب والأمطار والأنوار: شخّصها الشاعر، فكأنها عدو يُستهزءُ به، وهذا سرُّ جمالها (البيت:2). - ظلّ الكئيب: الكئابة للانسان وليس للظلّ (البيت:3). - موسيقى الحياة: تجسيم الحياة وكأنها أنشودة العازفين. (البيت:5). - اُذيبُ روح الكون: تجسيم روح الكون وكأنه انسان له روح (البيت:5). - اهدم فؤادي: تشخيص للفؤاد وكأنه بيت يهدم (البيت:9). 6. التشبيه: سأعيش كالنسر (البيت: 1) - دُنيا المشاعر: شبّه المشاعر بالدنيا لاباتساعها وجمالها (البيت:4). - مدح الأسى: شبة الأسى بموج في قوته وتتابعه (البيت:8). - فؤادي مثل الصخرة الصمّاء: أراد القول: إن قلبه لا يتأثر بالآلام ( البيت9). 7. الكناية: - البيت الأول كناية عن تحدّيه لمرضة والآلام. - أرنو إلى الشمس كناية عن الشموخ والتحدي. - البيت الثالث: كناية عن التفاؤل. - الأبيات 4- 6 كلٌّ منها كناية عن سعادته و ترنيمه. - البيت التاسع كناية عن كبريائة. - البيت العاشر كناية عن تفاؤله رغم اشتداد الألم. - البيت الثالث عشر كنايه عن استمراره في نظم الشعر. - البيت الخامس عشر كناية عن عدم تأثره بالأمر. 8. المحسنات البديعية: - التصريع في البيت الأول : الأعداء الشّماء - حسن التقسيم: بالسحب بالأمطار والأنواء وكذلك في البيتين الثاني عشر والرابع عشر. - الطباق: يُحيي ويميت في البيت السادس، متوهّج وظلمة الآلام في البيت الرابع عشر. 9. الأساليب الخبرية: تغلب على معظم أبيات القصيدة وقصد الشاعر إظهار التحدي والاستهزاء بالأعداء يذكر على سبيل المثال : سأعيش رغم الداء والأعداء وأسير في الدنيا المشاعر حالمًا... وأقول للقدر... 10. الأساليب الإنشائية: ويقصد أيضا أظهار التحدي باستعماله أفعال الأمر: اهدم فؤادي...
أبو القاسم الشابي- شاعر تونس 1909-1934 نبذه في سيرته : ولد في قرية الشّابة جنوبيّ تونس، كانّ أبوه قاضيًا وشيخًا فتثقّفَ عنه علوم اللغة العربية وبلاغتها، والروح الصوفية المتجلية في شعره. كان الشابي مُصابًا بالقلب منذ نشأته، كان ضعيف البُنية نحيف الجسد، قوي البديهية سريع الإنفعال حادّ الذهن، ظلّ شاعرنا نسرًا يحلّق، عنيد الجناح وهزارا جريح النغم. لكنه لم يعرف الاستقرار طيلة العشرين عامًا متنقلا في شرق البلاد وغربها. نال إجازةً في الحقوق، وقد استهواه الأدب وخلب لُبّه، فأخذ ينظم القصائد ويلقي المحاضرات، يُحاكي في صنيعه الأدبي الشعراء المهجّريين، بنزعة الحرية والتمرّد والتجديد والرومانسية. أشهر قصائدة: " إرادة الحياة" وله كتاب: " الخيال الشعري عند العرب"، وديوانه " أغاني الحياة"، وعدد من الرسائل. وقد ناصر الشابي حركة تحرير المرأة. إلّا أنَّ الصدمات توالت عليه، فماتت حبيبته وهي ما زالت شابة ومات أبوه وتسلّل الدّاء إلى قلبه يعذّبه، فنصحه الأطباء بالإخلاد إلى الراحة فخادن لطبيعة، ولم تفتر عزيمته في النّظم والتأليف، متأثرًا بتلك البيئة الجميلة الساحرة المغمورة بالأريج والألحان، وزقزقة الجداول، إلى أن توفاه الله سنة 1934 ولما يبلغ من العمر السادسة والعشرين. يغلب على شعره طابع التحدي وقد صفع الجبن وأنشد الحرية لنفسه ولبني قومة، لغته رومانسية تصويرية وموسيقيّة الإيقاع وله قصائد مُغنّاة. المفردات وشرح الأبيات: (الأبيات من 1-3) : ثقة الشاعر بنفسه رغم الألم. 1. الشمّاء: العالية، الدّاء: المرض. اصطدم الشاعر بمعاناة الألم واحاطة الأعداء به، لكنه لن يستسلم للألم والمرض والعدو، أنّه سيتغلّب على كل واحد منها وسيحلق بعيدًا كالنسر فوق القمّة الشاهقة. 2. أرنو: أتطلّع، الأنواء: الأجواء المُضطربة/ العواصف. أنظر وأتأمّل الشمس المنيرة ساخرا بالغيوم والأمطار والعواصف. الشاعر هنا يؤكّد المعنى الوارد في البيت السابق، فهو مرتفع وأعلى من هذه جميعها. 3. أرمق : أُديم النظر، الهوّة: المنخفض السحيق. لا أنظرُ إلى أسفل حيث الظلال الحزينة والكئيبة، وحيث الهوّة البعيدة القعر والمكسوّة بالظلام والسواد ( البيت كناية عن رفعة الشاعر وطموحه). الأبيات ( 4-7 ): التمتّع بمظاهر الجمال في الكون. 4. يسير شاعرنا في دنيا المشاعر والأحاسيس الحالمة، وهذه السعادة الحقيقية له ( نلاحظ أنّ الشاعر شبّه المشاعر بدنيا يسير فيها الإنسان وهو كالطائر المُغرّد والحالم). 5. الكون : الوجود المطلق العام، موسيقى الحياة: مظاهر الجمال في الكون. وينصت الشاعر إلى جمال الحياة والحامها، ويتفاعل مع الكون بما فيه من خلال أشعاره المُعبّره. يقصد الشاعر بإنشائه أي شعره. 6. أصيخ: أُصغي، الأصداء: جمع صدى أي رجع الصوت وتردّده. أصغي وأستمع إلى الصوت الإلهي حيث الطهارة والنقاء بعيدا عن أطماع البشر، وهذا الصوت يحيي في قلبي الأصداء الميّته. ( استعارة: شبّه الصدى بالكائن الحي الذي يموت ويحيا). الأبيات (7-12): تحدّي الشاعر للأعداء من خلال رسالته إلى القدر. 7. القدر: القضاء الذي يقضي به الله تعالى على الإنسان. لا ينثني: لا ينصرف ولا يرتدّ، البلاء: المصيبة (المحنة تنزل لتختبر بلاء الإنسان). يرى الشاعر أنّ القدر يحارب آماله وتطلعاته التي يرغب في تحقيقها وحبّه للحياة بشتى المصائب التي يبعثها إليه. (أقول للقدر استعارة مكنيّة حيث شبّه القدر بإنسان يخاطبه، وشبّه آماله بجيش في ميدان الحرب). 8. العواصف: الرياح الشديدة وعواصف الأرزاء تشبيه والأرزاء تعني المصائب. يردّ أبو القاسم الشابي على القدر الذي يحارب آماله الراغب في تحقيقها ويقول: ليس باستطاعته أن يخمد النار المشتعله فيه مهما هاج موج الحزن وهبّت رياح المصائب. 9. الصخرة الصمّاء: شديدة الصلابة يتحدى الشاعر ويطلب هدم فؤاده، وهذا لن يتمّ لأنّ قلبه من صخر صلب لا يتزعزع. ( اهدم فؤادي: استعارة مكنيّة وفعل الأمر هنا يفيد التحدي). 10. ضراعة: توسّل، الشكوى: التوجّع من الألم. شاعرنا لا يشكو بذلّه ولن يبكي، لن يتوسّل كالأطفال ولن يستكين استكانة الضعيف الذليل. 11. جبّار: قوي، يحدّق: يشدّد النظر، النائي: البعيد. لن يضعف الشاعر ولن يستسلم للأقدار، بل سيظلُّ يعيش حياة الأقوياء ناظرا إلى الفجر الجديد. 12. زوابع: مفردها زوبعة أي الاعصار، الحصباء: مرض الحصبة/ صغار الحجارة، الدجى: الظلام. يستمر الشاعر في تحديه للقدر ويطلب منه أن يخيفه بالظلام ويزرع في طريقه الأشواك وصغار الحجارة (أو مرض الحصبى). الأبيات (13-15): تفاؤل الشاعر بالمستقبل. 13. سأُتابع مسيرتي صامدا على الرغم مما يفعله القدر، وسأظل أصدح بشعري وأترنّم بأبياته. 14. متوهّج: مشتعل، الأدواء: الأمراض، ظلمة الشاعر عبارة: غن أوجاعه وأمراضه... يستمرّ الشاعر في صموده، ويسير بروح حالم فعو كالنجم المنير والمشتعل في الظلام. 15. الجوانح: الأضلاع ومفردها جانحة. النور في قلبي وبين أضلاعي، لماذا أخاف السير في الظلام ( شبّه الشاعر قلبه بالمصباح المنير بلاأمل والتفاؤل). الخلاصة انتصار النور والحياة على الظلمة والموت في القصيدة، وهذا يدل على تطلّع شاعرنا إلى الفجر والحرية والحياة، وتلذذه بالأمل المقترن بالتحدي والقوّة والنصر على الأمراض والأعداء على حدِّ سواء. كلمة في مضمون القصيدة: هذه القصيدة تعبير صادق وجليٌّ عن ثنائية النور والظلمة، الحياة والموت. كما أنّها قصيدة ملحميّة تتغنّى بفلسفة القوّة والحياة وألأمل والحب والبناء في مواجهة فلسفة الضعف والخنوع والاستسلام والحقد والكراهيّة والهدم. وقف الشاعر أمام آلامه متحديّا، يدفعه احساسه بالقوّة والقدرة على تجاوز الأزمات، وقد اتخذ منحى التفاؤل في قصيدته. وأبو القاسم الشابي سمّى نفسه بروميثيوس، أو قارن نفسه بالبطل اليوناني الذي خلّص شعبه من الجهل، بعد أن سرق النار (مشعل الحضارة). وقد ضحّى بروميثيوس بنفسه من أجل أن ينقذ شعبه من بطش زيوس ... والملاحظ أنّ شاعرنا حاضر في القصيدة باسمه وهويته الشخصية. وقد صارع الشابي من أجل الحياة ، ولديه الكثير من الأعداء، ربما كان أول أعدائه هي الدنيا، ولكنه سيحيا رغم المرض الذي يضعفه. إنّ اختيار الشابي العنوان الفرعي (هكذا غنّى بروميثيوس) هو إعطاء مرجعية ينطلق منها المتلقي. فبروميثيوس هو الجبّار، وبذلك يحدّد دلالة العنوان الرئيسي، ويسير المتلقي باتجاة معيّن كأن يعقد مقارنةً بين المرجعية التاريخية للأسطورة وبين معطيات النص، فالجبّار كلمة مجرّدة عامة، أما بروميثيوس فهو أسطورة يونانية معلروفة. وبروميثيوس في هذه الأسطورة اله يوناني دافع عن الإنسان، فعاقبته الآله عقابا شديدا، لكنه لم يتزحزح وبقي متحديا رغم كل ما يوجهه. نجدُ علاقة بين القصيدة ومسيرة الشاعر الذاتيّة، لأنّه كان مريضا، لكنه متفائل بالحياة ومواجه لملّمات الحياة، فالقصيدة تعكس سيرة الشاعر بعناصرها المرض والتفاؤل والإرادة لقويّة، وفيها لبس شاعر الإنسان الجديد ابن الحياة معتنقًا إرادة القوّة، وقد أصبح حُرّا يذوب في روح الكون. فهذه القصيدة تشكّل مرحلة جديدة في نظر الشّابي إلى الحياة. نرى الشابي في قصيدته يصرُّ على تحدي الحياة ومصادر الألم، تمتّع بمظاهر الكون الجميلة ويعتزُّ بشعره هازئًا بالألم. وخلاصة القول: إنّ نشيد الجبار ما هو إلا قصيدة وجدانية ذاتيّة رومانسيّة ترتبط بحياة الشّابي الشخصية ومرض القلب الذي كان سببًا في موته المبكّر. وقد وظّف الاسطورة اليونانية ليتحدّث عن معاناته وصموده وتمسّكه بالحياة والجمال والطبيعة الساحرة، ويقف في وجه القدر والتحدّيات الكثيرة. مُميّزات القصيدة: 1. تتضمّن القصيدة ستة وثلاثين بيتًا شعريًّا منظومًا على وزن البحر الكامل، وتتميّز القافية بكونها مُطلقة، رويّها الهمزة، هذه القصيدة تقليديّة البناء والقالب، بمعنى أنّها تتقسّم بتتابع الأبيات والتراوح بين نظام الشطرين (الصدر والعجز) ووحدة الروي والقافية. 2. العنوان الفرعي " هكذا غنّى بروميثيوس" هو نشيد الجبّار، والجبّار كلمة مُجرّدة أما برويثيوس سارق النار فهو اسطورة يونانية معروفة. 3. تكثُر في القصيدة الأفعال المُضارعة وهي تؤكّد تحدي الشاعر لقدرته، كما وتفيد الأفعال المُضارعة للمشهدية أي تجعل القارئ المُتلقي يرى الأشياء الموصوفة أمام عينيه وتُفيد أيضا الإستمرارية. 4. رسم أبو القاسم الشابي لوحات شعرية رائعة الجمال كما هو حال الرومانسيين مستعينا في ذلك بما له في الطبيعة من روعة وجمال، وقد سخّر هذه المظاهر الجميلة في الكون ليبرز من خلالها عواطفه وأفكاره وصورة الرائعة (المقطع الأوّل، الأبيات 1-5). 5. الاستعارة المكنية: وهي كثيرة في أبيات القصيدة نذكر منها على سبيل المثال: - هازئًا بالسحب والأمطار والأنوار: شخّصها الشاعر، فكأنها عدو يُستهزءُ به، وهذا سرُّ جمالها (البيت:2). - ظلّ الكئيب: الكئابة للانسان وليس للظلّ (البيت:3). - موسيقى الحياة: تجسيم الحياة وكأنها أنشودة العازفين. (البيت:5). - اُذيبُ روح الكون: تجسيم روح الكون وكأنه انسان له روح (البيت:5). - اهدم فؤادي: تشخيص للفؤاد وكأنه بيت يهدم (البيت:9). 6. التشبيه: سأعيش كالنسر (البيت: 1) - دُنيا المشاعر: شبّه المشاعر بالدنيا لاباتساعها وجمالها (البيت:4). - مدح الأسى: شبة الأسى بموج في قوته وتتابعه (البيت:8). - فؤادي مثل الصخرة الصمّاء: أراد القول: إن قلبه لا يتأثر بالآلام ( البيت9). 7. الكناية: - البيت الأول كناية عن تحدّيه لمرضة والآلام. - أرنو إلى الشمس كناية عن الشموخ والتحدي. - البيت الثالث: كناية عن التفاؤل. - الأبيات 4- 6 كلٌّ منها كناية عن سعادته و ترنيمه. - البيت التاسع كناية عن كبريائة. - البيت العاشر كناية عن تفاؤله رغم اشتداد الألم. - البيت الثالث عشر كنايه عن استمراره في نظم الشعر. - البيت الخامس عشر كناية عن عدم تأثره بالأمر. 8. المحسنات البديعية: - التصريع في البيت الأول : الأعداء الشّماء - حسن التقسيم: بالسحب بالأمطار والأنواء وكذلك في البيتين الثاني عشر والرابع عشر. - الطباق: يُحيي ويميت في البيت السادس، متوهّج وظلمة الآلام في البيت الرابع عشر. 9. الأساليب الخبرية: تغلب على معظم أبيات القصيدة وقصد الشاعر إظهار التحدي والاستهزاء بالأعداء يذكر على سبيل المثال : سأعيش رغم الداء والأعداء وأسير في الدنيا المشاعر حالمًا... وأقول للقدر... 10. الأساليب الإنشائية: ويقصد أيضا أظهار التحدي باستعماله أفعال الأمر: اهدم فؤادي...
التعديل الأخير بواسطة المشرف: