لبى السوالقه
الإدارة العامة
"
1 - يبدأ الشاعر قصيدته بمعاتبة الشعب الفلسطيني فيدعوه إلى مسح الدموع ، ويخبره بأن البكاء والعويل لا ينفع ولا يفيد بأي شيء ، وإن ما مضى لن يرجع أبداً ، لذلك يطلب منه الكف عن البكاء والحزن ، ويدعوه لمواجهة العدو . وقد استخدم الشاعر في هذا البيت أسلوب إنشائي طلبي " كفكف" والغرض منه اللّوم والعتاب من أجل الحث والتوجيه ، ويدل هذا الفعل على كثرة الدموع ، والدّموع تعبّر عن اليأس والحزن والندم . والمقصود بـ( كفكف دموعك ) لا تيأس وكن شجاعاً ، فهذا الأمر متكرر ومتكثّر يدل على رغبة الشاعر الشديدة والوازع القوي لتغيير وتوجيه الأمة في الوقت المباشر ؛ حتى يكونوا أقوياء و مالكي إرادة غلابة ، وقوله ( ليس ينفعك البكاء ولا العويل ) تدل على بيان حجم ومدى المأساة . 2 - يدعو الشاعر الشعب الفلسطيني إلى النهوض ، فعليه أن لا يرمي تخاذله وتراجعه إلى الزمن ، كما يفعل الكسول المتقاعس الذي يقول بأن الزمن فرض عليه ذلك ( أي أنّ الشكوى من طبع الكسول ) ، وليبين لهم أنهم مخطئون ، وليحرك وجدانهم ؛ حتى يستيقظوا من سباتهم العميق . وقد استخدم الشاعر الفعل " انهض " وهو أسلوب إنشائي طلبي نوعه أمر والغرض منه الحث والتوجيه والنصح والإرشاد ، واستخدم أيضاً أسلوب النهي والذي نجده في( لا تشكُ الزمان ) وفي هذه العبارة تصوير جميل ( استعارة مكنية ) ، حيث صوّر الزمان بالإنسان الذي يُشكى إليه ، وسر جمالها التشخيص ، كما استخدم أسلوب القصر ( الحصر ) وهو أسلوب مؤكد باستثناء منفي ويفيد التخصيص حيث ، وقد أكّد فيه على أن اتهام الزمن بالحكم على حياة الإنسان لا يكون إلا من قبل الكسول المتقاعس . ونجد أيضاً جناس ناقص بين ( تشك - شكا ) . 3 - يبدأ الشاعر برسم الطريق الموجّه للشعب الفلسطيني لتحقيق الأهداف ، فعليه أن يتحلى بالعزيمة والإرادة القوية ، ولا يقف موقف الحائرين الذين لا يعرفون ماذا يفعلون لتحقيق أهدافهم . والفعل ( اسلك ) نوعه : أمر وهو أسلوب إنشائي طلبي والغرض منه الحث والتوجيه ، " لا تقل كيف السبيل " أسلوب نهي . 4 - لا بدّ من الشعب الفلسطيني السعي والعمل والأمل ، ولتكن حكمته الرأي السديد الذي يوصله إلى تحقيق أهدافه ، حيث إن الإنسان لا يعيش في ظلام إذا امتلك الرأي السديد ، فيقول لهم : " ما تاه في يوم من الأيام من حمل الأمل في نفسه وسعى إلى تحقيقه ، تهديه إلى ذلك الحكمة والعقل ". والفعل " سعى " يدل على أن الفعل يحمل في مضمونه أن السعي لا بدّ أن يكون قولاً وفعلاً لا قولاً دون فعل . وهذا البيت تتضح فيه الحكمة التي تقول : (( من يعرف طريقه سيصل إليه ولن يضيع )) . 5 يواصل الشاعر توضيحه للبيت السابق ، وترى الحكمة واضحة في هذا البيت ، وهي أنّ الإنسان لا يفشل مادامت أهدافه نبيلة وغايته شريفة ، ولديه عزيمة في ذلك ، وفي باطن هذا البيت يعاتبه لاستسلامه وعدم سعيه ، وينهاه أيضاً عن الكسل والتردّد والحيرة ، حيث إن الشاعر علّل له نتيجة التخاذل والتشاؤم حتّى يشعر بالخطأ ويتخلّص منهما . والعلاقة التي تربط بين البيتين ( 4 - 5 ) بما قبلهما هي علاقة سبب ونتيجة ( تعليل نتيجة التخاذل ) ملحوظة : ترى في الأبيات السابقة أن الشاعر استخدم أسلوبي الأمر والنهي لتأكيد الأمر الذي يدعو إليه ، وللتأثير في وجدان الشاعر وتحريكه . ومن خلال الأبيات الأولى يتضح لنا أن اللغة التي استخدمها الشاعر هي العتاب واللّوم ، فالشاعر يمثل مصدر تفاؤل ، ولكنّ الشعب يمثل مصدر تشاؤم ، ويتضح لنا أن الشاعر شديد الحرص على إحياء أمته من السبات العميق ، وعلى بعْث الحياة في أمته من جديد من أجل القيام بواجبها . ونستنتج من الأبيات السابقة أن الشاعر يدعو أمته إلى الثورة على الأعداء والنهضة والتقدم ، ويدعوه إلى التعلّق بالحياة ( الحريّة ، الكرامة ، العزة ..... إلخ ) . 6 - في هذا البيت يوجه الشاعر اللوم والعتاب والتوبيخ للشعب الفلسطيني ؛ لقضائه العمر بالتوجع والألم على الوضع الراهن ، دون أن يكون له تفاؤل ، حتى يستطيع أن يجابه المصائب التي ألمّت به ، ولكن صفة اليأس والبؤس سيطرت عليه . وقد استخدم الشاعر في هذا البيت أسلوب النداء( يا مسكين ) [نداء بلاغي ] ، والغرض منه التهكّم والسخرية من أجل تقريعه وتوبيخه ، وفيه نوع من الشفقة والاستعطاف وقوله ( أفنيت عمرك بالتأوه والحزن) تدل على يأسه واستسلامه ، وقال ( الحَزَن ) ولم يقل ( الحُزْن ) للضرورة الشعرية. 7 - لقد قعدت أيها الشعب بلا سعي ومقاومة ، وسيطر التخاذل عليك ، فأتهمت الزمن بأنه السبب في ذلك ؛ حتّى يسقط عنك اللوم ، ويعذرك الناس ، ويتهموا الزمن بأنه الجائر الذي جعلك على هذه الحال . والفعل " قعدت " يوحي بتخاذل وتقاعس الشعب ، وقوله ( مكتوف اليدين ) كناية عن صفة التخاذل والعجز والاستسلام وقلة السعي ، وقول ( حاربني الزمن ) استعارة مكنية ، صوّر فيها الزمن بالعدو الذي يحارب ، وسر جمالها إسناد صفات العاقل لغير العاقل مما يجعل الصورة حيّة تشدّ الانتباه أكثر وتؤثّر في المستقبل . والفعل " حاربني " يوحي بقوة وقهر الزمن ، والهدف من استخدام أسلوب التهكّم والسخرية توضيح صورة الشعب المعاشة . 8 - في هذا البيت يوجه الشاعر سؤالاً للشعب يقول فيه : إذا أنت لم تقم بمقاومة العدو ومواجهته فمن يستوجب عليك ذلك . قول الشاعر ( من يقوم به إذن ) أسلوب استفهام يفيد التقرير ، ويحمل في باطنه نوعاً من الاستنكار . 9 - أنت كثيراً ما تقول ( ويخاطب الشعب الفلسطيني بأكمله ) إنك كثيراً ما تتخذ من الأسباب ، حيث إن المجتمع فيه أمراض مستعصية ، فأنت في حقيقة الأمر أحد هذه الأسباب لا تنهض ولا تسعى . وكلمة ( كم ) تفيد الكثرة ، وقوله ( كم قلت ) أصله ( كم قولٍ قلت ) . 10 - أنت تستطيع أن تحاول في أن تعرف السبب وتفتش عنه ، لكنّك لم تفعل ، وهذا ما زاد الأمر سوءاً ، ويعود ركود الشعب الفلسطيني إلى وجود الأسباب ، ومن خلال البيت يتضح لنا أن الشاعر لا يوافق وغير راضٍ عن الشعب ؛ لأنه أحد هذه الأسباب ، وهذا ما يدل عليه قوله ( فهل فتّشت عن أعراضها ) وهو أسلوب إنشائي استفهامي والغرض منه اللّوم والتوبيخ ، وهذا يدل على التقاعس والتخاذل. توضيح وتفصيل المرض الذي يقصده الشاعر : المرض الذي يعانيه الشعب : الاستسلام والكسل . أعراض المرض : البكاء والعويل والتأوه واليأس وشكوى الزمان نتائج المرض : الخراب وتثبيط النفوس ، أمّا لو سلكوا طريق التفاؤل فإنه طريق الإعمار والبناء وهذا أمر ملموس . علاج المرض : المقاومة والسعي 11 - إنك اتهمت البلاد بأمراض كثيرة ، ولكنك بدل أن تعالجها وتبحث عن أسبابها ساعدت في هدم البلاد عن طريق عدم السعي والاكتفاء بالنقد غير البنّاء ، وعدم إصلاح الأمور ، ولم تكن عامل بناء وتطوير ، وهذا يدل على يأس الشعب . ( يا من حملت الفأس ) أسلوب نداء ( بلاغي ) ، وهذا يبين أنه يزيد من هدم وخراب بلاده . 12 - أنت لست بإنسان كفء بإمكانه النهوض بالبلاد والسعي من أجل رفعتها وكرامتها. ( اقعد ) أسلوب أمر بلاغي والغرض منه اللوم والتوبيخ والتقريع ، فهذا أمر شديد اللهجة تبطّن باللوم الشديد . ومعنى البيت باختصار ( أنت عامل ومعول هدم ولست عامل بناء ) . 13 - لذلك عليك أن تنظر فيمن حولك كيف أن المستعمرين والاستغلاليين ينهبون خيرات البلاد ، ويفسدون فيها ويسعون لمصلحتهم الخاصة من دون إحساسهم بالغير ، فاستيقظ أيها الشعب من سباتك العميق الذي دام طويلاً ، وكن سنداً لبلادك ، ولا تجعل المستعمر يستخدمك وسيلة لتحقيق أهدافه . والفعل ( انظر ) أسلوب إنشائي طلبي والغرض منه الحث ، وهذا النظر سلبي ؛ لابتعاد الشعب عن واجبه الحقيقي ، وهذا الفعل يدل على أن الشعب لا مبال ، وإنسان لا مسؤول ودرجة الغيرة لديه متدنية . وقوله( انظر بعينيك الذئاب تعب في أحواضها ) استعارة تصريحية صوّر فيها الشاعر اليهود بالمغتصبين بالذئاب ، والهدف من تصوير الشاعر اليهود بالذئاب هو إبراز قسوة الاستعمار وتجرده من الإنسانية وتسلطه على الشعوب الضعيفة ونهب خيراتها وتجويعها . والفعل ( تعب ) يدل على تمادي المغتصب وتجاوزه للحدود في إجرامه . ملحوظة : ترى في الأبيات السابقة أسلوب ظاهره نصح وإرشاد وباطنه لوم وعتاب وذم. 14 - أنت أصبحت إنسان متشائم وهذا واضح في طبيعتك ، وخصلة متأصلة فيك لعدم سعيك ، حتى في حديثك متشائم ؛ لأنك تشرّبت هذا المعنى وهذا السلوك فأصبح جزءاً من حياتك . 15 - أنت ( ويقصد المتشائم ) مثل الغراب الذي هو ذاته يصدر ويبعث الشؤم بنعيقه في نفوس الناس ، فتهجر الديار التي نعق فيها ، ( ونوع الصورة الفنية السابقة تشبيه مجمل ) وقد استخدم الشاعر هذه الصورة ؛ ليبين الأضرار الناجمة عن التشاؤم ؛ حتى يحس ويشعر بالمسؤولية تجاه بلده . والفعل " نعى " يشير إلى الموت والفناء . ملحوظة : لو رجعت إلى البيتين ( 14 - 15 ) لوجدت آن التشاؤم والقنوت والاستسلام أصبح الطاقة المحركة للشعب . 16 - أنت ترفض هذه الحقيقة ( إنك متشائم ) ، وأنت كالمريض النفسي عندما يواجه بالحقيقة يرفضها ، لأنها تجرحه وتؤلمه . وقد استخدم الشاعر صورة بيانية جميلة( تجرحه الحقيقة ) [استعارة مكنية ] ؛ ليبين ما تثيره الحقيقة من ألام في النفوس . والمقصود بـ( المريض القلب تجرحه الحقيقة ) إن الذي يخشى مواجهة الواقع يعتبر الحقيقة عدوته الأولى ؛ لأنها تجرح مشاعره المريضة ، والمرض المقصود هو التقاعس وهو مرض نفسي خطير . 17 - ومع ذلك هناك آمال في التغيير والتحرير والتصحيح وتعديل الأوضاع الاجتماعية ، فاتخذ من هؤلاء دليلك وخذهم مصابيح طريقك . وقد عبّر عن ذلك باستعارة مكنية ( أمل يلوح) و قد صوّر الأمل بالقبس والشعلة التي تضيء للآخرين ، وسر جمالها التجسيم . فالأمل يمثل شعار الشاعر . ( يا هذا ) تدل على المفرد ولكنها تحمل مسؤولية مطلق الشعب ، وهذا البيت معناه بينما هم يعيشون في كهف مظلم ، فيدعوهم إلى السير على الدرب الذي يسير عليه وهو درب الأمل والتفاؤل . 18 - عيشك لن يكون ضيقاً ، ولن تشكُ الألم والعذاب لو أنك عملت على تغييره إلى الأحسن بجد ونشاط وسعي دائم ،ولم تستسلم استسلام الضعفاء . وفي هذا البيت استعارة مكنية ( ما ضاق عيشك ) يصور فيها الشاعر العيش بالشيء المادي الذي يضيق ويتسع ، وسر جمالها التجسيم. المعنى الإجمالي للأبيات : يدعو الشاعر الشعب الفلسطيني أن يعيد النظر في واقعه المؤلم ، وأن يغير هذا الواقع ، ويتخذ طريقاً آخر لمقارعة الظلم والطغيان الذي ألمّ به ، ولكنّ الشاعر وصل إلى نتيجة وهي عدم إهليّة الشعب الفلسطيني . العاطفة المسيطرة على الشاعر : العاطفة ممزوجة بين الأمل والتفاؤل ، عواطف تمثل ثورة على واقع مرير ولوم شديد لأبناء هذا الواقع ، وحنين شديد مصحوب بأمل وتتطلع إلى الحرية والانعتاق من ذل الهوان واليأس. ملامح شخصية الشاعر : 1 - إنسان متحلٍ بالصبر والأمل . 2 - محب للعمل ورافض للتشاؤم . 3 - يسعى لخير أمته . 4 - تسيطر عليه عاطفة التفاؤل . الخصائص الأسلوبية للنص : 1 - تقسيم النص إلى مقاطع ولكل مقطع قافية ( تعدد الوزن والقوافي ) . 2 - استخدام الشاعر الألفاظ استخداماً موحياً يصور عجز هذا الشعب . 3 - الجمل بين خبرية وإنشائية تنقل إلى القارئ مشاهدات الشاعر ورآه ومشاعره نحو هذا الشعب . 4 - اعتماد الشاعر على النصح والتوجيه الشديدين تارة والسخرية المبطنة تارة أخرى. 5 - الأفكار واضحة ومرتبة ومتسلسلة . 6 - جودة العنصر الخيالي وتلاؤمه مع الفكرة . ( خصوصاً الاستعارة ) . 7 - خلو النص من المحسنات البديعية . 8 - مزج الفكر بالعاطفة . 9 - الوحدة الموضوعية . 10 - تبرز القصيدة الروح الوطنية التي يتحلّى بها الشاعر .( والدليل على ذلك هو تناوله الحديث عن النهوض ومقاومة الاستعمار والوقوف بثقة ضد أطماع العدو ونهضة الرجل العربي ( القوي ) المدافع عن وطنه )
شرح قصيدة كفكف دموعك للشاعر ابراهيم طوقان للصف التاسع الجزء الثاني
شرح قصيدة كفكف دموعك " 1 - يبدأ الشاعر قصيدته بمعاتبة الشعب الفلسطيني فيدعوه إلى مسح الدموع ، ويخبره بأن البكاء والعويل لا ينفع ولا يفيد بأي شيء ، وإن ما مضى لن يرجع أبداً ، لذلك يطلب منه الكف عن البكاء والحزن ، ويدعوه لمواجهة العدو . وقد استخدم الشاعر في هذا البيت أسلوب إنشائي طلبي " كفكف" والغرض منه اللّوم والعتاب من أجل الحث والتوجيه ، ويدل هذا الفعل على كثرة الدموع ، والدّموع تعبّر عن اليأس والحزن والندم . والمقصود بـ( كفكف دموعك ) لا تيأس وكن شجاعاً ، فهذا الأمر متكرر ومتكثّر يدل على رغبة الشاعر الشديدة والوازع القوي لتغيير وتوجيه الأمة في الوقت المباشر ؛ حتى يكونوا أقوياء و مالكي إرادة غلابة ، وقوله ( ليس ينفعك البكاء ولا العويل ) تدل على بيان حجم ومدى المأساة . 2 - يدعو الشاعر الشعب الفلسطيني إلى النهوض ، فعليه أن لا يرمي تخاذله وتراجعه إلى الزمن ، كما يفعل الكسول المتقاعس الذي يقول بأن الزمن فرض عليه ذلك ( أي أنّ الشكوى من طبع الكسول ) ، وليبين لهم أنهم مخطئون ، وليحرك وجدانهم ؛ حتى يستيقظوا من سباتهم العميق . وقد استخدم الشاعر الفعل " انهض " وهو أسلوب إنشائي طلبي نوعه أمر والغرض منه الحث والتوجيه والنصح والإرشاد ، واستخدم أيضاً أسلوب النهي والذي نجده في( لا تشكُ الزمان ) وفي هذه العبارة تصوير جميل ( استعارة مكنية ) ، حيث صوّر الزمان بالإنسان الذي يُشكى إليه ، وسر جمالها التشخيص ، كما استخدم أسلوب القصر ( الحصر ) وهو أسلوب مؤكد باستثناء منفي ويفيد التخصيص حيث ، وقد أكّد فيه على أن اتهام الزمن بالحكم على حياة الإنسان لا يكون إلا من قبل الكسول المتقاعس . ونجد أيضاً جناس ناقص بين ( تشك - شكا ) . 3 - يبدأ الشاعر برسم الطريق الموجّه للشعب الفلسطيني لتحقيق الأهداف ، فعليه أن يتحلى بالعزيمة والإرادة القوية ، ولا يقف موقف الحائرين الذين لا يعرفون ماذا يفعلون لتحقيق أهدافهم . والفعل ( اسلك ) نوعه : أمر وهو أسلوب إنشائي طلبي والغرض منه الحث والتوجيه ، " لا تقل كيف السبيل " أسلوب نهي . 4 - لا بدّ من الشعب الفلسطيني السعي والعمل والأمل ، ولتكن حكمته الرأي السديد الذي يوصله إلى تحقيق أهدافه ، حيث إن الإنسان لا يعيش في ظلام إذا امتلك الرأي السديد ، فيقول لهم : " ما تاه في يوم من الأيام من حمل الأمل في نفسه وسعى إلى تحقيقه ، تهديه إلى ذلك الحكمة والعقل ". والفعل " سعى " يدل على أن الفعل يحمل في مضمونه أن السعي لا بدّ أن يكون قولاً وفعلاً لا قولاً دون فعل . وهذا البيت تتضح فيه الحكمة التي تقول : (( من يعرف طريقه سيصل إليه ولن يضيع )) . 5 يواصل الشاعر توضيحه للبيت السابق ، وترى الحكمة واضحة في هذا البيت ، وهي أنّ الإنسان لا يفشل مادامت أهدافه نبيلة وغايته شريفة ، ولديه عزيمة في ذلك ، وفي باطن هذا البيت يعاتبه لاستسلامه وعدم سعيه ، وينهاه أيضاً عن الكسل والتردّد والحيرة ، حيث إن الشاعر علّل له نتيجة التخاذل والتشاؤم حتّى يشعر بالخطأ ويتخلّص منهما . والعلاقة التي تربط بين البيتين ( 4 - 5 ) بما قبلهما هي علاقة سبب ونتيجة ( تعليل نتيجة التخاذل ) ملحوظة : ترى في الأبيات السابقة أن الشاعر استخدم أسلوبي الأمر والنهي لتأكيد الأمر الذي يدعو إليه ، وللتأثير في وجدان الشاعر وتحريكه . ومن خلال الأبيات الأولى يتضح لنا أن اللغة التي استخدمها الشاعر هي العتاب واللّوم ، فالشاعر يمثل مصدر تفاؤل ، ولكنّ الشعب يمثل مصدر تشاؤم ، ويتضح لنا أن الشاعر شديد الحرص على إحياء أمته من السبات العميق ، وعلى بعْث الحياة في أمته من جديد من أجل القيام بواجبها . ونستنتج من الأبيات السابقة أن الشاعر يدعو أمته إلى الثورة على الأعداء والنهضة والتقدم ، ويدعوه إلى التعلّق بالحياة ( الحريّة ، الكرامة ، العزة ..... إلخ ) . 6 - في هذا البيت يوجه الشاعر اللوم والعتاب والتوبيخ للشعب الفلسطيني ؛ لقضائه العمر بالتوجع والألم على الوضع الراهن ، دون أن يكون له تفاؤل ، حتى يستطيع أن يجابه المصائب التي ألمّت به ، ولكن صفة اليأس والبؤس سيطرت عليه . وقد استخدم الشاعر في هذا البيت أسلوب النداء( يا مسكين ) [نداء بلاغي ] ، والغرض منه التهكّم والسخرية من أجل تقريعه وتوبيخه ، وفيه نوع من الشفقة والاستعطاف وقوله ( أفنيت عمرك بالتأوه والحزن) تدل على يأسه واستسلامه ، وقال ( الحَزَن ) ولم يقل ( الحُزْن ) للضرورة الشعرية. 7 - لقد قعدت أيها الشعب بلا سعي ومقاومة ، وسيطر التخاذل عليك ، فأتهمت الزمن بأنه السبب في ذلك ؛ حتّى يسقط عنك اللوم ، ويعذرك الناس ، ويتهموا الزمن بأنه الجائر الذي جعلك على هذه الحال . والفعل " قعدت " يوحي بتخاذل وتقاعس الشعب ، وقوله ( مكتوف اليدين ) كناية عن صفة التخاذل والعجز والاستسلام وقلة السعي ، وقول ( حاربني الزمن ) استعارة مكنية ، صوّر فيها الزمن بالعدو الذي يحارب ، وسر جمالها إسناد صفات العاقل لغير العاقل مما يجعل الصورة حيّة تشدّ الانتباه أكثر وتؤثّر في المستقبل . والفعل " حاربني " يوحي بقوة وقهر الزمن ، والهدف من استخدام أسلوب التهكّم والسخرية توضيح صورة الشعب المعاشة . 8 - في هذا البيت يوجه الشاعر سؤالاً للشعب يقول فيه : إذا أنت لم تقم بمقاومة العدو ومواجهته فمن يستوجب عليك ذلك . قول الشاعر ( من يقوم به إذن ) أسلوب استفهام يفيد التقرير ، ويحمل في باطنه نوعاً من الاستنكار . 9 - أنت كثيراً ما تقول ( ويخاطب الشعب الفلسطيني بأكمله ) إنك كثيراً ما تتخذ من الأسباب ، حيث إن المجتمع فيه أمراض مستعصية ، فأنت في حقيقة الأمر أحد هذه الأسباب لا تنهض ولا تسعى . وكلمة ( كم ) تفيد الكثرة ، وقوله ( كم قلت ) أصله ( كم قولٍ قلت ) . 10 - أنت تستطيع أن تحاول في أن تعرف السبب وتفتش عنه ، لكنّك لم تفعل ، وهذا ما زاد الأمر سوءاً ، ويعود ركود الشعب الفلسطيني إلى وجود الأسباب ، ومن خلال البيت يتضح لنا أن الشاعر لا يوافق وغير راضٍ عن الشعب ؛ لأنه أحد هذه الأسباب ، وهذا ما يدل عليه قوله ( فهل فتّشت عن أعراضها ) وهو أسلوب إنشائي استفهامي والغرض منه اللّوم والتوبيخ ، وهذا يدل على التقاعس والتخاذل. توضيح وتفصيل المرض الذي يقصده الشاعر : المرض الذي يعانيه الشعب : الاستسلام والكسل . أعراض المرض : البكاء والعويل والتأوه واليأس وشكوى الزمان نتائج المرض : الخراب وتثبيط النفوس ، أمّا لو سلكوا طريق التفاؤل فإنه طريق الإعمار والبناء وهذا أمر ملموس . علاج المرض : المقاومة والسعي 11 - إنك اتهمت البلاد بأمراض كثيرة ، ولكنك بدل أن تعالجها وتبحث عن أسبابها ساعدت في هدم البلاد عن طريق عدم السعي والاكتفاء بالنقد غير البنّاء ، وعدم إصلاح الأمور ، ولم تكن عامل بناء وتطوير ، وهذا يدل على يأس الشعب . ( يا من حملت الفأس ) أسلوب نداء ( بلاغي ) ، وهذا يبين أنه يزيد من هدم وخراب بلاده . 12 - أنت لست بإنسان كفء بإمكانه النهوض بالبلاد والسعي من أجل رفعتها وكرامتها. ( اقعد ) أسلوب أمر بلاغي والغرض منه اللوم والتوبيخ والتقريع ، فهذا أمر شديد اللهجة تبطّن باللوم الشديد . ومعنى البيت باختصار ( أنت عامل ومعول هدم ولست عامل بناء ) . 13 - لذلك عليك أن تنظر فيمن حولك كيف أن المستعمرين والاستغلاليين ينهبون خيرات البلاد ، ويفسدون فيها ويسعون لمصلحتهم الخاصة من دون إحساسهم بالغير ، فاستيقظ أيها الشعب من سباتك العميق الذي دام طويلاً ، وكن سنداً لبلادك ، ولا تجعل المستعمر يستخدمك وسيلة لتحقيق أهدافه . والفعل ( انظر ) أسلوب إنشائي طلبي والغرض منه الحث ، وهذا النظر سلبي ؛ لابتعاد الشعب عن واجبه الحقيقي ، وهذا الفعل يدل على أن الشعب لا مبال ، وإنسان لا مسؤول ودرجة الغيرة لديه متدنية . وقوله( انظر بعينيك الذئاب تعب في أحواضها ) استعارة تصريحية صوّر فيها الشاعر اليهود بالمغتصبين بالذئاب ، والهدف من تصوير الشاعر اليهود بالذئاب هو إبراز قسوة الاستعمار وتجرده من الإنسانية وتسلطه على الشعوب الضعيفة ونهب خيراتها وتجويعها . والفعل ( تعب ) يدل على تمادي المغتصب وتجاوزه للحدود في إجرامه . ملحوظة : ترى في الأبيات السابقة أسلوب ظاهره نصح وإرشاد وباطنه لوم وعتاب وذم. 14 - أنت أصبحت إنسان متشائم وهذا واضح في طبيعتك ، وخصلة متأصلة فيك لعدم سعيك ، حتى في حديثك متشائم ؛ لأنك تشرّبت هذا المعنى وهذا السلوك فأصبح جزءاً من حياتك . 15 - أنت ( ويقصد المتشائم ) مثل الغراب الذي هو ذاته يصدر ويبعث الشؤم بنعيقه في نفوس الناس ، فتهجر الديار التي نعق فيها ، ( ونوع الصورة الفنية السابقة تشبيه مجمل ) وقد استخدم الشاعر هذه الصورة ؛ ليبين الأضرار الناجمة عن التشاؤم ؛ حتى يحس ويشعر بالمسؤولية تجاه بلده . والفعل " نعى " يشير إلى الموت والفناء . ملحوظة : لو رجعت إلى البيتين ( 14 - 15 ) لوجدت آن التشاؤم والقنوت والاستسلام أصبح الطاقة المحركة للشعب . 16 - أنت ترفض هذه الحقيقة ( إنك متشائم ) ، وأنت كالمريض النفسي عندما يواجه بالحقيقة يرفضها ، لأنها تجرحه وتؤلمه . وقد استخدم الشاعر صورة بيانية جميلة( تجرحه الحقيقة ) [استعارة مكنية ] ؛ ليبين ما تثيره الحقيقة من ألام في النفوس . والمقصود بـ( المريض القلب تجرحه الحقيقة ) إن الذي يخشى مواجهة الواقع يعتبر الحقيقة عدوته الأولى ؛ لأنها تجرح مشاعره المريضة ، والمرض المقصود هو التقاعس وهو مرض نفسي خطير . 17 - ومع ذلك هناك آمال في التغيير والتحرير والتصحيح وتعديل الأوضاع الاجتماعية ، فاتخذ من هؤلاء دليلك وخذهم مصابيح طريقك . وقد عبّر عن ذلك باستعارة مكنية ( أمل يلوح) و قد صوّر الأمل بالقبس والشعلة التي تضيء للآخرين ، وسر جمالها التجسيم . فالأمل يمثل شعار الشاعر . ( يا هذا ) تدل على المفرد ولكنها تحمل مسؤولية مطلق الشعب ، وهذا البيت معناه بينما هم يعيشون في كهف مظلم ، فيدعوهم إلى السير على الدرب الذي يسير عليه وهو درب الأمل والتفاؤل . 18 - عيشك لن يكون ضيقاً ، ولن تشكُ الألم والعذاب لو أنك عملت على تغييره إلى الأحسن بجد ونشاط وسعي دائم ،ولم تستسلم استسلام الضعفاء . وفي هذا البيت استعارة مكنية ( ما ضاق عيشك ) يصور فيها الشاعر العيش بالشيء المادي الذي يضيق ويتسع ، وسر جمالها التجسيم. المعنى الإجمالي للأبيات : يدعو الشاعر الشعب الفلسطيني أن يعيد النظر في واقعه المؤلم ، وأن يغير هذا الواقع ، ويتخذ طريقاً آخر لمقارعة الظلم والطغيان الذي ألمّ به ، ولكنّ الشاعر وصل إلى نتيجة وهي عدم إهليّة الشعب الفلسطيني . العاطفة المسيطرة على الشاعر : العاطفة ممزوجة بين الأمل والتفاؤل ، عواطف تمثل ثورة على واقع مرير ولوم شديد لأبناء هذا الواقع ، وحنين شديد مصحوب بأمل وتتطلع إلى الحرية والانعتاق من ذل الهوان واليأس. ملامح شخصية الشاعر : 1 - إنسان متحلٍ بالصبر والأمل . 2 - محب للعمل ورافض للتشاؤم . 3 - يسعى لخير أمته . 4 - تسيطر عليه عاطفة التفاؤل . الخصائص الأسلوبية للنص : 1 - تقسيم النص إلى مقاطع ولكل مقطع قافية ( تعدد الوزن والقوافي ) . 2 - استخدام الشاعر الألفاظ استخداماً موحياً يصور عجز هذا الشعب . 3 - الجمل بين خبرية وإنشائية تنقل إلى القارئ مشاهدات الشاعر ورآه ومشاعره نحو هذا الشعب . 4 - اعتماد الشاعر على النصح والتوجيه الشديدين تارة والسخرية المبطنة تارة أخرى. 5 - الأفكار واضحة ومرتبة ومتسلسلة . 6 - جودة العنصر الخيالي وتلاؤمه مع الفكرة . ( خصوصاً الاستعارة ) . 7 - خلو النص من المحسنات البديعية . 8 - مزج الفكر بالعاطفة . 9 - الوحدة الموضوعية . 10 - تبرز القصيدة الروح الوطنية التي يتحلّى بها الشاعر .( والدليل على ذلك هو تناوله الحديث عن النهوض ومقاومة الاستعمار والوقوف بثقة ضد أطماع العدو ونهضة الرجل العربي ( القوي ) المدافع عن وطنه )
المرفقات
التعديل الأخير بواسطة المشرف: