فرحة الاردن
الادارة العامة
سبب نزولها
عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يامحمد انسب لنا ربك فأنزل الله تعالى (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد).
وكذا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك فنزلت هذه السورة (قل هو الله أحد).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل شيء نسبة ونسبة الله قل هو الله أحد, الله الصمد, والصمد ليس بأجوف"
فضلها
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال "سلوه لأيّ شيء يصنع ذلك" فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أخبروه أن الله تعالى يحبه"
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم كان يقرأ سورة أخرى معها وكان يصنه ذلك في كل ركعة فكلمه أصحابه فقالوا إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بالأخرى فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى, فقال ما أنا بتاركها, إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم, وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال يافلان "ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟" قال إني أحبها, قال "حبك إياها أدخلك الجنة" هكذا رواه البخاري تعليقا مجزوما به.
كونها تعدل ثلث القرآن
عن أبي سعيد أن رجلا سمع رجلا يقرأ (قل هو الله أحد) يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له وكأنّ الرجل يتقالها فقال النبي صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن". وقد رواه البخاري ورواه أبو داود والنسائي
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه "أيعجز أحدكم ان يقرأ ثلث القرأن في ليلة؟" فشق ذلك عليهم وقالوا أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال "الله الواحد الصمد ثلث القرآن". تفرّد بإخراجه البخاري
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بات قتادة بن النعمان الليل كله بقل هو الله أحد فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال "والذي نفسي بيده إنها لتعدل نصف القرآن - أو ثلثه ـ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن" فحشد من حشد ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقرأ (قل هو الله أحد) ثم دخل فقال بعضنا لبعض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن" إني لأرى هذا خبرا جاء من السماء ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال "إني قلت سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا وإنها تعدل ثلث القرآن" وهكذا رواه مسلم في صحيحه
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا رجل يصلي يدعوا يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لاإله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكون له كفوا أحد قال "والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب".
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث من جاء بهنّ مع الإيمان دخل من أيّ أبواب الجنة شاء وزوج من الحور العين حيث شاء: من عفا عن قاتله وأدى دينا خفيا وقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات قل هو الله أحد" فقال أبو بكر: أو إحداهن يا رسول الله قال "أو إحداهنّ".
وعن عقبة بن عامر قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته فأخذت بيده فقلت يا رسول الله بم نجاة المؤمن؟ قال: "ياعقبة أخرس لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك". قال ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأني فأخذ بيدي فقال: "ياعقبة بن عامر ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم" قلت بلى جعلني الله فدائك قال: فأقرأني قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس ثم قال: "ياعقبة لا تنسهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن". قال فما نسيتهن منذ قال لا تنسهن وما بت ليلة قط حتى أقرأهن, قال عقبة ثم لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته فأخذت بيده فقلت يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال فقال: "ياعقبة صل من قطعك واعط من حرمك واعرض عمن ظلمك".
وجاء في البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما قل هو الله أحد, وقل أعوذ برب الفلق, وقل أعوذ برب الناس,ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات" وهكذا رواه أهل السنن من حديث عقيل به.
تفسيرها
قل هو الله أحدٌ *(1) الله الصمدُ *(2) لم يلد ولم يولد *(3) ولم يكن له كفواً أحدٌ *(4)
قل هو الله أحد
قال عكرمة :لما قالت اليهود نحن نعبد عزير ابن الله, وقالت النصارى نحن نعبد المسيح ابن الله, وقالت المجوس نحن نعبد الشمس والقمر, وقالت المشركون نحن نعبد الأوثان أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم (قل هو الله أحد) يعني هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل, ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله.
الله الصمد
قال عكرمة عن ابن عباس يعني الذي يخلق إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو السيد الذي قد كمل في سؤدده, والشريف الذي قد كمل في شرفه, والعظيم الذي قد كمل في عظمته, والحلم الذي قد كمل حلمه, والعليم الذي قد كمل في علمه, والحكيم لذي قد كمل في حكمته, وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد. وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلا له, ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الواحد القهار.
وقال الأعمش عن سفيان عن أبي وائل (الصمد) السيد الذي قد انتهى سؤدده, ورواه عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود. وقال مالك عن زيد بن أسلم (الصمد) السيد.
وقال الحسن وقتادة هو الباقي بعد خلقه, وقال الحسن أيضا الصمد الحي القيوم الذي لا زوال له, وقال عكرمة الصمد الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم.
وقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله ابن بريدة وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي والضحاك والسدي (الصمد) الذي لا جوف له.
وقال سفيان عن منصور عن مجاهد (الصمد) المصمت الذي لا جوف له, وقال الشعبي هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب, وقال عبد الله بن بريدة أيضا (الصمد) نور يتلألأ.
لم يلد ولم يولد
أي ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة
وقال الربيع بن أنس هو الذي لم يلد ولم يولد كأنه جعل ما بعده تفسيرا له
ولم يكن له كفوا أحد
قال مجاهد يعني لا صاحبة له وهذا كما قال تعالى :"بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء ". أي هو مالك كل شيء وخالقه فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه تعالى وتقدس وتنزه قال الله تعالى ""وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئا إداً * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً * إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً * لقد أحصاهم وعدهم عداً * وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً".
وفي صحيح البخاري " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم ".
وفيالبخاري أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "قال الله عز وجل كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك, وشتمني ولم يكن له ذلك, فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته, وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد ".
منقول من تفسير ابن كثير
والله أعلى وأعلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه