خديجة بنت خويلد أم المؤمنين؛ توفيت في رمضان قبل الهجرة.
أم أولاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد، وثبتت جأشه، ومضت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل فصدقه خبر الرسالة.
قال الشيخ عز الدين بن الأثير؛ المؤرخ صاحب "الكامل": خديجة أول خلق الله أسلم، بإجماع المسلمين.
وقال الزهري، وقتادة، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، والواقدي، وسعيد بن يحيى: أول من آمن بالله ورسوله خديجة، وأبو بكر، وعلي، رضي الله عنهم.
وهي ممن كمل من النساء؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يثني عليها، ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها، بحيث إن عائشة - رضي الله عنه - كانت تقول: "ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة، من كثرة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لها".
ومن كرامتها عليه - صلى الله عليه وسلم - أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاءه منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قط، ولا تسرى من السراري إلى أن قضت نحبها، فوجد لفقدها.
وروي عن جبير بن مطعم: أن عم خديجة، عمرو بن أسد، زوجها بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن أباها مات قبل حرب الفجار؛ وهو يوم حرب من أيامهم في الجاهلية كانت بين قريش ومن معها من كنانة، وبين قيس عيلان.
كانت خديجة أولًا تحت أبي هالة بن زرارة التميمي، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، ثم تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبنى بها وله خمس وعشرون سنة.
وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجر لها في بضاعتها بالشام، فأعجبت بجميل أخلاقه، فعرضت نفسها عليه، فتزوجها النبي - رضي الله عنها.
قال الزبير بن بكار: كانت خديجة تدعى في الجاهلية "الطاهرة".
وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية.
قال مروان بن معاوية، عن وائل بن داود، عن عبدالله البهي، قال: قالت عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر خديجة لم يكد يسام من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها يوما، فحملتني الغيرة، فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن! قال: فرأيته غضب غضبا.. أسقطت في خلدي، وقلت في نفسي: اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء.
فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لقيت، قال: "كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورزقت منها الولد وحرمتموه مني" قالت: فغدا وراح علي بها شهرا"؛ إسناده حسن.
وأولادها منه: القاسم، والطيب، والطاهر، ماتوا رضعا; ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام، فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب" متفق عليه.
وعن عبدالله بن جعفر: سمعت عليا يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران"؛ أخرجه البخاري (7/ 101) في فضائل أصحاب النبي: باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة وفضلها، ومسلم (2430) في فضائل الصحابة: باب فضائل خديجة أم المؤمنين، والترمذي (3887) في المناقب.
وعن عائشة: أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة.
وقيل: توفيت في رمضان، ودفنت بالحجون (جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها)، عن خمس وستين سنة.
قال الواقدي: خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي أبو طالب، وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام.
وقال قتادة: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، وكذا قال عروة.
وقال الحاكم: ماتت بعد أبي طالب بثلاثة.
قال ابن إسحاق: تتابعت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة.
وعن حماد بن سلمة، عن حميد، عن عبدالله بن عبيدبن عمير، قال: "وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خديجة حتى خشي عليه، حتى تزوج عائشة رضي الله عنه "