احمد الصرايره
عضو جديد
-
- إنضم
- 15 ديسمبر 2009
-
- المشاركات
- 4,723
-
- مستوى التفاعل
- 23
-
- النقاط
- 0
-
- العمر
- 42
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..
إخوتي .. أخواتي :
هناك إخوة لنا اختاروا لأنفسهم سبيل الشقاء ، ويأبى أنفسهم الانحراف عنها محتجين بمشيئة الله سبحانه وتعالى ، كما كان دأَب المشركين الذين قال الله تعالى عنهم :{ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْإِلَّا يَخْرُصُونَ } الزخرف20 .
وإن كنتُ لا أصنفهم ضمن المشركين وليس لأحد فعل ذلك ، لأنهم إخوتنا في الدين احتجوا بما احتج به المشركون ، ولا ريب أنه مشيئة الله حقٌّ أريد المحتجّون بها باطلاً ، لأسباب كثيرة :
1_ كيف لهم أن يعلموا أن الله قد قدّر لهم سلوك طريق الخير أو الشّرِّ ؟
قال ابن كثير : قال مجاهد في قوله:{ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ } أي : ما يعلمون قدرة الله على ذلك .أ.هـ.
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : قال :« كنا في جَنَازَة في بَقيعِ الغَرْقَدِ ، فأتانا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ،فَقَعَد ، وقَعَدنا حَوَلهُ ، ومَعَهُ مِخْصَرة، فنكَسَ ،وَجَعَلَ يَنْكُتُ بمخصرته ،ثم قال : ما منكم من أحد إلا وقد كُتِبَ مقعدُه من النار ، ومقعدُه من الجنة،فقالوا : يا رسولَ الله أفلا نَتَّكِلُ على كتابنا ؟ فقال : اعملوا، فَكلّ مُيَسَّر لما خُلقَ له ، أمَّا مَنْ كان من أهل السعادِة ، فسيصيرُ لعمل أهل السعادة ، وأمَّا مَنْ كان من أهل الشقاء ، فسيصير لعمل أهل الشقاء ، ثم قرأ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } ».أخرجه البخاري ومسلم.
2_ ولم يجبرهم أحد على فعل ذلك ، فما دام الاختيار بأيديهم ، لماذا لا يسلكوا طريق الحق ويقولوا شاء الله ذلك ؟
فإنهم في أمر دنياهم لا يكلّون ولا يملّون عن فعل ما ينفع دنياهم وترك ما يضرّها ، بالرغم من أن الله كتب ما سيحدث لهم في الدنيا قبل خلق الدنيا ؟ هلا كانوا كذلك في أمر آخرتهم ؟
3_ إذا أجرم إنسان في حقهم لطالبوا بالاقتصاص منه .
ولا يقولون هو أيضا أجرم بمشيئة الله سبحانه وتعالى ! كما قال أحد العلماء : عند الطاعة قدري وعند المعصية جبري .
كالسارق الذي أمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بقطع يده ،فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين، فو الله ما سرقت إلّا بقضاء الله وقدره،فقال له عمر : ونحن لا نقطعك إلّا بقضاء الله وقدره .
لذلك قال بعض العلماء : ولو كان القدر حُجّة لفاعل الفواحش والمظالم لم يحسن أن يلوم أحد أحداً ، ولا يعاقب أحد أحداً ، فكان للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه من المظالم والقبائح ويحتج بأن ذلك مقدر عليه.أ.هـ.
إخوتي .. أخواتي : بعد أن تبيّن لكم بطلان الاحتجاج بالقدر على المعصية ، فالحق الذي لا مرية فيه هو ما قال ابن تيمية في مجموع الفتاوي : يؤمن أهل السنة بأن الله على كل شيء قدير ، يقدر أن يهدي العباد ويقلب قلوبهم ، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، فلا يكون في ملكه ما لا يريد ولا يعجز عن إنفاذ مراده ، وأنه خالق كل شيء من الأعيان والصفات والحركات ، ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل وأنه مختار ، ولا يُسمّونه مجبوراً ؛ إذ المجبور من أكره على خلاف اختياره ، والله – سبحانه - جعل العبد مختارا لما يفعله ، فهو مختار مُريد ، والله خالقه وخالق اختياره ، وهذا ليس له نظير ، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ". أ.هـ.