وفاء معلم
عضو جديد
-
- إنضم
- 13 يونيو 2013
-
- المشاركات
- 1,621
-
- مستوى التفاعل
- 202
-
- النقاط
- 0
عندما يسود الضباب
>عندما تنحني الكلمات لغير دلالتها، ويخطّ القلم لتعداد السطور، ويسيل المداد غثاء على سطح جاف محمّلا برغاء أجوف مطليّ بلون باهت، يشي بهوة تنفرج بين الكلمة والضمير، يصبح الحرف فضفاضا لا يحمل من مكنون النفس ما يعتري وجدانها، وكذا القلم يغدو خدّاعا لا يؤتمن على بوح أمين، بل إنه يضحي شعار لهو وهزل.
>فإذا ما كان الحرف يعي دوره الممتد من أعمق عمق النفس، مشحونا بدفء حصافة الإدراك؛ فإنه سيظل يراوح مكانه، ويساوره الشكّ في قدرته على التأثير، وليس هذا بضرب من الخيال، بل واقع ملموس في خفايا الروح عندما تصطدم بصخور الواقع.
>وليس هذا حكرا على قلم، ولا بعيدا عن حياة أمم، فما أكثر الأقوال المنافية للأفعال، وما أبعد كثير من الصياغات مزاجية الأحوال عن مدلولها، وهذا يذكرنا بالأصدقاء الثلاثة الذين ساقهم القدر قديما ليمثّلوا ثلاث مهن، فالطبيب يرى الحياة من زاوية علمه وفلك طبه، ولا يعبأ بكلمة همس بها لمريض، ينثرها في كل جولة، أداة من أدوات العلاج، وكذا التاجر الذي غاية رضاه تسويق بضاعته، وجني الأرباح، أمّا الفلاّح فقد احتكّ بالطبيعة بحكم عمله، وكان ألصق منهم بالحياة لمعاناته، فللكلمة عنده سطوتها، وللهمسة أهميّتها في مكانها.
>اشترط أحدهم يوما على صديقيه أن يبوحا بما يرضي الملك الذي همّوا بزيارته، فقال التاجر: "غطاء رأسي قبعة مستديرة، وقد قضيت عشر سنوات في القراءة، وأربعة من الرجال حملوني وأتوا بي، كأنّني أحد الملائكة".
...وقال الطبيب:" قبعتي من ذهب خالص، وورائي مئات الأرواح المتعطشة للحياة، وقد جئت على ظهر حصان جميل كان ينطلق بي كأنّني من الملائكة".
أمّا الفلاّح؛... فقد قال:" قبعتي من قشّ جافّ، وتاريخي سلسلة من الشقاء والكدح، وجئت سيراً على قدميّ، ووصلت بفضل الله".
>فضاق الآخران ذرعا من مدى إعجاب الملك بكلام الفلاّح، وأصرّا على محاولة إحراجه، فقال الطبيب:" أنا صاحب المركز والقوّة، أنا سيّد الناس، عندي دواء المرضى، وعلاج الأوبئة، وأملك من المال الكثير"، وتبعه التاجر الذي أشار إلى قدرته على تغيير حياة الناس بما يملك من مقوّمات الغذاء، وأما الفلاح؛ فقد قال: "عندي ثور ومحراث، ولولاهما ما كان زرع ولا طعام".
>فللحرف مكانة تليق به ويتمثّلها، يسري في النفس مسرى الدم، يستقي اتجاهه بلهفة نفس متشرّبة معنى النطق بعيدا عن فلسفة المثالية المغلّفة بضباب عمى الروح، لأنها تعبث بنكهة البوح، وتتفتت الكلمات وتزهق العبارات فيتلاشى المعنى في ظلمات النفوس المترعة بالانفصام.
بقلمي،،
>فإذا ما كان الحرف يعي دوره الممتد من أعمق عمق النفس، مشحونا بدفء حصافة الإدراك؛ فإنه سيظل يراوح مكانه، ويساوره الشكّ في قدرته على التأثير، وليس هذا بضرب من الخيال، بل واقع ملموس في خفايا الروح عندما تصطدم بصخور الواقع.
>وليس هذا حكرا على قلم، ولا بعيدا عن حياة أمم، فما أكثر الأقوال المنافية للأفعال، وما أبعد كثير من الصياغات مزاجية الأحوال عن مدلولها، وهذا يذكرنا بالأصدقاء الثلاثة الذين ساقهم القدر قديما ليمثّلوا ثلاث مهن، فالطبيب يرى الحياة من زاوية علمه وفلك طبه، ولا يعبأ بكلمة همس بها لمريض، ينثرها في كل جولة، أداة من أدوات العلاج، وكذا التاجر الذي غاية رضاه تسويق بضاعته، وجني الأرباح، أمّا الفلاّح فقد احتكّ بالطبيعة بحكم عمله، وكان ألصق منهم بالحياة لمعاناته، فللكلمة عنده سطوتها، وللهمسة أهميّتها في مكانها.
>اشترط أحدهم يوما على صديقيه أن يبوحا بما يرضي الملك الذي همّوا بزيارته، فقال التاجر: "غطاء رأسي قبعة مستديرة، وقد قضيت عشر سنوات في القراءة، وأربعة من الرجال حملوني وأتوا بي، كأنّني أحد الملائكة".
...وقال الطبيب:" قبعتي من ذهب خالص، وورائي مئات الأرواح المتعطشة للحياة، وقد جئت على ظهر حصان جميل كان ينطلق بي كأنّني من الملائكة".
أمّا الفلاّح؛... فقد قال:" قبعتي من قشّ جافّ، وتاريخي سلسلة من الشقاء والكدح، وجئت سيراً على قدميّ، ووصلت بفضل الله".
>فضاق الآخران ذرعا من مدى إعجاب الملك بكلام الفلاّح، وأصرّا على محاولة إحراجه، فقال الطبيب:" أنا صاحب المركز والقوّة، أنا سيّد الناس، عندي دواء المرضى، وعلاج الأوبئة، وأملك من المال الكثير"، وتبعه التاجر الذي أشار إلى قدرته على تغيير حياة الناس بما يملك من مقوّمات الغذاء، وأما الفلاح؛ فقد قال: "عندي ثور ومحراث، ولولاهما ما كان زرع ولا طعام".
>فللحرف مكانة تليق به ويتمثّلها، يسري في النفس مسرى الدم، يستقي اتجاهه بلهفة نفس متشرّبة معنى النطق بعيدا عن فلسفة المثالية المغلّفة بضباب عمى الروح، لأنها تعبث بنكهة البوح، وتتفتت الكلمات وتزهق العبارات فيتلاشى المعنى في ظلمات النفوس المترعة بالانفصام.
بقلمي،،