" الوقاية خير من العلاج "
 
عبارة ذائعة شائعة ، وأكثر ما تستعمل في مجال الصحة ،
 
وحملات التوعية من أخطار الأمراض عموماً ، والمعدية منها خصوصاً ، وعند التأمل نجد
 
الطريق إلى هذه العبارة ليس سهلاً ، بل مر بعدة مراحل ، فعادة ما تكون البداية ظهور
 
المرض في حالات فردية ، وبصورة أولية بدائية ، ثم يتطور الأمر عبر مسارين :
 
الأول : زيادة الأعراض والآلام عند الحالات المصابة.
 
والثاني : زيادة عدد المصابين بالمرض .
 
 
وفي كثير من الأحيان تكون للمرض خاصية العدوى والانتقال ، وهنا يعظم الاهتمام بالأمر
 
، وتبذل الجهود وتنفق الأموال في مجال علاج الحالات المصابة بالمرض أولاً ، وفي
 
مجال دراسة تلك الحالات بحثاً عن أسباب المرض ، وأفضل الأدوية الملائمة لعلاجه مع
 
البحث عن الأمصال الواقية منه لتدارك إصابة حالات جديدة ، وبعد معاناة يتم معرفة
 
 
أعراض المرض وأطواره وأسبابه وطرق انتقاله ، وتتواصل أثر ذلك الحملات الإعلامية
 
للتوعية الصحية ، مع تواصل علاج المصابين ، وتواصل البحث لتطوير العلاج والوقاية.
 
وفي الساحة الإسلامية اليوم علل مستعصية ، وأمراض معدية ، تشيع بين جيل الصحوة ،
 
وتنتشر بين الصفوة ، ويقع بها تضييع الأوقات ، وتبديد الطاقات ، وإثارة النزاعات ،
 
واختلال الأولويات ، وكثير منها بدأ في حالات فردية ثم انتهى إلى ظاهرة مرضية.
 
في هذه الصحوة الإسلامية - بحمد الله - خير كثير ، ولها مزايا عديدة، ظهرت أثارها
 
الطيبة ، وأينعت ثمارها النافعة { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها }.
 
ولكن طبيعة النفوس البشرية ، إضافة إلى الظروف العدائية والمؤامرات الكيدية ، مع
 
غياب المعالم المتكاملة للحياة الإسلامية ، كل ذلك أوجد بعض العلل التي لم تلق - فيما
 
أظن – العناية الكافية لأسباب كثيرة من أهمها : ضخامة الأعداد العائدة إلى الله بمالايوافق
 
القدرة على الاستيعاب الكامل ، والتربية الراشدة العميقة ، ومنها أيضاً غياب الخطط
 
 
الاستراتيجية والنظرات المستقبلية لكثرة المشكلات الآنية والمآسي الإسلامية ، إضافة إلى
 
أن هناك مبغضين متربصين يسعون لإشاعة الأخطاء واستمراريتها.
 
لابد أن نعلم أنه ليس من مصلحة الدعوة ولا جيل الصحوة أن نعتمد التزكية المطلقة ،
 
فليس هذا موافقا للشرع { فلا تزكوا أنفسكم }.
 
وليس من الإخلاص في النصح أن نغض الطرف عن الأخطاء ، وننكر وجودها ، وندس
 
رؤوسنا في الرمال كما تفعل النعامة ، فهذا يزيد في الأخطاء ، ويساعد على انتشارها ،
 
وحينئذ يتسع الخرق على الراقع ، ومع ذلك فنحن نربأ بأنفسنا عن ممارسات كتّاب يدعون
 
الموضوعية والمعالجة ، وهم يمارسون في الحقيقة التشويه والتشهير ، ويستخدمون
 
أسلوب التضخيم والتعميم ، ويجتهدون في تتبع العثرات ، وإهمال الحسنات ،فضلاً عن
 
كونهم لا ينطلقون من منهج إسلامي ، وهذا التناول تفيض به أعداد هائلة من الصحف
 
والمجلات العلمانية واليسارية التي لا همّ لها إلا تشويه صورة الإسلاميين ، والصاق كل
 
نقيصة وجريمة بمن يطلقون عليهم " الأصوليين " لسنا من هؤلاء في شيء فنحن وإن
 
أردنا النقد ، فإنما نرسله من نفوس مشفقة ، وقلوب محبة ، ونصوغه في أسلوب حسن
 
على منهج القرآن الكريم { بالحكمة والموعظة الحسنة} ويبعد عن الإساءة أو التخصيص
 
على طريقة الرسول الكريم ( ما بال أقوام ).
 
إن الخطر في هذه العلل يكمن في أنها تصيب القلوب والعقول ، ونحن نرى في بعض
 
شباب الصحوة بساطة تصل إلى حد السذاجة ، وحماسة تصل إلى درجة التهور ، كما أن
 
هناك نقداً ينتهي إلى التجريح ، واختلافاً يؤدي إلى التنازع ، ولابد والحالة هذه أن تقرع
 
أجراس الخطر ، وأن ينتدب أطباء القلوب من العلماء الصالحين ، والدعاة المخلصين ،
 
والمفكرين الواعين ليشخصوا الحالات ويبحثوا عن الأسباب ويضعوا الحلول الناجحة ،
 
ويصفوا الأدوية الناجعة ، ثم ليضعوا المناهج الواقية ، والخطط الواعية ، وهنا دعوة
 
لجميع الغيورين أن يدركوا الخطر وأن يهبوا للعمل ، فلابد من الوقاية، فالوقاية خير من العلاج.
 
مقال بقلم الدكتور/ على بن عمر بادحدح
			
			عبارة ذائعة شائعة ، وأكثر ما تستعمل في مجال الصحة ،
وحملات التوعية من أخطار الأمراض عموماً ، والمعدية منها خصوصاً ، وعند التأمل نجد
الطريق إلى هذه العبارة ليس سهلاً ، بل مر بعدة مراحل ، فعادة ما تكون البداية ظهور
المرض في حالات فردية ، وبصورة أولية بدائية ، ثم يتطور الأمر عبر مسارين :
الأول : زيادة الأعراض والآلام عند الحالات المصابة.
والثاني : زيادة عدد المصابين بالمرض .
وفي كثير من الأحيان تكون للمرض خاصية العدوى والانتقال ، وهنا يعظم الاهتمام بالأمر
، وتبذل الجهود وتنفق الأموال في مجال علاج الحالات المصابة بالمرض أولاً ، وفي
مجال دراسة تلك الحالات بحثاً عن أسباب المرض ، وأفضل الأدوية الملائمة لعلاجه مع
البحث عن الأمصال الواقية منه لتدارك إصابة حالات جديدة ، وبعد معاناة يتم معرفة
أعراض المرض وأطواره وأسبابه وطرق انتقاله ، وتتواصل أثر ذلك الحملات الإعلامية
للتوعية الصحية ، مع تواصل علاج المصابين ، وتواصل البحث لتطوير العلاج والوقاية.
وفي الساحة الإسلامية اليوم علل مستعصية ، وأمراض معدية ، تشيع بين جيل الصحوة ،
وتنتشر بين الصفوة ، ويقع بها تضييع الأوقات ، وتبديد الطاقات ، وإثارة النزاعات ،
واختلال الأولويات ، وكثير منها بدأ في حالات فردية ثم انتهى إلى ظاهرة مرضية.
في هذه الصحوة الإسلامية - بحمد الله - خير كثير ، ولها مزايا عديدة، ظهرت أثارها
الطيبة ، وأينعت ثمارها النافعة { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها }.
ولكن طبيعة النفوس البشرية ، إضافة إلى الظروف العدائية والمؤامرات الكيدية ، مع
غياب المعالم المتكاملة للحياة الإسلامية ، كل ذلك أوجد بعض العلل التي لم تلق - فيما
أظن – العناية الكافية لأسباب كثيرة من أهمها : ضخامة الأعداد العائدة إلى الله بمالايوافق
القدرة على الاستيعاب الكامل ، والتربية الراشدة العميقة ، ومنها أيضاً غياب الخطط
الاستراتيجية والنظرات المستقبلية لكثرة المشكلات الآنية والمآسي الإسلامية ، إضافة إلى
أن هناك مبغضين متربصين يسعون لإشاعة الأخطاء واستمراريتها.
لابد أن نعلم أنه ليس من مصلحة الدعوة ولا جيل الصحوة أن نعتمد التزكية المطلقة ،
فليس هذا موافقا للشرع { فلا تزكوا أنفسكم }.
وليس من الإخلاص في النصح أن نغض الطرف عن الأخطاء ، وننكر وجودها ، وندس
رؤوسنا في الرمال كما تفعل النعامة ، فهذا يزيد في الأخطاء ، ويساعد على انتشارها ،
وحينئذ يتسع الخرق على الراقع ، ومع ذلك فنحن نربأ بأنفسنا عن ممارسات كتّاب يدعون
الموضوعية والمعالجة ، وهم يمارسون في الحقيقة التشويه والتشهير ، ويستخدمون
أسلوب التضخيم والتعميم ، ويجتهدون في تتبع العثرات ، وإهمال الحسنات ،فضلاً عن
كونهم لا ينطلقون من منهج إسلامي ، وهذا التناول تفيض به أعداد هائلة من الصحف
والمجلات العلمانية واليسارية التي لا همّ لها إلا تشويه صورة الإسلاميين ، والصاق كل
نقيصة وجريمة بمن يطلقون عليهم " الأصوليين " لسنا من هؤلاء في شيء فنحن وإن
أردنا النقد ، فإنما نرسله من نفوس مشفقة ، وقلوب محبة ، ونصوغه في أسلوب حسن
على منهج القرآن الكريم { بالحكمة والموعظة الحسنة} ويبعد عن الإساءة أو التخصيص
على طريقة الرسول الكريم ( ما بال أقوام ).
إن الخطر في هذه العلل يكمن في أنها تصيب القلوب والعقول ، ونحن نرى في بعض
شباب الصحوة بساطة تصل إلى حد السذاجة ، وحماسة تصل إلى درجة التهور ، كما أن
هناك نقداً ينتهي إلى التجريح ، واختلافاً يؤدي إلى التنازع ، ولابد والحالة هذه أن تقرع
أجراس الخطر ، وأن ينتدب أطباء القلوب من العلماء الصالحين ، والدعاة المخلصين ،
والمفكرين الواعين ليشخصوا الحالات ويبحثوا عن الأسباب ويضعوا الحلول الناجحة ،
ويصفوا الأدوية الناجعة ، ثم ليضعوا المناهج الواقية ، والخطط الواعية ، وهنا دعوة
لجميع الغيورين أن يدركوا الخطر وأن يهبوا للعمل ، فلابد من الوقاية، فالوقاية خير من العلاج.
مقال بقلم الدكتور/ على بن عمر بادحدح
 
				 
 
		 
 
		 
 
		 
 
		