مہجہرد إنہسہآن
ادارة الموقع
سفيان الثوري. سيرة أبو عبد اللـه سفيان .رجال دين.شخصيات في الاسلام
سفيان الثوري
97 -161 هـ
بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري التميمي المضري من بني ثور من حلف الرباب من بني تميم، كونه أبناء عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الذي ينتهي نسبه إلي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
كان أحد أئمة الإسلام، ولد سنة سبع وتسعين بالكوفة في خلافة سليمان بن عبد الملك.
يقال أن عدد شيوخه ستمائة شيخ وكبارهم الذين حدثوه عن أبو هريرة وجرير بن عبد الله وابن عباس وأمثالهم وقد قرأ الختمة عرضا على حمزة الزيات أربع مرات وأما الرواة عنه فخلق فذكر ابن الجوزي أنهم أكثر من عشرون ألفا.
ورد في “وفيات الأعيان” لابن خلكان:
” أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحكم بن الحارث بن ثعلبة بن ملكان ابن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الثوري الكوفي؛ كان إماماً في علم الحديث وغيره من العلوم، وأجمع الناس على دينه وورعه وزهده وثقته، وهو أحد الأئمة المجتهدين، ويقال إن الشيخ في ترجمته في حرف الجيم.
وقال يونس بن عبيد: ما رأيت كوفياً أفضل من سفيان، قالوا: إنك رأيت سعيد بن جبير وفلاناً وفلاناً، قال: ما رأيت كوفياً أفضل من سفيان.
وقال سفيان بن عيينة: ما رأى سفيان مثله. أكل سفيان ليلة فشبع فقال: الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله، فقام حتى أصبح.
وحدث ابن عيينة قال: دعانا سفيان فقدم إلينا غداء ولبناً خائراً، فلما توسطنا قال: قوموا بنا نصلي ركعتين شكراً لله تعالى؛ قال ابن وكيع-وكان حاضراً-: لو قدم إلينا شيئاً من هذا اللوزينج المحدث لقال: قوموا بنا نصلي التراويح.
وقال بشر بن الحارث: كان سفيان الثوري كأن العلم بين عينيه، يأخذ منه ما يريد ويدع منه ما يريد.
وقال الأوزاعي: كنت أقول فيمت ضحك في الصلاة قولاً لا أدري كيف هو، فلما لقيت سفيان الثوري سأله فقال: يعيد الصلاة والوضوء، فأخذت به.
وكان عصام بن أبي النجود يجيء إلى سفيان يستفتيه ويقول: يا سفيان أتيتنا صغيراً وأتيناك كبيراً.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت رجلاً أحسن عقلاً من مالك بن أنس، ولا رأيت رجلاً أنصح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن مبارك، ولا أعلم بالحديث من سفيان، ولا أقشف من شعبة.
وقال سفيان الثوري: ما استودعت قلبي شيئاً فخانني.
وقيل: لقي سفيان الثوري شريكاً بعدما ولي القضاء بالكوفة فقال: يا أبا عبد الله، بعد الإسلام والتفقه والخير تلي القضاء، أو صرت قاضياً؟ فقال له شريك: يا أبا عبد الله، لابد لنلاس من قاض، فقال سفيان: يا أبا عبد الله، لابد الناس من شرطي.
وحدث عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن بن عبد الله البصري، قال: قال رجل لسفيان: اوصني، فقال: اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها واعمل للآخرة بقدر دوامك فيها والسلام.
وجاء سفيان الثوري إلى صيرفي بمكة يشتري منه دراهم بدينار، فأعطاه الدينار، وكان معه آخر فسقط من سفيان، فطلبه فإذا إلى جانبه دينار آخر، قال له الصيرفي: خذ دينارك، قال: ما أعرفه، قال: خذ الناقص، قال: فلعله الزائد، وتركه ومضى.
وقال شعيب بن حرب: سمعت سفيان الثوري يقول: انظر درهمك من أين هو وصل في الصف الآخر.
وقال عبد الله بن صالح العجلي: دخل سفيان على المهدي فقال: سلام عليكم، كيف أنتم يا أبا عبد الله؟ ثم جلس فقال: حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأنفق في حجته ستة عشر ديناراً، وأنت حججت فأنفقت في حجتك بيوت الأموال، قال: فأي شيء تريد؟ تريد أن أكون مثلك؟ قال: فوق ما أنا فيه ودون ما أنت فيه، فقال وزيره أبو عبيد الله: أبا عبد الله قد كانت كتبك تأتينا فننفذها، قال: من هذا؟ قال: أبو عبيد الله وزيري، قال: احذره فإنه كذاب، إني ما كتبت إليك، ثم قام فقال له المهدي: إلى أين با أبا عبد الله، قال: أعود؛ وكان قد ترك نعله حين قامن فعاد فأخذها ثم مضى، فانتظره المهدي فلم يعد، فقال: وعدنا أن يعود فلم يعد، فعلم أنه عاد لأخذ نعله، فغضب فقال: قد أمن الناس إلا سفيان الثوري وإنه لفي المسجد الحرام، فذهب فألقى نفسه بين النساء فخبأنه، فقيل له: لم فعلت؟ فقال: إنهن أرحم؛ ثم خرج إلى البصرة فلم يزل بها حتى مات.
قال عبد الرحمن بن مهدي: لما قدم سفيان البصرة والسلطان يطلبه، صار في بعض البساتين، واجر نفسه على أن يحفظ ثمارها، فمر به بعض العشارين فقال: من أين أنت يا شيخ؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أخبرني رطب البصرة أخلى أم رطب الكوفة؟ قال: أما رطب البصرة فلم أذقه ولكن رطب السابري بالكوفة حلو، فقال: ما أكذبك من شيخن الكلاب والبر والفاجر يأكلون الرطب الساعة وأنت تزعم أنك لم تذقه! فرجع إلى العامل ليخبره بما قال لتعجبه، فقال: ثكلتك أمك، ادركه إن كنت صادقاً فإنه سفيان الثوري لتتقرب به إلى أمير المؤمنين، فرجع في طلبه فما قدر عليه.
ودخل سفيان على المهدي فكلمه بكلام فيه غلظة فقال له عيسى بن موسى: تكلم أمير المؤمنين بمثل هذا الكلام وإنما أنت رجل من ثور، فقال له سفيان: إن من أطاع الله من ثور خير ممن عصى الله من قومك.
وكان فتى يجالسه ولا يتكلم، فأحب سفيان أن يعرف نطقه فقال له: يا فتى إن من كان قبلنا مروا على خيل سابقة وبقينا بعدهم على حمر دبرة، فقال الفتى: يا أبا عبد الله، إن كنا على الطريق فما أسرع لحوقنا بهم.
وحدث أبو بكر ابن عياش قال: كنت أنا وسفيان الثوري نمشي فرأينا شيخاً أبيض الرأس واللحية حسن السمت، فقال له سفيان: يا شيخ أعندك شيء من الحديث؟ قال: لا، ولكن عندي عتيق سنين، فنظرنا فإذا هو خمار.
وحكى ضمرة قال: سألت سفيان الثوري: أصافح اليهود والنصارى؟ فقال: برجلك نعم. وقال له رجل: إني أريد الحج، فقال: لا تصحب من يتكرم عليك فإن ساويته في النفقة أضر بك وإن تفضل عليك استذلك.
وكان يقول: من كان في يده شيء من هذه الدراهم فليصلحه فإنه في زمان إن احتاج كان أول من يبذل دينه. وحكي عنه أنه قال: إني لألقى الرجل أبغضه فيقول لي: كيف اصبحت؟ فيلين له قلبي، فكيف بمن أكل ثريدهم ووطئ بساطهم؟ وقيل إن المهدي قال للخيزران: أريد أتزوج، وكانت بكتاب فقالت له: لا يحل لك أن تتزوج علي، قال: بلى، قالت له: بيني وبينك من شئت، قال: أترضين سفيان الثوري؟ قالت: نعم، فوجه إلى سفيان فقال: إن أم الرشيد تزعم أنه لا يحل لي أتزوج عليها وقد قال الله عز وجل “فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع” ثم سكت، فقال له سفيان: أتم الآية، يريد قوله تعالى “فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة”. النساء. وأنت لا تعدل، فأمر له بعشرة آلاف درهم فأبى أن يقبلها.
ومثل هذه النادرة ما أخبرني به الفقيه أمين الدين المحلي الذي كان في جملة المتصدرين عند الفقيه برهان الدين ابن الفقيه نصر وهو يومئذ صاحب ديوان الأحباس، وكتب أسماءهم ينتدبهم للمضي إلى الخانقاه إلى المقام السلطاني في مهم فاعتذر رجل منهم فخط على اسمه وكتب غيره، فقام رجل يعتذر فقال: المملوك كما قال الله عز وجل (إن بيوتنا عورة) فقال له الفقيه أمين الدين: صصل، يشير إلى بقية الآية وهي قوله تعالى “وما هي بعورة أن يريدون إلا فراراً” الأحزاب. فضحك البرهان والحاضرون، وقال: لا أجمع عليك بين الفقه وبين تكليفك المجيء، ثم خط على اسمه وابتدأ بغيره.
قال سفيان بن عيينة: ما رأيت رجلاص أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري. وقال عبد الله بن المبارك: لا نعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان الثوري. ويقال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه في زمانه رأس الناس، وبعده عبد الله بن عباس، وبعده الشعبي، وبعده سفيان الثوري.
سمع سفيان الثوري الحديث من أبي إسحاق السبيعي والأعمش ومن في طبقتهما، وسمع منه الأوزاعي وابن جريج ومحمد بن إسحاق ومالك تلك الطبقة.
وذكر المسعودي في “مروج الذهب” ما مثاله: قال القعقاع بن حكيم: كنت عند المهدي وقد أتي بسفيان الثوري، فلما دخل عليه سلم تسليم العامة ولم يسلم بالخلافة، والربيع قائم على رأسه متكئاً على سيفه يرقب أمره، فأقبل عليه المهدي بوجه طلق، وقال له: يا سفيان، تفر منا ها هنا وها هنا وتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك، فقد قدرنا عليك الآن، افما تخشى أن نحكم فيك بهوانا؟ قال سفيان: إن تحكم في يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل، فقال له الربيع: يا أمير المؤمنين، ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا؟ إيذن لي أن أضرب عنقه، فقال له المهدي: اسكت ويلك، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم؟ اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يعترض عليه في حكم، فكتب عهده ودفع إليه، فأخذه وخرج فرمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد فلم يوجد. ولما امتنع من قضاء الكوفة وتولاه شريك بن عبد الله النخعي قال الشاعر:
تحرز سفـيان وفـر بـدينـه وأمسى شريك مرصداً للدراهم
وحكي عن أبي صالح بن حرب المدائني-وكان أحد السادة الأئمة الأكابر في الحفظ والدين-أنه قال: إنني لأحسب يجاء بسفيان الثوري يوم القيامة حجة من الله على الخلق، يقال لهم: لم تدركوا نبيكم عليه أفضل الصلاة والسلام فلقد رأيتم سفيان الثوري، ألا اقتديتم به؟.
ومولده في سنة خمس، وقيل ست، وقيل سبع وتسعين للهجرة. وتوفي بالبصرة أول سنة إحدى وستين ومائة متوارياً من السلطان، ودفن عشاء رحمه الله تعالى؛ ولم يعقب.
والثوري: بفتح الثاء المثلثة وبعدها واو ساكنة وراء، هذه النسبة إلى ثور ابن عبد مناة، وثم ثوري آخر في بني تميم، وثوري آخر بطن من همدان.
وقيل: إنه توفي سنة اثنتين وستين، والأول أصح”.
وجاء في “سير أعلام النبلاء” للذهبي:
“سفيان ابن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي ابن عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكذا نسبه ابن أبي الدنيا عن محمد بن خلف التيمي غير أنه أسقط منه منقذاً والحارث وزاد بعد مسروق حمزة والباقي سواء.
وكذلك ذكر نسبه الهيثم بن عدي وابن سعد و أنه من ثور طابخة وبعضهم قال: هو من ثور همدان وليس بشيء.
هو شيخ الإسلام إمام الحفاظ سيد العلماء العاملين في زمانه أبو عبد الله الثوري الكوفي المجتهد مصنف كتاب الجامع.
ولد سنة سبع وتسعين اتفاقاً وطلب العلم وهو حدث باعتناء والده المحدث الصادق: سعيد بن مسروق الثوري وكان والده من أصحاب الشعبي وخيثمة بن عبد الرحمن ومن ثقات الكوفيين و عداده في صغار التابعين. روى له الجماعة الستة في دواوينهم وحدث عنه أولاده: سفيان الإمام وعمر ومبارك وشعبة بن الحجاج وزائدة وأبو الأحوص وأبو عوانة وعمر بن عبيد الطنافسي و آخرون.
ومات سنة ست وعشرين ومئة. معجم شيوخ أبي عبد الله: إبراهيم بن عبد الأعلى وإبراهيم بن عقبة وإبراهيم بن محمد بن المنتشر وإبراهيم بن مهاجر وإبراهيم بن ميسرة وإبراهيم بن مزيد الخوزي وأجلح بن عبد الله وآدم بن سليمان وأسامة بن زيد وإسرائيل أبو موسى و أسلم المنقري وإسماعيل بن إبراهيم المخزومي وإسماعيل السدي وإسماعيل بن كثير والأسود بن قيس وأشعث بن أبي الشعثاء والأغر بن الصباح وأفلت بن خليفة وإياد بن لقيط وأيوب السختياني وأيوب بن موسى والبختري بن المختار وبرد بن سنان وبريد بن عبد الله بن أبي بردة وبشير أبو إسماعيل وبشير صاحب ابن الزبير وبكير بن عطاء وبهز بن حكيم وبنان بن بشر وتوبة العنبري وثابت بن عبيد وأبو المقدام ثابت بن هرمز وثور بن يزيد وثوير بن أبي فاختة وجابر الجعفي وجامع بن أبي راشد وجامع بن شداد وجبلة بن سحيم وجعفر بن برقان وجعفر الصادق وجعفر بن ميمون وحبيب بن أبي ثابت وهو من كبار شيوخه وحبيب بن الشهيد وحبيب بن أبي عمرة وحجاج بن فرافصة والحسن بن عبيد الله والحسن بن عمرو الفقيمي وحصين بن عبد الرحمن وحكيم بن جبير وحكيم بن الديلم وحماد بن أبي سليمان وحمران بن أعين وحميد بن قيس وحميد الطويل وحنظلة بن أبي سفيان وخالد بن سلمة الفأفاء وخالد الحذاء وخصيف بن عبد الرحمن وأبو الجحاف داود بن أبي عوف وداود بن أبي هند وراشد بن كيسان ورباح بن أبي معروف والربيع بن أنس والربيع بن صبيح وربيعة الرأي والركين بن الربيع وزبيد اليامي والزبير بن عدي وزياد بن إسماعيل وزياد بن علاقة وهو من كبار مشيخته وزيد بن أسلم وزيد بن جبير وزيد العمي وسالم الأفطس وسالم أبو النضر وسعد بن إبراهيم وسعد بن إسحاق بن كعب وسعيد الجريري وأبو سنان سعيد بن سنان الشيباني الصغير وأبوه سعيد وسلم العلوي وأبو حازم سلمة بن دينار وسلمة بن كهيل وهو من كبارهم وسلمة بن نبيط وسليمان الأعمش وسليمان التيمي وسماك وسمي وسهيل وشبيب بن غرقدة وشريك بن أبي نمر وشعبة بن الحجاج وذلك في النسائي وصالح بن صالح بن حي وصالح مولى التوأمة وصفوان بن سليم والضحاك بن عثمان وأبي سنان ضرار بن مرة وطارق بن عبد الرحمن وطريف أبو سفيان السعدي وطعمة بن غيلان وطلحة بن يحيى وعاصم بن أبي النجود وعاصم بن عبيد الله وعاصم بن كليب وعاصم الأحول وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وعبد الله بن جابر البصري وعبد الله بن حسن بن حسن وعبد الله بن دينار وأبو الزناد عبد الله وعبد الله بن الربيع بن خيثم وعبد الله بن السائب الكوفي وعبد الله بن سعيد المقبري وعبد الله بن شبرمة وعبد الله بن شداد الأعرج وعبد الله بن طاووس وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين وعبد الله بن عثمان بن خيثم وعبد الله بن عطاء وعبد الله بن عون وعبد الله بن عيسى وعبد الله بن أبي لبيد وعبد الله بن محمد بن عقيل وعبد الله بن أبي نجيج وعبد الأعلى بن عامر وعبد الرحمن بن ثروان وعبد الرحمن بن الحارث وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم وعبد الرحمن بن عابس وعبد الرحمن بن الأصبهاني وعبد الرحمن بن علقمة وعبد الرحمن بن القاسم وعبد العزيز بن رفيع وعبد الكريم بن مالك وعبد الكريم أبو أمية وعبد الملك بن أبي بشير وعبد الملك بن أبي سليمان وابن جريج وعبد الملك بن عمير وعبدة بن أبي لبابة وعبيد الله بن أبي زياد وعبيد الله بن عمر وعبيد بن الحسن وعبيد بن مهران المكتب وعبيد الصيد وعثمان بن الحرب وعثمان بن حكيم وأبو حصين عثمان بن عاصم وأبو اليقظان عثمان بن عمير وعثمان بن المغيرة وعثمان البتي وعطاء بن السائب وعكرمة بن عمار وعلقمة بن مرثد وعلي بن الأقمر وعلي بن بذيمة وعلي بن زيد بن جدعان وعمار الدهني وعمارة بن القعقاع وعمر بن سعيد بن أبي حسين وعمر بن محمد بن زيد وعمر بن يعلى وعمرو بن دينار وعمرو بن عامر الأنصاري وعمرو بن قيس الملائي وعمرو بن مرة وهو من قدماء شيوخه وعمرو بن ميمون بن مهران وعمرو بن يحيى بن عمارة وعمران بن مسلم الثقفي وعمران بن مسلم الجعفي وعمران البارقي وعمران القصير وعمير بن عبد الله الخثعمي وعون بن أبي جحيفة والعلاء بن خالد والعلاء بن عبد الرحمن والعلاء بن عبد الكريم وعياش العامري وعيسى بن عبد الرحمن وعيسى بن أبي عزة وعيسى بن موسى الحرشي وغالب أبو الهذيل وغيلان بن جامع وفرات القزاز وفراس بن يحيى وفضيل بن غزوان وفضيل بن مرزوق وفطر بن خليفة وقابوس بن أبي ظبيان وأبو هاشم القاسم بن كثير وقيس بن مسلم وهو من قدمائهم وقيس بن وهب وكليب بن وائل وليث بن أبي سليم ومحارب بن دثار وابن إسحاق ومحمد بن أبي أيوب الثقفي ومحمد بن أبي بكر بن حزم ومحمد بن أبي حفصة ومحمد بن راشد المكحولي ومحمد بن الزبير الحنظلي ومحمد بن سعيد الطائفي ومحمد بن طارق المكي وابن أبي ذئب وابن أبي ليلى ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ومحمد بن عجلان ومحمد بن عقبة ومحمد بن عمر بن علي ومحمد بن عمرو بن علقمة وأبو الزبير محمد بن مسلم ومحمد بن المنكدر وهو من كبارهم ومخارق الأحمسي والمختار بن فلفل ومخول بن راشد ومزاحم بن زفر ومصعب بن محمد بن شرحبيل ومطرف بن طريف ومعاوية بن إسحاق بن طلحة ومعاوية بن صالح ومعبد بن خالد ومعمر بن راشد ومغيرة بن مقسم ومغيرة بن النعمان والمقدام بن شريح ومنصور بن حيان ومنصور بن صفية ومنصور بن المعتمر وموسى بن أبي عائشة وموسى بن عبيدة وموسى بن عقبة وميسرة بن حبيب وميسرة الأشجعي وأبو حمزة ميمون الأعور ونسير بن ذعلوق ونهشل بن مجمع ونوح بن أبي بلال وهارون بن عنترة وهشام بن إسحاق وهشام بن حسان وهشام بن عائد وهشام بن عروة وهشام بن أبي يعلى وواصل الأحدب ووبر بن أبي دليلة وورقاء بن إياس والوليد بن قيس السكوني ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي ويحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن هانىء بن عروة ويزيد بن أبي زياد ويزيد بن يزيد بن جابر ويعلى بن عطاء ويونس بن عبيد وأبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني وأبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم وأبو جعفر الفراء وأبو حنان الكلبي وأبو الجويرية الجرمي وأبو حيان التيمي وأبو خالد الدالاني وأبو روق الهمداني وأبو السوداء النهدي وأبو شهاب الحناط الكبير موسى وأبو عقيل مولى عمر بن الخطاب وأبو فروة الهمداني وأبو مالك الأشجعي وأبو هارون العبدي وأبو هاشم الرماني وأبو يحيى القتات وأبو يعفور العبدي.
ويقال: إن عدد شيوخه ست مئة شيخ وكبارهم الذين حدثوه عن أبي هريرة وجرير بن عبد الله وابن عباس و أمثالهم وقد قرأ الختمة عرضاً على حمزة الزيات أربع مرات. وأما الرواة عنه: فخلق فذكر أبو الفرج بن الجوزي أنهم أكثر من عشرين ألفاً وهذا مدفوع ممنوع فإن بلغوا ألفاً فبالجهد وما علمت أحداً من الحفاظ روى عنه عدد أكثر من مالك وبلغوا بالمجاهيل وبالكذابين ألفاً وأربع مئة.
حدث عنه من القدماء من مشيخته وغيرهم خلق منهم: الأعمش وأبان بن تغلب وابن عجلان وخصيف وابن جريج وجعفر الصادق وجعفر بن برقان وأبو حنيفة والأوزاعي ومعاوية بن صالح وابن أبي ذئب ومسعر وشعبة ومعمر وكلهم ماتوا قبله وإبراهيم بن سعد وأبو إسحاق الفزاري وأحمد بن يونس اليربوعي وأحوص بن جواب وأسباط بن محمد وإسحاق الأزرق وابن علية وأمية بن خالد وبشر بن السري وبشر بن منصور وبكر بن الشرود وبكير بن شهاب وثابت بن محمد العابد وثعلبة بن سهيل وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون والحارث بن منصور الواسطي والحسن بن محمد بن عثمان والحسين بن حفص وحصين بن نمير وحفص بن غياث وأبو أسامة وحماد بن دليل وحماد بن عيسى الجهني وحميد بن حماد وخالد بن الحارث وخالد بن عمرو القرشي وخلف بن تميم وخلاد بن يحيى ودبيس الملائي وروح بن عبادة وزهير بن معاوية وزيد بن أبي الزرقاء وزيد بن الحباب وسفيان بن عقبة وسفيان بن عيينة وأبو داود الطيالسي وسهل بن هاشم البيروتي وأبو الأحوص سلام وشعيب بن إسحاق وشعيب بن حرب وأبو عاصم وضمرة وعباد السماك وعبثر بن القاسم وعبد الله الخريبي وعبد الله بن رجاء المكي لا الغداني وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وعبد الله بن نمير وعبد الله بن الوليد العدني وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرحيم بن سليمان وعبد الرزاق وعبد الملك بن الذماري وعبدة بن سليمان وعبيد الله الأشجعي وعبيد الله بن عمرو الرقي وعبيد الله بن موسى وعبيد بن سعيد الأموي أخ ليحيى وعلي بن أبي بكر الإسفذني وعلي بن الجعد خاتمة أصحابه الأثبات وعلي بن حفص المدائني وعلي بن قادم وعمرو بن محمد العنقزي وعيسى بن يونس وأبو الهذيل غسان بن عمر العجلي وأبو نعيم والفضل السيناني وفضيل بن عياض والقاسم بن الحكم والقاسم بن يزيد الجرمي وقبيصة ومالك ومبارك بن سعيد أخوه ومحمد بن بشر ومحمد بن الحسن الأسدي ومحمد بن عبد الوهاب القناد ومحمد بن كثير العبدي ومصعب بن ماهان ومصعب بن المقدام وأبو همام محمد بن محبب ومحمد بن يوسف الفريابي ومخلد بن يزيد ومعاذ بن معاذ ومعاوية بن هشام ومعلى بن عبد الرحمن الواسطي ومهران بن أبي عمر وأبو خليفة موسى بن مسعود ومؤمل بن إسماعيل ونائل بن نجيح والنعمان بن عبد السلام وهارون بن المغيرة ووكيع بن الجراح والوليد بن مسلم ويحيى بن آدم ويحيى القطان ويحيى بن سليم الطائفي ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ويحيى بن يمان ويزيد بن أبي حكيم ويزيد بن زريع ويزيد بن هارون ويعلى بن عبيد ويوسف بن أسباط ويونس بن أبي يعفور وأبو أحمد الزبيري وأبو بكر الحنفي وأبو داود الحفري وأبو سفيان المعمري وأبو عامر العقدي وأمم سواهم.
قال يحيى بن أيوب العابد: حدثنا أبو المثنى قال: سمعتهم بمرو يقولون: قد جاء الثوري قد جاء الثوري. فخرجت أنظر إليه فإذا هو غلام قد بقل وجهه.
قلت: كان ينوه بذكره في صغره من أجل فرط ذكائه وحفظه وحدث وهو شاب.
قال عبد الرزاق وغيره عن سفيان قال: ما استودعت قلبي شيئاً قط فخانني.
قلت: أجل إسناد للعراقيين: سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله.
وقال شعبة وابن عيينة وأبو عاصم ويحيى بن معين وغيرهم: سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث.
وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومئة شيخ ما كتبت عن أفضل من سفيان.
وعن أيوب السختياني قال: ما لقيت كوفياً أفضله على سفيان.
وقال البراء بن رتيم: سمعت يونس بن عبيد يقول: ما رأيت أفضل من سفيان. فقيل له: فقد رأيت سعيد بن جبير وإبراهيم وعطاء ومجاهداً وتقول هذا؟ قال: هو ما أقول ما رأيت أفضل من سفيان.
وقال ابن المهدي: ما رأت عيناي أفضل من أربعة أو مثل أربعة ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري ولا أشد تقشفاً من شعبة ولا أعقل من مالك ولا أنصح للأمة من ابن المبارك.
وروى وكيع عن شعبة قال: سفيان أحفظ مني. وقال عبد العزيز بن أبي رزمة: قال رجل لشعبة: خالفك سفيان. فقال: دمغتني.
وقال ابن مهدي: كان وهيب يقدم سفيان في الحفظ على مالك. وقال يحيى القطان: ليس أحد أحب إلي من شعبة ولا يعدله أحد عندي. وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
وقال عباس الدوري: رأيت يحيى بن معين لا يقدم على سفيان أحداً في زمانه في الفقه والحديث والزهد وكل شيء.
ابن شوذب: سمعت أيوب السختياني يقول: ما قدم علينا من الكوفة أحد أفضل من سفيان الثوري.
وقال ابن مهدي: رأى أبو إسحاق السبيعي سفيان الثوري مقبلاً فقال: “وآتيناه الحكم صبياً” مريم 12.
وروي من وجوه عن يونس بن عبيد قال: ما رأيت كوفياً أفضل من سفيان.
سفيان بن وكيع: حدثنا أبو يحيى الحماني سمع أبا حنيفة يقول: لو كان سفيان الثوري في التابعين لكان فيهم له شأن. وعن أبي حنيفة قال: لو حضر علقمة والأسود لاحتاجا إلى سفيان.
وروى ضمرة عن المثنى بن الصباح قال: سفيان عالم الأمة وعابدها.
أبو داود الحفري: عن ابن أبي ذئب قال: ما رأيت أشبه بالتابعين من سفيان الثوري.
وقال أبو قطن عن شعبة: ساد سفيان الناس بالورع والعلم.
يعقوب الحضرمي: سمعت شعبة يقول: سفيان أمير المؤمنين في الحديث.
وعن ابن عيينة: قال ما رأيت رجلاً أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري.
نعيم بن حماد: عن ابن وهب قال: ما رأيت مثل سفيان الثوري.
وعن ابن المبارك قال: ما نعت لي أحد فرأيته إلا وجدته دون نعته إلا سفيان الثوري.
وقال أحمد بن حنبل: قال لي ابن عيينة: لن ترى بعينيك مثل سفيان الثوري حتى تموت.
علي بن الحسين بن شقيق عن عبد الله قال: ما أعلم على الأرض أعلم من سفيان.
وعن حفص بن غياث قال: ما أدركنا مثل سفيان ولا أنفع من مجالسته.
وقال أبو معاوية: ما رأيت رجلاً قط أحفظ لحديث الأعمش من الثوري كان يأتي فيذاكرني بحديث الأعمش فما رأيت أحداً أعلم منه بها.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش.
وقال ابن عرعرة: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أثبت من شعبة وأعلم بالرجال.
وقال محمد بن زنبور: سمعت الفضيل يقول: كان سفيان والله أعلم من أبي حنيفة.
وقال ابن راهويه: سمعت عبد الرحمن بن مهدي ذكر سفيان وشعبة ومالكاً وابن المبارك فقال: أعلمهم بالعلم سفيان.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: سمعت يحيى القطان يقول: ما رأيت أحداً أحفظ من سفيان ثم شعبة.
وقال بشرالحافي: كان الثوري عندنا إمام الناس. وعنه قال: سفيان في زمانه كأبي بكر وعمر في زمانهما.
قال ابن معين: لم يكن أحد أعلم بحديث الأعمش ومنصور وأبي إسحاق من الثوري. وعن أبي إسحاق الفزاري قال: ما رأيت مثل الثوري. وقال أبو بكر بن عياش: إني لأرى الرجل يصحب سفيان فيعظم في عيني.
وقال ورقاء وجماعة: لم ير سفيان الثوري مثل نفسه. وعن شعيب بن حرب قال: إني لأحسب أنه يجاء غداً بسفيان حجة من الله على خلفه يقول لهم: لم تدركوا نبيكم قد رأيتم سفيان.
قال أبو عبيدة الآجري: سمعت أبا داود يقول: ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء إلا يظفر به سفيان خالفه في أكثر من خمسين حديثاً القول فيها قول سفيان.
وعن يحيى بن معين قال: ماخالف أحد سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان.
روى يحيى بن نصر بن حاجب عن ورقاء قال: لم ير الثوري مثل نفسه.
قال ابن عيينة: أصحاب الحديث ثلاثة: ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه والثوري في زمانه.
قال علي بن المديني: لا أعلم سفيان صحف في شيء قط إلا في اسم امرأة أبي عبيدة كان يقول: حفينة يعني: الصواب: بجيم.
وروى المروذي عن أحمد بن حنبل قال: أتدري من الإمام؟ الإمام سفيان الثوري لا يتقدمه أحد في قلبي.
قال الخريبي: ما رأيت أفقه من سفيان.
وعن ابن عيينة: جالست عبد الرحمن بن القاسم وصفوان بن سليم وزيد بن أسلم فما رأيت فيهم مثل سفيان.
قال أبو قطن: قال لي شعبة: إن سفيان ساد الناس بالورع والعلم. وقال قبيصة: ما جلست مع سفيان مجلساً إلا ذكرت الموت ما رأيت أحداً كان أكثر ذكراً للموت منه.
وروى عبد الله بن خبيق عن يوسف بن أسباط: قال لي سفيان بعد العشاء: ناولني المطهرة أتوضأ. فناولته فأخذها بيمينه ووضع يساره على خده فبقي مفكراً ونمت ثم قمت وقت الفجر فإذا المطهرة في يده كما هي فقلت: هذا الفجر قد طلع فقال: لم أزل منذ ناولتني المطهرة أتفكر في الآخرة حتى الساعة. وقال يوسف بن أسباط: سئل الثوري عن مسألة وهو يشتري شيئاً فقال: دعني فإن قلبي عند درهمي.
وروى موسى بن العلاء عن حذيفة المرعشي قال: قال سفيان: لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس.
وقال رواد بن الجراح: سمعت الثوري يقول: كان المال فيما مضى يكره فأما اليوم فهو ترس المؤمن.
وقال عبد الله بن محمد الباهلي: جاء رجل إلى الثوري يشاوره في الحج قال: لا تصحب من يكرم عليك فإن ساويته في النفقة أضربك وإن تفضل عليك استذلك.
ونظر إليه رجل وفي يده دنانير فقال: يا أبا عبد الله تمسك هذه الدنانير قال: اسكت فلولاها لتمندل بنا الملوك.
قلت: قد كان سفيان رأساً في الزهد والتأله والخوف رأساً في الحفظ رأساً في معرفة الآثار رأساً في الفقه لا يخاف في الله لومة لائم من أئمة الدين واغتفر له غير مسألة اجتهد فيها وفيه تشيع يسير كان يثلث بعلي وهو على مذهب بلده أيضاً في النبيذ ويقال: رجع عن كل ذلك. وكان ينكر على الملوك ولا يرى الخروج أصلاً وكان يدلس في روايته وربما دلس عن الضعفاء وكان سفيان بن عيينة مدلساً لكن ما عرف له تدليس عن ضعيف.
أحمد: حدثنا موسى بن داود: سمعت سفيان يقول سنة ثمان وخمسين ومئة: لي إحدى وستون سنة.
وكيع: ولد سفيان سنة ثمان وتسعين ومات وله ثلاث وستون سنة.
سفيان بن وكيع: حدثنا أبي قال: مات سفيان وله مئة دينار بضاعة فأوصى إلى عمار بن سيف في كتبه فأحرقها ولم يعقب سفيان كان له ابن فمات قبله فجعل كل شيء له لأخته وولدها ولم يورث أخاه المبارك شيئاً وتوفي المبارك سنة ثمانين ومئة.
قال ابن معين: بلغني أن شريكاً والثوري وإسرائيل وفضيل بن عياض وغيرهم من فقهاء الكوفة ولدوا بخراسان كان يبعث بآبائهم في البعوث ويتسرى بعضهم ويتزوج بعضهم فلما قفلوا نقلوهم إلى الكوفة ومسروق جد الثوري شهد الجمل مع علي.
أبو العيناء: عن عبد الله بن خبيق قال يوسف بن أسباط: كان سفيان إذا أخذ في ذكر الآخرة يبول الدم.
عبد الرحمن بن مهدي: سمعت سفيان يقول: ما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط إلا عملت به ولو مرة.
حاتم بن الوليد الكرماني: سمعت يحيى بن أبي بكير يقول: قيل لسفيان الثوري: إلى متى تطلب الحديث؟ قال: وأي خير أنا فيه خير من الحديث فأصير إليه؟ إن الحديث خير علوم الدنيا.
يحيى القطان: سمعت سفيان يقول: إن أقبح الرعية أن يطلب الدنيا بعمل الآخرة.
وقال عبد الرزاق: دعا الثوري بطعام ولحم فأكله ثم دعا بتمر وزبد فأكله ثم قام وقال: أحسن إلى الزنجي وكده.
أبو هشام الرفاعي: سمعت يحيى بن يمان عن سفيان قال: إني لأرى الشيء يجب علي أن أتكلم فيه فلا أفعل فأبول دماً.
ابن مهدي: كنا مع الثوري جلوساً بمكة فوثب وقال: النهار يعمل عمله.
وعن سفيان: ما وضع رجل يده في قصعة رجل إلا ذل له.
أحمد بن يونس: سمعت الثوري ما لا أحصيه يقول: اللهم سلم سلم اللهم سلمنا وارزقنا العافية في الدنيا والآخرة.
قال يحيى بن يمان: قال سفيان: ما شيء أبغض إلي من صحبة قارىء ولا شيء أحب إلي من صحبة فتى.
أبو هشام: حدثنا وكيع: سمعت سفيان يقول: ليس الزهد بأكل الغليظ ولبس الخشن ولكنه قصر الأمل وارتقاب الموت.
يحيى بن يمان: سمعت سفيان يقول: المال داء هذه الأمة والعالم طبيب هذه الأمة فإذا جر العالم الداء إلى نفسه فمتى يبرىء الناس؟ وعن سفيان قال: ما نعلم شيئاً أفضل من طلب العلم بنية.
الخريبي: عن سفيان قال: احذر سخط الله في ثلاث: احذر أن تقصر فيما أمرك واحذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك وأن تطلب شيئاً من الدنيا فلا تجده أن تسخط على ربك.
قال خالد بن نزار الأيلي: قال سفيان: الزهد زهدان: زهد فريضة وزهد نافلة. فالفرض: أن تدع الفخر والكبر والعلو والرياء والسمعة والتزين للناس. وأما زهد النافلة: فأن تدع ما أعطاك الله من الحلال فإذا تركت شيئاً من ذلك صار فريضة عليك ألا تتركه إلا لله. وقيل: إن عبد الصمد عم المنصور دخل على سفيان يعوده فحول وجهه إلى الحائط ولم يرد السلام فقال عبد الصمد: يا سيف أظن أبا عبد الله نائماً. قال: أحسب ذلك أصلحك الله فقال سفيان: لا تكذب لست بنائم. فقال عبد الصمد: يا أبا عبد الله لك حاجة؟ قال: نعم ثلاث حوائج: لا تعود إلي ثانية ولا تشهد جنازتي ولا تترحم علي فخجل عبد الصمد وقام فلما خرج قال: والله لقد هممت أن لا أخرج إلا ورأسه معه.
قال يوسف بن أسباط: قال سفيان: زينوا العلم والحديث بأنفسكم ولا تتزينوا به.
قال محمد بن سعد: طلب سفيان فخرج إلى مكة فنفذ المهدي إلى محمد بن إبراهيم وهو على مكة في طلبه فأعلم سفيان بذلك وقال له محمد: إن كنت تريد إتيان القوم فأظهر حتى أبعث بك إليهم وإلا فتوار.
قال: فتوارى سفيان وطلبه محمد وأمر منادياً فنادى بمكة: من جاء بسفيان فله كذا وكذا. فلم يزل متوارياً بمكة لا يظهر لأهل العلم ومن لا يخافه.
وعن أبي شهاب الحناط قال: بعثت أخت سفيان بجراب معي إلى سفيان وهو بمكة فيه كعك وخشكنان فقدمت فسألت عنه فقيل لي: ربما قعد عند الكعبة مما يلي الحناطين فأتيته فوجدته مستلقياً فسلمت عليه فلم يسائلني تلك المساءلة ولم يسلم علي كما كنت أعرفه فقلت: إن أختك بعثت معي بجراب فاستوى جالساً وقال: عجل بها. فكلمته في ذلك فقال: يا أبا شهاب لا تلمني فلي ثلاثة أيام لم أذق فيها ذواقاً فعذرته.
قال ابن سعد: فلما خاف من الطلب بمكة خرج إلى البصرة ونزل قرب منزل يحيى بن سعيد ثم حوله إلى جواره وفتح بينه وبينه باباً فكان يأتيه بمحدثي أهل البصرة يسلمون عليه ويسمعون منه. أتاه جرير بن حازم ومبارك بن فضالة وحماد بن سلمة ومرحوم العطار وحماد بن زيد وأتاه عبد الرحمن بن مهدي فلزمه وكان أبو عوانة يسلم على سفيان بمكة فلم يرد عليه فكلم في ذلك فقال: لا أعرفه. ولما عرف سفيان أنه اشتهر مكانه ومقامه قال ليحيى: حولني فحوله إلى منزل الهيثم بن منصور فلم يزل فيه فكلمه حماد بن زيد في تنحيه عن السلطان وقال: هذا فعل أهل البدع وما يخاف منهم. فأجمع سفيان وحماد على أن يقدما بغداد وكتب سفيان إلى المهدي وإلى يعقوب بن داود الوزير فبدأ بنفسه فقيل: إنهم يغضبون من هذا فبدأ بهم فقيل: إنهم يغضبون من هذا. فبدأ بهم وأتاه جواب كتابه بما يحب من التقريب والكرامة والسمع منه والطاعة فكان على الخروج إليه فحم ومرض وحضر الموت فجزع فقال له مرحوم بن عبد العزيز: ما هذا الجزع؟ فإنك تقدم على الرب الذي كنت تعبده. فسكن وقال: انظروا من هنا من أصحابنا الكوفيين. فأرسلوا إلى عبادان فقدم عليه جماعة وأوصى ثم مات.
وأخرجت جنازته على أهل البصرة فجأة فشهده الخلق وصلى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر وكان رجلاً صالحاً ونزل في حفرته هو وخالد بن الحارث.
أبو هشام الرفاعي: حدثنا وكيع قال: دخل عمر بن حوشب الوالي على سفيان فسلم عليه فأعرض عنه فقال: يا سفيان نحن والله أنفع للناس منك نحن أصحاب الديات وأصحاب الحمالات وأصحاب حوائج الناس والإصلاح بينهم وأنت رجل نفسك. فأقبل عليه سفيان فجعل يحادثه ثم قام فقال سفيان: لقد ثقل علي حين دخل ولقد غمني قيامه من عندي حين قام.
قال عبد الرزاق: ما رأيت أحداً أحفظ لما عنده من الثوري. قيل له: ما منعك أن ترحل إلى الزهري؟ قال: لم تكن دراهم.
قال يحيى القطان: سفيان الثوري فوق مالك في كل شيء رواها ابن المديني عنه.
قال ابن مهدي: قال لي سفيان: لو كانت كتبي عندي لأفدتك علماً كتبي عند عجوز بالنيل.
الكديمي: حدثنا أبو حذيفة: سمعت سفيان يقول: كنا نأتي أبا إسحاق الهمداني وفي عنق إسرائيل يعني حفيده طوق من ذهب.
ابن المديني: قال كان ابن المبارك يقول: إذا اجتمع هذان على شيء فذاك قوي يعني سفيان وأبا حنيفة.
علي بن مسهر: عن سفيان قال: حفاظ الناس أربعة: يحيى بن سعيد الأنصاري وإسماعيل بن أبي خالد وعبد الملك بن أبي سليمان وعاصم الأحول. قلت: فالأعمش؟ فأبى أن يجعله معهم.
أحمد بن يونس: سمعت زائدة وذكر عنده سفيان فقال: ذاك أفقه أهل الدنيا.
وكيع: عن شعبة قال: سفيان أحفظ مني. ابن حميد: سمعت مهران الرازي يقول: كتبت عن سفيان الثوري أصنافه فضاع مني كتاب الديات فذكرت ذلك له فقال: إذا وجدتني خالياً فاذكر لي حتى أمله عليك. فحج فلما دخل مكة طاف بالبيت وسعى ثم اضطجع فذكرته فجعل يملي علي الكتاب باباً في إثر باب حتى أملاه جميعه من حفظه.
قال الزعفراني: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عفان: أيهما أكثر غلطاً سفيان أو شعبة؟ قال شعبة بكثير. فقال أحمد: في أسماء الرجال.
عبد الرزاق: سمعت سفيان يقول: سلوني عن علم القرآن والمناسك فإني عالم بهما.
أبو قدامة: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما كتبت عن سفيان عن الأعمش أحب إلي مما كتبته عن الأعمش.
إبراهيم بن أبي الليث: سمعت الأشجعي يقول: سمعت من الثوري ثلاثين ألف حديث.
قال يحيى القطان: مات ابن أبي خالد وأنا بالكوفة فجلس إلى جنبي سفيان ننتظر الجنازة فقال: يا يحيى خذ حتى أحدثك عن إسماعيل بعشرة أحاديث لم تسمع منها بشيء فحدثني بعشرة وكنت بمكة وبها الأوزاعي فلقيني سفيان الثوري على الصفا فقال: يا يحيى خرج الأوزاعي الليلة؟ قلت: نعم. فقال: اجلس لا تبرح حتى أحدثك عنه بعشرة لم تسمع منها بشيء. قلت: وأي شيء سمعت أنا منه؟ فلم يدعني حتى حدثني عنه بعشرة أحاديث لم أسمع منها بواحد.
قال الأشجعي: سمعت سفيان يقول: لو هم رجل أن يكذب في الحديث وهو في بيت في جوف بيت لأظهر الله عليه.
عن ابن مهدي قال: ما رأيت رجلاً أعرف بالحديث من الثوري.
القواريري: قال يحيى القطان: بات عندي سفيان الثوري فحدثته بحديثين أحدهما: عن عمرو بن عبيد فقام يصلي فرفعت المصلى فإذا هو قد كتبهما عني.
أبو مسهر: عن عيسى بن يونس قال: دخل سفيان الثوري على محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي فاحتبس عنده ثم خرج إلينا فقال: إنه كذاب.
قال أبو مسهر: قتله أبو جعفر في الزندقة.
أبو العباس الدغولي: حدثنا محمد بن مشكان حدثنا عبد الرزاق قال: قال ابن المبارك: كنت أقعد إلى سفيان الثوري فيحدث فأقول ما بقي من علمه شيء إلا وقد سمعته ثم أقعد عنده مجلساً آخر فيحدث فأقول ما سمعت من علمه شيئاً.
الفلاس: سمعت سفيان بن زياد يقول ليحيى بن سعيد القطان في حديث: يا أبا سعيد قد خالفك أربعة. قلت: من؟ قال: زائدة وشريك وأبو الأحوص وإسرائيل. فقال يحيى: لو كان أربعة آلاف مثل هؤلاء كان سفيان أثبت منهم.
عبد الرزاق: سمعت الأوزاعي يقول: لو قيل: اختر لهذه الأمة رجلاً يقوم فيها بكتاب الله وسنة نبيه لاخترت لهم سفيان الثوري.
أبو همام: حدثنا المبارك بن سعيد قال: رأيت عاصم بن أبي النجود يجيء إلى سفيان الثوري يستقيه ويقول: يا سفيان أتيتنا صغيراً وأتيناك كبيراً.
عباس: عن ابن المعين قال: ليس أحداً في حديث الثوري يشبه هؤلاء ابن المبارك ويحيى بن سعيد ووكيع وعبد الرحمن ثم قال: والأشجعي ثقة مأمون. قال: وبعد هؤلاء في سفيان يحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى وأبو أحمد الزبيري وأبو حذيفة وقبيصة ومعاوية بن هشام والفريابي. قلت: فأبو داود الحفري قال: أبو داود رجل صالح.
قال الفضل بن محمد الشعراني: سمعت يحيى بن أكثم يقول: كان في الناس رؤساء كان سفيان الثوري رأساً في الحديث وأبو حنيفة رأساً في القباس والكسائي رأساً في القراء فلم يبق اليوم رأس في فن من الفنون.
قلت: كان بعد طبقة هؤلاء رؤوس فكان عبد الرحمن بن مهدي رأساً في الحديث وأبو عبيدة معمر رأساً في اللغة والشافعي رأساً في الفقه ويحيى الزبيري رأساً في القراءات ومعروف الكرخي رأساً في الزهد.
ثم كان بعدهم ابن المديني رأساً في الحديث وعلله وأحمد بن حنبل رأساً في الفقه والسنة وأبو عمر الدوري رأساً في القراءات وابن الأعرابي رأساً في اللغة والسري السقطي رأساً في الزهد.
ويمكن أن نذكر في كل طبقة بعد ذلك أئمة على هذا النمط إلى زماننا فرأس المحدثين اليوم أبو الحجاج القضاعي المزي ورأس الفقهاء القاضي شرف الدين البارزي ورأس المقرئين جماعة ورأس العربية أبو حيان الأندلسي ورأس العباد الشيخ علي الواسطي ففي الناس بقايا خير ولله الحمد. عن ابن مهدي قال: نزل عندنا سفيان وقد كنا ننام أكثر الليل فلما نزل عندنا ما كنا ننام إلا أقله ولما مرض بالبطن كنت أخدمه وأدع الجماعة فسألته فقال: خدمة مسلم ساعة أفضل من صلاة الجماعة فقلت: ممن سمعت هذا؟ قال: حدثني عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: لأن أخدم رجلاً من المسلمين على علة يوماً واحداً أحب إلي من صلاة الجماعة ستين عاماً لم يفتني فيها التكبيرة الأولى.
قال: فضج سفيان لما طالت علته فقال: يا موت يا موت ثم قال: لا أتمناه ولا أدعو به. فلما احتضر بكى وجزع فقلت له: يا أبا عبد الله ما هذا البكاء؟ قال: يا عبد الرحمن لشدة ما نزل بي من الموت الموت والله شديد. فمسسته فإذا هو يقول: روح المؤمنين تخرج رشحاً فأنا أرجو. ثم قال: الله أرحم من الوالدة الشفيقة الرفيقة إنه جواد كريم وكيف لي أن أحب لقاءه وأنا أكره الموت. فبكيت حتى كدت أن أختنق أخفي بكائي عنه وجعل يقول: أوه.. أوه من الموت.
سفيان الثوري
97 -161 هـ
بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري التميمي المضري من بني ثور من حلف الرباب من بني تميم، كونه أبناء عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الذي ينتهي نسبه إلي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
كان أحد أئمة الإسلام، ولد سنة سبع وتسعين بالكوفة في خلافة سليمان بن عبد الملك.
يقال أن عدد شيوخه ستمائة شيخ وكبارهم الذين حدثوه عن أبو هريرة وجرير بن عبد الله وابن عباس وأمثالهم وقد قرأ الختمة عرضا على حمزة الزيات أربع مرات وأما الرواة عنه فخلق فذكر ابن الجوزي أنهم أكثر من عشرون ألفا.
ورد في “وفيات الأعيان” لابن خلكان:
” أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحكم بن الحارث بن ثعلبة بن ملكان ابن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الثوري الكوفي؛ كان إماماً في علم الحديث وغيره من العلوم، وأجمع الناس على دينه وورعه وزهده وثقته، وهو أحد الأئمة المجتهدين، ويقال إن الشيخ في ترجمته في حرف الجيم.
وقال يونس بن عبيد: ما رأيت كوفياً أفضل من سفيان، قالوا: إنك رأيت سعيد بن جبير وفلاناً وفلاناً، قال: ما رأيت كوفياً أفضل من سفيان.
وقال سفيان بن عيينة: ما رأى سفيان مثله. أكل سفيان ليلة فشبع فقال: الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله، فقام حتى أصبح.
وحدث ابن عيينة قال: دعانا سفيان فقدم إلينا غداء ولبناً خائراً، فلما توسطنا قال: قوموا بنا نصلي ركعتين شكراً لله تعالى؛ قال ابن وكيع-وكان حاضراً-: لو قدم إلينا شيئاً من هذا اللوزينج المحدث لقال: قوموا بنا نصلي التراويح.
وقال بشر بن الحارث: كان سفيان الثوري كأن العلم بين عينيه، يأخذ منه ما يريد ويدع منه ما يريد.
وقال الأوزاعي: كنت أقول فيمت ضحك في الصلاة قولاً لا أدري كيف هو، فلما لقيت سفيان الثوري سأله فقال: يعيد الصلاة والوضوء، فأخذت به.
وكان عصام بن أبي النجود يجيء إلى سفيان يستفتيه ويقول: يا سفيان أتيتنا صغيراً وأتيناك كبيراً.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت رجلاً أحسن عقلاً من مالك بن أنس، ولا رأيت رجلاً أنصح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن مبارك، ولا أعلم بالحديث من سفيان، ولا أقشف من شعبة.
وقال سفيان الثوري: ما استودعت قلبي شيئاً فخانني.
وقيل: لقي سفيان الثوري شريكاً بعدما ولي القضاء بالكوفة فقال: يا أبا عبد الله، بعد الإسلام والتفقه والخير تلي القضاء، أو صرت قاضياً؟ فقال له شريك: يا أبا عبد الله، لابد لنلاس من قاض، فقال سفيان: يا أبا عبد الله، لابد الناس من شرطي.
وحدث عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن بن عبد الله البصري، قال: قال رجل لسفيان: اوصني، فقال: اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها واعمل للآخرة بقدر دوامك فيها والسلام.
وجاء سفيان الثوري إلى صيرفي بمكة يشتري منه دراهم بدينار، فأعطاه الدينار، وكان معه آخر فسقط من سفيان، فطلبه فإذا إلى جانبه دينار آخر، قال له الصيرفي: خذ دينارك، قال: ما أعرفه، قال: خذ الناقص، قال: فلعله الزائد، وتركه ومضى.
وقال شعيب بن حرب: سمعت سفيان الثوري يقول: انظر درهمك من أين هو وصل في الصف الآخر.
وقال عبد الله بن صالح العجلي: دخل سفيان على المهدي فقال: سلام عليكم، كيف أنتم يا أبا عبد الله؟ ثم جلس فقال: حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأنفق في حجته ستة عشر ديناراً، وأنت حججت فأنفقت في حجتك بيوت الأموال، قال: فأي شيء تريد؟ تريد أن أكون مثلك؟ قال: فوق ما أنا فيه ودون ما أنت فيه، فقال وزيره أبو عبيد الله: أبا عبد الله قد كانت كتبك تأتينا فننفذها، قال: من هذا؟ قال: أبو عبيد الله وزيري، قال: احذره فإنه كذاب، إني ما كتبت إليك، ثم قام فقال له المهدي: إلى أين با أبا عبد الله، قال: أعود؛ وكان قد ترك نعله حين قامن فعاد فأخذها ثم مضى، فانتظره المهدي فلم يعد، فقال: وعدنا أن يعود فلم يعد، فعلم أنه عاد لأخذ نعله، فغضب فقال: قد أمن الناس إلا سفيان الثوري وإنه لفي المسجد الحرام، فذهب فألقى نفسه بين النساء فخبأنه، فقيل له: لم فعلت؟ فقال: إنهن أرحم؛ ثم خرج إلى البصرة فلم يزل بها حتى مات.
قال عبد الرحمن بن مهدي: لما قدم سفيان البصرة والسلطان يطلبه، صار في بعض البساتين، واجر نفسه على أن يحفظ ثمارها، فمر به بعض العشارين فقال: من أين أنت يا شيخ؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أخبرني رطب البصرة أخلى أم رطب الكوفة؟ قال: أما رطب البصرة فلم أذقه ولكن رطب السابري بالكوفة حلو، فقال: ما أكذبك من شيخن الكلاب والبر والفاجر يأكلون الرطب الساعة وأنت تزعم أنك لم تذقه! فرجع إلى العامل ليخبره بما قال لتعجبه، فقال: ثكلتك أمك، ادركه إن كنت صادقاً فإنه سفيان الثوري لتتقرب به إلى أمير المؤمنين، فرجع في طلبه فما قدر عليه.
ودخل سفيان على المهدي فكلمه بكلام فيه غلظة فقال له عيسى بن موسى: تكلم أمير المؤمنين بمثل هذا الكلام وإنما أنت رجل من ثور، فقال له سفيان: إن من أطاع الله من ثور خير ممن عصى الله من قومك.
وكان فتى يجالسه ولا يتكلم، فأحب سفيان أن يعرف نطقه فقال له: يا فتى إن من كان قبلنا مروا على خيل سابقة وبقينا بعدهم على حمر دبرة، فقال الفتى: يا أبا عبد الله، إن كنا على الطريق فما أسرع لحوقنا بهم.
وحدث أبو بكر ابن عياش قال: كنت أنا وسفيان الثوري نمشي فرأينا شيخاً أبيض الرأس واللحية حسن السمت، فقال له سفيان: يا شيخ أعندك شيء من الحديث؟ قال: لا، ولكن عندي عتيق سنين، فنظرنا فإذا هو خمار.
وحكى ضمرة قال: سألت سفيان الثوري: أصافح اليهود والنصارى؟ فقال: برجلك نعم. وقال له رجل: إني أريد الحج، فقال: لا تصحب من يتكرم عليك فإن ساويته في النفقة أضر بك وإن تفضل عليك استذلك.
وكان يقول: من كان في يده شيء من هذه الدراهم فليصلحه فإنه في زمان إن احتاج كان أول من يبذل دينه. وحكي عنه أنه قال: إني لألقى الرجل أبغضه فيقول لي: كيف اصبحت؟ فيلين له قلبي، فكيف بمن أكل ثريدهم ووطئ بساطهم؟ وقيل إن المهدي قال للخيزران: أريد أتزوج، وكانت بكتاب فقالت له: لا يحل لك أن تتزوج علي، قال: بلى، قالت له: بيني وبينك من شئت، قال: أترضين سفيان الثوري؟ قالت: نعم، فوجه إلى سفيان فقال: إن أم الرشيد تزعم أنه لا يحل لي أتزوج عليها وقد قال الله عز وجل “فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع” ثم سكت، فقال له سفيان: أتم الآية، يريد قوله تعالى “فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة”. النساء. وأنت لا تعدل، فأمر له بعشرة آلاف درهم فأبى أن يقبلها.
ومثل هذه النادرة ما أخبرني به الفقيه أمين الدين المحلي الذي كان في جملة المتصدرين عند الفقيه برهان الدين ابن الفقيه نصر وهو يومئذ صاحب ديوان الأحباس، وكتب أسماءهم ينتدبهم للمضي إلى الخانقاه إلى المقام السلطاني في مهم فاعتذر رجل منهم فخط على اسمه وكتب غيره، فقام رجل يعتذر فقال: المملوك كما قال الله عز وجل (إن بيوتنا عورة) فقال له الفقيه أمين الدين: صصل، يشير إلى بقية الآية وهي قوله تعالى “وما هي بعورة أن يريدون إلا فراراً” الأحزاب. فضحك البرهان والحاضرون، وقال: لا أجمع عليك بين الفقه وبين تكليفك المجيء، ثم خط على اسمه وابتدأ بغيره.
قال سفيان بن عيينة: ما رأيت رجلاص أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري. وقال عبد الله بن المبارك: لا نعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان الثوري. ويقال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه في زمانه رأس الناس، وبعده عبد الله بن عباس، وبعده الشعبي، وبعده سفيان الثوري.
سمع سفيان الثوري الحديث من أبي إسحاق السبيعي والأعمش ومن في طبقتهما، وسمع منه الأوزاعي وابن جريج ومحمد بن إسحاق ومالك تلك الطبقة.
وذكر المسعودي في “مروج الذهب” ما مثاله: قال القعقاع بن حكيم: كنت عند المهدي وقد أتي بسفيان الثوري، فلما دخل عليه سلم تسليم العامة ولم يسلم بالخلافة، والربيع قائم على رأسه متكئاً على سيفه يرقب أمره، فأقبل عليه المهدي بوجه طلق، وقال له: يا سفيان، تفر منا ها هنا وها هنا وتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك، فقد قدرنا عليك الآن، افما تخشى أن نحكم فيك بهوانا؟ قال سفيان: إن تحكم في يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل، فقال له الربيع: يا أمير المؤمنين، ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا؟ إيذن لي أن أضرب عنقه، فقال له المهدي: اسكت ويلك، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم؟ اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يعترض عليه في حكم، فكتب عهده ودفع إليه، فأخذه وخرج فرمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد فلم يوجد. ولما امتنع من قضاء الكوفة وتولاه شريك بن عبد الله النخعي قال الشاعر:
تحرز سفـيان وفـر بـدينـه وأمسى شريك مرصداً للدراهم
وحكي عن أبي صالح بن حرب المدائني-وكان أحد السادة الأئمة الأكابر في الحفظ والدين-أنه قال: إنني لأحسب يجاء بسفيان الثوري يوم القيامة حجة من الله على الخلق، يقال لهم: لم تدركوا نبيكم عليه أفضل الصلاة والسلام فلقد رأيتم سفيان الثوري، ألا اقتديتم به؟.
ومولده في سنة خمس، وقيل ست، وقيل سبع وتسعين للهجرة. وتوفي بالبصرة أول سنة إحدى وستين ومائة متوارياً من السلطان، ودفن عشاء رحمه الله تعالى؛ ولم يعقب.
والثوري: بفتح الثاء المثلثة وبعدها واو ساكنة وراء، هذه النسبة إلى ثور ابن عبد مناة، وثم ثوري آخر في بني تميم، وثوري آخر بطن من همدان.
وقيل: إنه توفي سنة اثنتين وستين، والأول أصح”.
وجاء في “سير أعلام النبلاء” للذهبي:
“سفيان ابن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي ابن عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكذا نسبه ابن أبي الدنيا عن محمد بن خلف التيمي غير أنه أسقط منه منقذاً والحارث وزاد بعد مسروق حمزة والباقي سواء.
وكذلك ذكر نسبه الهيثم بن عدي وابن سعد و أنه من ثور طابخة وبعضهم قال: هو من ثور همدان وليس بشيء.
هو شيخ الإسلام إمام الحفاظ سيد العلماء العاملين في زمانه أبو عبد الله الثوري الكوفي المجتهد مصنف كتاب الجامع.
ولد سنة سبع وتسعين اتفاقاً وطلب العلم وهو حدث باعتناء والده المحدث الصادق: سعيد بن مسروق الثوري وكان والده من أصحاب الشعبي وخيثمة بن عبد الرحمن ومن ثقات الكوفيين و عداده في صغار التابعين. روى له الجماعة الستة في دواوينهم وحدث عنه أولاده: سفيان الإمام وعمر ومبارك وشعبة بن الحجاج وزائدة وأبو الأحوص وأبو عوانة وعمر بن عبيد الطنافسي و آخرون.
ومات سنة ست وعشرين ومئة. معجم شيوخ أبي عبد الله: إبراهيم بن عبد الأعلى وإبراهيم بن عقبة وإبراهيم بن محمد بن المنتشر وإبراهيم بن مهاجر وإبراهيم بن ميسرة وإبراهيم بن مزيد الخوزي وأجلح بن عبد الله وآدم بن سليمان وأسامة بن زيد وإسرائيل أبو موسى و أسلم المنقري وإسماعيل بن إبراهيم المخزومي وإسماعيل السدي وإسماعيل بن كثير والأسود بن قيس وأشعث بن أبي الشعثاء والأغر بن الصباح وأفلت بن خليفة وإياد بن لقيط وأيوب السختياني وأيوب بن موسى والبختري بن المختار وبرد بن سنان وبريد بن عبد الله بن أبي بردة وبشير أبو إسماعيل وبشير صاحب ابن الزبير وبكير بن عطاء وبهز بن حكيم وبنان بن بشر وتوبة العنبري وثابت بن عبيد وأبو المقدام ثابت بن هرمز وثور بن يزيد وثوير بن أبي فاختة وجابر الجعفي وجامع بن أبي راشد وجامع بن شداد وجبلة بن سحيم وجعفر بن برقان وجعفر الصادق وجعفر بن ميمون وحبيب بن أبي ثابت وهو من كبار شيوخه وحبيب بن الشهيد وحبيب بن أبي عمرة وحجاج بن فرافصة والحسن بن عبيد الله والحسن بن عمرو الفقيمي وحصين بن عبد الرحمن وحكيم بن جبير وحكيم بن الديلم وحماد بن أبي سليمان وحمران بن أعين وحميد بن قيس وحميد الطويل وحنظلة بن أبي سفيان وخالد بن سلمة الفأفاء وخالد الحذاء وخصيف بن عبد الرحمن وأبو الجحاف داود بن أبي عوف وداود بن أبي هند وراشد بن كيسان ورباح بن أبي معروف والربيع بن أنس والربيع بن صبيح وربيعة الرأي والركين بن الربيع وزبيد اليامي والزبير بن عدي وزياد بن إسماعيل وزياد بن علاقة وهو من كبار مشيخته وزيد بن أسلم وزيد بن جبير وزيد العمي وسالم الأفطس وسالم أبو النضر وسعد بن إبراهيم وسعد بن إسحاق بن كعب وسعيد الجريري وأبو سنان سعيد بن سنان الشيباني الصغير وأبوه سعيد وسلم العلوي وأبو حازم سلمة بن دينار وسلمة بن كهيل وهو من كبارهم وسلمة بن نبيط وسليمان الأعمش وسليمان التيمي وسماك وسمي وسهيل وشبيب بن غرقدة وشريك بن أبي نمر وشعبة بن الحجاج وذلك في النسائي وصالح بن صالح بن حي وصالح مولى التوأمة وصفوان بن سليم والضحاك بن عثمان وأبي سنان ضرار بن مرة وطارق بن عبد الرحمن وطريف أبو سفيان السعدي وطعمة بن غيلان وطلحة بن يحيى وعاصم بن أبي النجود وعاصم بن عبيد الله وعاصم بن كليب وعاصم الأحول وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وعبد الله بن جابر البصري وعبد الله بن حسن بن حسن وعبد الله بن دينار وأبو الزناد عبد الله وعبد الله بن الربيع بن خيثم وعبد الله بن السائب الكوفي وعبد الله بن سعيد المقبري وعبد الله بن شبرمة وعبد الله بن شداد الأعرج وعبد الله بن طاووس وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين وعبد الله بن عثمان بن خيثم وعبد الله بن عطاء وعبد الله بن عون وعبد الله بن عيسى وعبد الله بن أبي لبيد وعبد الله بن محمد بن عقيل وعبد الله بن أبي نجيج وعبد الأعلى بن عامر وعبد الرحمن بن ثروان وعبد الرحمن بن الحارث وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم وعبد الرحمن بن عابس وعبد الرحمن بن الأصبهاني وعبد الرحمن بن علقمة وعبد الرحمن بن القاسم وعبد العزيز بن رفيع وعبد الكريم بن مالك وعبد الكريم أبو أمية وعبد الملك بن أبي بشير وعبد الملك بن أبي سليمان وابن جريج وعبد الملك بن عمير وعبدة بن أبي لبابة وعبيد الله بن أبي زياد وعبيد الله بن عمر وعبيد بن الحسن وعبيد بن مهران المكتب وعبيد الصيد وعثمان بن الحرب وعثمان بن حكيم وأبو حصين عثمان بن عاصم وأبو اليقظان عثمان بن عمير وعثمان بن المغيرة وعثمان البتي وعطاء بن السائب وعكرمة بن عمار وعلقمة بن مرثد وعلي بن الأقمر وعلي بن بذيمة وعلي بن زيد بن جدعان وعمار الدهني وعمارة بن القعقاع وعمر بن سعيد بن أبي حسين وعمر بن محمد بن زيد وعمر بن يعلى وعمرو بن دينار وعمرو بن عامر الأنصاري وعمرو بن قيس الملائي وعمرو بن مرة وهو من قدماء شيوخه وعمرو بن ميمون بن مهران وعمرو بن يحيى بن عمارة وعمران بن مسلم الثقفي وعمران بن مسلم الجعفي وعمران البارقي وعمران القصير وعمير بن عبد الله الخثعمي وعون بن أبي جحيفة والعلاء بن خالد والعلاء بن عبد الرحمن والعلاء بن عبد الكريم وعياش العامري وعيسى بن عبد الرحمن وعيسى بن أبي عزة وعيسى بن موسى الحرشي وغالب أبو الهذيل وغيلان بن جامع وفرات القزاز وفراس بن يحيى وفضيل بن غزوان وفضيل بن مرزوق وفطر بن خليفة وقابوس بن أبي ظبيان وأبو هاشم القاسم بن كثير وقيس بن مسلم وهو من قدمائهم وقيس بن وهب وكليب بن وائل وليث بن أبي سليم ومحارب بن دثار وابن إسحاق ومحمد بن أبي أيوب الثقفي ومحمد بن أبي بكر بن حزم ومحمد بن أبي حفصة ومحمد بن راشد المكحولي ومحمد بن الزبير الحنظلي ومحمد بن سعيد الطائفي ومحمد بن طارق المكي وابن أبي ذئب وابن أبي ليلى ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ومحمد بن عجلان ومحمد بن عقبة ومحمد بن عمر بن علي ومحمد بن عمرو بن علقمة وأبو الزبير محمد بن مسلم ومحمد بن المنكدر وهو من كبارهم ومخارق الأحمسي والمختار بن فلفل ومخول بن راشد ومزاحم بن زفر ومصعب بن محمد بن شرحبيل ومطرف بن طريف ومعاوية بن إسحاق بن طلحة ومعاوية بن صالح ومعبد بن خالد ومعمر بن راشد ومغيرة بن مقسم ومغيرة بن النعمان والمقدام بن شريح ومنصور بن حيان ومنصور بن صفية ومنصور بن المعتمر وموسى بن أبي عائشة وموسى بن عبيدة وموسى بن عقبة وميسرة بن حبيب وميسرة الأشجعي وأبو حمزة ميمون الأعور ونسير بن ذعلوق ونهشل بن مجمع ونوح بن أبي بلال وهارون بن عنترة وهشام بن إسحاق وهشام بن حسان وهشام بن عائد وهشام بن عروة وهشام بن أبي يعلى وواصل الأحدب ووبر بن أبي دليلة وورقاء بن إياس والوليد بن قيس السكوني ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي ويحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن هانىء بن عروة ويزيد بن أبي زياد ويزيد بن يزيد بن جابر ويعلى بن عطاء ويونس بن عبيد وأبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني وأبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم وأبو جعفر الفراء وأبو حنان الكلبي وأبو الجويرية الجرمي وأبو حيان التيمي وأبو خالد الدالاني وأبو روق الهمداني وأبو السوداء النهدي وأبو شهاب الحناط الكبير موسى وأبو عقيل مولى عمر بن الخطاب وأبو فروة الهمداني وأبو مالك الأشجعي وأبو هارون العبدي وأبو هاشم الرماني وأبو يحيى القتات وأبو يعفور العبدي.
ويقال: إن عدد شيوخه ست مئة شيخ وكبارهم الذين حدثوه عن أبي هريرة وجرير بن عبد الله وابن عباس و أمثالهم وقد قرأ الختمة عرضاً على حمزة الزيات أربع مرات. وأما الرواة عنه: فخلق فذكر أبو الفرج بن الجوزي أنهم أكثر من عشرين ألفاً وهذا مدفوع ممنوع فإن بلغوا ألفاً فبالجهد وما علمت أحداً من الحفاظ روى عنه عدد أكثر من مالك وبلغوا بالمجاهيل وبالكذابين ألفاً وأربع مئة.
حدث عنه من القدماء من مشيخته وغيرهم خلق منهم: الأعمش وأبان بن تغلب وابن عجلان وخصيف وابن جريج وجعفر الصادق وجعفر بن برقان وأبو حنيفة والأوزاعي ومعاوية بن صالح وابن أبي ذئب ومسعر وشعبة ومعمر وكلهم ماتوا قبله وإبراهيم بن سعد وأبو إسحاق الفزاري وأحمد بن يونس اليربوعي وأحوص بن جواب وأسباط بن محمد وإسحاق الأزرق وابن علية وأمية بن خالد وبشر بن السري وبشر بن منصور وبكر بن الشرود وبكير بن شهاب وثابت بن محمد العابد وثعلبة بن سهيل وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون والحارث بن منصور الواسطي والحسن بن محمد بن عثمان والحسين بن حفص وحصين بن نمير وحفص بن غياث وأبو أسامة وحماد بن دليل وحماد بن عيسى الجهني وحميد بن حماد وخالد بن الحارث وخالد بن عمرو القرشي وخلف بن تميم وخلاد بن يحيى ودبيس الملائي وروح بن عبادة وزهير بن معاوية وزيد بن أبي الزرقاء وزيد بن الحباب وسفيان بن عقبة وسفيان بن عيينة وأبو داود الطيالسي وسهل بن هاشم البيروتي وأبو الأحوص سلام وشعيب بن إسحاق وشعيب بن حرب وأبو عاصم وضمرة وعباد السماك وعبثر بن القاسم وعبد الله الخريبي وعبد الله بن رجاء المكي لا الغداني وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وعبد الله بن نمير وعبد الله بن الوليد العدني وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرحيم بن سليمان وعبد الرزاق وعبد الملك بن الذماري وعبدة بن سليمان وعبيد الله الأشجعي وعبيد الله بن عمرو الرقي وعبيد الله بن موسى وعبيد بن سعيد الأموي أخ ليحيى وعلي بن أبي بكر الإسفذني وعلي بن الجعد خاتمة أصحابه الأثبات وعلي بن حفص المدائني وعلي بن قادم وعمرو بن محمد العنقزي وعيسى بن يونس وأبو الهذيل غسان بن عمر العجلي وأبو نعيم والفضل السيناني وفضيل بن عياض والقاسم بن الحكم والقاسم بن يزيد الجرمي وقبيصة ومالك ومبارك بن سعيد أخوه ومحمد بن بشر ومحمد بن الحسن الأسدي ومحمد بن عبد الوهاب القناد ومحمد بن كثير العبدي ومصعب بن ماهان ومصعب بن المقدام وأبو همام محمد بن محبب ومحمد بن يوسف الفريابي ومخلد بن يزيد ومعاذ بن معاذ ومعاوية بن هشام ومعلى بن عبد الرحمن الواسطي ومهران بن أبي عمر وأبو خليفة موسى بن مسعود ومؤمل بن إسماعيل ونائل بن نجيح والنعمان بن عبد السلام وهارون بن المغيرة ووكيع بن الجراح والوليد بن مسلم ويحيى بن آدم ويحيى القطان ويحيى بن سليم الطائفي ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ويحيى بن يمان ويزيد بن أبي حكيم ويزيد بن زريع ويزيد بن هارون ويعلى بن عبيد ويوسف بن أسباط ويونس بن أبي يعفور وأبو أحمد الزبيري وأبو بكر الحنفي وأبو داود الحفري وأبو سفيان المعمري وأبو عامر العقدي وأمم سواهم.
قال يحيى بن أيوب العابد: حدثنا أبو المثنى قال: سمعتهم بمرو يقولون: قد جاء الثوري قد جاء الثوري. فخرجت أنظر إليه فإذا هو غلام قد بقل وجهه.
قلت: كان ينوه بذكره في صغره من أجل فرط ذكائه وحفظه وحدث وهو شاب.
قال عبد الرزاق وغيره عن سفيان قال: ما استودعت قلبي شيئاً قط فخانني.
قلت: أجل إسناد للعراقيين: سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله.
وقال شعبة وابن عيينة وأبو عاصم ويحيى بن معين وغيرهم: سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث.
وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومئة شيخ ما كتبت عن أفضل من سفيان.
وعن أيوب السختياني قال: ما لقيت كوفياً أفضله على سفيان.
وقال البراء بن رتيم: سمعت يونس بن عبيد يقول: ما رأيت أفضل من سفيان. فقيل له: فقد رأيت سعيد بن جبير وإبراهيم وعطاء ومجاهداً وتقول هذا؟ قال: هو ما أقول ما رأيت أفضل من سفيان.
وقال ابن المهدي: ما رأت عيناي أفضل من أربعة أو مثل أربعة ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري ولا أشد تقشفاً من شعبة ولا أعقل من مالك ولا أنصح للأمة من ابن المبارك.
وروى وكيع عن شعبة قال: سفيان أحفظ مني. وقال عبد العزيز بن أبي رزمة: قال رجل لشعبة: خالفك سفيان. فقال: دمغتني.
وقال ابن مهدي: كان وهيب يقدم سفيان في الحفظ على مالك. وقال يحيى القطان: ليس أحد أحب إلي من شعبة ولا يعدله أحد عندي. وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
وقال عباس الدوري: رأيت يحيى بن معين لا يقدم على سفيان أحداً في زمانه في الفقه والحديث والزهد وكل شيء.
ابن شوذب: سمعت أيوب السختياني يقول: ما قدم علينا من الكوفة أحد أفضل من سفيان الثوري.
وقال ابن مهدي: رأى أبو إسحاق السبيعي سفيان الثوري مقبلاً فقال: “وآتيناه الحكم صبياً” مريم 12.
وروي من وجوه عن يونس بن عبيد قال: ما رأيت كوفياً أفضل من سفيان.
سفيان بن وكيع: حدثنا أبو يحيى الحماني سمع أبا حنيفة يقول: لو كان سفيان الثوري في التابعين لكان فيهم له شأن. وعن أبي حنيفة قال: لو حضر علقمة والأسود لاحتاجا إلى سفيان.
وروى ضمرة عن المثنى بن الصباح قال: سفيان عالم الأمة وعابدها.
أبو داود الحفري: عن ابن أبي ذئب قال: ما رأيت أشبه بالتابعين من سفيان الثوري.
وقال أبو قطن عن شعبة: ساد سفيان الناس بالورع والعلم.
يعقوب الحضرمي: سمعت شعبة يقول: سفيان أمير المؤمنين في الحديث.
وعن ابن عيينة: قال ما رأيت رجلاً أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري.
نعيم بن حماد: عن ابن وهب قال: ما رأيت مثل سفيان الثوري.
وعن ابن المبارك قال: ما نعت لي أحد فرأيته إلا وجدته دون نعته إلا سفيان الثوري.
وقال أحمد بن حنبل: قال لي ابن عيينة: لن ترى بعينيك مثل سفيان الثوري حتى تموت.
علي بن الحسين بن شقيق عن عبد الله قال: ما أعلم على الأرض أعلم من سفيان.
وعن حفص بن غياث قال: ما أدركنا مثل سفيان ولا أنفع من مجالسته.
وقال أبو معاوية: ما رأيت رجلاً قط أحفظ لحديث الأعمش من الثوري كان يأتي فيذاكرني بحديث الأعمش فما رأيت أحداً أعلم منه بها.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش.
وقال ابن عرعرة: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أثبت من شعبة وأعلم بالرجال.
وقال محمد بن زنبور: سمعت الفضيل يقول: كان سفيان والله أعلم من أبي حنيفة.
وقال ابن راهويه: سمعت عبد الرحمن بن مهدي ذكر سفيان وشعبة ومالكاً وابن المبارك فقال: أعلمهم بالعلم سفيان.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: سمعت يحيى القطان يقول: ما رأيت أحداً أحفظ من سفيان ثم شعبة.
وقال بشرالحافي: كان الثوري عندنا إمام الناس. وعنه قال: سفيان في زمانه كأبي بكر وعمر في زمانهما.
قال ابن معين: لم يكن أحد أعلم بحديث الأعمش ومنصور وأبي إسحاق من الثوري. وعن أبي إسحاق الفزاري قال: ما رأيت مثل الثوري. وقال أبو بكر بن عياش: إني لأرى الرجل يصحب سفيان فيعظم في عيني.
وقال ورقاء وجماعة: لم ير سفيان الثوري مثل نفسه. وعن شعيب بن حرب قال: إني لأحسب أنه يجاء غداً بسفيان حجة من الله على خلفه يقول لهم: لم تدركوا نبيكم قد رأيتم سفيان.
قال أبو عبيدة الآجري: سمعت أبا داود يقول: ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء إلا يظفر به سفيان خالفه في أكثر من خمسين حديثاً القول فيها قول سفيان.
وعن يحيى بن معين قال: ماخالف أحد سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان.
روى يحيى بن نصر بن حاجب عن ورقاء قال: لم ير الثوري مثل نفسه.
قال ابن عيينة: أصحاب الحديث ثلاثة: ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه والثوري في زمانه.
قال علي بن المديني: لا أعلم سفيان صحف في شيء قط إلا في اسم امرأة أبي عبيدة كان يقول: حفينة يعني: الصواب: بجيم.
وروى المروذي عن أحمد بن حنبل قال: أتدري من الإمام؟ الإمام سفيان الثوري لا يتقدمه أحد في قلبي.
قال الخريبي: ما رأيت أفقه من سفيان.
وعن ابن عيينة: جالست عبد الرحمن بن القاسم وصفوان بن سليم وزيد بن أسلم فما رأيت فيهم مثل سفيان.
قال أبو قطن: قال لي شعبة: إن سفيان ساد الناس بالورع والعلم. وقال قبيصة: ما جلست مع سفيان مجلساً إلا ذكرت الموت ما رأيت أحداً كان أكثر ذكراً للموت منه.
وروى عبد الله بن خبيق عن يوسف بن أسباط: قال لي سفيان بعد العشاء: ناولني المطهرة أتوضأ. فناولته فأخذها بيمينه ووضع يساره على خده فبقي مفكراً ونمت ثم قمت وقت الفجر فإذا المطهرة في يده كما هي فقلت: هذا الفجر قد طلع فقال: لم أزل منذ ناولتني المطهرة أتفكر في الآخرة حتى الساعة. وقال يوسف بن أسباط: سئل الثوري عن مسألة وهو يشتري شيئاً فقال: دعني فإن قلبي عند درهمي.
وروى موسى بن العلاء عن حذيفة المرعشي قال: قال سفيان: لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس.
وقال رواد بن الجراح: سمعت الثوري يقول: كان المال فيما مضى يكره فأما اليوم فهو ترس المؤمن.
وقال عبد الله بن محمد الباهلي: جاء رجل إلى الثوري يشاوره في الحج قال: لا تصحب من يكرم عليك فإن ساويته في النفقة أضربك وإن تفضل عليك استذلك.
ونظر إليه رجل وفي يده دنانير فقال: يا أبا عبد الله تمسك هذه الدنانير قال: اسكت فلولاها لتمندل بنا الملوك.
قلت: قد كان سفيان رأساً في الزهد والتأله والخوف رأساً في الحفظ رأساً في معرفة الآثار رأساً في الفقه لا يخاف في الله لومة لائم من أئمة الدين واغتفر له غير مسألة اجتهد فيها وفيه تشيع يسير كان يثلث بعلي وهو على مذهب بلده أيضاً في النبيذ ويقال: رجع عن كل ذلك. وكان ينكر على الملوك ولا يرى الخروج أصلاً وكان يدلس في روايته وربما دلس عن الضعفاء وكان سفيان بن عيينة مدلساً لكن ما عرف له تدليس عن ضعيف.
أحمد: حدثنا موسى بن داود: سمعت سفيان يقول سنة ثمان وخمسين ومئة: لي إحدى وستون سنة.
وكيع: ولد سفيان سنة ثمان وتسعين ومات وله ثلاث وستون سنة.
سفيان بن وكيع: حدثنا أبي قال: مات سفيان وله مئة دينار بضاعة فأوصى إلى عمار بن سيف في كتبه فأحرقها ولم يعقب سفيان كان له ابن فمات قبله فجعل كل شيء له لأخته وولدها ولم يورث أخاه المبارك شيئاً وتوفي المبارك سنة ثمانين ومئة.
قال ابن معين: بلغني أن شريكاً والثوري وإسرائيل وفضيل بن عياض وغيرهم من فقهاء الكوفة ولدوا بخراسان كان يبعث بآبائهم في البعوث ويتسرى بعضهم ويتزوج بعضهم فلما قفلوا نقلوهم إلى الكوفة ومسروق جد الثوري شهد الجمل مع علي.
أبو العيناء: عن عبد الله بن خبيق قال يوسف بن أسباط: كان سفيان إذا أخذ في ذكر الآخرة يبول الدم.
عبد الرحمن بن مهدي: سمعت سفيان يقول: ما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط إلا عملت به ولو مرة.
حاتم بن الوليد الكرماني: سمعت يحيى بن أبي بكير يقول: قيل لسفيان الثوري: إلى متى تطلب الحديث؟ قال: وأي خير أنا فيه خير من الحديث فأصير إليه؟ إن الحديث خير علوم الدنيا.
يحيى القطان: سمعت سفيان يقول: إن أقبح الرعية أن يطلب الدنيا بعمل الآخرة.
وقال عبد الرزاق: دعا الثوري بطعام ولحم فأكله ثم دعا بتمر وزبد فأكله ثم قام وقال: أحسن إلى الزنجي وكده.
أبو هشام الرفاعي: سمعت يحيى بن يمان عن سفيان قال: إني لأرى الشيء يجب علي أن أتكلم فيه فلا أفعل فأبول دماً.
ابن مهدي: كنا مع الثوري جلوساً بمكة فوثب وقال: النهار يعمل عمله.
وعن سفيان: ما وضع رجل يده في قصعة رجل إلا ذل له.
أحمد بن يونس: سمعت الثوري ما لا أحصيه يقول: اللهم سلم سلم اللهم سلمنا وارزقنا العافية في الدنيا والآخرة.
قال يحيى بن يمان: قال سفيان: ما شيء أبغض إلي من صحبة قارىء ولا شيء أحب إلي من صحبة فتى.
أبو هشام: حدثنا وكيع: سمعت سفيان يقول: ليس الزهد بأكل الغليظ ولبس الخشن ولكنه قصر الأمل وارتقاب الموت.
يحيى بن يمان: سمعت سفيان يقول: المال داء هذه الأمة والعالم طبيب هذه الأمة فإذا جر العالم الداء إلى نفسه فمتى يبرىء الناس؟ وعن سفيان قال: ما نعلم شيئاً أفضل من طلب العلم بنية.
الخريبي: عن سفيان قال: احذر سخط الله في ثلاث: احذر أن تقصر فيما أمرك واحذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك وأن تطلب شيئاً من الدنيا فلا تجده أن تسخط على ربك.
قال خالد بن نزار الأيلي: قال سفيان: الزهد زهدان: زهد فريضة وزهد نافلة. فالفرض: أن تدع الفخر والكبر والعلو والرياء والسمعة والتزين للناس. وأما زهد النافلة: فأن تدع ما أعطاك الله من الحلال فإذا تركت شيئاً من ذلك صار فريضة عليك ألا تتركه إلا لله. وقيل: إن عبد الصمد عم المنصور دخل على سفيان يعوده فحول وجهه إلى الحائط ولم يرد السلام فقال عبد الصمد: يا سيف أظن أبا عبد الله نائماً. قال: أحسب ذلك أصلحك الله فقال سفيان: لا تكذب لست بنائم. فقال عبد الصمد: يا أبا عبد الله لك حاجة؟ قال: نعم ثلاث حوائج: لا تعود إلي ثانية ولا تشهد جنازتي ولا تترحم علي فخجل عبد الصمد وقام فلما خرج قال: والله لقد هممت أن لا أخرج إلا ورأسه معه.
قال يوسف بن أسباط: قال سفيان: زينوا العلم والحديث بأنفسكم ولا تتزينوا به.
قال محمد بن سعد: طلب سفيان فخرج إلى مكة فنفذ المهدي إلى محمد بن إبراهيم وهو على مكة في طلبه فأعلم سفيان بذلك وقال له محمد: إن كنت تريد إتيان القوم فأظهر حتى أبعث بك إليهم وإلا فتوار.
قال: فتوارى سفيان وطلبه محمد وأمر منادياً فنادى بمكة: من جاء بسفيان فله كذا وكذا. فلم يزل متوارياً بمكة لا يظهر لأهل العلم ومن لا يخافه.
وعن أبي شهاب الحناط قال: بعثت أخت سفيان بجراب معي إلى سفيان وهو بمكة فيه كعك وخشكنان فقدمت فسألت عنه فقيل لي: ربما قعد عند الكعبة مما يلي الحناطين فأتيته فوجدته مستلقياً فسلمت عليه فلم يسائلني تلك المساءلة ولم يسلم علي كما كنت أعرفه فقلت: إن أختك بعثت معي بجراب فاستوى جالساً وقال: عجل بها. فكلمته في ذلك فقال: يا أبا شهاب لا تلمني فلي ثلاثة أيام لم أذق فيها ذواقاً فعذرته.
قال ابن سعد: فلما خاف من الطلب بمكة خرج إلى البصرة ونزل قرب منزل يحيى بن سعيد ثم حوله إلى جواره وفتح بينه وبينه باباً فكان يأتيه بمحدثي أهل البصرة يسلمون عليه ويسمعون منه. أتاه جرير بن حازم ومبارك بن فضالة وحماد بن سلمة ومرحوم العطار وحماد بن زيد وأتاه عبد الرحمن بن مهدي فلزمه وكان أبو عوانة يسلم على سفيان بمكة فلم يرد عليه فكلم في ذلك فقال: لا أعرفه. ولما عرف سفيان أنه اشتهر مكانه ومقامه قال ليحيى: حولني فحوله إلى منزل الهيثم بن منصور فلم يزل فيه فكلمه حماد بن زيد في تنحيه عن السلطان وقال: هذا فعل أهل البدع وما يخاف منهم. فأجمع سفيان وحماد على أن يقدما بغداد وكتب سفيان إلى المهدي وإلى يعقوب بن داود الوزير فبدأ بنفسه فقيل: إنهم يغضبون من هذا فبدأ بهم فقيل: إنهم يغضبون من هذا. فبدأ بهم وأتاه جواب كتابه بما يحب من التقريب والكرامة والسمع منه والطاعة فكان على الخروج إليه فحم ومرض وحضر الموت فجزع فقال له مرحوم بن عبد العزيز: ما هذا الجزع؟ فإنك تقدم على الرب الذي كنت تعبده. فسكن وقال: انظروا من هنا من أصحابنا الكوفيين. فأرسلوا إلى عبادان فقدم عليه جماعة وأوصى ثم مات.
وأخرجت جنازته على أهل البصرة فجأة فشهده الخلق وصلى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر وكان رجلاً صالحاً ونزل في حفرته هو وخالد بن الحارث.
أبو هشام الرفاعي: حدثنا وكيع قال: دخل عمر بن حوشب الوالي على سفيان فسلم عليه فأعرض عنه فقال: يا سفيان نحن والله أنفع للناس منك نحن أصحاب الديات وأصحاب الحمالات وأصحاب حوائج الناس والإصلاح بينهم وأنت رجل نفسك. فأقبل عليه سفيان فجعل يحادثه ثم قام فقال سفيان: لقد ثقل علي حين دخل ولقد غمني قيامه من عندي حين قام.
قال عبد الرزاق: ما رأيت أحداً أحفظ لما عنده من الثوري. قيل له: ما منعك أن ترحل إلى الزهري؟ قال: لم تكن دراهم.
قال يحيى القطان: سفيان الثوري فوق مالك في كل شيء رواها ابن المديني عنه.
قال ابن مهدي: قال لي سفيان: لو كانت كتبي عندي لأفدتك علماً كتبي عند عجوز بالنيل.
الكديمي: حدثنا أبو حذيفة: سمعت سفيان يقول: كنا نأتي أبا إسحاق الهمداني وفي عنق إسرائيل يعني حفيده طوق من ذهب.
ابن المديني: قال كان ابن المبارك يقول: إذا اجتمع هذان على شيء فذاك قوي يعني سفيان وأبا حنيفة.
علي بن مسهر: عن سفيان قال: حفاظ الناس أربعة: يحيى بن سعيد الأنصاري وإسماعيل بن أبي خالد وعبد الملك بن أبي سليمان وعاصم الأحول. قلت: فالأعمش؟ فأبى أن يجعله معهم.
أحمد بن يونس: سمعت زائدة وذكر عنده سفيان فقال: ذاك أفقه أهل الدنيا.
وكيع: عن شعبة قال: سفيان أحفظ مني. ابن حميد: سمعت مهران الرازي يقول: كتبت عن سفيان الثوري أصنافه فضاع مني كتاب الديات فذكرت ذلك له فقال: إذا وجدتني خالياً فاذكر لي حتى أمله عليك. فحج فلما دخل مكة طاف بالبيت وسعى ثم اضطجع فذكرته فجعل يملي علي الكتاب باباً في إثر باب حتى أملاه جميعه من حفظه.
قال الزعفراني: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عفان: أيهما أكثر غلطاً سفيان أو شعبة؟ قال شعبة بكثير. فقال أحمد: في أسماء الرجال.
عبد الرزاق: سمعت سفيان يقول: سلوني عن علم القرآن والمناسك فإني عالم بهما.
أبو قدامة: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما كتبت عن سفيان عن الأعمش أحب إلي مما كتبته عن الأعمش.
إبراهيم بن أبي الليث: سمعت الأشجعي يقول: سمعت من الثوري ثلاثين ألف حديث.
قال يحيى القطان: مات ابن أبي خالد وأنا بالكوفة فجلس إلى جنبي سفيان ننتظر الجنازة فقال: يا يحيى خذ حتى أحدثك عن إسماعيل بعشرة أحاديث لم تسمع منها بشيء فحدثني بعشرة وكنت بمكة وبها الأوزاعي فلقيني سفيان الثوري على الصفا فقال: يا يحيى خرج الأوزاعي الليلة؟ قلت: نعم. فقال: اجلس لا تبرح حتى أحدثك عنه بعشرة لم تسمع منها بشيء. قلت: وأي شيء سمعت أنا منه؟ فلم يدعني حتى حدثني عنه بعشرة أحاديث لم أسمع منها بواحد.
قال الأشجعي: سمعت سفيان يقول: لو هم رجل أن يكذب في الحديث وهو في بيت في جوف بيت لأظهر الله عليه.
عن ابن مهدي قال: ما رأيت رجلاً أعرف بالحديث من الثوري.
القواريري: قال يحيى القطان: بات عندي سفيان الثوري فحدثته بحديثين أحدهما: عن عمرو بن عبيد فقام يصلي فرفعت المصلى فإذا هو قد كتبهما عني.
أبو مسهر: عن عيسى بن يونس قال: دخل سفيان الثوري على محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي فاحتبس عنده ثم خرج إلينا فقال: إنه كذاب.
قال أبو مسهر: قتله أبو جعفر في الزندقة.
أبو العباس الدغولي: حدثنا محمد بن مشكان حدثنا عبد الرزاق قال: قال ابن المبارك: كنت أقعد إلى سفيان الثوري فيحدث فأقول ما بقي من علمه شيء إلا وقد سمعته ثم أقعد عنده مجلساً آخر فيحدث فأقول ما سمعت من علمه شيئاً.
الفلاس: سمعت سفيان بن زياد يقول ليحيى بن سعيد القطان في حديث: يا أبا سعيد قد خالفك أربعة. قلت: من؟ قال: زائدة وشريك وأبو الأحوص وإسرائيل. فقال يحيى: لو كان أربعة آلاف مثل هؤلاء كان سفيان أثبت منهم.
عبد الرزاق: سمعت الأوزاعي يقول: لو قيل: اختر لهذه الأمة رجلاً يقوم فيها بكتاب الله وسنة نبيه لاخترت لهم سفيان الثوري.
أبو همام: حدثنا المبارك بن سعيد قال: رأيت عاصم بن أبي النجود يجيء إلى سفيان الثوري يستقيه ويقول: يا سفيان أتيتنا صغيراً وأتيناك كبيراً.
عباس: عن ابن المعين قال: ليس أحداً في حديث الثوري يشبه هؤلاء ابن المبارك ويحيى بن سعيد ووكيع وعبد الرحمن ثم قال: والأشجعي ثقة مأمون. قال: وبعد هؤلاء في سفيان يحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى وأبو أحمد الزبيري وأبو حذيفة وقبيصة ومعاوية بن هشام والفريابي. قلت: فأبو داود الحفري قال: أبو داود رجل صالح.
قال الفضل بن محمد الشعراني: سمعت يحيى بن أكثم يقول: كان في الناس رؤساء كان سفيان الثوري رأساً في الحديث وأبو حنيفة رأساً في القباس والكسائي رأساً في القراء فلم يبق اليوم رأس في فن من الفنون.
قلت: كان بعد طبقة هؤلاء رؤوس فكان عبد الرحمن بن مهدي رأساً في الحديث وأبو عبيدة معمر رأساً في اللغة والشافعي رأساً في الفقه ويحيى الزبيري رأساً في القراءات ومعروف الكرخي رأساً في الزهد.
ثم كان بعدهم ابن المديني رأساً في الحديث وعلله وأحمد بن حنبل رأساً في الفقه والسنة وأبو عمر الدوري رأساً في القراءات وابن الأعرابي رأساً في اللغة والسري السقطي رأساً في الزهد.
ويمكن أن نذكر في كل طبقة بعد ذلك أئمة على هذا النمط إلى زماننا فرأس المحدثين اليوم أبو الحجاج القضاعي المزي ورأس الفقهاء القاضي شرف الدين البارزي ورأس المقرئين جماعة ورأس العربية أبو حيان الأندلسي ورأس العباد الشيخ علي الواسطي ففي الناس بقايا خير ولله الحمد. عن ابن مهدي قال: نزل عندنا سفيان وقد كنا ننام أكثر الليل فلما نزل عندنا ما كنا ننام إلا أقله ولما مرض بالبطن كنت أخدمه وأدع الجماعة فسألته فقال: خدمة مسلم ساعة أفضل من صلاة الجماعة فقلت: ممن سمعت هذا؟ قال: حدثني عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: لأن أخدم رجلاً من المسلمين على علة يوماً واحداً أحب إلي من صلاة الجماعة ستين عاماً لم يفتني فيها التكبيرة الأولى.
قال: فضج سفيان لما طالت علته فقال: يا موت يا موت ثم قال: لا أتمناه ولا أدعو به. فلما احتضر بكى وجزع فقلت له: يا أبا عبد الله ما هذا البكاء؟ قال: يا عبد الرحمن لشدة ما نزل بي من الموت الموت والله شديد. فمسسته فإذا هو يقول: روح المؤمنين تخرج رشحاً فأنا أرجو. ثم قال: الله أرحم من الوالدة الشفيقة الرفيقة إنه جواد كريم وكيف لي أن أحب لقاءه وأنا أكره الموت. فبكيت حتى كدت أن أختنق أخفي بكائي عنه وجعل يقول: أوه.. أوه من الموت.