جمال امرأة
عضو جديد
-
- إنضم
- 8 ديسمبر 2009
-
- المشاركات
- 1,226
-
- مستوى التفاعل
- 28
-
- النقاط
- 0
لا شك أننا أمام هجمة جديدة على السنة النبويةالشريفة، ونرى أنه على المسلم المعاصر بعض الواجبات تجاهها، منها
أولا: اعتقاد حُجيتها
أول ما يجب علينا تجاه السنة النبوية أن نعتقدحجيتها، وأنها المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله جل وعلا، والبعْدية هنا فيالفضل، أما في الاحتجاج فحجية السنة كحجية الكتاب ومن واجبنا أن نعتقد أن كليهماوحي من عند الله جل وعلا فعن حسان بن عطية قال: كان جبريل ينزل على رسول الله -صلىالله عليه وسلم- بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن
وقال تعالى: {وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَوَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وكان فضل الله عليك عظيمًا} النساء : 113 ،وقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى . إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} النجم: 3 و4
ولذا عنون الخطيب -في "الكفاية"- بقوله: ما جاء في التسوية بين حكمكتاب الله وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي السنن عن المقدام بن معديكرِب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إني أُوتيت القرآن ومثله معه، ألالا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه حلالاًفأحلوه، وما وجدتم فيه حراما فحرموه، ألا وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله"،والأدلة على حجية السنة كثيرة مشهورة، والكلام في ذلك يطول فنكتفي بهذه الإشارةالموجزة الواضحة
ثانيا: عدم معارضتها بآراء الرجال وأذواقهم، والذبّ عنها وردّ شبهات المنافقين واللادينيين
فالواجب تقديم النقل على العقل، وفي الحقيقةليس في السنة الصحيحة ما يعارض العقل الصحيح أو صريح المعقول وحيثما توهمنا التعارضفي الظاهر فلنعلمْ -دون تردُّد- أن الحق ما جاءت به السنة الصحيحة وأن العقل -لامحالة- سيدرك ذلك عاجلا أو آجلا
فالسنة لا تُعارَض بآراء الرجال، ولكن ليس معنى ذلك أن المرء -لأولوهلة- إذا قرأ حديثا يخالف أقوال العلماء يتجرأ، ويقول: هؤلاء العلماء خالفواالحديث، ولا يكلف نفسه أن يعرف مستند العلماء ووجه قولهم؛ فهذا التصرف من الجهلوالتطاول على أهل العلم، وإنما المقصود أن المسلم إذا بحث في معنى الحديث، وقول مَنخالف الحديث من العلماء، واجتهد في ذلك فظهر له أن الحديث كما فهمه، وأن العلماءقرروا ما فهمه ومَن خالف لم يظهر لمخالفته وجه راجح، فحينئذ عليه الأخذ بالحديث دونقول مَن خالفه
أما أن تكون المسألة مجرد تسرُّع وتطاول على العلماء مع الجهل بوجهالحديث وعدم تكليف النفس الوقوف على تفسيره عند السلف والعلماء فهذا شذوذ وإفسادوليس تمسكا بها
ثالثا: بذل الأسباب لحفظها من الضياع
وحفظ السنة من الضياع أمر تكفل به رب العزة جل وعلاحين قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر : 9 ، ولكن ذلك لا يعفينا من السعي في حفظها كما سعى الصحابة في حفظ كتاب الله منالضياع والتحريف، مع أن الله جل وعلا متكفل بحفظه، ومن ثم جمع أبو بكر رضي الله عنهالقرآن وكتب عثمان رضي الله عنه المصاحف، وكما اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بحفظكتاب الله جل وعلا فكذا كانت عنايتهم شديدة بالسنة والمحافظة عليها ولنا فيهم أسوةحسنة
لقد كان سعيهم في حفظها من الضياع بوسيلتين، هما الحفظ والتدوين،ولكل منهما دوره في حفظ السنة، فإنه إذا فُقد الرجال الحفاظ بقيت المخطوطات والكتب،فيحملها قوم من جديد، وإذا فقدت المخطوطات والكتب بقي الرجال يحملون السنة فيصدورهم، فيمكن كتابتها من جديد
رابعا: الاجتهاد في تنقيتها من الكذب وتمييز صحيحها من ضعيفها
وهذا الواجب -وهو تحقيقالحديث النبوي- فرض كفاية، ولا يزال ملقى على عاتق الأمة منذ وقوع الفتن في الصدرالأول وإلى الآنوليس مطلوبا من المشتغلين بعلم الحديث أن يكفّوا عن مواصلة جهودهمفي هذا الشأن والاستفادة من مشايخه، كلا، وإنما المطلوب ألا ينسوا دورهم في قيادةالأمة، وفي حفظ عقيدتها وشريعتها في الواقع العملي من المسخ والتحريف
خامسا: تدارسها والسعي إلى نشرها وإحيائها وتبصير الناس بها
فينبغي أن يشيع بيننادراسة الحديث النبوي الشريف وفهمه، وليكن ذلك في بيوتنا وفي مساجدنا، كلٌّ حسبطاقته، فقد يلتقي البعض على دراسة "الأربعين النووية"، ويقرأ آخرون في "رياضالصالحين"، وآخرون يتدارسون "جامع العلوم والِحكَم"، وآخرون يتدارسون كتب السنةكالصحيحين وغيرهما
ثم ينبغي لمن وعى ذلك أن يسعى في نشره وتبصير الناس به كما فيالحديث الصحيح عند أبي داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نضرالله امرءا سمع مقالتي ووعاها فأداها كما سمعها فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع" ويلحقبذلك إحياء السنن المهجورة وحث الناس عليها، وإحياء السنن المهجورة هو المقصود فيحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره: "مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنةفله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء.."
فالحديثوارد في إحياء سنة وحث الناس عليها، وقصته أن قوما فقراء مخرقي الثياب قدمواالمسجد، فقام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصدق عليهم فتبعه الناسواقتدوا بفعله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث مُثنيا على ذلكالرجل
لكن توجد هنا ملاحظة: وهي مراعاة التدرج والرفق في إحياء هذه السنن،فبعض الناس قد يستنكرون -بشدة- بعض السنن بعدما قضوا دهرا طويلا من أعمارهم لميسمعوا بها، وحينئذ ينبغي أن يكون موقفنا وسطا بين طرفين، بين مَن يتجاهل هجران تلكالسنة ويرى عدم المحاولة في هذه الحالة، ومَن يريد تغيير هذا الهجران بشدة -أو علىالفور- مهما أدى إليه من فتنة أو نفور أو وحشة بين الناس وحَمَلة السنة، فالأولمتقاعس عن القيام بدوره نحو السنة
والآخر أراد القيام بدوره، لكن دون فقه،كمن يبني قصرا ويهدم مِصرا، فليس كل مَن ابتغى خيرا أقدم عليه دون نظر في العواقب،وإلا فكم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعل خير ولكن توقفوا دفعا لشرأو مفسدة أكبر
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "لولاقومك حديث عهدهم -قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين، باب يدخلالناس، وباب يخرجون، ففعله ابن الزبير". ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه لما أتمعثمان رضي الله عنه الصلاة بمِنى، وكان ابن مسعود يريد السنة، وهي القصر إلا أنهأتم الصلاة وراءه قائلا: "الخلاف شر"، إلى غير ذلك من الأمثلة
والمقصود هو الحرص على إحياء السنة، لكن مع التدرج واتقاء الشرورالتي ربما يكون دفْعها أحب إلى الله تعالى من الإتيان بتلك السنة
سادسا: التمسك بها والتزامها، علما واعتقادا، وعملا وسلوكا والتحلي بأخلاق أهلها
وهذا هوالمقصود لذاته من حفظ السنة ودراستها، فالعلم يراد للعمل وسعادة العبد في الدنياوالآخرة في التمسك بما في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلحقبها ما سنَّه الخلفاء الراشدون لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه من يعشْ منكم فسيرىاختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضّوا عليهابالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كلَّ بدعة ضلالة"
وقال صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعديأبدا، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض"، وقال صلى الله عليه وسلم: تفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: مَن هي يارسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي
فمن أعظم التمسك والعمل بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الرجوعإليها مع كتاب الله تعالى عند التنازع وردّ الأمور إليها، لا إلى قوانين البشر، ولايتحقق إيمان لأحد إذا لم يكن احتكامه للكتاب والسنة، قال تعالى: {فَإِنتَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخرِ} النساء : 59
وكما قال العلماءفالرد يكون إليه صلى الله عليه وسلم في حياته وإلى سنته بعد مماته، وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّلا يَجدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} النساء : 65 ، وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَىاللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنيَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} الأحزاب:36
قال ابن سِيرين: كانوا -أي الصحابة- يتعلمون الهدى (أي السيرةوالهيئة والطريقة والسَّمْت) كما يتعلمون العلم
وقال بعضهم لابنه: يا بني لأن تتعلم بابا من الأدب أحب إليَّ من أنتتعلم سبعين بابا من أبواب العلم
وقال أبو حنيفة: الحكايات عن العلماء أحب إليَّ من كثير من الفقه؛لأنها آداب القوم وأخلاقهم
وقال الحسن البصري رحمه الله: إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسهالسنتين ثم السنتين
وقال ابن المبارك رحمه الله: تعلمت الأدب ثلاثين سنة، وتعلمت العلمعشرين سنة
وعن الحسن قال: كان طالب العلم يرى ذلك في سمعه وبصره وتخشعه
ونختم بقول الشافعي رحمه الله: ليس العلم ما حُفظ، العلم مانَفع
منقول ديني للشيخ (أحمد العجمي)
أرجو أكون قد وفقت
بأختياري له
أولا: اعتقاد حُجيتها
أول ما يجب علينا تجاه السنة النبوية أن نعتقدحجيتها، وأنها المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله جل وعلا، والبعْدية هنا فيالفضل، أما في الاحتجاج فحجية السنة كحجية الكتاب ومن واجبنا أن نعتقد أن كليهماوحي من عند الله جل وعلا فعن حسان بن عطية قال: كان جبريل ينزل على رسول الله -صلىالله عليه وسلم- بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن
وقال تعالى: {وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَوَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وكان فضل الله عليك عظيمًا} النساء : 113 ،وقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى . إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} النجم: 3 و4
ولذا عنون الخطيب -في "الكفاية"- بقوله: ما جاء في التسوية بين حكمكتاب الله وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي السنن عن المقدام بن معديكرِب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إني أُوتيت القرآن ومثله معه، ألالا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه حلالاًفأحلوه، وما وجدتم فيه حراما فحرموه، ألا وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله"،والأدلة على حجية السنة كثيرة مشهورة، والكلام في ذلك يطول فنكتفي بهذه الإشارةالموجزة الواضحة
ثانيا: عدم معارضتها بآراء الرجال وأذواقهم، والذبّ عنها وردّ شبهات المنافقين واللادينيين
فالواجب تقديم النقل على العقل، وفي الحقيقةليس في السنة الصحيحة ما يعارض العقل الصحيح أو صريح المعقول وحيثما توهمنا التعارضفي الظاهر فلنعلمْ -دون تردُّد- أن الحق ما جاءت به السنة الصحيحة وأن العقل -لامحالة- سيدرك ذلك عاجلا أو آجلا
فالسنة لا تُعارَض بآراء الرجال، ولكن ليس معنى ذلك أن المرء -لأولوهلة- إذا قرأ حديثا يخالف أقوال العلماء يتجرأ، ويقول: هؤلاء العلماء خالفواالحديث، ولا يكلف نفسه أن يعرف مستند العلماء ووجه قولهم؛ فهذا التصرف من الجهلوالتطاول على أهل العلم، وإنما المقصود أن المسلم إذا بحث في معنى الحديث، وقول مَنخالف الحديث من العلماء، واجتهد في ذلك فظهر له أن الحديث كما فهمه، وأن العلماءقرروا ما فهمه ومَن خالف لم يظهر لمخالفته وجه راجح، فحينئذ عليه الأخذ بالحديث دونقول مَن خالفه
أما أن تكون المسألة مجرد تسرُّع وتطاول على العلماء مع الجهل بوجهالحديث وعدم تكليف النفس الوقوف على تفسيره عند السلف والعلماء فهذا شذوذ وإفسادوليس تمسكا بها
ثالثا: بذل الأسباب لحفظها من الضياع
وحفظ السنة من الضياع أمر تكفل به رب العزة جل وعلاحين قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر : 9 ، ولكن ذلك لا يعفينا من السعي في حفظها كما سعى الصحابة في حفظ كتاب الله منالضياع والتحريف، مع أن الله جل وعلا متكفل بحفظه، ومن ثم جمع أبو بكر رضي الله عنهالقرآن وكتب عثمان رضي الله عنه المصاحف، وكما اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بحفظكتاب الله جل وعلا فكذا كانت عنايتهم شديدة بالسنة والمحافظة عليها ولنا فيهم أسوةحسنة
لقد كان سعيهم في حفظها من الضياع بوسيلتين، هما الحفظ والتدوين،ولكل منهما دوره في حفظ السنة، فإنه إذا فُقد الرجال الحفاظ بقيت المخطوطات والكتب،فيحملها قوم من جديد، وإذا فقدت المخطوطات والكتب بقي الرجال يحملون السنة فيصدورهم، فيمكن كتابتها من جديد
رابعا: الاجتهاد في تنقيتها من الكذب وتمييز صحيحها من ضعيفها
وهذا الواجب -وهو تحقيقالحديث النبوي- فرض كفاية، ولا يزال ملقى على عاتق الأمة منذ وقوع الفتن في الصدرالأول وإلى الآنوليس مطلوبا من المشتغلين بعلم الحديث أن يكفّوا عن مواصلة جهودهمفي هذا الشأن والاستفادة من مشايخه، كلا، وإنما المطلوب ألا ينسوا دورهم في قيادةالأمة، وفي حفظ عقيدتها وشريعتها في الواقع العملي من المسخ والتحريف
خامسا: تدارسها والسعي إلى نشرها وإحيائها وتبصير الناس بها
فينبغي أن يشيع بيننادراسة الحديث النبوي الشريف وفهمه، وليكن ذلك في بيوتنا وفي مساجدنا، كلٌّ حسبطاقته، فقد يلتقي البعض على دراسة "الأربعين النووية"، ويقرأ آخرون في "رياضالصالحين"، وآخرون يتدارسون "جامع العلوم والِحكَم"، وآخرون يتدارسون كتب السنةكالصحيحين وغيرهما
ثم ينبغي لمن وعى ذلك أن يسعى في نشره وتبصير الناس به كما فيالحديث الصحيح عند أبي داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نضرالله امرءا سمع مقالتي ووعاها فأداها كما سمعها فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع" ويلحقبذلك إحياء السنن المهجورة وحث الناس عليها، وإحياء السنن المهجورة هو المقصود فيحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره: "مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنةفله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء.."
فالحديثوارد في إحياء سنة وحث الناس عليها، وقصته أن قوما فقراء مخرقي الثياب قدمواالمسجد، فقام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصدق عليهم فتبعه الناسواقتدوا بفعله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث مُثنيا على ذلكالرجل
لكن توجد هنا ملاحظة: وهي مراعاة التدرج والرفق في إحياء هذه السنن،فبعض الناس قد يستنكرون -بشدة- بعض السنن بعدما قضوا دهرا طويلا من أعمارهم لميسمعوا بها، وحينئذ ينبغي أن يكون موقفنا وسطا بين طرفين، بين مَن يتجاهل هجران تلكالسنة ويرى عدم المحاولة في هذه الحالة، ومَن يريد تغيير هذا الهجران بشدة -أو علىالفور- مهما أدى إليه من فتنة أو نفور أو وحشة بين الناس وحَمَلة السنة، فالأولمتقاعس عن القيام بدوره نحو السنة
والآخر أراد القيام بدوره، لكن دون فقه،كمن يبني قصرا ويهدم مِصرا، فليس كل مَن ابتغى خيرا أقدم عليه دون نظر في العواقب،وإلا فكم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعل خير ولكن توقفوا دفعا لشرأو مفسدة أكبر
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "لولاقومك حديث عهدهم -قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين، باب يدخلالناس، وباب يخرجون، ففعله ابن الزبير". ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه لما أتمعثمان رضي الله عنه الصلاة بمِنى، وكان ابن مسعود يريد السنة، وهي القصر إلا أنهأتم الصلاة وراءه قائلا: "الخلاف شر"، إلى غير ذلك من الأمثلة
والمقصود هو الحرص على إحياء السنة، لكن مع التدرج واتقاء الشرورالتي ربما يكون دفْعها أحب إلى الله تعالى من الإتيان بتلك السنة
سادسا: التمسك بها والتزامها، علما واعتقادا، وعملا وسلوكا والتحلي بأخلاق أهلها
وهذا هوالمقصود لذاته من حفظ السنة ودراستها، فالعلم يراد للعمل وسعادة العبد في الدنياوالآخرة في التمسك بما في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلحقبها ما سنَّه الخلفاء الراشدون لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه من يعشْ منكم فسيرىاختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضّوا عليهابالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كلَّ بدعة ضلالة"
وقال صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعديأبدا، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض"، وقال صلى الله عليه وسلم: تفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: مَن هي يارسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي
فمن أعظم التمسك والعمل بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الرجوعإليها مع كتاب الله تعالى عند التنازع وردّ الأمور إليها، لا إلى قوانين البشر، ولايتحقق إيمان لأحد إذا لم يكن احتكامه للكتاب والسنة، قال تعالى: {فَإِنتَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخرِ} النساء : 59
وكما قال العلماءفالرد يكون إليه صلى الله عليه وسلم في حياته وإلى سنته بعد مماته، وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّلا يَجدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} النساء : 65 ، وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَىاللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنيَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} الأحزاب:36
قال ابن سِيرين: كانوا -أي الصحابة- يتعلمون الهدى (أي السيرةوالهيئة والطريقة والسَّمْت) كما يتعلمون العلم
وقال بعضهم لابنه: يا بني لأن تتعلم بابا من الأدب أحب إليَّ من أنتتعلم سبعين بابا من أبواب العلم
وقال أبو حنيفة: الحكايات عن العلماء أحب إليَّ من كثير من الفقه؛لأنها آداب القوم وأخلاقهم
وقال الحسن البصري رحمه الله: إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسهالسنتين ثم السنتين
وقال ابن المبارك رحمه الله: تعلمت الأدب ثلاثين سنة، وتعلمت العلمعشرين سنة
وعن الحسن قال: كان طالب العلم يرى ذلك في سمعه وبصره وتخشعه
ونختم بقول الشافعي رحمه الله: ليس العلم ما حُفظ، العلم مانَفع
منقول ديني للشيخ (أحمد العجمي)
أرجو أكون قد وفقت
بأختياري له