فرحة الاردن
الادارة العامة
الحزن = ظاهرة في الشعر ألحديث
**
الشاعر القديم كان لسا ن حال قبيلته ، يمثل المجتمع الذي يعيش فيه .. لذلك كانت قصائده في مجملها تدر حول المديح ، والهجاء ، والغزل ، والرثاء وغير ذلك وكانت قصائدهم تحمل البناء ذاته من ناحيه, الوقوف على الأطلال . ثم رحلة الظعائن ..فالغزل .. الى أن يصل الشاعر الى الموضوع الذي يقصده من مدح أو غيره
قد يحتاج الشاعر الى ابيات كثيرة للوصول الى غايته (( هكذا يفرض عليه بناء القصيدة ..أن يظل أسيرا للبناء (( التقليد ))0
*
أما شاعرنا الحديث ،فقد غادر كل تلك الأسباب ، مجتمعة .. وكانت له أسبابه ومشاكله التي جعلته يلجأ الى المختصر من المعاني .. مستخدما الأساطير والحكايا .. زادا له ... يضمنها كتاباته..؟؟
لذلك جاءت قصائده معبرة ..... بعيدة عن الأطالة التي لا لزوم لها ,,, كما يرى ... ولا تخدم قضيته0
ظاهرة من ظواهر الشعر العربي الحديث :هي ظاهرة الحزن
وقبل كل ذلك لابد أن نعرف السبب الرئيسي لهذا الحزن....؟؟؟
لعل المعرفة هي السبب الرئيسي ، ولنطلق على هذا الحزن (( الحزن المعرفي البحت ))0
فالمعرفة بحد ذاتها لها حزنها الخاص لقد نظر شاعرنا الحديث فوجد نفسه في عالم مختلف ومتغير لايشبه الواقع الذي عاشه الشاعر القديم فالشاعر القديم هو لسان حال قبيلته أي أبن مجتمعه .؛؛ بينما وجد شاعرنا المعاصر وقد فصلته فجوة كبيرة عن مجتمعه
يقول الشاعر صلاح عبد الصبور:
يا من يدل خطوتي على طريق الدمعة البريئه
يا من يدل خطوتي على طريق الضحكة البريئه
أعطيك ما أعطتني الدنيا من التجريب والمهاره
لقاء يوم واحد من البكاء0
لقد نظر شاعرنا المعاصر الى الواقع الماثل أمام عينيه ، فرأى الضحكة مشوبة بالزيف
ورأى الدمعة مشوبة بالفجور ، فراح يطالب بالطهارة
وإذا أردنا أن نتلمس الخطوط العريضة لهذا الحزن علينا أن نعود لقصيدة نازك الملائكه(( يحكى أن حفارين))في هذه القصيده تتحدث نازك الملائكه عن مأساة الوجود المتمثلة بحفاري القبورالذين يطلبون الحياة عن طريق الموت، فالموت هو وسيلتهما الوحيده للبقاء:0
طالما حفرا في التراب
حفرا في الضباب
ربما حفرا في شحوب الخريف
أو عبوس الشتاء المخيف
طالما شوهدا يحفران
يحفران
في لهفة .... يحفران
هما الآن فوق الثرى .... ميتان
*
هذا ينقلنا الى النقطة التالية من معالم ظاهرة الحزن ،
لنذهب مع السياب في رحلة مع وصفه لعزرائيل وهو ينقض على فريسته:
كم يمض الفؤاد أن يصبح الإنسان
صيدا لرمية الصياد ..
مثل أي الظباء ... أي العصافير ..ضعيفا
قابعا في ارتعادة الخوف
يختض ارتياعا
لأن ظلا مخيفا
يرتمي ... ثم يرتمي في اتئاد
ثعلب الموت ....فارس الموت
عزرائيل يدنو ويشحذ النصل ....آه
منه آه ...... يصك أسنانه الجوعى
ويرنو مهددا يا ألهي .........
هي صورة مرعبة يرسم فيها السياب عزرائيل بصورة ثعلب يخادع لينقض على فريسته
ويتابع:0
ليت أن الحياة كانت فناء
قبل هذا الفناء؛ هذه النهايه
ليت هذا الختام
كان ابتداء
هكذا يصل الشاعر الى القول الى أن الحياة أكذوبة، ونظام الحياة الداخلي مفتت وموهوم مهما كان النظام الخارجي ممنطق ومنظم... وهذا ما يؤكه الشاعر صلاح عبد الصبور:0
هل تدري في أي الأيام نعيش
هذا اليوم الموبوء.... هو اليوم الثامن
من أيام الأسبوع الخامس
في الشهر الثالث عشر
هكذا تنقلب المفاهيم فيرى الشاعر أن الأسبوع ثمانية أيام
والشهر خمسة أسابيع..!.. والعام ثلاثة عشر شهرا!
من كل ذلك ومن التغيرات التي غلفت روح الشاعر 0ومن المجتمع الذي منع بوح الروح لديه
وحاول كتم النبض في فؤاده مصادرا كلماته... كل تلك الأمور جعلت السياب يطلق صرخته الأخيره:0
أهكذا السنون تذهب
أهكذا الحياة تنضب
أريد أن أعيش في سلام
أريد أن أموت في سلام
كشمعة تذوب في الظلام
إن تفتت المجتمع وتناقضاته العجيبه ، وتلك الآلية التي تحكم الشاعر تدفعه الى البحث عن حل فردي . الذي يكون أما الجنون أو الانتحار ولعل الجنون آخر صرخة للذات
وهو يوحد بين الذات والموضوع
بين الروح والماده ... فيعيش الفردلحظة السعادة الحقيقية
لكن الجنون حل فردي بحت وإن كان في وسعه أن يحل مشكلة الذات لكن الوجود يبقى على حاله . يسير. يسير .. بسيره الطبيعي دون أن يعير أي اهتمام بالفرد وآلامه ومن هنا يتابع السياب :
أليس يكفي أيها الإله
أن الفناء غاية الحياة
فتصبغ الحياة بالقتام
هات الردى . أريد أن أنام
بين قبور أهلي المبعثره
وراء ليل المقبر!
رصاصة الرحمة يا إله
يظل حزن الشاعر مصبوغا بماهيته. وماهية المجتمع المحيط به
لكن في المحصلة يظل أي حل لآلام هذا الشاعر.. حل فرد0
ثم تأتي المدينة بمظهرها المادي البحت
آليتها ...تلك الآلية المتمكنة من جميع ساكنيها
*
يقول عبد المعطي حجازي
رسوت في مدينة من الزجاج والحجر
بحثت فيها عن صديقة ... فلم أجد لها أثر
وأهلها تحت اللهيب والغبار صامتون
ودائما على سفر..
لو كلموك يسألون كم تكون ساعتك .
لعل كل هذا يؤدي في المحصلة الى الغربة. غربة الروح
فالشاعر بأحساسه الداخلي
يدرك أن لا فائدة تترتجى
وحده الضياع يلقي به الى قارعة البكاء ؛التي بدورها
ترده الى اللا جدوى . والعبث
*
في هذا السياق
يقول حجازي
طرقت توادي الأصحاب
لم أعثر على صاحب
وعدت تدعني الأبواب والبواب والحاجب
يدحرجني امتداد طريق
طريق مقفر شاحب
لآخر مقفر شاحب
وفي عيني سؤال طاف يستجدي
خيال صديق
تراب صديق
ويصرخ .. إنني وحدي
ويا مصباح مثلك ساهر وحدي
*
لعل الموت ليس نهاية الشاعر ( الفرد ) فالضياع ربما يلاحقه حتى بعد الموت (( الحزن المعرفي )) فالشاعر الذي لم يستطع أن يحرك الحياة في مجتمع راكد ... يحركه الخوف ألا تكون كلماته قادرة على الفعل ( فعل بعث الحياة )!
بالتالي تظل روحه تتعذب ... حتى بعد الموت
وهذا ما سأطلق عليه (( ضياع ما بعد الموت )) وذلك عندما يطلق الشاعر سؤاله الكبير
هل ستبقى كلماتي .... هل ستحرك ساكنا في مستنقع هذه الحياة الراكده ؟ وعندما يأتيه الجواب أنه لن يكون سوى ذكرى عابره .. لحديث عابر
*
هذا ما يترجمه صلاح عبد الصبور
فقد أموت قبل أن تلحق رجل ... رجلا
في زحمة المدينة المنهمرة
أموت لا يعرفني أحد
أموت لا يبكي أحد
وقد يقال بين صحبي في مجامع المسامره
مجلسه كان هنا.. وقد عبر ..؟؟
فيمن عبر ..
:
\
الفرحة أصغر من أن نكتبها .. أصغر من أن تتمدد لتلتهم مساحات السطور ..
كتابة الفرحة كتابة مبتورة .. غارقة في الصقيع .. ساكنة أرجاء الوهم ..
لذلـك نـكـتـب الأحــزان !!.
لـمـاذا ؟!
لأننا نريد أن نؤرخ عناقنا مع أوجاعنا ..
لأننا نريد أن نتلذذ بدموعنا حتى آخر لحظاتنا ..
نكتب الأحزان لتخرج الكلمات محملة برائحة الرفض وصراخ الجراح .. لــمــاذا ..لأنها الأصدق والأوفى والأعمق ..
لأنها العلامة الفارقة في ملامحنا ..
لأنها الترجمة الصادقة للعلاقة مع من حولنا ..
لأننا بدونها لا نمثل الوقت ..
لأننا لا نعيش الأيام باختصار ..
يتبع>>>>
**
الشاعر القديم كان لسا ن حال قبيلته ، يمثل المجتمع الذي يعيش فيه .. لذلك كانت قصائده في مجملها تدر حول المديح ، والهجاء ، والغزل ، والرثاء وغير ذلك وكانت قصائدهم تحمل البناء ذاته من ناحيه, الوقوف على الأطلال . ثم رحلة الظعائن ..فالغزل .. الى أن يصل الشاعر الى الموضوع الذي يقصده من مدح أو غيره
قد يحتاج الشاعر الى ابيات كثيرة للوصول الى غايته (( هكذا يفرض عليه بناء القصيدة ..أن يظل أسيرا للبناء (( التقليد ))0
*
أما شاعرنا الحديث ،فقد غادر كل تلك الأسباب ، مجتمعة .. وكانت له أسبابه ومشاكله التي جعلته يلجأ الى المختصر من المعاني .. مستخدما الأساطير والحكايا .. زادا له ... يضمنها كتاباته..؟؟
لذلك جاءت قصائده معبرة ..... بعيدة عن الأطالة التي لا لزوم لها ,,, كما يرى ... ولا تخدم قضيته0
ظاهرة من ظواهر الشعر العربي الحديث :هي ظاهرة الحزن
وقبل كل ذلك لابد أن نعرف السبب الرئيسي لهذا الحزن....؟؟؟
لعل المعرفة هي السبب الرئيسي ، ولنطلق على هذا الحزن (( الحزن المعرفي البحت ))0
فالمعرفة بحد ذاتها لها حزنها الخاص لقد نظر شاعرنا الحديث فوجد نفسه في عالم مختلف ومتغير لايشبه الواقع الذي عاشه الشاعر القديم فالشاعر القديم هو لسان حال قبيلته أي أبن مجتمعه .؛؛ بينما وجد شاعرنا المعاصر وقد فصلته فجوة كبيرة عن مجتمعه
يقول الشاعر صلاح عبد الصبور:
يا من يدل خطوتي على طريق الدمعة البريئه
يا من يدل خطوتي على طريق الضحكة البريئه
أعطيك ما أعطتني الدنيا من التجريب والمهاره
لقاء يوم واحد من البكاء0
لقد نظر شاعرنا المعاصر الى الواقع الماثل أمام عينيه ، فرأى الضحكة مشوبة بالزيف
ورأى الدمعة مشوبة بالفجور ، فراح يطالب بالطهارة
وإذا أردنا أن نتلمس الخطوط العريضة لهذا الحزن علينا أن نعود لقصيدة نازك الملائكه(( يحكى أن حفارين))في هذه القصيده تتحدث نازك الملائكه عن مأساة الوجود المتمثلة بحفاري القبورالذين يطلبون الحياة عن طريق الموت، فالموت هو وسيلتهما الوحيده للبقاء:0
طالما حفرا في التراب
حفرا في الضباب
ربما حفرا في شحوب الخريف
أو عبوس الشتاء المخيف
طالما شوهدا يحفران
يحفران
في لهفة .... يحفران
هما الآن فوق الثرى .... ميتان
*
هذا ينقلنا الى النقطة التالية من معالم ظاهرة الحزن ،
لنذهب مع السياب في رحلة مع وصفه لعزرائيل وهو ينقض على فريسته:
كم يمض الفؤاد أن يصبح الإنسان
صيدا لرمية الصياد ..
مثل أي الظباء ... أي العصافير ..ضعيفا
قابعا في ارتعادة الخوف
يختض ارتياعا
لأن ظلا مخيفا
يرتمي ... ثم يرتمي في اتئاد
ثعلب الموت ....فارس الموت
عزرائيل يدنو ويشحذ النصل ....آه
منه آه ...... يصك أسنانه الجوعى
ويرنو مهددا يا ألهي .........
هي صورة مرعبة يرسم فيها السياب عزرائيل بصورة ثعلب يخادع لينقض على فريسته
ويتابع:0
ليت أن الحياة كانت فناء
قبل هذا الفناء؛ هذه النهايه
ليت هذا الختام
كان ابتداء
هكذا يصل الشاعر الى القول الى أن الحياة أكذوبة، ونظام الحياة الداخلي مفتت وموهوم مهما كان النظام الخارجي ممنطق ومنظم... وهذا ما يؤكه الشاعر صلاح عبد الصبور:0
هل تدري في أي الأيام نعيش
هذا اليوم الموبوء.... هو اليوم الثامن
من أيام الأسبوع الخامس
في الشهر الثالث عشر
هكذا تنقلب المفاهيم فيرى الشاعر أن الأسبوع ثمانية أيام
والشهر خمسة أسابيع..!.. والعام ثلاثة عشر شهرا!
من كل ذلك ومن التغيرات التي غلفت روح الشاعر 0ومن المجتمع الذي منع بوح الروح لديه
وحاول كتم النبض في فؤاده مصادرا كلماته... كل تلك الأمور جعلت السياب يطلق صرخته الأخيره:0
أهكذا السنون تذهب
أهكذا الحياة تنضب
أريد أن أعيش في سلام
أريد أن أموت في سلام
كشمعة تذوب في الظلام
إن تفتت المجتمع وتناقضاته العجيبه ، وتلك الآلية التي تحكم الشاعر تدفعه الى البحث عن حل فردي . الذي يكون أما الجنون أو الانتحار ولعل الجنون آخر صرخة للذات
وهو يوحد بين الذات والموضوع
بين الروح والماده ... فيعيش الفردلحظة السعادة الحقيقية
لكن الجنون حل فردي بحت وإن كان في وسعه أن يحل مشكلة الذات لكن الوجود يبقى على حاله . يسير. يسير .. بسيره الطبيعي دون أن يعير أي اهتمام بالفرد وآلامه ومن هنا يتابع السياب :
أليس يكفي أيها الإله
أن الفناء غاية الحياة
فتصبغ الحياة بالقتام
هات الردى . أريد أن أنام
بين قبور أهلي المبعثره
وراء ليل المقبر!
رصاصة الرحمة يا إله
يظل حزن الشاعر مصبوغا بماهيته. وماهية المجتمع المحيط به
لكن في المحصلة يظل أي حل لآلام هذا الشاعر.. حل فرد0
ثم تأتي المدينة بمظهرها المادي البحت
آليتها ...تلك الآلية المتمكنة من جميع ساكنيها
*
يقول عبد المعطي حجازي
رسوت في مدينة من الزجاج والحجر
بحثت فيها عن صديقة ... فلم أجد لها أثر
وأهلها تحت اللهيب والغبار صامتون
ودائما على سفر..
لو كلموك يسألون كم تكون ساعتك .
لعل كل هذا يؤدي في المحصلة الى الغربة. غربة الروح
فالشاعر بأحساسه الداخلي
يدرك أن لا فائدة تترتجى
وحده الضياع يلقي به الى قارعة البكاء ؛التي بدورها
ترده الى اللا جدوى . والعبث
*
في هذا السياق
يقول حجازي
طرقت توادي الأصحاب
لم أعثر على صاحب
وعدت تدعني الأبواب والبواب والحاجب
يدحرجني امتداد طريق
طريق مقفر شاحب
لآخر مقفر شاحب
وفي عيني سؤال طاف يستجدي
خيال صديق
تراب صديق
ويصرخ .. إنني وحدي
ويا مصباح مثلك ساهر وحدي
*
لعل الموت ليس نهاية الشاعر ( الفرد ) فالضياع ربما يلاحقه حتى بعد الموت (( الحزن المعرفي )) فالشاعر الذي لم يستطع أن يحرك الحياة في مجتمع راكد ... يحركه الخوف ألا تكون كلماته قادرة على الفعل ( فعل بعث الحياة )!
بالتالي تظل روحه تتعذب ... حتى بعد الموت
وهذا ما سأطلق عليه (( ضياع ما بعد الموت )) وذلك عندما يطلق الشاعر سؤاله الكبير
هل ستبقى كلماتي .... هل ستحرك ساكنا في مستنقع هذه الحياة الراكده ؟ وعندما يأتيه الجواب أنه لن يكون سوى ذكرى عابره .. لحديث عابر
*
هذا ما يترجمه صلاح عبد الصبور
فقد أموت قبل أن تلحق رجل ... رجلا
في زحمة المدينة المنهمرة
أموت لا يعرفني أحد
أموت لا يبكي أحد
وقد يقال بين صحبي في مجامع المسامره
مجلسه كان هنا.. وقد عبر ..؟؟
فيمن عبر ..
:
\
الفرحة أصغر من أن نكتبها .. أصغر من أن تتمدد لتلتهم مساحات السطور ..
كتابة الفرحة كتابة مبتورة .. غارقة في الصقيع .. ساكنة أرجاء الوهم ..
لذلـك نـكـتـب الأحــزان !!.
لـمـاذا ؟!
لأننا نريد أن نؤرخ عناقنا مع أوجاعنا ..
لأننا نريد أن نتلذذ بدموعنا حتى آخر لحظاتنا ..
نكتب الأحزان لتخرج الكلمات محملة برائحة الرفض وصراخ الجراح .. لــمــاذا ..لأنها الأصدق والأوفى والأعمق ..
لأنها العلامة الفارقة في ملامحنا ..
لأنها الترجمة الصادقة للعلاقة مع من حولنا ..
لأننا بدونها لا نمثل الوقت ..
لأننا لا نعيش الأيام باختصار ..
يتبع>>>>