برنسيسة الطفيلة
عضو جديد
من منا لا يسعى لاغتنام الحسنات في شهر رمضان حتى نكون ممن يشملهم الله برحمته ويعفو عنا ويعتقنا من النيران، ولأن الأيام الحلوة سريعاً ما تنتهي فقد أوشك الشهر الكريم على الانتصاف، وها نحن نصل للعشر الأواخر منه، وأياما ويتركنا ويغيب عنا، ولا نعلم إن كنا سندركه العام القادم أم لا
فشهر رمضان ضيف عزيز كريم يهل علينا بروح خاشعة زاكية وبرحماته، إنه شهر القرآن، شهر الصيام، شهر الإحسان، إنه شهر العتق من النيران.
لقد كان النبي صلوات الله عليه يحتفي به حفاوة بالغة، ففي الصحيحين من حديث أبى هريرة – رضي الله عنه – أن النبي قال:” إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة”- وفى لفظ مسلم:” فتحت أبواب الرحمة” وينادى مناد : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك فى كل ليلة حتى ينقضى رمضان”. وفى رواية الترمذي بسند صحيح أنه قال:” إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن”.
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: قال الله تعالى- في الحديث القدسي الجليل -: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به، والصيام جنة – أي وقاية – فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخط، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم،.. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه”. وهناك المزيد من الأحاديث التي توضح لنا فضل هذا الشهر المجيد الكريم، فخسران من يدركه ثم يقصر ويضيع الأوقات فيما لا فائدة فيه بل ربما فيما يسخط الله عليه. خسران من يضيع هذا الموسم الكريم من مواسم الطاعة.
والآن وقد مضت أيام كثيرة من رمضان، فإذا كنت من الخاسرين الذين ضيعوا أيامه فيما لا ينفع بشيء، ولا يليق به، فالفرصة مازالت سانحة لك وهناك العديد من الأعمال الصالحة لكي تلتزم بها فيما تبقى من رمضان لتحصل على الأجر بها وتلتمس العفو والعتق من الله سبحانه وتعالى، لعلك تعوض ما فاتك وتحظى بعفو الله وغفرانه، فيجب أن نحرص على قيام العشر الأواخر من رمضان، ولو أن نضطر إلى تأجيل الأعمال الدنيوية، حتى نحظى بقيام ليلة القدر تلك الليلة التي لا تعوض. فأقصى ما يتمناه المسلم في شهر رمضان بعد الفوز برحمة الله ومغفرته هو العتق من النيران “فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز” آل عمران 185، ومن أحب الأعمال في هذه الأيام أن ينقطع الإنسان عن شواغله ويقف على أبواب الله تعالى طالبا عفوه وغفرانه والعتق من عذابه.
روى البخاري ومسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله. وتخبرنا أيضا السيدة عائشة رضي الله عنها عن نشاط رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام فتقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها) أخرجه مسلم. فالإنسان ينشغل بأحواله وبأمور دنياه كثيراً على مدار العام، فأقل شيء أن ينقطع عن شواغله ويختلي بربه عشرة أيام في العام لينال فضلاً عظيما وينجو برقبته وينال العتق من النيران. فعلينا الترتيب جيداً لاغتنام هذه الفرصة العظيمة في العمر وأن نجتهد حتى نعتق رقبتنا من النار، ومن الأعمال التي يعتق بها المسلم من النار إفطار الصائم: (من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره دون أن ينقص من أجره شيء)، وكذلك الصدقات: “اتق النار ولو بشق تمرة”، والتخلص من النفاق يعتق المسلم من النار: “إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان وإذا خاصم فجر” {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} النساء. ويضيف الدكتور عبد الرحيم : كان للعشر الأواخر من رمضان عند النبي – صلى الله علية وسلم – وأصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص، فقد كانوا شديدي الحرص على الطاعة والعبادة والقيام والذكر.