ليلة كئيبةٌ..الظلام الحالك يلفني..و الهواء البارد يَهُبُّ على قسمات وجهي فتسيري قشعريرةٌ في جسدي..أسمع حولي نفس الأصواتِ و نفس الهمساتِ..وأشمُّ نفس الرائحةِ..رائحة الزنازنِ المثقلة بالفساد والظلم..ومن شقٍ في حجرتي..أرى في الأفق البعيد العلم ممزق الأطراف يرفرف بشموخ هناك..أسمع خطى الأقدام المستهترةِ بجانبِ سجني..فترة طويلة مرت عليَّ هنا..عرفت عدد الرجال هنا بالتمام و الكمال و عرفت حكاية كل منهم..حفظت عدد قضبان سجني..حفظت عدد بلاطات الأرض و عدد الشقوق في السقف..أدركت هنا معنى النضال..نعم هذا أنا نضال..من ناضل حياته من أجل وطن يحبه..ولد وترعرع و كبر فيه..كبر على هذه الأرض الشامخة التي غرس أبناؤها بأيديهم فيها الثبوت والحرية.
ابتسامةٌ ساخرةٌ تُرسم على وجهي و أنا أتذكرُ آخر مرة قادونا إلى الاستجواب و التعذيب وكيف ان علامات التعذيب مازالت على جسمي تحكي قصتها..وهم يظنون أنهم أقوى منا!! آه..لو كانت يداي محررّتان من القيود لقضيت عليهم جميعاً..الغريب في الأمر انهم لم يدركوا بعد..انهم مهما اشتدوا في اعذاب..اشتد صبرنا وعزمنا..فكل ما يفعلون بنا لا يزن مقدار كلمة مما علمتنا أمهاتنا..اتذكر ذلك اليوم المنشود عندما هدموا بيتنا..و أمي جالسة فوق كومة التراب و الحجارة تبكي و تقول ..."اهدموا وسنبني..اقتلوا و سننجب..هَدِدونا بالرحيل و سنبقى ما دام هذا التراب على هذا الوطن"..
أولئك هنّ أمهاتنا..امهات الوطن اللواتي علمننا الصبر و التضحية..من أرضعننا حبّ الوطن..وأنشدوا لنا ترانيم الحرية قبل النوم..آه ثم آه..كم اشتقت إليك يا اماه!!
استيقظت من أحلامي على صوت الأقدام و الأنفاس القريبة وهم يقتحون زنزانتي و يتجهون نحوي..
أقف كالأسد المقدام الذي لا يخاف شيئاً..ونظرت إليهم بفوقية..حتى أفهموني بإشاراتهم ودفعهم لي انني سأخرج من هنا!!
أيا سماء أبشري! و يا أرض افرحي! ويا طيور الحرية حلقي وهللي!! أنا قادم إليك يا أماه..إنّ ابنك عائد إليك مشتاقاً لك و حالماً بهذه اللحظة..فكلما خطوت خطوة إلى الأمام كانت الخطوة الأخرى تلحقها..وكأنني أسابق الريح لأعود إلى بيتي العزيز و الحضن الدافء..
طوال الطريق في الحافلة و أنا أنظر حولي..أنظر إلى رفاقي..فمنهم من امتلأت عيناه بالدموع فعجز عن التعليق..ومنهم من يدعو الله شاكراً حامداً له ..ومنهم من كان في حالة صمت و ذهول..
أنظر حولي..أرى البيوت القريبة من بعضها وكأن أساساتها الحب..و الأطفال بثيابهم البالية يلعبون و يضحكون..و الشيوخ الكبار يتسامرون فيم بينهم و يتحدثون عن أيام شبابهم.
أضحك ضحكة خفيفة ..وأنا أتذكر نفسي صغيراً..و أتذكر نفسي أنام بين أحضانها..
أعود من طيف الذكريات على صوت الحافلة و هي تتوقف..فأنزل عنها ناظراً حولي ..كانت تلك اللحظة لا توصف..عجز لساني عن إنشاد الشعر أو نثر القصائد..!
جرت نحوي بخطوات متعثرة و دموعها تغمر وجنتيها..تبسط يديها كجناحين و تضمُّني و تقبلني بشوق و لهفة...
ها قد عدتُ إليك يا أُمي..ها قد عدتُ إليك يا ام الوطن و سيعود ابناؤك اليك يا وطن بقلوب تتلهّف إليك..
اي اماه..أسكنيني بين عينكِ شعاعاً.. واحضنيني.. قد كفى عمري ضياعاً.. يا عيوني
حدثيني.. حينما كنت صغيراً.. كيف امسى حجرك الهاني سريراً يحتويني.. وحداء منك يسري.. نم صغيري.. نم بحجري.. نم هنيئا.. أنت عمري
خبريني كيف ناديت الحمامَ.. بحنان كي أناما.. خبريني كيف تجرين لضمي كلما ناديت أمي... خبريني حين كنت ترضعيني ..كل حين حب ديني.. ها أنا صِرت فتاك.. يالَسَعْدي حين يغشاني دعاك ...بعد بعدي عنك أمي ..عدت مشتاقاً لضمي..عدت مشتاقا لأرضي..عدت لك ياوطني..عدت اقوى..عدت بعزيمة..عدت لأناضل من أجل الله و الوطن..و ما دمتُ أنا نضال و إخواني أبناء فلسطين هنا نكافح...
لن تنام أعيُنُ الجبناء.....
ابتسامةٌ ساخرةٌ تُرسم على وجهي و أنا أتذكرُ آخر مرة قادونا إلى الاستجواب و التعذيب وكيف ان علامات التعذيب مازالت على جسمي تحكي قصتها..وهم يظنون أنهم أقوى منا!! آه..لو كانت يداي محررّتان من القيود لقضيت عليهم جميعاً..الغريب في الأمر انهم لم يدركوا بعد..انهم مهما اشتدوا في اعذاب..اشتد صبرنا وعزمنا..فكل ما يفعلون بنا لا يزن مقدار كلمة مما علمتنا أمهاتنا..اتذكر ذلك اليوم المنشود عندما هدموا بيتنا..و أمي جالسة فوق كومة التراب و الحجارة تبكي و تقول ..."اهدموا وسنبني..اقتلوا و سننجب..هَدِدونا بالرحيل و سنبقى ما دام هذا التراب على هذا الوطن"..
أولئك هنّ أمهاتنا..امهات الوطن اللواتي علمننا الصبر و التضحية..من أرضعننا حبّ الوطن..وأنشدوا لنا ترانيم الحرية قبل النوم..آه ثم آه..كم اشتقت إليك يا اماه!!
استيقظت من أحلامي على صوت الأقدام و الأنفاس القريبة وهم يقتحون زنزانتي و يتجهون نحوي..
أقف كالأسد المقدام الذي لا يخاف شيئاً..ونظرت إليهم بفوقية..حتى أفهموني بإشاراتهم ودفعهم لي انني سأخرج من هنا!!
أيا سماء أبشري! و يا أرض افرحي! ويا طيور الحرية حلقي وهللي!! أنا قادم إليك يا أماه..إنّ ابنك عائد إليك مشتاقاً لك و حالماً بهذه اللحظة..فكلما خطوت خطوة إلى الأمام كانت الخطوة الأخرى تلحقها..وكأنني أسابق الريح لأعود إلى بيتي العزيز و الحضن الدافء..
طوال الطريق في الحافلة و أنا أنظر حولي..أنظر إلى رفاقي..فمنهم من امتلأت عيناه بالدموع فعجز عن التعليق..ومنهم من يدعو الله شاكراً حامداً له ..ومنهم من كان في حالة صمت و ذهول..
أنظر حولي..أرى البيوت القريبة من بعضها وكأن أساساتها الحب..و الأطفال بثيابهم البالية يلعبون و يضحكون..و الشيوخ الكبار يتسامرون فيم بينهم و يتحدثون عن أيام شبابهم.
أضحك ضحكة خفيفة ..وأنا أتذكر نفسي صغيراً..و أتذكر نفسي أنام بين أحضانها..
أعود من طيف الذكريات على صوت الحافلة و هي تتوقف..فأنزل عنها ناظراً حولي ..كانت تلك اللحظة لا توصف..عجز لساني عن إنشاد الشعر أو نثر القصائد..!
جرت نحوي بخطوات متعثرة و دموعها تغمر وجنتيها..تبسط يديها كجناحين و تضمُّني و تقبلني بشوق و لهفة...
ها قد عدتُ إليك يا أُمي..ها قد عدتُ إليك يا ام الوطن و سيعود ابناؤك اليك يا وطن بقلوب تتلهّف إليك..
اي اماه..أسكنيني بين عينكِ شعاعاً.. واحضنيني.. قد كفى عمري ضياعاً.. يا عيوني
حدثيني.. حينما كنت صغيراً.. كيف امسى حجرك الهاني سريراً يحتويني.. وحداء منك يسري.. نم صغيري.. نم بحجري.. نم هنيئا.. أنت عمري
خبريني كيف ناديت الحمامَ.. بحنان كي أناما.. خبريني كيف تجرين لضمي كلما ناديت أمي... خبريني حين كنت ترضعيني ..كل حين حب ديني.. ها أنا صِرت فتاك.. يالَسَعْدي حين يغشاني دعاك ...بعد بعدي عنك أمي ..عدت مشتاقاً لضمي..عدت مشتاقا لأرضي..عدت لك ياوطني..عدت اقوى..عدت بعزيمة..عدت لأناضل من أجل الله و الوطن..و ما دمتُ أنا نضال و إخواني أبناء فلسطين هنا نكافح...
لن تنام أعيُنُ الجبناء.....