الورده النقية
عضو مميز
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطوات الأولى نحو طريق العلم كانت في مدرسة الكلية العلمية الإسلامية، ورغم أنه في تلك الفترة لم يتجاوز الرابعة من عمره، إلا أن علامات القيادة والذكاء والحس الإنساني ظهرت في نظرة جلالة الملك عبدالله الثاني منذ اليوم الدراسي الأول.
"مجتهدا.. حنونا .. مثابرا .. متميزا .. معطاء .. كريما وعطوفا .." بتلك الكلمات وصفت المربية أميمة الرفاعي عارف، طفولة جلالته وهي تستعيد تفاصيل الأعوام الثلاثة التي قضاها في تلك المدرسة.
تعود عارف بذاكرتها إلى الوراء مع الملك الإنسان، وتستذكر المرة الأولى التي شاهدت بها جلالته وهو يمسك بيد أبيه جلالة الملك الراحل الحسين, طيّب الله ثراه، مستعدا لدخول المدرسة لأول مرة في العام 1966 وهو لم يتخط الرابعة من عمره، ويرافقه شقيقه سمو الأمير فيصل وكان عمره في ذلك الوقت عامين.
وتستذكر عارف ، التي كانت مديرة الروضة في المدرسة آنذاك، وقام الملك الحسين بتسليمها الأميرين عبدالله وفيصل، وأوصاها بشدة بأن "يتم التعامل معهما كباقي الأطفال في المدرسة دون أي تمييز".
تصف عارف طفولة الملك عبدالله وكيف كان "تلميذا متميزا ومتكيفا مع باقي الطلبة، ولا يثير أية مشاكل مع الطلبة الآخرين، ولا يستعلي على زملائه أبدا، حيث كان يحب اللعب واللهو مع الطلبة في ساحة المدرسة".
مكث الملك عبدالله الثاني في مدرسة الكلية العلمية حتى العام 1970 مجتازا مرحلة البستان والتمهيدي والصف الأول. وتشير عارف إلى أن "الطفل الأمير وقتها كان يصطف بالطابور الصباحي مع بقية الطلبة، ويتناول طعامه معهم، ولم يكن هناك أي تمييز في المعاملة بينه وبين أقرانه في المدرسة".
"القوة والجرأة صفتان بارزتان في شخصية جلالته"، تقول عارف التي تلفت إلى أنه كان "مجدا ومثابرا وملتزما بالدوام المدرسي ويقوم بواجباته المدرسية على أكمل وجه، ويعامل زملاءه بحب ولطف، ولم يتطاول قطّ على أي طفل في المدرسة، بل كان يحاول الإصلاح بين زملائه دائما".
وعن المواقف التي تظهر خصال العطف والحنان والكرم التي لازمت جلالته منذ الطفولة، تروي عارف أحد المواقف التي تكررت مع جلالته في المدرسة، عندما نسي أحد زملائه إحضار سندويشته، "فما كان من جلالته إلا أن قام بتقاسم سندويشته مع زميله ليأكلا معا".
وتلفت عارف إلى طيبة قلب جلالته وشعوره مع الآخرين، مبينة أنه "عندما كان يذنب أحد الأطفال في الصف، كان يأتي إليّ ويتوسط لزميله حتى لا يعاقب، قائلا برجاء إن زميله لم يكن يقصد أن يخطئ لهذا سامحيه".
موقف آخر ترويه عارف عندما كان جلالته يلهو مع أصدقائه في المدرسة، وأثناء ركضه وزميله ارتطم رأساهما ببعضهما البعض ما أدى إلى انتفاخ جبين جلالته، حيث "قمت بمعالجته سريعا، غير أنني تخوفت من ردة فعل والده الملك الراحل".
وتتابع "قمت بإرسال ورقة للملك الراحل أوضحت فيها أن ما حصل يحدث مع بقية الطلبة في مثل هذه المواقف، وسألته في اليوم التالي، ماذا قال والدك؟ فأجابني جلالته بأنه روى لوالده "أن ما حصل كان من دون قصد وجرى أثناء لعبنا في المدرسة"، مبينة أن "الملك الراحل لم يستفسر عن الأمر قط، ممّا يظهر تمسكه بأن يعامل طفله في المدرسة كبقية الأطفال دون تمييز".
وعن تحصيله العلمي تقول عارف أنه "كان مجدّا ومتابعا لدروسه"، مبينة أنه "كان يأخذ دفاتره وواجباته ويعيدها في اليوم التالي بعد أن يوقع عليها وليّ أمره، تماما كما كان يحصل مع بقية الأطفال، حيث كان الملك الراحل يتابع باستمرار دفاتر ابنه والعلامات التي يحصل عليها".
وتتابع "التلميذ عبدالله منذ طفولته كان يهوى الدبابات، وقد مثّل دور قائد دبابة في إحدى التمثيليات في المدرسة، وكان يحب تمثيل الأدوار المدرسية التي تدّل على الفطنة والذكاء وقوة الشخصية".
"الملك عبدالله فارس وقائد" تقول عارف، التي تبين أن "الحنكة السياسية كانت بارزة في شخصيته، فضلا عن حبه للخير والعطاء والمساعدة".
الملك الإنسان كان متميزا "في النشاطات المدرسية والإملاء، والتربية الدينية والاجتماعية"، وفق عارف، منوهة إلى "خطه المميز والجميل في الكتابة، ومحافظته على ترتيب دفاتره، ما يدل على أنه طفل منظّم ومرتّب وأنيق".
ومن شدة ولع جلالته بالمدرسة وتعلقه بها، تستذكر عارف كيف كان الملك يصرّ على أن يأتي إلى المدرسة يوم الجمعة، ولم يكن يطمئن إلا عندما يرى أبوابها مغلقة وأن لا دوام في ذلك اليوم، ليطلب بعد ذلك "أن يزورني في منزلي الذي كان قريبا من المدرسة، ليقضي النهار معي يلعب ويلهو والفرحة تغمر عينيه".
"كان جلالته يتمنى وهو في المدرسة أن يقلّد الخليفة عمر بن الخطاب، وعندما كان عمره 6 أعوام مثلّ دوره في تمثيلية عرضت في المدرسة"، تستذكر المربية عارف التي تلفت إلى أنه "استمد من شخصية الخليفة صفات عديدة رافقته حتى الآن من خلال سعي جلالته لمناصرة ومساندة المحتاجين والمحرومين".
وتتابع عارف:"منذ طفولة جلالته توقعت أن يكون له مستقبل زاهر، وبأنه سيكون خير قائد يولي كل الاهتمام والعناية لأبناء شعبه وأمته، فهو العادل والمنصف والحكيم والقائد المعطاء".
وماتزال عارف إلى الآن تحتفظ بدفاتر جلالة الملك عبدالله عندما كان في الروضة ، إذ تروي كيف التقته بعد أن تُوّج ملكا أثناء إقامة مدارس الكلية العلمية الاسلامية حفلا بمناسبة افتتاح المباني الجديدة في منطقة الجبيهة، حيث تقدّمتُ نحوه وعانقته بشدة وأعطيته أحد دفاتره، فسُرّ كثيرا بهذه الهدية، وعانقني قائلا: كيفك ست أميمة؟".
وبعبارات حنونة تغلفها الذكريات الجميلة، تقول عارف "أعتز بأنني كنت مديرة للروضة ومربية لأطفالها أيام كان جلالة الملك عبدالله تلميذا فيها، وسيظل ذلك مبعث فخر واعتزاز لي طوال حياتي".
ولا تنسى أبدا عندما كان جلالته يغنّي لها في المدرسة مع بقية الطلبة كلما دخلت غرفة الصف: "مس أميمة يا عيوني يالي لابسة الليموني".
ودي لكم
الورده النقية
التعديل الأخير بواسطة المشرف: