مہجہرد إنہسہآن
ادارة الموقع
مدخل :
لا يمكن الحديث عن القضايا التعليمية والمشكلات التي تواجه العاملين في هذا المجال دون اللجوء إلى الحديث عن الوسائل التعليمية باعتبارها ركيزة هامة في العملية التربوية ، فالمعلم الناجح - كما يراه الكثيرون – هو الذي يحسن يستخدم هذه الوسائل ، إضافة إلى العناصر الأخرى التي يجب أن يتمتع بها في المواقف التربوية المختلفة0
وإذا كانت هي هذه مكانة الوسيلة التعليمية في المجال التعليمي فمن الضروري تسليط الضوء عليها بتركيز قوي يوضح هذه الحقيقة لمن يجهلها ويذكر المتغافلين عن أهميتها التي تنبع من المبدأ الذي يفرض نفسه على مجال التعليم بأن الوسيلة ليست حشوا لفراغات لا يجد المعلم غيرها لسدها ، بل لأنها تقوم بأدوار أساسية في إعانة المعلم على أدائه للمهمة التي يتحملها في إيصال الرسالة العلمية والتربوية إلى الأجيال المتلقية بأساليب جذابة ومشوقة لا يمكن أن تكون إلا بواسطتها غالبا ، حيث أن الوسيلة في حد ذاتها تجعل المتعلم في موقف إيجابي متفاعل مع الموقف التربوي وهي تنقله - شاء أم أبى - من شخص سلبي جامد إلى أوسع مجالات التفاعل المثمر مع المواقف التربوية التي تمر به داخل وخارج غرفة الدراسة 0
أهمية القضية
تتأكد أهمية الحديث عن الوسائل التعليمية عموما من المنطلق الذي تحدثنا عنه في الأسطر السابقة ، ولكن يظهر جانب آخر من الأهمية للوسائل التعليمية فيما يتعلق بمنهج الأمة المسلمة الذي ارتضاه لها الرب عز وجل ، وأعني بذلك كتاب الله " القرآن الكريم " و " السنة النبوية المطهرة" ، وليس الحديث عن هذين العنصرين بجديد بل إن معظم كتب التربية الإسلامية تشير إلى أن القرآن والسنة لم يغفلا الوسائل التعليمية ، وهي تذكر نماذج من ذلك الاستخدام لكنها مقتضبة 0
تساؤل كان يجول في خاطري دائما عن هذه القضية لفترة طويلة ، ثم شاء الله أن تنشر مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بحثا علميا محكما يتحدث بتفصيل موسع عن هذه القضية بعنوان :
الوسائل التعليمية في القرآن والسنة والآثار عن الصحابة
وقد كتب هذا البحث الدكتور عبد الرحمن بن محمد بلعوص الأستاذ بقسم التربية بكلية العلوم الاجتماعية بالجامعة ، هذا البحث لبى حاجة كنت أشعر بضرورتها لكل المشتغلين في مجال التعليم والمتخصصين في مجال الوسائل التعليمية ، ولعله يعيننا على استيعاب أهمية الوسائل التعليمية في المجال التعليمي 0
سؤال يحتاج إلى إجابة :
في مواقف عديدة مع طلاب كلية المعلمين بالمدينة المنورة الذين قمت بتدريسهم ومجموعات من مديري المدارس للمراحل الدراسية الثلاث ،وجهت إليهم هذا السؤال والذي أشعر أنه على قدر كبير من الأهمية وهو :
هل استخدام الوسائل التعليمية قضية جديدة و عنصر دخيل في التعليم لدى المسلمين ؟
في بداية الأمر يستغرب البعض هذا السؤال ، ثم تأتي الإجابة التي لا تحتاج إلى كبير جهد وهي بطبيعة الحال لا تخلو من أحد ثلاثة أمور ولكن بنسب مختلفة ، فالبعض يستبعد هذا الاستعمال في نطاق الإسلام وخاصة القرآن والسنة النبوية المطهرة ،والبعض الآخر يؤكد الاستخدام ويبدأ يفكر في نماذج عديدة مخزونة في ذاكرته ، وقليل متردد لا يعرف حقيقة الإجابة ، ولكن الأكثرية هي مع تأكيد استخدام القرآن الكريم والسنة النبوية للوسائل التعليمية بمفهومها الشامل ، وهذا يجعلنا نقف متفحصين لحقيقة هذا النوع من الإجابة ، وهو الذي يدفعنا نحو مزيد من البحث عن تفاصيل أكثر وضوحا وإشراقا 0
الوسائل التعليمية في القرآن الكريم
وردت في القرآن ن الكريم نماذج عديدة وكثيرة مما نسميه اليوم بالوسائل التعليمية ، وقد استخدمت هذه النماذج لتوضيح القضايا المعروضة بالطريقة التي تتناسب مع العقلية البشرية وإمكاناتها المختلفة حسب أنماط البشر وقدراتهم المتفاوتة على الإدراك ، كما أن من أهداف استخدام هذه النماذج وفي مواقف متعددة تأكيد المعاني وتقريبها إلى مفاهيم البشر مهما تبدلت ظروف الزمان والمكان ، ونحن هنا نحاول استعراض بعض النماذج الواردة في كتاب الله ، وإذا رغب أحد في المزيد فأماه كتاب الله يستطيع تلمس المواضع التي وردت فيها نماذج أخرى 0
أولا – ضرب الأمثال :
(مثل) و ( الكاف ) و (كأن): قال الله تعالى:
( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون )[1]
ثانيا – القصة :
1 – طويلة 2 – قصيرة
قصص الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم المؤمنين منهم والكافرين
ثالثا : عناصر الكون :
1 – نبات 2 – حيوان 3 – طيور 4 – ماء 5 – جبال 6 – فلك 7 – حشرات
قال الله تعالى: ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ، أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد )[2]
قال الله تعالى:
( أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ، ما يمسكهن إلا الله ، إنه بكل شيء بصير)[3]
رابعا : العروض العملية :
يقصد بالعروض العملية : " توضيح مرئي لحقيقة أو فكرة أو عملية عامة فيقوم العارض بإيضاح كيف تعمل الأشياء "[4] – قصة ابني آدم عندما قتل أحدهما الآخر فتوضح القصة الطريقة التي تمت بها الجريمة وتصف الموقف بتفاصيله 0
خامسا : الرحلات التعليمية :
وقد ورد الحث على ذلك في قوله تعالى: ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)[5]
سادسا : الزيارات الميدانية :
والهدف منها في القرآن التعرف على آثار المكذبين : 1 – في البيئة 2 – خارج البيئة
الوسائل التعليمية في السنة النبوية المطهرة
كان النبي عليه الصلاة والسلام القدوة العملية الحية للمسلمين إبان حياته بينهم ، ثم تحولت القدوة إلى المنهج الذي تركه لهم إلى يوم القيامة ، وكما كان يحدثهم بكلماته كان يريهم أعماله نموذجا تطبيقيا إما بالتوجيه المباشر أو بالتلميح أو أساليب أخرى تدخل ضمن ما نطلق عليه اليوم بالوسائل التعليمية ، والنماذج التي سنذكرها هي غيض من فيض ، وسيجد من لديه رغبة في المزيد بغيته في كتب السيرة النبوية وكتب الصحاح 0
أولا: ضرب الأمثال :
" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أر أيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ما تقولون ؟هل يبقى من درنه ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال : ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا "[6]
ثانيا: القصة:
ومن أمثلتها قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ومن أمثلة القصص القصيرة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا فنزل فشرب ، ثم خرج ،فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ بي ، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا : يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا ؟ فقال : في كل ذات كبد رطبة أجر0[7]
ثالثا: اللوح :
كان اللوح من ضمن ما يستخدم من أدوات لكتابة القرآن الكريم 0
رابعا: عناصر الكون المادي (البيئة) :
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر هذه العناصر في مواقف متعددة كفضل العالم على العابد ورؤية الله بالنسبة للمؤمنين وتوضيح فضل قراءة القرآن والفرق بين المؤمن والمنافق والكافر في ذلك ، وذكر الحيوانات في فضل التبكير إلى الجمعة 0
خامسا : الرسوم التوضيحية :
استخدم النبي عليه الصلاة والسلام الرسوم التوضيحية على هيئة خطوط زوايا وأشكال في توضيح قضايا معنوية كبيرة لتصوير المعنى وتوضيحه وتبسيطه والأمثلة على ذلك كثيرة جدا منها :[8]
1 – رسم يوضح طريق الخير وطريق الشر
" روى الإمام أحمد في مسنده عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه ، قال : " كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا هكذا أمامه ، فقال : هذا سبيل الله عز وجل ، وخطين عن يمينه ، وخطين عن شماله ، قال : هذا سبيل الشيطان ، ثم وضع يده في الخط الأوسط ثم تلا الآية : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون )[9] 0(شكل 1)
2 – رسم يوضح الإنسان وأجله وأمله والأعراض التي تقابله:
أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خط النبي خطا مربعا ، وخط خطا في الوسط خارجا منه ، وخط خططا صغارا و هذا الذي في الوسط وقال : هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به ، أو قد أحاط به ، وهذا الذي خارج منه أمله ، وهذه الخطط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا "[10]( شكل 2 )
3 – رسم يوضح أفضل نساء أهل الجنة
سادسا: العروض العملية:
ورد في السنة النبوية المطهرة أحاديث كثيرة تدل على استخدام النبي صلى الله عليه وسلم العروض العملية في تعليم الصحابة أمور الدين وخاصة العبادات كالصلاة والحج والتيمم ، ومن هذه النماذج قصة الرجل المسيء صلاته ، وفي الحج يقول عليه الصلاة والسلام :" يا أيها الناس خذوا عني مناسككم ، فلعلي لا أحج بعد عامي هذا"[11]
سابعا: الحركات المعبرة :
"يقصد الباحث بالحركات المعبرة تغير ملامح الوجه أو هيئة الجلسة ، أو الإشارة باليد أو الأصابع أو غيرهما بهدف التعبير أو تجسيم الأحاسيس وبلورتها بحيث تعرض سماتها الواضحة المعبرة على المشاهد ، وهي تختلف عن أفعال الإنسان الأصلية التي يقوم بها في أكله وشربه "[12]
أمثلة على تغير ملامح الوجه
عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم00" أما استخدام الإشارة بالإصبع ففي عدة مواقف مثل تشبيه التكاتف بين المؤمنين بالبنيان المرصوص ، وتبيين مكانة كافل اليتيم وغيرها ، وشدة قرب الساعة مع البعثة النبوية 0
ثامنا: الأشياء الحقيقية والعينات :
استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الأشياء الحقيقية في مواقف عديدة ، منها تبيين حرمة الحرير والذهب بالنسبة لرجال الأمة المسلمة 0
تاسعا: المحاكاة والتدريب العملي :
من هذا أمره صلى الله عليه وسلم للآباء أمر أبنائهم بالصلاة لسبع سنين وضربهم عليها إذا بلغوا عشر سنين ، بمعنى تدريبهم ومتابعتهم عليها 0
عاشرا : الرحلات التعليمية :
حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على طلب العلم و بين لها مكانة طالب العلم 0
حوار مع الذات
بعد هذا التجوال الخاطف مع كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام والذي يوضح النماذج والمواقف التي استخدمت فيهما الوسائل التعليمية ، يبدو أن من الضروري أن نوجه إلى أنفسنا سؤالا ثم نحاول الإجابة عليه بصراحة وهدوء :
إذا كان كتاب الله العظيم ، وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم
قد استخدما الوسيلة التعليمية ، فهل يحق لأحدنا رفض استعمالها في المواقف التعليمية المختلفة ؟
وسؤال آخر لابد من توجيهه إلى أنفسنا لنتعرف على مدى نجاحنا في أداء العملية التربوية :
إلى أي مدى تتجاوب طرق التدريس التي نستخدمها مع المنهج القرآني والنبوي ؟
[1] سورة العنكبوت الآية 41
[2] سورة فصلت الآية 53
[3] سورة الملك آية 19
[4] البغدادي ،وزميلاه ، تكنولوجيا التعليم والإعلام ص 67
[5] سورة التوبة الآية 112
[6] الشيباتي ، أحمد بن حنبل ، ج 3 ، ص 77
[7] البخاري ج8 ص 16
[8] - الوسائل التعليمية في القرآن والسنة، د0 عبد الرحمن بلعوص ، مجلة كلية العلوم الاجتماعية جامعة الإمام محمد بن سعود ، ذو القعدة 1415 هـ ص460
[9] - المرجع السابق
[10] البخاري ، محمد بن إسماعيل / مرجع سابق ج8 ، ص 164
لا يمكن الحديث عن القضايا التعليمية والمشكلات التي تواجه العاملين في هذا المجال دون اللجوء إلى الحديث عن الوسائل التعليمية باعتبارها ركيزة هامة في العملية التربوية ، فالمعلم الناجح - كما يراه الكثيرون – هو الذي يحسن يستخدم هذه الوسائل ، إضافة إلى العناصر الأخرى التي يجب أن يتمتع بها في المواقف التربوية المختلفة0
وإذا كانت هي هذه مكانة الوسيلة التعليمية في المجال التعليمي فمن الضروري تسليط الضوء عليها بتركيز قوي يوضح هذه الحقيقة لمن يجهلها ويذكر المتغافلين عن أهميتها التي تنبع من المبدأ الذي يفرض نفسه على مجال التعليم بأن الوسيلة ليست حشوا لفراغات لا يجد المعلم غيرها لسدها ، بل لأنها تقوم بأدوار أساسية في إعانة المعلم على أدائه للمهمة التي يتحملها في إيصال الرسالة العلمية والتربوية إلى الأجيال المتلقية بأساليب جذابة ومشوقة لا يمكن أن تكون إلا بواسطتها غالبا ، حيث أن الوسيلة في حد ذاتها تجعل المتعلم في موقف إيجابي متفاعل مع الموقف التربوي وهي تنقله - شاء أم أبى - من شخص سلبي جامد إلى أوسع مجالات التفاعل المثمر مع المواقف التربوية التي تمر به داخل وخارج غرفة الدراسة 0
أهمية القضية
تتأكد أهمية الحديث عن الوسائل التعليمية عموما من المنطلق الذي تحدثنا عنه في الأسطر السابقة ، ولكن يظهر جانب آخر من الأهمية للوسائل التعليمية فيما يتعلق بمنهج الأمة المسلمة الذي ارتضاه لها الرب عز وجل ، وأعني بذلك كتاب الله " القرآن الكريم " و " السنة النبوية المطهرة" ، وليس الحديث عن هذين العنصرين بجديد بل إن معظم كتب التربية الإسلامية تشير إلى أن القرآن والسنة لم يغفلا الوسائل التعليمية ، وهي تذكر نماذج من ذلك الاستخدام لكنها مقتضبة 0
تساؤل كان يجول في خاطري دائما عن هذه القضية لفترة طويلة ، ثم شاء الله أن تنشر مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بحثا علميا محكما يتحدث بتفصيل موسع عن هذه القضية بعنوان :
الوسائل التعليمية في القرآن والسنة والآثار عن الصحابة
وقد كتب هذا البحث الدكتور عبد الرحمن بن محمد بلعوص الأستاذ بقسم التربية بكلية العلوم الاجتماعية بالجامعة ، هذا البحث لبى حاجة كنت أشعر بضرورتها لكل المشتغلين في مجال التعليم والمتخصصين في مجال الوسائل التعليمية ، ولعله يعيننا على استيعاب أهمية الوسائل التعليمية في المجال التعليمي 0
سؤال يحتاج إلى إجابة :
في مواقف عديدة مع طلاب كلية المعلمين بالمدينة المنورة الذين قمت بتدريسهم ومجموعات من مديري المدارس للمراحل الدراسية الثلاث ،وجهت إليهم هذا السؤال والذي أشعر أنه على قدر كبير من الأهمية وهو :
هل استخدام الوسائل التعليمية قضية جديدة و عنصر دخيل في التعليم لدى المسلمين ؟
في بداية الأمر يستغرب البعض هذا السؤال ، ثم تأتي الإجابة التي لا تحتاج إلى كبير جهد وهي بطبيعة الحال لا تخلو من أحد ثلاثة أمور ولكن بنسب مختلفة ، فالبعض يستبعد هذا الاستعمال في نطاق الإسلام وخاصة القرآن والسنة النبوية المطهرة ،والبعض الآخر يؤكد الاستخدام ويبدأ يفكر في نماذج عديدة مخزونة في ذاكرته ، وقليل متردد لا يعرف حقيقة الإجابة ، ولكن الأكثرية هي مع تأكيد استخدام القرآن الكريم والسنة النبوية للوسائل التعليمية بمفهومها الشامل ، وهذا يجعلنا نقف متفحصين لحقيقة هذا النوع من الإجابة ، وهو الذي يدفعنا نحو مزيد من البحث عن تفاصيل أكثر وضوحا وإشراقا 0
الوسائل التعليمية في القرآن الكريم
وردت في القرآن ن الكريم نماذج عديدة وكثيرة مما نسميه اليوم بالوسائل التعليمية ، وقد استخدمت هذه النماذج لتوضيح القضايا المعروضة بالطريقة التي تتناسب مع العقلية البشرية وإمكاناتها المختلفة حسب أنماط البشر وقدراتهم المتفاوتة على الإدراك ، كما أن من أهداف استخدام هذه النماذج وفي مواقف متعددة تأكيد المعاني وتقريبها إلى مفاهيم البشر مهما تبدلت ظروف الزمان والمكان ، ونحن هنا نحاول استعراض بعض النماذج الواردة في كتاب الله ، وإذا رغب أحد في المزيد فأماه كتاب الله يستطيع تلمس المواضع التي وردت فيها نماذج أخرى 0
أولا – ضرب الأمثال :
(مثل) و ( الكاف ) و (كأن): قال الله تعالى:
( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون )[1]
ثانيا – القصة :
1 – طويلة 2 – قصيرة
قصص الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم المؤمنين منهم والكافرين
ثالثا : عناصر الكون :
1 – نبات 2 – حيوان 3 – طيور 4 – ماء 5 – جبال 6 – فلك 7 – حشرات
قال الله تعالى: ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ، أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد )[2]
قال الله تعالى:
( أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ، ما يمسكهن إلا الله ، إنه بكل شيء بصير)[3]
رابعا : العروض العملية :
يقصد بالعروض العملية : " توضيح مرئي لحقيقة أو فكرة أو عملية عامة فيقوم العارض بإيضاح كيف تعمل الأشياء "[4] – قصة ابني آدم عندما قتل أحدهما الآخر فتوضح القصة الطريقة التي تمت بها الجريمة وتصف الموقف بتفاصيله 0
خامسا : الرحلات التعليمية :
وقد ورد الحث على ذلك في قوله تعالى: ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)[5]
سادسا : الزيارات الميدانية :
والهدف منها في القرآن التعرف على آثار المكذبين : 1 – في البيئة 2 – خارج البيئة
الوسائل التعليمية في السنة النبوية المطهرة
كان النبي عليه الصلاة والسلام القدوة العملية الحية للمسلمين إبان حياته بينهم ، ثم تحولت القدوة إلى المنهج الذي تركه لهم إلى يوم القيامة ، وكما كان يحدثهم بكلماته كان يريهم أعماله نموذجا تطبيقيا إما بالتوجيه المباشر أو بالتلميح أو أساليب أخرى تدخل ضمن ما نطلق عليه اليوم بالوسائل التعليمية ، والنماذج التي سنذكرها هي غيض من فيض ، وسيجد من لديه رغبة في المزيد بغيته في كتب السيرة النبوية وكتب الصحاح 0
أولا: ضرب الأمثال :
" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أر أيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ما تقولون ؟هل يبقى من درنه ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال : ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا "[6]
ثانيا: القصة:
ومن أمثلتها قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ومن أمثلة القصص القصيرة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا فنزل فشرب ، ثم خرج ،فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ بي ، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا : يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا ؟ فقال : في كل ذات كبد رطبة أجر0[7]
ثالثا: اللوح :
كان اللوح من ضمن ما يستخدم من أدوات لكتابة القرآن الكريم 0
رابعا: عناصر الكون المادي (البيئة) :
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر هذه العناصر في مواقف متعددة كفضل العالم على العابد ورؤية الله بالنسبة للمؤمنين وتوضيح فضل قراءة القرآن والفرق بين المؤمن والمنافق والكافر في ذلك ، وذكر الحيوانات في فضل التبكير إلى الجمعة 0
خامسا : الرسوم التوضيحية :
استخدم النبي عليه الصلاة والسلام الرسوم التوضيحية على هيئة خطوط زوايا وأشكال في توضيح قضايا معنوية كبيرة لتصوير المعنى وتوضيحه وتبسيطه والأمثلة على ذلك كثيرة جدا منها :[8]
1 – رسم يوضح طريق الخير وطريق الشر
" روى الإمام أحمد في مسنده عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه ، قال : " كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا هكذا أمامه ، فقال : هذا سبيل الله عز وجل ، وخطين عن يمينه ، وخطين عن شماله ، قال : هذا سبيل الشيطان ، ثم وضع يده في الخط الأوسط ثم تلا الآية : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون )[9] 0(شكل 1)
2 – رسم يوضح الإنسان وأجله وأمله والأعراض التي تقابله:
أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خط النبي خطا مربعا ، وخط خطا في الوسط خارجا منه ، وخط خططا صغارا و هذا الذي في الوسط وقال : هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به ، أو قد أحاط به ، وهذا الذي خارج منه أمله ، وهذه الخطط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا "[10]( شكل 2 )
3 – رسم يوضح أفضل نساء أهل الجنة
سادسا: العروض العملية:
ورد في السنة النبوية المطهرة أحاديث كثيرة تدل على استخدام النبي صلى الله عليه وسلم العروض العملية في تعليم الصحابة أمور الدين وخاصة العبادات كالصلاة والحج والتيمم ، ومن هذه النماذج قصة الرجل المسيء صلاته ، وفي الحج يقول عليه الصلاة والسلام :" يا أيها الناس خذوا عني مناسككم ، فلعلي لا أحج بعد عامي هذا"[11]
سابعا: الحركات المعبرة :
"يقصد الباحث بالحركات المعبرة تغير ملامح الوجه أو هيئة الجلسة ، أو الإشارة باليد أو الأصابع أو غيرهما بهدف التعبير أو تجسيم الأحاسيس وبلورتها بحيث تعرض سماتها الواضحة المعبرة على المشاهد ، وهي تختلف عن أفعال الإنسان الأصلية التي يقوم بها في أكله وشربه "[12]
أمثلة على تغير ملامح الوجه
عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم00" أما استخدام الإشارة بالإصبع ففي عدة مواقف مثل تشبيه التكاتف بين المؤمنين بالبنيان المرصوص ، وتبيين مكانة كافل اليتيم وغيرها ، وشدة قرب الساعة مع البعثة النبوية 0
ثامنا: الأشياء الحقيقية والعينات :
استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الأشياء الحقيقية في مواقف عديدة ، منها تبيين حرمة الحرير والذهب بالنسبة لرجال الأمة المسلمة 0
تاسعا: المحاكاة والتدريب العملي :
من هذا أمره صلى الله عليه وسلم للآباء أمر أبنائهم بالصلاة لسبع سنين وضربهم عليها إذا بلغوا عشر سنين ، بمعنى تدريبهم ومتابعتهم عليها 0
عاشرا : الرحلات التعليمية :
حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على طلب العلم و بين لها مكانة طالب العلم 0
حوار مع الذات
بعد هذا التجوال الخاطف مع كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام والذي يوضح النماذج والمواقف التي استخدمت فيهما الوسائل التعليمية ، يبدو أن من الضروري أن نوجه إلى أنفسنا سؤالا ثم نحاول الإجابة عليه بصراحة وهدوء :
إذا كان كتاب الله العظيم ، وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم
قد استخدما الوسيلة التعليمية ، فهل يحق لأحدنا رفض استعمالها في المواقف التعليمية المختلفة ؟
وسؤال آخر لابد من توجيهه إلى أنفسنا لنتعرف على مدى نجاحنا في أداء العملية التربوية :
إلى أي مدى تتجاوب طرق التدريس التي نستخدمها مع المنهج القرآني والنبوي ؟
ملحق (1 ) الرسومات التي خط مثلها النبي عليه الصلاة والسلام
شكل (1 ) يمثل سبيل الخير وطرق الشيطانشكل (2 ) يبين حقيقة الإنسان وأجله والأعراض التي تحاول نهشه من كل جانب
[1] سورة العنكبوت الآية 41
[2] سورة فصلت الآية 53
[3] سورة الملك آية 19
[4] البغدادي ،وزميلاه ، تكنولوجيا التعليم والإعلام ص 67
[5] سورة التوبة الآية 112
[6] الشيباتي ، أحمد بن حنبل ، ج 3 ، ص 77
[7] البخاري ج8 ص 16
[8] - الوسائل التعليمية في القرآن والسنة، د0 عبد الرحمن بلعوص ، مجلة كلية العلوم الاجتماعية جامعة الإمام محمد بن سعود ، ذو القعدة 1415 هـ ص460
[9] - المرجع السابق
[10] البخاري ، محمد بن إسماعيل / مرجع سابق ج8 ، ص 164