المنهاج الاماراتي
الإدارة العامة
شرح درس ذي الاصبع العدواني لابنه اسيدا ..#عربي
الوصية لـ " ذو الاصبع العدواني "
لما احتضر ذو الاصبع دعا ابنه اُسيداً ، وأخذ يوصيه بوصايا عظيمة تذكرنا بوصايا لقمان عليه السلام .
الشرح
====
"يا بني "
ولكي يلفت الانتباه ، بدأ النصيحة بندائه لابنه مضيفا له إياه ومصغرا له "يا بُني " ، وذلك من باب الحب والعطف ، والتطمين له ، وهذا الأسلوب البلاغي ، في القرآن ما يماثله ، وذلك في قوله تعالى " قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " فاالله تحببا لعباده ، وتسلية ، وتطمينا لهم وإكراما لهم نسبهم إلى ذاته "
" إن أباك قد فني, وهو حي , وعاش حتى سئم العيش "
أراد أن يخبره ويؤكد له دنو وفاته ، ولذا استخدم الفعل الماضي " فني " وهو حي" أي في لحظات احتضاره
وهو قد عاش طويلا " ثلاثمئة سنة " حتى أنه سئم تلك الحياة ، ويؤيد ذلك قول زهير :
**ومن يعش ثمانين حولا لاأبا لك يسأم **
فكيف بمن عاش ثلاثمئة سنة ؟!
"وإني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته , فأحفظ عني "
ثم شرع بذكرالوصايا التي ما إن حفظها وطبقها ، بلغ في قومه مابلغه والده من المكانة والعلو والسؤدد . وهذا ليس خاص
بـ " أسيد " وإنما لكل شاب طموح يتطلع للسؤدد والرفعة ، فالوصية عادة وإن كانت خاصة إلاّ أنه يستفيد منها من عمل بها
" ألن جانبك لقومك يحبوك, وتواضع لهم يرفعوك"
وأولى تلك الوصايا ، التواضع ولين الجانب فمتى الإنسان ماكان رفيقا لين الجانب أحبه قومه وأصحابه ، ومتى ما تواضع لهم رفعوه وقدروه ، ولكن بشرط أن يكون تواضعا في غير مسكنة أو مذلة ،
"وابسط لهم وجهك يطيعوك "
أي : كن بشوش الوجه واسع الصدر " يطيعوك ، وها هو - صلى الله عليه و سلم - يؤكد ذلك و يصف حسن الخلق فيقول : ( بسط الوجه و بذل المعروف و كف الأذى ) و يقول : ( كل معروف صدقة ، و إن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق ) لكن أن تكون عبوسا هل تراك تطاع ؟ محال ذلك فصاحب الوجه المبتسم الضحوك ترتاح له بعكس صاحب الوجه المتكدر العبوس ،
"ولا تستأثر عليهم بشيء يسوودك "
أي : متى ما آثرتهم على نفسك ولم تختَصَّ بشيء لنَفْسك عليهم ، فإنهم سيعظمونك ، ويمجدونك ويجعلونك سيدهم .
" وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم, يكرمك كبارهم , ويكبر على مودتك صغارهم "
فيالها من وصية بليغة فأنت متى ماأكرمت صغارهم يكبرون على مودتك ومحبتك واحترامهم لك ، ومتى ما أكرمت كبارهم فإنهم يكرمونك ويحترمونك .
" واسمح بمالك "
أي : كن كريما جوادا تعطي مالك بطيب نفس ، والسماحة هي بذل مالايجب تفضلا ، فمن كانت هذه صفاته فحري به أن يكون سيد قومه مطاعا محبوبا .
" واحم حريمك, وأعزز جارك "
أي : صن ، ودافع عن كل ما لا يحلّ انتهاكُه من عهد أو أمان أو كفالة أو حق أو مَكَانٌ يَحْرُمُ انْتِهَاكُهُ كالبيت وغيره ، واعزز جارك أي : اعضده وانصره واشددعزمه ، وحافظ على كرامته وحرمته كما تحافظ على حرمتك .
" وأعن من استعان بك, وأكرم ضيفك "
أي : أعن من طلب منك الإعانة ، والمساعدة ولا تبخل بنفسك عليه ، وكن كريما لضيفك
" وأسرع النهضة في الصريخ , فإن لك أجلا لا يعدوك , "
أي : كن سريعا في وثبتك لمن يستغيثك ويطلب منك النجدة ، ولا تتباطأ في ذلك وتتخاذل فإن لك أجلا ووقتا تموت فيه لايعوك ، ونحن كمؤمنين نؤمن بذلك أيما إيمان فقد قال تعالى " فإذا جاء أجلهم لايستقدمون ساعة ولا يستأخرون "
وصن وجهك عن مسألة أحد شيئا , فبذلك يتم سؤددك.
وآخر نصيحة وأعزها هي أن يصون ويحمي وجهه عن ذل المسألة ، فلا يسأل أحد شيئا ، فبتلك الصفات يتم وتنال سؤددك أي تسيدك لقومك .
تحليل النص تحليلا أدبيا :
=============
أولا : الأسلوب والمعنى
------------------------------
لقد جمع ذو الإصبع العدوانى كل شذرات القيم الجاهلية القبلية ، التي أقرها الإسلام بعد ذلك ، بوصابا وحكم متوازنة تدرج بها لتمكنه إذا أخذ بها أن يكون سيداً ، وصاغها لابنه " أسيد" بأسلوب سهل بسيط مستخدما الصيغ الأمرية في سياق الطلب الذي يشبه الالتماس، لأن المقام مقام ود ومصارحة ووعظ واعتبار، وهذا الأمر يطردّ في الوصايا، وإن كان يأخذ أحياناً طابعاً مباشراً في توجيه الأمر الذي يقصد منه الأخذ بالمشورة وتطبيق الوصية ، ، كما جاء أسلوبه واضحا مباشرا لأن همه إرساء مقاصد تربوية وتعليمية .
ثانيا : العبارات والألفاظ :
-------------------
، اعتمد في وصيته على التوازن اللفظي ، والتواصل المنطقي الذي يربط المعاني ، فنلاحظ أن كل شرط له جواب بحيث تترتب النتائج على الأسباب ، وذلك باستخدامه الألفاظ السهلة البسيطة ، الحانية ، كما في " تصغيره " بني " و الصيغ الأمرية المباشرة كما قلنا ، ولقد ساقها بعبارات قصيرة ، ومركزة ذات سجع منظم هادئ أشبع الدلالات والمعاني بإيقاعات متتالية ، وبناء يشد العبارات بعضها إلى بعض.
لأن المقام يستدعي ذلك
ثالثا : العاطفة :
----------------
المقام مقام وصية والد لولده حالة احتضاره فما عساها أن تكون العاطفة ؟ ، نعم هي عاطفة الأبوة الحانية التي تريد لابنها العزة والكرامة والسؤدد ، ولذا فعاطفته واضحة مباشرة ولا غرو أن تكون صادقة .
رابعا : الصور البلاغية
----------------
الوصية خالية من الصور البلاغية أو الصور الخيالية ، لأنه لا المعنى ، ولا المقام يسمح بذلك ، فــ " ذو الاصبع قال هذه الوصية وقت احتضاره فأنى يكون له انتقاء الصور والتشبيهات ، ثم أن الموضوع عبارة عن وصية لابنه فطبعي أن تخلو من الصور البيانية ، ومع ذلك فالوصية لا تخلو من الصور البديعية التي أضفت جمالا للوصية مثل استخدامه للعبارات القصيرة المسجوعة .
فما أعظمها من وصية لو عملنا بها لنلنا أعلى الدرجات والمكانة بين الناس .
الوصية لـ " ذو الاصبع العدواني "
لما احتضر ذو الاصبع دعا ابنه اُسيداً ، وأخذ يوصيه بوصايا عظيمة تذكرنا بوصايا لقمان عليه السلام .
الشرح
====
"يا بني "
ولكي يلفت الانتباه ، بدأ النصيحة بندائه لابنه مضيفا له إياه ومصغرا له "يا بُني " ، وذلك من باب الحب والعطف ، والتطمين له ، وهذا الأسلوب البلاغي ، في القرآن ما يماثله ، وذلك في قوله تعالى " قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " فاالله تحببا لعباده ، وتسلية ، وتطمينا لهم وإكراما لهم نسبهم إلى ذاته "
" إن أباك قد فني, وهو حي , وعاش حتى سئم العيش "
أراد أن يخبره ويؤكد له دنو وفاته ، ولذا استخدم الفعل الماضي " فني " وهو حي" أي في لحظات احتضاره
وهو قد عاش طويلا " ثلاثمئة سنة " حتى أنه سئم تلك الحياة ، ويؤيد ذلك قول زهير :
**ومن يعش ثمانين حولا لاأبا لك يسأم **
فكيف بمن عاش ثلاثمئة سنة ؟!
"وإني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته , فأحفظ عني "
ثم شرع بذكرالوصايا التي ما إن حفظها وطبقها ، بلغ في قومه مابلغه والده من المكانة والعلو والسؤدد . وهذا ليس خاص
بـ " أسيد " وإنما لكل شاب طموح يتطلع للسؤدد والرفعة ، فالوصية عادة وإن كانت خاصة إلاّ أنه يستفيد منها من عمل بها
" ألن جانبك لقومك يحبوك, وتواضع لهم يرفعوك"
وأولى تلك الوصايا ، التواضع ولين الجانب فمتى الإنسان ماكان رفيقا لين الجانب أحبه قومه وأصحابه ، ومتى ما تواضع لهم رفعوه وقدروه ، ولكن بشرط أن يكون تواضعا في غير مسكنة أو مذلة ،
"وابسط لهم وجهك يطيعوك "
أي : كن بشوش الوجه واسع الصدر " يطيعوك ، وها هو - صلى الله عليه و سلم - يؤكد ذلك و يصف حسن الخلق فيقول : ( بسط الوجه و بذل المعروف و كف الأذى ) و يقول : ( كل معروف صدقة ، و إن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق ) لكن أن تكون عبوسا هل تراك تطاع ؟ محال ذلك فصاحب الوجه المبتسم الضحوك ترتاح له بعكس صاحب الوجه المتكدر العبوس ،
"ولا تستأثر عليهم بشيء يسوودك "
أي : متى ما آثرتهم على نفسك ولم تختَصَّ بشيء لنَفْسك عليهم ، فإنهم سيعظمونك ، ويمجدونك ويجعلونك سيدهم .
" وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم, يكرمك كبارهم , ويكبر على مودتك صغارهم "
فيالها من وصية بليغة فأنت متى ماأكرمت صغارهم يكبرون على مودتك ومحبتك واحترامهم لك ، ومتى ما أكرمت كبارهم فإنهم يكرمونك ويحترمونك .
" واسمح بمالك "
أي : كن كريما جوادا تعطي مالك بطيب نفس ، والسماحة هي بذل مالايجب تفضلا ، فمن كانت هذه صفاته فحري به أن يكون سيد قومه مطاعا محبوبا .
" واحم حريمك, وأعزز جارك "
أي : صن ، ودافع عن كل ما لا يحلّ انتهاكُه من عهد أو أمان أو كفالة أو حق أو مَكَانٌ يَحْرُمُ انْتِهَاكُهُ كالبيت وغيره ، واعزز جارك أي : اعضده وانصره واشددعزمه ، وحافظ على كرامته وحرمته كما تحافظ على حرمتك .
" وأعن من استعان بك, وأكرم ضيفك "
أي : أعن من طلب منك الإعانة ، والمساعدة ولا تبخل بنفسك عليه ، وكن كريما لضيفك
" وأسرع النهضة في الصريخ , فإن لك أجلا لا يعدوك , "
أي : كن سريعا في وثبتك لمن يستغيثك ويطلب منك النجدة ، ولا تتباطأ في ذلك وتتخاذل فإن لك أجلا ووقتا تموت فيه لايعوك ، ونحن كمؤمنين نؤمن بذلك أيما إيمان فقد قال تعالى " فإذا جاء أجلهم لايستقدمون ساعة ولا يستأخرون "
وصن وجهك عن مسألة أحد شيئا , فبذلك يتم سؤددك.
وآخر نصيحة وأعزها هي أن يصون ويحمي وجهه عن ذل المسألة ، فلا يسأل أحد شيئا ، فبتلك الصفات يتم وتنال سؤددك أي تسيدك لقومك .
تحليل النص تحليلا أدبيا :
=============
أولا : الأسلوب والمعنى
------------------------------
لقد جمع ذو الإصبع العدوانى كل شذرات القيم الجاهلية القبلية ، التي أقرها الإسلام بعد ذلك ، بوصابا وحكم متوازنة تدرج بها لتمكنه إذا أخذ بها أن يكون سيداً ، وصاغها لابنه " أسيد" بأسلوب سهل بسيط مستخدما الصيغ الأمرية في سياق الطلب الذي يشبه الالتماس، لأن المقام مقام ود ومصارحة ووعظ واعتبار، وهذا الأمر يطردّ في الوصايا، وإن كان يأخذ أحياناً طابعاً مباشراً في توجيه الأمر الذي يقصد منه الأخذ بالمشورة وتطبيق الوصية ، ، كما جاء أسلوبه واضحا مباشرا لأن همه إرساء مقاصد تربوية وتعليمية .
ثانيا : العبارات والألفاظ :
-------------------
، اعتمد في وصيته على التوازن اللفظي ، والتواصل المنطقي الذي يربط المعاني ، فنلاحظ أن كل شرط له جواب بحيث تترتب النتائج على الأسباب ، وذلك باستخدامه الألفاظ السهلة البسيطة ، الحانية ، كما في " تصغيره " بني " و الصيغ الأمرية المباشرة كما قلنا ، ولقد ساقها بعبارات قصيرة ، ومركزة ذات سجع منظم هادئ أشبع الدلالات والمعاني بإيقاعات متتالية ، وبناء يشد العبارات بعضها إلى بعض.
لأن المقام يستدعي ذلك
ثالثا : العاطفة :
----------------
المقام مقام وصية والد لولده حالة احتضاره فما عساها أن تكون العاطفة ؟ ، نعم هي عاطفة الأبوة الحانية التي تريد لابنها العزة والكرامة والسؤدد ، ولذا فعاطفته واضحة مباشرة ولا غرو أن تكون صادقة .
رابعا : الصور البلاغية
----------------
الوصية خالية من الصور البلاغية أو الصور الخيالية ، لأنه لا المعنى ، ولا المقام يسمح بذلك ، فــ " ذو الاصبع قال هذه الوصية وقت احتضاره فأنى يكون له انتقاء الصور والتشبيهات ، ثم أن الموضوع عبارة عن وصية لابنه فطبعي أن تخلو من الصور البيانية ، ومع ذلك فالوصية لا تخلو من الصور البديعية التي أضفت جمالا للوصية مثل استخدامه للعبارات القصيرة المسجوعة .
فما أعظمها من وصية لو عملنا بها لنلنا أعلى الدرجات والمكانة بين الناس .
التعديل الأخير بواسطة المشرف: