زهر الياسمين
عضو نشيط
سوق معان القديم
تأسس سوق معان القديم أواخر القرن التاسع عشر وأضيفت اليه الكثير من البنايات عام 1921 في فترة الإمارة الهاشمية.
ويمتد شارع السوق المرصوف بالحجارة المصقولة من جنوبه الى شماله وأطلقت عليه عدة مسميات منها السوق القديم وسوق معان وسوق البدو وسوق عقيل نسبة الى قبائل عقيل التي كانت ترتاد هذا السوق وتقيم فيه عدة اسابيع تمهيدا لمتابعة مسيرها نحو بلاد الشام لتبيع اصوافها والبانها . "الدستور"بدورها زارت السوق والتقت باحد تجاره المؤسسين الحاج عبد الله علي كريشان والذي بدأ حديثه قائلا ان البدو هم المرتادون الرئيسيون لهذا السوق منذ القديم وحتى يومنا هذا ، وكانت المجموعات البدوية ترتاد هذا السوق وتجري المعاملات التجارية من بيع وشراء وتبادل سلعي بسيط ومقايضات وشتى صنوف النشاطات الاقتصادية الأولية البدائية .
وقال ان البدو يجلبون الصوف والشعر والألبان والماشية والابل لبيعها ويشترون البن والتبغ والسلاح والأقمشة والتمور ومستلزماتهم المعيشية لاسرهم ولدوابهم وإبلهم من شعير وأعلاف وغيرها .
وأضاف ان هؤلاء البدو كانوا ينسجمون في تلك الواحة فيريحيون ابلهم في مناخاتها لأسابيع فيحبسونها أحيانا كثيرة في زرائب كبيرة كانت معدة لهذا الغرض ويعدها التجار الكبار في معان لزبائنهم من البدو الدائمين و يحتسون القهوة بعد نزولهم ويدخنون التبغ ويتبادلون الأحاديث المختلفة وأخبار المواسم والتنقلات في عرض الصحراء وقضاياهم الاجتماعية المختلفة وبعدها يقومون بشراء ما يحتاجونه حيث يقومون بتسديد أثمانها في العام القادم .
وبين ان لكل مجموعة من البدو عميلا أي تاجرا يتعاملون معه وقد يعقد بعض البدو الأثرياء صفقات تجارية كالمضاربة بينهم وبين تجار معان فمثلا كان الشيخ محمد الدحيلان ابو تايه احد شيوخ قبيلة الحويطات يعقد مثل هذه الصفقات بينه وبين تجار معان الذين يتاجرون ويتنقلون بين فلسطين والشام ومصر .
من جانبه بين الحاج احمد ابو طويلة احد تجار السوق انه وقبل انتشار الحوانيت كان أهالي معان يضعون بضائعهم في منازلهم الكبيرة ويخزنونها ويسمونها "خزين" وبانتشار الحوانيت استقل كل تاجر بحانوت أو اكثر وقد اشتهرت بعض العائلات بالتجارة منذ اواخر القرن التاسع عشر منها اسرة آل شموط وهي اسرة شامية الاصل عريقة في التجارة مشيرا الى ان هناك اسر أخرى كانت تحترف التجارة كآل ابو صالح او عشيرة الصوالحة ومنهم تجارهم الحاج علي ابو طويله وعيد ابو طويلة وكانا في عمارة الارناؤوط وهي عمارة حجرية بناها الأرمن أثناء نزوحهم الى جنوب الاردن عام 1915 .
ومن اشهر التجار الذين كانوا في هذاالسوق قديما من اهالي معان الصلاحات أو آل صلاح وهؤلاء كانوا قديما من كبار التجار ومن التجار أيضا قاسم كريشان وسليمان القنو وبعض الشوام ابو عربي جميل ابو صياح الشامي والاصفر ، ، وافراد من آل ماضي ياسين وآل الكباريتي من العقبة وهؤلاء كانوا يجلبون الأسماك من العقبة ليبيعوها في معان ومن الحجازيين صاحب المقهى درويش المكاوي واحمد منديلي وبعض القصابين .
واوضح ابو طويلة الى إن المقاهي كانت تنتشر في نواحي هذا السوق فالمقاهي الشعبية كمقهى واستراحة درويش مكاوي ومقهى عيسى سمندر ويتناول روادها الاراجيل والقهوة والمشروبات حثي يقع المقهى قرب القلعة ويقرب من مسجد علي العقايلة الذي أسس عام م1863 وهو مسجد من الطين بمئذنة طينية مرتفعة دمر في الطوفان عام م1966 وتنتشر القهاوي التي أنشأها الناس هناك للتعاليل والسمر واكرام الضيف ومنها قهوة محمود بن مصطفى كريشان وقهوة ابو مرعي دويرج وقهوة حامد الشراري وقهوة التلهوني وديوان عودة ابو تايه وديوان ومنزل محمد بن الدحيلان وديوان محمد ابو ظهير فهذه القهاوي تلاصق السوق أما باقي المضافات فتقع في قلب المدينة القديمة مثل ديوان الخوالدة بباب القناطر وقهوة ابن حامد الخطيب وديوان ابوعودة البيك بجانب القلعة وقهوة وديوان محمود حسن الحاج حسين وقهوة ابن مطر والنسعة وغيرها في منطقة الشامية .
من جانبه قال الحاج حامد علي الخطيب ان السوق يلتصق به مقام الشيخ عبد الله مباشرة من الجهة الشرقية وهذا القبر من قبور الأولياء الصالحين الذين يتبرك بها ويتقرب اليها السكان قديما في معان وهي ثلاثة قبور في معان و...... هو في قلب الواحة وهو قبر الشيخ محمد و الآخر هي صخرة أم جديع في الشامية وهذه الأماكن كانت تقام بالقرب منهم الطقوس التعبدية أثناء حفلات الختان وغيرها كإيقاد الشموع وتعليق قطع القماش الأخضر وتلطيخ الجدران بالحناء وإيقاد البخور . وأضاف ان مقام الشيخ محمد عبارة عن بناء طيني مربع في داخله قنطرة كبيرة وبضعة قبور وهو قبر لأحد أمراء الحج التركي المدفون في أواسط القرن التاسع عشر وحوله مجموعة من القبور التي كان السكان يتدفقون للتبرك به مشيرا الى انه شاهد في صغره أحدى هذه الاحتفالات في هذا المقام في السبعينيات من القرن الماضي حيث تمت زيارة الأضرحة تبركا وطلبا للتوفيق ووزعت الحلوى وأوقد البخور والشموع في داخل هذا المقام كما هي معتقدات العوام آنذاك .
كما تتداخل زاوية الشيخ الدباغ المدني الصوفي في الجهة الغربية من السوق وقرب المحكمة الشرعية القديمة هي عبارة عن بناء بلدية معان القديم الذي أسس سنة م1921 وهو موجود في أحد أزقة هذا السوق القديم و ماثل للعيان وبحالة لا بأس بها الى الآن وهو بناء جميل من الداخل . واشار الى ان بعض الحرفيين الصغاركانوا يتوزعون في ازقة هذا السوق والذين يقدمون الخدمة للناس والبدو خاصة في الجهة الجنوبية من السوق وبالقرب من مقهى درويش مكاوي يقع بئر السبيل الذي يرتوي منه المارة والمسافرون كما يقع بئر آخر خلف ذلك المقهى وهو بئر عام أيضا موضحا ان السوق كان يكتظ بالتجار والحمالين والقصابين والحرفين وكبار السن العاطلين عن العمل وأهل البادية بإبلهم ومواشيهم ومنتوجاتهم واحيانا الحجاج من مغاربة ومصريين وشوام وأتراك وغيرهم والفلاحين القادمين من وادي موسى وقراها والنقب على بغالهم وحميرهم يحملون الفواكه وباقي منتوجاتهم البسيطة ليبيعوها في ذلك السوق