• مرحبًا بكم في منصة منتديات صقر الجنوب التعليمية!
    أهلا ومرحبا بكم في مجتمعنا أنت حاليا تشاهد المعهد كزائر و التي لاتعطيك سوى خيارات التصفح المحدودة الاشتراك لدينا مجاني ولايستغرق سوى لحظات قليلة حتى تتمكن من المشاركة والتفاعل معنا

الشرح والتحليل الشامل لقصيدة ابن زيدون لمبحث اللغة العربية للصف التاسع الفصل الأول

همسآت شرقية

طاقم الادارة
إنضم
1 فبراير 2013
المشاركات
17,336
مستوى التفاعل
272
النقاط
63
الإقامة
المفرق
الشرح والتحليل الشامل لقصيدة ابن زيدون لمبحث اللغة العربية للصف التاسع الفصل الأول2016
الفكرة العامة: وفاء الشاعر في حبه لولادة.
يكاد الشاعر في هذه الأبيات، يذوب أسى وألما على فراق محمبوبته ولادة بن المستكفي، ويتحرق شوقا إليها وإلى الأوقات الصافية الماتعة التي أتيحت له معها. وفي ظلال هذه العاطفة المتأججة الملتهبة، أنشأ هذه القصيدة النابضة بالحياة المترجمة عما في صدره من مكنون الحب والوفاء العجيبين.
الفكرة الأولى: وصف للحاضر الأليم، وتألم على الماضي الجميل، ويعبر عن كل ذلك من خلال أبيات تقطر وفاء وحبًا وتجلدًا.
1- أضحى التنائي بديلاً من َتدانينا *** ونابَ عن طيبِ ُلقيانا تجافينا
وهنا يستهل الشاعر قصيدته بالتوجع والتحسر على ما صارت إليه حاله فقد تغيرت من قرب بينه وبين محبوبته إلى بعد ونأي يتزايد مع الأيام. لقد تحول القرب بعدا وصار اللقاء جفاء وهو أمر يشقيه ويعذبه كما نجد الشاعر قد استخدم ألفاظا جزلة في التعبير عن مدى وطول البعد وقوة الشوق حيث استخدم ألفاظ ذات حروف ممدودة يمتد فيها النَفَسُ ليعبر عن ألمه ونجد ذلك في جميع ألفاظ البيت الأول. فهو يقول إن التباعد المؤلم بينه وبين محبوبه أضحى هو السائد بعد القرب الذي كان وحل مكان اللقاء والوصل الجفاء والهجر.
الصورة البيانية: الطباق بين(التنائي والتداني"تدانينا") وبين(لقيانا وتجافينا)
2- غيظ العدا من تساقينا الهوى فدعوا***بأن نغص فقال الدهر: آمينا
ويستمر الشاعر في إرسال رسائله إلى محبوبته وإلى مستمعيه.. فيقول: بأن عذاله قد حنقوا عليه وعلى محبوبته لما بينهما من صفاء، وود، ومحبة، وأن الدهر قد استجاب لدعائهم وحقق لهم ما أرادوا من وقيعة بينهما فأصابهما الحزن والألم.
الصور البيانية: كناية عن الود، وصفاء العيش، وذكر البعض تشخيص الدهر، وتشبيهه بالإنسان على سبيل الاستعارة المكنية، وهذا تشخيص في غير محله، لأن الدهر هو الله.

3- وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا*** فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
من الواضح أن هناك ترابطًا بين البيت الثاني، وبين البيت الثالث، بحيث صار البيت الثالث نتيجة طبيعية لكيد العدا، والعذال الذين ساءهم ما كان عليه الحبيبان من وفاق، وصفاء، ومودة..، فكان نتيجة ذلك كله أن تفرقنا، وتباعدنا، وانفرط عقد محبتنا، وما كان بيننا من وئام، واتفاق، حيث لم يكن يخطر ببال أحد منا أن يأتي هذا اليوم الحزين، الذي نفترق فيه فراقًا لا يرجى من ورائه لقاء، أو وصال.
الصور البيانية: الكناية عما كان من حميمية الارتباط بينهما في قوله: (مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا)، كما يوجد ترادف بين معقود: موصول. كذلك يوجد بين طباق بين (تفرقنا وتلاقينا ).

4- مـا حـقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ*** بِـنـا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحا فِينَا
ولايزال شاعرنا يعيش تحت تأثير العتاب العفيف، الخفيف، فأنى لشاعر مثل ابن زيدون أن يكون قاسيًا على محبوبه، فعلى الرغم من الصد ومن الهجران.. فلم يشعر يومًا بأنه ارتكب جرمًا يستحق كل هذا العذاب، وهذا النأي، فَيُقَرَّبُ الحسود وتقر عينه، ويسر الشانئ المبغض، ويشمت بهما!! وقد وصل به الأمر حدا صار اليأس سلواه التي يسري به عن نفسه، حتى استحكم اليأس من قلبه.
الصور البيانية: أول مظاهر البيان التي تطل علينا هو ذلك المجاز المرسل(عين ذي حسد) وعلاقته الجزئية، والتشبيه، حيث شبه الشاعر اليأس بالشيء الجميل، فحذفه وأبقى صفته وهي الإغراء.

5- نَكادُ حينَ تُناجيكمْ ضمائرُنا *** يَقْضي علينا الأسى لولا تأسّينا
ويستمر الشاعر في وصف الصورة الحزينة القاتمة فيقول: يكاد الشوق إليكم يودي بحياتنا لولا التصبر والتسلي، والأمل في اللقاء، حينما تعود به الذكرى على الأيام الخوالي، فيتصور الجمال والفتنة والحب والبهجة والأمل والسعادة، ويهتف ضميره باسمها، ويناجيها على البعد، لأنها قرينة روحه، وصنو نفسه، حينما يعيش أبعاد التجربة العذبة المؤلمة، ويوازن بين ما كان عليه وما صار إليه تقرب روحه أن تفارق جسده بسبب الحزن المفرط الذي يملأ جوانحه، لولا أنه يمني نفسه بالأمل، ويعزي روحه عن المحنة بالتصبر.
الصور البيانية:يجسد ويشخَّص الضمائر والأسى ويجعل للضمائر لسانًا يناجي، وللأسى قدرة على القضاء، والقتل، وذلك عن طريق (الاستعارة المكنية). التي تصور الضمائر بالناس الذين يتناجون.
ومما يزيد الصورة جمالا، وبهاء، استخدامه للنجوي فيما يتعلق بالضمائر، (تناجيكم ضمائرنا) وما بينهما من همس، ورحمة، ومودة.
6- حالتْ لفقدِكمُ أيامُنا فغدتْ*** سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
وإمعانا في تجسيد معاناة الشاعر يقول: لقد تبدلت الحياة الوادعة الهانئة الجميلة، وأظلمت الدنيا المشرقة الباسمة المضيئة، فجللها السواد وعمها الظلام ببعد ولادة.
الصور البيانية المقابلة من خلال الكلمات ( أيامنا فغدت سوادا - وكانت بكم بيضا ليالينا)، والطباق بين سودا: بيضًا.
7 إذْ جانبُ العيشِ َطلْقٌ من تألّفنا**** ومربعُ اللّهوِ صافٍ منْ تصافينا
ويبدو الترابط بين الأبيات واضحًا، وما ذاك إلا لأن بعضها قد ترتب على بعض، وصار بعضها يكمل بعضها الآخر ويترتب عليه في المعنى، ففي هذا البيت يتذكر أيامه الهانئة مع محبوبته حيث كانت الحياة صافية متفتحة، وحيث كانا يجنيان ثمار الحب ما يشاءان، ومتى يشاءان، فهو يقول أن عيشنا الماضي كان طلقًا (مشرقًا) من شدة الألفة بيننا، وقوة الترابط، حيث اللهو، والسمر فيما بينهما، لا يعكر هذه الأجواء الوادعة حزن، ولا هم، ولا شقاق، ولا خلاف، ولهذا فهو صاف مثل المورد العذب الجميل، من شدة التتصافي، وخلو المودة مما يكدرها.
الصور البيانية: (العيش طلق) كناية عن الهناء ورغد العيش، كما شبه اللهو بالمورد العذب من باب الاستعارة المكنية، الجناس بين: (صاف - وتصافينا(.

8- لا تَـحْـسَـبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا*** أنْ طـالَـمـا غَـيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا!
وفي محاولة من الشاعر لاسترضاء محبوبته، واستدرار عطفها، يرسم لنفسه صورة مثالية، ووضيئة، فهو من طينة ليست كطينة باقي المحبين، الذين يغيرهم البعد، فعلى الرغم مما حصل بينهما إلا أنه ما يزال نحافظًا على حبال الود، والوصل.
الصور البيانية: وعلى الرغم من عدم وجود المحسنات، أو الصور البيانية التي تعتمد التشبيه أساسَا لها، إلا أن الشاعر استطاع ومن خلال توظيفه اللغوي، أو عملية النظم، والتأليف، استطاع أن يرسم لنفسه تلك الصورة المثالية، والمغايرة لباقي العشاق، والمحبين.
9- واللهِ ما طلبت أرواحُنا بدلاً**** منكمْ ولا انصرفتْ عنكمْ أمانينا
وزيادة في حب الوصال، راح الشاعر يرسل رسائل الطمأنة لمحبوبته، فهو يقسم لها بالله بأن قلبه لن يتعلق بغيرها ولم تتحول أمانيه عن حبها، ولقد كان اختيار الشاعر لكلمة (أرواحنا) موفقا إلى حد كبير، حيث ذكرت إحدى الروايات كلمة (أهواؤنا) بدل (أرواحنا)، على ما بينهما من فوارق بين الأرواح، والأهواء.
الصور البيانية: الاستعارة المكنية في قوله: (انصرفت عنكم أمانينا): حيث صور الأماني بإنسان ينصرف فحذف المشبه به وأبقى شيء من لوازمه.
10- يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به *** مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا

ولا شك أن الشاعر هنا يريد أن يشرك عناصر البيئة، أو الطبيعة في الوساطة بينه وبين ولادة من جهة، ومن جهة أخرى حيث راح يستعين بها لتحمل معه ثقيل أعبائه، فلعلها تقف بجانبه، وتخفف عنه من آلامه في وحدته، وغربته التي يعاني منها، والوقوف بجانبه، وفي مظهر حقيقي من مظاهر الود، والوفاء، والإخلاص راح الشاعر يستسقي المطر في ترفق ورجاء، ويطلب منه أن يبكر في إرواء قصر محبوبته بماء المطر العذب الصافي، لأنها كثيرا ما سقته الهوى خالصا نقيا
من الخداع والزيف، ولا يكتفي الشاعر بالمطر.. بل راح يقصد نسيم الصبا لينقل تحياته إلى محبوبته التي لو ردت عليه التحية فإنها ستمنحه الحياة، وتبعث فيه الأمل.
الصور البيانية: لقد أجاد الشاعر في مناجاته وتشخيصه للطبيعة، حيث راح يأنس إليها، ويبثها شكواه، ورقيق مشاعره: ( يا ساري البرق) ( يا نسيم الصبا)، والكناية عن ولادة في قوله (من كان صرف الهوى والود يسقينا)، والاستعارة المكنية في بلغ ( بلغ تحيتنا)، والتي جسد من خلالها الشاعر المعنوي، وأسلوب النداء (يا سارِيَ البَرْقِ) والغرض منه اظهار الشوق والحنين/ والغرض من النداء في البيت الثاني (وَيَا نسيمَ الصَّبَا) للرجاء والتمني.
11- وَاسألْ هُنالِكَ:هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا*** إلفاً ، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا
واستكمالاً لمشهد الشوق والحنين، يحمل الشاعر مظاهر الطبيعة (نسيم الصبا) أمانة السؤال، والتقصي داخل القصر، أن كان بعده عنهم قد ترك أي أثر على محبوبته أم لا؟! ثم يبادر معبرًا عن مكنون صدره، وعن مرهف مشاعره، ورقيق إحساسه..الذي راح تذكره لها يسبب له الأرق، والمعاناة، والألم. ولعل اتكاء الشاعر على الاستعانة بمظاهر الطبيعة يوحي بانعدام، أو عدم جدوى المساطات بينه وبينها، مما اضطره للجوء لوساطات أخرى، يفرغ من خلالها شحنات عواطفه الجياشة، لعلها تهدئ من روعه، وتسكن من لظى حبه.
الصور البيانية: لازال الشاعر يتكئ وبكثرة على عنصر التشخيص حينما كلف نسيم الصبا باختلاس بعض الخبار من القصر، ولعل هذا يؤكد ما ذهبنا إليه من استخدامه، وتوظيفه لعناصر، ومكونات البيئة، والطبيعة كمعادل موضوعي، تعويضي عن عدم جدوى أية وساطات بينه وبين ولادة، ولعل توظيفه للفعل (أمسى) له إسقاطات، وأبعاد نفسية واضحة، بكل ما يعنيه المساء من سكون يشير على سكون وهدوء، وركود في العلاقات، وبما يعنيه المساء –أيضًا- من حزن، وألم، يخالطان نفس الشجي المكلوم.

12رَبيبُ مُلكٍ ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأهُ*** مِسكاً ، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا
أوْ صَاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً وَتَوجهُ*** مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا
فقد استهل الشاعر مدحه، وثناءه على محبوبته فكنَّها عن رفاهيتها، ورغد عيشها..بأنها ربيبة الملك، وهذا شيء جميل حتى اللحظة، أما أن يبالغ الشاعر في ذلك فيخرج بها عن طبيعة البشر جميعًا، فهذه مبالغة في غير محلها، بل لعلها تثير في النفس النفور، والاشمئزاز، فعلى الرغم من طيب رائحة المسك إلا أنه ليس مادة للخلق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن لون المسك هو اللون الأسود، ولننظر إلى حال محبوبته حينما تتفرد بهذا المسك بين البشر الطينيين، فلا شك أنها ستكون منبوذة، ولن تلقى القبول، فكان من الأفضل لو عدل الشاعر عن هذه المبالغة، وفي سياق الاعتراض على إرسال الأنبياء من جنس البشر، يقول الحق تبارك وتعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ }الأنعام9، فجمال الشيء يكمن في مطابقته للحقيقة وللواقع، مع بعض الخروج عن المألوف لضرورة بلاغية معينة.

13










ومرفق أيضا




do.php
 

المرفقات

  • الشرح والتحليل.zip
    17.7 KB · المشاهدات: 23
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
13 سبتمبر 2010
المشاركات
52
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
43
شكراااااااااااااااااااااااااا:e057::e057::e057::e057::e057:
 
إنضم
16 نوفمبر 2018
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
42
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 
إنضم
1 ديسمبر 2018
المشاركات
2
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 
إنضم
28 أغسطس 2020
المشاركات
2
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
43
][/QUOTE]
شكرا جزيلا
 
إنضم
29 أكتوبر 2021
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الشرح والتحليل الشامل لقصيدة ابن زيدون لمبحث اللغة العربية للصف التاسع الفصل الأول2016
الفكرة العامة: وفاء الشاعر في حبه لولادة.
يكاد الشاعر في هذه الأبيات، يذوب أسى وألما على فراق محمبوبته ولادة بن المستكفي، ويتحرق شوقا إليها وإلى الأوقات الصافية الماتعة التي أتيحت له معها. وفي ظلال هذه العاطفة المتأججة الملتهبة، أنشأ هذه القصيدة النابضة بالحياة المترجمة عما في صدره من مكنون الحب والوفاء العجيبين.
الفكرة الأولى: وصف للحاضر الأليم، وتألم على الماضي الجميل، ويعبر عن كل ذلك من خلال أبيات تقطر وفاء وحبًا وتجلدًا.
1- أضحى التنائي بديلاً من َتدانينا *** ونابَ عن طيبِ ُلقيانا تجافينا
وهنا يستهل الشاعر قصيدته بالتوجع والتحسر على ما صارت إليه حاله فقد تغيرت من قرب بينه وبين محبوبته إلى بعد ونأي يتزايد مع الأيام. لقد تحول القرب بعدا وصار اللقاء جفاء وهو أمر يشقيه ويعذبه كما نجد الشاعر قد استخدم ألفاظا جزلة في التعبير عن مدى وطول البعد وقوة الشوق حيث استخدم ألفاظ ذات حروف ممدودة يمتد فيها النَفَسُ ليعبر عن ألمه ونجد ذلك في جميع ألفاظ البيت الأول. فهو يقول إن التباعد المؤلم بينه وبين محبوبه أضحى هو السائد بعد القرب الذي كان وحل مكان اللقاء والوصل الجفاء والهجر.
الصورة البيانية: الطباق بين(التنائي والتداني"تدانينا") وبين(لقيانا وتجافينا)
2- غيظ العدا من تساقينا الهوى فدعوا***بأن نغص فقال الدهر: آمينا
ويستمر الشاعر في إرسال رسائله إلى محبوبته وإلى مستمعيه.. فيقول: بأن عذاله قد حنقوا عليه وعلى محبوبته لما بينهما من صفاء، وود، ومحبة، وأن الدهر قد استجاب لدعائهم وحقق لهم ما أرادوا من وقيعة بينهما فأصابهما الحزن والألم.
الصور البيانية: كناية عن الود، وصفاء العيش، وذكر البعض تشخيص الدهر، وتشبيهه بالإنسان على سبيل الاستعارة المكنية، وهذا تشخيص في غير محله، لأن الدهر هو الله.

3- وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا*** فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
من الواضح أن هناك ترابطًا بين البيت الثاني، وبين البيت الثالث، بحيث صار البيت الثالث نتيجة طبيعية لكيد العدا، والعذال الذين ساءهم ما كان عليه الحبيبان من وفاق، وصفاء، ومودة..، فكان نتيجة ذلك كله أن تفرقنا، وتباعدنا، وانفرط عقد محبتنا، وما كان بيننا من وئام، واتفاق، حيث لم يكن يخطر ببال أحد منا أن يأتي هذا اليوم الحزين، الذي نفترق فيه فراقًا لا يرجى من ورائه لقاء، أو وصال.
الصور البيانية: الكناية عما كان من حميمية الارتباط بينهما في قوله: (مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا)، كما يوجد ترادف بين معقود: موصول. كذلك يوجد بين طباق بين (تفرقنا وتلاقينا ).

4- مـا حـقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ*** بِـنـا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحا فِينَا
ولايزال شاعرنا يعيش تحت تأثير العتاب العفيف، الخفيف، فأنى لشاعر مثل ابن زيدون أن يكون قاسيًا على محبوبه، فعلى الرغم من الصد ومن الهجران.. فلم يشعر يومًا بأنه ارتكب جرمًا يستحق كل هذا العذاب، وهذا النأي، فَيُقَرَّبُ الحسود وتقر عينه، ويسر الشانئ المبغض، ويشمت بهما!! وقد وصل به الأمر حدا صار اليأس سلواه التي يسري به عن نفسه، حتى استحكم اليأس من قلبه.
الصور البيانية: أول مظاهر البيان التي تطل علينا هو ذلك المجاز المرسل(عين ذي حسد) وعلاقته الجزئية، والتشبيه، حيث شبه الشاعر اليأس بالشيء الجميل، فحذفه وأبقى صفته وهي الإغراء.

5- نَكادُ حينَ تُناجيكمْ ضمائرُنا *** يَقْضي علينا الأسى لولا تأسّينا
ويستمر الشاعر في وصف الصورة الحزينة القاتمة فيقول: يكاد الشوق إليكم يودي بحياتنا لولا التصبر والتسلي، والأمل في اللقاء، حينما تعود به الذكرى على الأيام الخوالي، فيتصور الجمال والفتنة والحب والبهجة والأمل والسعادة، ويهتف ضميره باسمها، ويناجيها على البعد، لأنها قرينة روحه، وصنو نفسه، حينما يعيش أبعاد التجربة العذبة المؤلمة، ويوازن بين ما كان عليه وما صار إليه تقرب روحه أن تفارق جسده بسبب الحزن المفرط الذي يملأ جوانحه، لولا أنه يمني نفسه بالأمل، ويعزي روحه عن المحنة بالتصبر.
الصور البيانية:يجسد ويشخَّص الضمائر والأسى ويجعل للضمائر لسانًا يناجي، وللأسى قدرة على القضاء، والقتل، وذلك عن طريق (الاستعارة المكنية). التي تصور الضمائر بالناس الذين يتناجون.
ومما يزيد الصورة جمالا، وبهاء، استخدامه للنجوي فيما يتعلق بالضمائر، (تناجيكم ضمائرنا) وما بينهما من همس، ورحمة، ومودة.
6- حالتْ لفقدِكمُ أيامُنا فغدتْ*** سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
وإمعانا في تجسيد معاناة الشاعر يقول: لقد تبدلت الحياة الوادعة الهانئة الجميلة، وأظلمت الدنيا المشرقة الباسمة المضيئة، فجللها السواد وعمها الظلام ببعد ولادة.
الصور البيانية المقابلة من خلال الكلمات ( أيامنا فغدت سوادا - وكانت بكم بيضا ليالينا)، والطباق بين سودا: بيضًا.
7 إذْ جانبُ العيشِ َطلْقٌ من تألّفنا**** ومربعُ اللّهوِ صافٍ منْ تصافينا
ويبدو الترابط بين الأبيات واضحًا، وما ذاك إلا لأن بعضها قد ترتب على بعض، وصار بعضها يكمل بعضها الآخر ويترتب عليه في المعنى، ففي هذا البيت يتذكر أيامه الهانئة مع محبوبته حيث كانت الحياة صافية متفتحة، وحيث كانا يجنيان ثمار الحب ما يشاءان، ومتى يشاءان، فهو يقول أن عيشنا الماضي كان طلقًا (مشرقًا) من شدة الألفة بيننا، وقوة الترابط، حيث اللهو، والسمر فيما بينهما، لا يعكر هذه الأجواء الوادعة حزن، ولا هم، ولا شقاق، ولا خلاف، ولهذا فهو صاف مثل المورد العذب الجميل، من شدة التتصافي، وخلو المودة مما يكدرها.
الصور البيانية: (العيش طلق) كناية عن الهناء ورغد العيش، كما شبه اللهو بالمورد العذب من باب الاستعارة المكنية، الجناس بين: (صاف - وتصافينا(.

8- لا تَـحْـسَـبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا*** أنْ طـالَـمـا غَـيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا!
وفي محاولة من الشاعر لاسترضاء محبوبته، واستدرار عطفها، يرسم لنفسه صورة مثالية، ووضيئة، فهو من طينة ليست كطينة باقي المحبين، الذين يغيرهم البعد، فعلى الرغم مما حصل بينهما إلا أنه ما يزال نحافظًا على حبال الود، والوصل.
الصور البيانية: وعلى الرغم من عدم وجود المحسنات، أو الصور البيانية التي تعتمد التشبيه أساسَا لها، إلا أن الشاعر استطاع ومن خلال توظيفه اللغوي، أو عملية النظم، والتأليف، استطاع أن يرسم لنفسه تلك الصورة المثالية، والمغايرة لباقي العشاق، والمحبين.
9- واللهِ ما طلبت أرواحُنا بدلاً**** منكمْ ولا انصرفتْ عنكمْ أمانينا
وزيادة في حب الوصال، راح الشاعر يرسل رسائل الطمأنة لمحبوبته، فهو يقسم لها بالله بأن قلبه لن يتعلق بغيرها ولم تتحول أمانيه عن حبها، ولقد كان اختيار الشاعر لكلمة (أرواحنا) موفقا إلى حد كبير، حيث ذكرت إحدى الروايات كلمة (أهواؤنا) بدل (أرواحنا)، على ما بينهما من فوارق بين الأرواح، والأهواء.
الصور البيانية: الاستعارة المكنية في قوله: (انصرفت عنكم أمانينا): حيث صور الأماني بإنسان ينصرف فحذف المشبه به وأبقى شيء من لوازمه.
10- يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به *** مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا

ولا شك أن الشاعر هنا يريد أن يشرك عناصر البيئة، أو الطبيعة في الوساطة بينه وبين ولادة من جهة، ومن جهة أخرى حيث راح يستعين بها لتحمل معه ثقيل أعبائه، فلعلها تقف بجانبه، وتخفف عنه من آلامه في وحدته، وغربته التي يعاني منها، والوقوف بجانبه، وفي مظهر حقيقي من مظاهر الود، والوفاء، والإخلاص راح الشاعر يستسقي المطر في ترفق ورجاء، ويطلب منه أن يبكر في إرواء قصر محبوبته بماء المطر العذب الصافي، لأنها كثيرا ما سقته الهوى خالصا نقيا
من الخداع والزيف، ولا يكتفي الشاعر بالمطر.. بل راح يقصد نسيم الصبا لينقل تحياته إلى محبوبته التي لو ردت عليه التحية فإنها ستمنحه الحياة، وتبعث فيه الأمل.
الصور البيانية: لقد أجاد الشاعر في مناجاته وتشخيصه للطبيعة، حيث راح يأنس إليها، ويبثها شكواه، ورقيق مشاعره: ( يا ساري البرق) ( يا نسيم الصبا)، والكناية عن ولادة في قوله (من كان صرف الهوى والود يسقينا)، والاستعارة المكنية في بلغ ( بلغ تحيتنا)، والتي جسد من خلالها الشاعر المعنوي، وأسلوب النداء (يا سارِيَ البَرْقِ) والغرض منه اظهار الشوق والحنين/ والغرض من النداء في البيت الثاني (وَيَا نسيمَ الصَّبَا) للرجاء والتمني.
11- وَاسألْ هُنالِكَ:هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا*** إلفاً ، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا
واستكمالاً لمشهد الشوق والحنين، يحمل الشاعر مظاهر الطبيعة (نسيم الصبا) أمانة السؤال، والتقصي داخل القصر، أن كان بعده عنهم قد ترك أي أثر على محبوبته أم لا؟! ثم يبادر معبرًا عن مكنون صدره، وعن مرهف مشاعره، ورقيق إحساسه..الذي راح تذكره لها يسبب له الأرق، والمعاناة، والألم. ولعل اتكاء الشاعر على الاستعانة بمظاهر الطبيعة يوحي بانعدام، أو عدم جدوى المساطات بينه وبينها، مما اضطره للجوء لوساطات أخرى، يفرغ من خلالها شحنات عواطفه الجياشة، لعلها تهدئ من روعه، وتسكن من لظى حبه.
الصور البيانية: لازال الشاعر يتكئ وبكثرة على عنصر التشخيص حينما كلف نسيم الصبا باختلاس بعض الخبار من القصر، ولعل هذا يؤكد ما ذهبنا إليه من استخدامه، وتوظيفه لعناصر، ومكونات البيئة، والطبيعة كمعادل موضوعي، تعويضي عن عدم جدوى أية وساطات بينه وبين ولادة، ولعل توظيفه للفعل (أمسى) له إسقاطات، وأبعاد نفسية واضحة، بكل ما يعنيه المساء من سكون يشير على سكون وهدوء، وركود في العلاقات، وبما يعنيه المساء –أيضًا- من حزن، وألم، يخالطان نفس الشجي المكلوم.

12رَبيبُ مُلكٍ ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأهُ*** مِسكاً ، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا
أوْ صَاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً وَتَوجهُ*** مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا
فقد استهل الشاعر مدحه، وثناءه على محبوبته فكنَّها عن رفاهيتها، ورغد عيشها..بأنها ربيبة الملك، وهذا شيء جميل حتى اللحظة، أما أن يبالغ الشاعر في ذلك فيخرج بها عن طبيعة البشر جميعًا، فهذه مبالغة في غير محلها، بل لعلها تثير في النفس النفور، والاشمئزاز، فعلى الرغم من طيب رائحة المسك إلا أنه ليس مادة للخلق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن لون المسك هو اللون الأسود، ولننظر إلى حال محبوبته حينما تتفرد بهذا المسك بين البشر الطينيين، فلا شك أنها ستكون منبوذة، ولن تلقى القبول، فكان من الأفضل لو عدل الشاعر عن هذه المبالغة، وفي سياق الاعتراض على إرسال الأنبياء من جنس البشر، يقول الحق تبارك وتعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ }الأنعام9، فجمال الشيء يكمن في مطابقته للحقيقة وللواقع، مع بعض الخروج عن المألوف لضرورة بلاغية معينة.

13










ومرفق أيضا




do.php
جزاك الله خيرا
 
أعلى