أيهـم البحـر
عضو جديد
-
- إنضم
- 31 يناير 2011
-
- المشاركات
- 168
-
- مستوى التفاعل
- 4
-
- النقاط
- 0
يرتدي ملابسه بسرعة، ويضع قدميه الصغيرتين في حذائهما بدون أن يربط خيطهما ثم يحملُ حقيبته المثقلة بكتبه المدرسية ويُسرع إلى الشارع! يأخذ - كالمعتاد- زاوية صغيرة بجانب إحدى المحلات التجارية، ويقفُ متكئاً على الجدار حتى يلمح خيالها قادمٌ من البعيد فيمشي نحوها، وعندما كاد أن يقترب منها تصطدم به عربة مسرعة ... فيتأجل اللقاء إلى موعدٍ آخر.
يستفيق من غيبوبته بعد أسبوعين، ينظر إلى من حوله فعرف كل الوجوه، ولكنه تمنى للحظة لو أن أي من هذه الوجوه كانت لها، أو "لعلها هنا.. قد تكون مختبئة خلف أي واحدٍ من الذين يحيطونه"، يبحث بعينيه بين العيون، بين الأجساد، بين خيوط الفراغ ولا يجدها، فيحمل خيبته وبعض أوجاعه ويعود إلى سباته!
ذات خريف، تتساقط عليه أوراق الحنين، ويسمع أجراس الشوق تُقرَعُ بين ضلوعه، فقرر أن يراها من جديد! ينزلُ إلى الشارع، ويأخذ ركنه الدائم ... ويتكيء بظهره على الجدار فيراها قادمة، وكلما اقتربت تزداد نبضات قلبه تسارعاً فيهمس لنفسه بألم " ها قد جاءت.. ها قد كادت"... وحينما يفصلها عنه بعض الخطوات تبتسم له فيرتبك، ويتمنى - كالعادة- أن يكلمها.. وتضيع في جوفه كل الكلمات ... فتمضي هي وتتبعها عينيه بآلاف الحسرات!
القدمان الصغيرتان اصبحتا كبيرتان، والرأس الصغير أصبح متخمٌ بالحب،تجرهّ قدماه ورأسه إلى ذلك الركن الذي شهد ميلاد حبه لها قبل سنين، وفي كل مرة يصل فيها إلى محل تجاريٍ يقف أمامه وينظر إلى زجاجه الذي يتحول إلى مرآة في ساعات الظل، فيرتب هندامه ويعيد بعض خصلات شعره إلى مكانها ويكمل طريقه... كانت تنظر إليه من بعيد، فابتسمت له، وقابلها الابتسام بالابتسام،اقتربت منه وفي عينيها آلاف الأسئلة .. " من أنت؟ لماذا تقف كل يوم هنا وتنظر إلي؟لماذا لا تكلمني؟ ماذا تريد؟ ....... " وانقطعت سلسلة أسئلتها الحائرة حينما شعرت أنه يقترب منها مسافة لم يسبق أن اقتربها فوقفت، نظر إليها بذهول وكأنه يقول " وأخيراً.. أنا الآن بقربك... أنا معك.. " حاول أن يخرج عن المعتاد فيكلمها، وكلما أراد أن ينطق كانت هي تهز رأسها وحالها يقول "ارجوك تكلم.. اني اسمعك"! ولكن ابتسم وعيناه دامعتان وتراجع خطوتان ليفسح لها الطريق.. ومضت هي تجر أذيال الخيبة.. وهو يجر آلاف الخيبات!
يكتب رسالة ويقرر أن يعطيها إياها، ويعود في اليوم الثاني إلى ركنه المعروف في الشارع، رآها قادمة فابتهجت اساريره، ابتسم ابتسامة عريضة وأمسك الورقة بيده ومضى نحوها ... قابلته بعصبية فقالت " ماذا تريد مني؟ أجبني؟ فقط قل لي كلمة واحدة أرجوك! منذ سنين وانت تنتظرني هنا ولا تتكلم.. قل لي أي شيء.. أو لا تعد هنا أبداً" فنظر إليها بحزن ووضع الرسالة بيدها .. ومضى مسرعاً! وحينما وصَلَت البيت فَتَحت الرسالة فوجدت بعض من الكلمات التي كتبها بخط غير منتظم السطور " أحببتك بقلبي، وحاولت الف مرة أن أترجم محبتي لك حروفاً، ولكن الله حرمني من نعمة النطق، سيدتي ألا يكفي محبة قلبي لك!؟" فبكت .. بكت كثيراً ... ولم تعلم ما سبب بكائها.
خرج في الصباح إلى الشارع، وانتظرها إلى مغيب الشمس.. فلم تأتي! القدمان الكبيرتان تشققتا بفعل العمر، والرأس الصغير أحرقه الشيب.. لكنهما لم يزالا ينتظران عودتها.
بقلمي... حكيــــــــــــم
يستفيق من غيبوبته بعد أسبوعين، ينظر إلى من حوله فعرف كل الوجوه، ولكنه تمنى للحظة لو أن أي من هذه الوجوه كانت لها، أو "لعلها هنا.. قد تكون مختبئة خلف أي واحدٍ من الذين يحيطونه"، يبحث بعينيه بين العيون، بين الأجساد، بين خيوط الفراغ ولا يجدها، فيحمل خيبته وبعض أوجاعه ويعود إلى سباته!
ذات خريف، تتساقط عليه أوراق الحنين، ويسمع أجراس الشوق تُقرَعُ بين ضلوعه، فقرر أن يراها من جديد! ينزلُ إلى الشارع، ويأخذ ركنه الدائم ... ويتكيء بظهره على الجدار فيراها قادمة، وكلما اقتربت تزداد نبضات قلبه تسارعاً فيهمس لنفسه بألم " ها قد جاءت.. ها قد كادت"... وحينما يفصلها عنه بعض الخطوات تبتسم له فيرتبك، ويتمنى - كالعادة- أن يكلمها.. وتضيع في جوفه كل الكلمات ... فتمضي هي وتتبعها عينيه بآلاف الحسرات!
القدمان الصغيرتان اصبحتا كبيرتان، والرأس الصغير أصبح متخمٌ بالحب،تجرهّ قدماه ورأسه إلى ذلك الركن الذي شهد ميلاد حبه لها قبل سنين، وفي كل مرة يصل فيها إلى محل تجاريٍ يقف أمامه وينظر إلى زجاجه الذي يتحول إلى مرآة في ساعات الظل، فيرتب هندامه ويعيد بعض خصلات شعره إلى مكانها ويكمل طريقه... كانت تنظر إليه من بعيد، فابتسمت له، وقابلها الابتسام بالابتسام،اقتربت منه وفي عينيها آلاف الأسئلة .. " من أنت؟ لماذا تقف كل يوم هنا وتنظر إلي؟لماذا لا تكلمني؟ ماذا تريد؟ ....... " وانقطعت سلسلة أسئلتها الحائرة حينما شعرت أنه يقترب منها مسافة لم يسبق أن اقتربها فوقفت، نظر إليها بذهول وكأنه يقول " وأخيراً.. أنا الآن بقربك... أنا معك.. " حاول أن يخرج عن المعتاد فيكلمها، وكلما أراد أن ينطق كانت هي تهز رأسها وحالها يقول "ارجوك تكلم.. اني اسمعك"! ولكن ابتسم وعيناه دامعتان وتراجع خطوتان ليفسح لها الطريق.. ومضت هي تجر أذيال الخيبة.. وهو يجر آلاف الخيبات!
يكتب رسالة ويقرر أن يعطيها إياها، ويعود في اليوم الثاني إلى ركنه المعروف في الشارع، رآها قادمة فابتهجت اساريره، ابتسم ابتسامة عريضة وأمسك الورقة بيده ومضى نحوها ... قابلته بعصبية فقالت " ماذا تريد مني؟ أجبني؟ فقط قل لي كلمة واحدة أرجوك! منذ سنين وانت تنتظرني هنا ولا تتكلم.. قل لي أي شيء.. أو لا تعد هنا أبداً" فنظر إليها بحزن ووضع الرسالة بيدها .. ومضى مسرعاً! وحينما وصَلَت البيت فَتَحت الرسالة فوجدت بعض من الكلمات التي كتبها بخط غير منتظم السطور " أحببتك بقلبي، وحاولت الف مرة أن أترجم محبتي لك حروفاً، ولكن الله حرمني من نعمة النطق، سيدتي ألا يكفي محبة قلبي لك!؟" فبكت .. بكت كثيراً ... ولم تعلم ما سبب بكائها.
خرج في الصباح إلى الشارع، وانتظرها إلى مغيب الشمس.. فلم تأتي! القدمان الكبيرتان تشققتا بفعل العمر، والرأس الصغير أحرقه الشيب.. لكنهما لم يزالا ينتظران عودتها.
بقلمي... حكيــــــــــــم