عطر الزهور
الإدارة العامة
-
- إنضم
- 11 مايو 2012
-
- المشاركات
- 8,748
-
- مستوى التفاعل
- 161
-
- النقاط
- 63
أفراح الصائمين
كذلك مِن دواعي السرور والفرح في عبادة الصيام وفي غيرها أيضًا أنَّ المسلم تُحبَّب له التوبة، هذه التوبة التي يُحبُّها الله تعالى قبل حب العبد لها؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يَتوبُ إليه مِن أحدكم كان على راحلته بأرضٍ فلاة، فانفلتَتْ منه، وعليها طعامُه وشرابُه، فأيسَ منها، فأتى شَجرةً، فاضطجَع في ظلِّها قد أيسَ مِن راحلته، فبَينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخَذَ بخُطامها، ثم قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك! أخطأ مِن شدَّة الفرَح))، فالصائم الذي يبذل هذا الجهد الكبير في تلك العبادة يكون أقرب إلى نبذ كل ما هو قبيح، والتقرُّب إلى الله تعالى بشتى القربات؛ فالهمَّة في الخير عالية، والعزيمة على الرشْد حاضرة.
ذكر الإمام ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾[يونس: 57، 58]، ما رَواه ابن أبي حاتم في تفسيرِه، أنه لما قدم خراج العراق إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرَج ومعه مولًى له، فجعَل عُمر يعدُّ الإبل، فإذا هي أكثر من ذلك، فقال عمر: الحمد لله تعالى، ويقول مولاه: هذا والله مِن فضْل الله ورحمته، فقال عمر: كذبتَ، ليس هذا الذي يقول الله: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾، وهذا مما يَجمعون، فكأن عمر يريد أن يقولَ: إنَّ الفرح الحقيقيَّ بهذا القرآن الذي يقول الله تعالى فيه قبل الآية السابقة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾، فالذي يوفَّق للقرآن تلاوةً وتدبرًا وعملاً حق له أن يفرح في كل وقت وحين؛ لأنه حازَ فضْل الله تعالى.
ومِن دواعي الفرح بعبادة الصيام وشهر رمضان أن الله تعالى منَّ على المسلمين بالنصر العظيم في نزالات عدَّة مع المشركين وغيرهم في شهر رمضان؛ فقد انتصر المسلمون على المشركين في غزوة بدر في عام 2 هـ، وفُتحَت مكة، وهُدمت الأصنام في عام 8 هـ، وانتصَر المسلمون على الفرس في معركة البويب بقيادة المثنَّى بن حارثة عام 13 هـ، وفتحت جزيرة رودس على يد جنادة بن أبي أمية الأزدي عام 52 هـ، وبدأ فتح الأندلس عام 91 هـ حينَما نزل طريف بن مالك يستكشف أرض الأندلس، وانتصر طارق بن زياد عام 92 هـ على(رودريك) أو (لوذريق) الصليبي وفتَح الأندلس، وفي رمضان عام 583 هـ حاصَرَ صلاح الدين الأيوبي مدينة صور وفتَحَها بعد معركة حطين بقليل، أما موقعة عين جالوت بقيادة قطز فكانت في رمضان من عام 658 هـ، ولا يَنسى التاريخ انتصار المسلمين على اليهود في معركة العاشر من رمضان عام 1393 هـ، وتَذكُر كتُب السيَر والتاريخ أن القادة والجند كانوا يصرُّون على مواصلة الجهاد صائمين، يرفضون الفطر؛ حيث كانت الطاعات - ومنها الصوم - عدتهم وعتادهم نحو النصر على الأعداء، ﴿ ... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 4، 5].
وخاتِمة أفراح الصائمين هذه الجائزة الكُبرى التي يَقبضها الصائمون حين يحلُّ عيد الفطر وتصطفُّ الملائكة في الطرُقات، لتُهنِّئهم بالفوز والغُفران، روى ابنُ عساكرٍ، وذكَرَه النوويُّ في "شرح صحيح مسلم" (وفي الحديث ضعف) عن سعد بن أوس الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم عيد الفطْر وقفَت الملائكة على أبواب الطرُق، فنادَوا: اغدوا يا معشر المسلمين إلى ربٍّ كريم، يمنُّ بالخير ثم يُثيب عليه الجَزيل، لقد أُمرتُم بقيام الليل فقمتم، وأُمرتم بصيام النهار فصُمتم، وأطعتُم ربَّكم فاقبِضوا جوائزكم، فإذا صلَّوا نادى منادٍ: ألا إنَّ ربكم قد غفر لكم فارجِعوا راشِدين إلى رحالكم، فهو يوم الجائزة، ويُسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة)).
فما أكثر الأفراحَ المرتبطة بعبادة الصيام! نسأل الله تعالى الفرح والسعادة في الدارَين، وأن يَرزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ميَّز الله تعالى عبادة الصيام عن غيرها من العبادات؛ فقد عظَّم ثوابه، وشوَّق إليه؛ وذلك في الحديث القدسي الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله - عزَّ وجلَّ -: كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم؛ فإنه لي، وأنا أجزي به..))؛ وذلك لتميُّز هذه العبادة وتفرُّدها عن غيرها؛ لما فيها من المشقة البالغة، التي تتواصل طوال نصف يومٍ على أقلِّ تقدير، يَحرم فيها على الصائم تناول أي مُفطِر، ثم يأخذ قسطًا مِن الراحة يُباح له فيه كل ما أحلَّه الله له، وبعده يواصل الصوم لليوم التالي، وهكذا، وكما تميَّزت العبادة بثوابها تميَّزت باقتِران الفرْحة بها؛ فقد روى مُسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((للصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقيَ ربَّه فرح بصومه))، وفي رواية البخاري: ((إذا أفطر فرحَ بفطرِه، وإذا لقيَ ربَّه فرح بصومه)).
وفرحة الصائم التي تتحقَّق عند الفطر هو ذلك الإذن مِن الله تَعالى بحلول وقت الإفطار، وتناول الطعام والشراب وسائر المُباحات بعد حِرمان، وهذا تحبُّه النفس وتُقبِل عليه خاصةً إذا تحصَّلت عليه بعد مشقة، أما فرحته عند لقاء ربه فتتحقَّق حين يجد ثواب هذا الصيام الذي وعده الله به في سجل حسانته؛ ليثقل به الميزان، ويكون من الفائزين الناجين؛ يقول الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30].
والصائم بين هاتين الفرحتين بالفطر والثواب تتحقَّق له أفراح وأفراح؛ فهو يفرح بتوفيق الله له بأداء هذه الفَريضة التي يغفر الله بها ما تقدَّم مِن ذنبِه؛ ففي الصحيحَين مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن صام رمضان إيمانًاواحتسابًا غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبه))، ويفرح لتحصيل أوقات الدعاء المُستجاب عند الفِطْر؛ روى ابن ماجه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ للصائم عندفطره دعوةً ما تردُّ))، وفي وقت السحر حين يقوم لتناول سحوره.
وفرحة الصائم التي تتحقَّق عند الفطر هو ذلك الإذن مِن الله تَعالى بحلول وقت الإفطار، وتناول الطعام والشراب وسائر المُباحات بعد حِرمان، وهذا تحبُّه النفس وتُقبِل عليه خاصةً إذا تحصَّلت عليه بعد مشقة، أما فرحته عند لقاء ربه فتتحقَّق حين يجد ثواب هذا الصيام الذي وعده الله به في سجل حسانته؛ ليثقل به الميزان، ويكون من الفائزين الناجين؛ يقول الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30].
والصائم بين هاتين الفرحتين بالفطر والثواب تتحقَّق له أفراح وأفراح؛ فهو يفرح بتوفيق الله له بأداء هذه الفَريضة التي يغفر الله بها ما تقدَّم مِن ذنبِه؛ ففي الصحيحَين مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن صام رمضان إيمانًاواحتسابًا غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبه))، ويفرح لتحصيل أوقات الدعاء المُستجاب عند الفِطْر؛ روى ابن ماجه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ للصائم عندفطره دعوةً ما تردُّ))، وفي وقت السحر حين يقوم لتناول سحوره.
(2)
مخالفة لأهل الكتاب، روى مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن العاصرضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فصْل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكْلَة السحَر))، ويفرَح حين يوفَّق لصلاة التراويح، وبعده يصلي ركعتين والناس نيام؛ روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه))، وبيَّن القرآن الكريم فضْل الذين يقومون الليلَ؛ حيث قال ربُّ العزة - سبحانه وتعالى -: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16، 17]، ويفرَح لدعوة يَدعوها في وقت السحر حين يتنزَّل الله تعالى في الثلث الأخير من الليل في وقت إجابة الدعاء؛ روى البخاري ومسلم في صحيحَيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَنزل ربُّنا - تبارَك وتَعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يَبقى ثلثُ الليل الآخرفيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يَسألني فأعطيَه؟ مَن يَستغفرني فأغفر له؟))، ويَفرح لصلاة الفجر في جماعة؛ روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن صلى العشاء في جماعة فكأنَّما قام نصفالليل، ومَن صلى الصبحَ في جماعة فكأنما صلى الليلَ كله))، ويفرَح لذِكْر الله في أول النهار بعد صلاة الفجر امتِثالاً لأمرِ الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق: 39].
مخالفة لأهل الكتاب، روى مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن العاصرضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فصْل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكْلَة السحَر))، ويفرَح حين يوفَّق لصلاة التراويح، وبعده يصلي ركعتين والناس نيام؛ روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه))، وبيَّن القرآن الكريم فضْل الذين يقومون الليلَ؛ حيث قال ربُّ العزة - سبحانه وتعالى -: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16، 17]، ويفرَح لدعوة يَدعوها في وقت السحر حين يتنزَّل الله تعالى في الثلث الأخير من الليل في وقت إجابة الدعاء؛ روى البخاري ومسلم في صحيحَيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَنزل ربُّنا - تبارَك وتَعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يَبقى ثلثُ الليل الآخرفيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يَسألني فأعطيَه؟ مَن يَستغفرني فأغفر له؟))، ويَفرح لصلاة الفجر في جماعة؛ روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن صلى العشاء في جماعة فكأنَّما قام نصفالليل، ومَن صلى الصبحَ في جماعة فكأنما صلى الليلَ كله))، ويفرَح لذِكْر الله في أول النهار بعد صلاة الفجر امتِثالاً لأمرِ الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق: 39].
كذلك مِن دواعي السرور والفرح في عبادة الصيام وفي غيرها أيضًا أنَّ المسلم تُحبَّب له التوبة، هذه التوبة التي يُحبُّها الله تعالى قبل حب العبد لها؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يَتوبُ إليه مِن أحدكم كان على راحلته بأرضٍ فلاة، فانفلتَتْ منه، وعليها طعامُه وشرابُه، فأيسَ منها، فأتى شَجرةً، فاضطجَع في ظلِّها قد أيسَ مِن راحلته، فبَينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخَذَ بخُطامها، ثم قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك! أخطأ مِن شدَّة الفرَح))، فالصائم الذي يبذل هذا الجهد الكبير في تلك العبادة يكون أقرب إلى نبذ كل ما هو قبيح، والتقرُّب إلى الله تعالى بشتى القربات؛ فالهمَّة في الخير عالية، والعزيمة على الرشْد حاضرة.
(3)
ومِن دواعي الفرح أيضًا: الإقبال على قراءة القرآن الكريم والذِّكْر؛ فهو شهر نزول القرآن؛ حيث نجد المسارعين إلى الختمات تلْوَ الخَتمات، وهو تدريب عمليٌّ لما بعد عبادة الصيام في شهر رمضان؛ كي يكون للمسلم وردٌ يُحافظ عليه ولو كان قليلاً، والفرحة بالقرآن لا تعادلها فرحة، لم لا وهو يشفع مع الصيام لصاحبه يوم القيامة؟! روى أحمد والطبراني والحاكم وغيرهم - وضعَّفه البعض - عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفَعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي ربِّ، منعتُه الطعام والشهوات بالنَّهار فشفِّعْني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ بالليلِ فشفِّعْني فيه، قال: فيشفعان)).
ومِن دواعي الفرح أيضًا: الإقبال على قراءة القرآن الكريم والذِّكْر؛ فهو شهر نزول القرآن؛ حيث نجد المسارعين إلى الختمات تلْوَ الخَتمات، وهو تدريب عمليٌّ لما بعد عبادة الصيام في شهر رمضان؛ كي يكون للمسلم وردٌ يُحافظ عليه ولو كان قليلاً، والفرحة بالقرآن لا تعادلها فرحة، لم لا وهو يشفع مع الصيام لصاحبه يوم القيامة؟! روى أحمد والطبراني والحاكم وغيرهم - وضعَّفه البعض - عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفَعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي ربِّ، منعتُه الطعام والشهوات بالنَّهار فشفِّعْني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ بالليلِ فشفِّعْني فيه، قال: فيشفعان)).
ذكر الإمام ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾[يونس: 57، 58]، ما رَواه ابن أبي حاتم في تفسيرِه، أنه لما قدم خراج العراق إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرَج ومعه مولًى له، فجعَل عُمر يعدُّ الإبل، فإذا هي أكثر من ذلك، فقال عمر: الحمد لله تعالى، ويقول مولاه: هذا والله مِن فضْل الله ورحمته، فقال عمر: كذبتَ، ليس هذا الذي يقول الله: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾، وهذا مما يَجمعون، فكأن عمر يريد أن يقولَ: إنَّ الفرح الحقيقيَّ بهذا القرآن الذي يقول الله تعالى فيه قبل الآية السابقة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾، فالذي يوفَّق للقرآن تلاوةً وتدبرًا وعملاً حق له أن يفرح في كل وقت وحين؛ لأنه حازَ فضْل الله تعالى.
ومِن دواعي الفرح بعبادة الصيام وشهر رمضان أن الله تعالى منَّ على المسلمين بالنصر العظيم في نزالات عدَّة مع المشركين وغيرهم في شهر رمضان؛ فقد انتصر المسلمون على المشركين في غزوة بدر في عام 2 هـ، وفُتحَت مكة، وهُدمت الأصنام في عام 8 هـ، وانتصَر المسلمون على الفرس في معركة البويب بقيادة المثنَّى بن حارثة عام 13 هـ، وفتحت جزيرة رودس على يد جنادة بن أبي أمية الأزدي عام 52 هـ، وبدأ فتح الأندلس عام 91 هـ حينَما نزل طريف بن مالك يستكشف أرض الأندلس، وانتصر طارق بن زياد عام 92 هـ على(رودريك) أو (لوذريق) الصليبي وفتَح الأندلس، وفي رمضان عام 583 هـ حاصَرَ صلاح الدين الأيوبي مدينة صور وفتَحَها بعد معركة حطين بقليل، أما موقعة عين جالوت بقيادة قطز فكانت في رمضان من عام 658 هـ، ولا يَنسى التاريخ انتصار المسلمين على اليهود في معركة العاشر من رمضان عام 1393 هـ، وتَذكُر كتُب السيَر والتاريخ أن القادة والجند كانوا يصرُّون على مواصلة الجهاد صائمين، يرفضون الفطر؛ حيث كانت الطاعات - ومنها الصوم - عدتهم وعتادهم نحو النصر على الأعداء، ﴿ ... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 4، 5].
(4)
أما أعظم أفراح الصائم، فحين يوفِّقه الله تعالى لقيام ليلة القدر وتَحصيل ثوابها؛ فهي ليلة خير مِن ألف شهر، وهي ليلة العفو والغفران، مَن قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبِه؛ روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتِسابًا، غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبِه))، وعند النسائي: ((وما تأخَّر)).
أما أعظم أفراح الصائم، فحين يوفِّقه الله تعالى لقيام ليلة القدر وتَحصيل ثوابها؛ فهي ليلة خير مِن ألف شهر، وهي ليلة العفو والغفران، مَن قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبِه؛ روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتِسابًا، غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبِه))، وعند النسائي: ((وما تأخَّر)).
وخاتِمة أفراح الصائمين هذه الجائزة الكُبرى التي يَقبضها الصائمون حين يحلُّ عيد الفطر وتصطفُّ الملائكة في الطرُقات، لتُهنِّئهم بالفوز والغُفران، روى ابنُ عساكرٍ، وذكَرَه النوويُّ في "شرح صحيح مسلم" (وفي الحديث ضعف) عن سعد بن أوس الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم عيد الفطْر وقفَت الملائكة على أبواب الطرُق، فنادَوا: اغدوا يا معشر المسلمين إلى ربٍّ كريم، يمنُّ بالخير ثم يُثيب عليه الجَزيل، لقد أُمرتُم بقيام الليل فقمتم، وأُمرتم بصيام النهار فصُمتم، وأطعتُم ربَّكم فاقبِضوا جوائزكم، فإذا صلَّوا نادى منادٍ: ألا إنَّ ربكم قد غفر لكم فارجِعوا راشِدين إلى رحالكم، فهو يوم الجائزة، ويُسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة)).
فما أكثر الأفراحَ المرتبطة بعبادة الصيام! نسأل الله تعالى الفرح والسعادة في الدارَين، وأن يَرزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.