وفاء معلم
عضو جديد
-
- إنضم
- 13 يونيو 2013
-
- المشاركات
- 1,621
-
- مستوى التفاعل
- 202
-
- النقاط
- 0
إذا خضع الحديد لقرض فأر*** فلا تعجب إذا طار غلامُ
لا علاقة بين شطري البيت من حيث المعنى، وإن استقام وزنه وانسجمت موسيقاه، وكذلك هي خلق الناس وضمائرهم فلا علاقة بينها وبين مستوى الحال، فلا تصاب بشحّ، ولا تتماسك برخاء، ولكنّ الحياة لا تخلو من صور مقيتة يندى لها الجبين، منها هذه القصّة التي ارتأيت أن يكون عنوانها غريبا لغرابة أحداثها،،
فقد ضاقت السبل يوما في وجه تاجر المدينة، فأراد أن يضرب في الأرض فيجرّب حظّه. وكان له صديق يثق به، فجاءه في يوم قد ارتسمت على وجهه علامات القنوط فقال: يا صاحبي لقد ضاقت عليّ الأمور في هذه البلدة ويقولون إنّ السّفر له عشر فوائد؛ من انشراح الصدر، وانتفاخ الجيب، وتجديد الحياة، والتعرف إلى مذاقات جديدة من الأطعمة، ورؤية طبيعة لم يحلم بها، والتعرف إلى شعوب وأمم لم يلتق بها، وكسب تجارب جديدة، ومشاهدات مثيرة. وأنا عازم على السفر، ولدفع خوف الفاقة والانقطاع فأنا راغب في وضع أطنان من الحديد لي أُبقيها أمانة عندك لحين عودتي.
فقال له صديقه: اعلم يا أخي أنّ الصّديق للصّديق أمانة وجنّة وستر عورة ومستودع أمان وأمانة فانطلقْ راشدا.
سُرّ الرجل وانبسطت أساريره وارتاح للبضاعة المخزونة عند الصاحب الوفيّ، ثمّ ما لبث أن ضرب في الأرض، فتابع الرحلة وحصد الثمر ورجع بعد غياب.
وحين دخل المدينة قصد صديقه التاجر الذي ائتمنه على أطنان الحديد، وحديثه مليء بالمشاهدات والخبرات، إلاّ أنّه لاحظ الكمد في وجه صاحبه، فقد أصابته السنون فباع الحديد وبدأ يخطّط للتنكر للأمانة.
فقال له: يا صاحبي، الجرذان عندنا مخيفة، وأنا آسف أن أخبرك أنّ حديدك التهمته جرذان المستودع؟
سمع التاجر الحكاية، ولم يظهر التعجب قط، بل اكتفى بقوله: نعم معك الحق في هذا، فالجرذان مشهورة بحدة أسنانها وعزمها في القرض والالتهام.
فرح الصديق، وقال له، عزمت عليك بالله أن تأتي غدا فتتعشى عندي.
فقبل التاجر الدعوة قائلاً: إذا كنتُ قد خسرت الحديد؛ فلن أخسرَ دعوتك، وأنا آتيك غدا إلى الوليمة.
انصرف التاجر متعجبّا من غدر الأصدقاء وقلة الوفاء، وتذكّر قول الرحمن "يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود"، والحضّ على ردّ الأمانات مهما كانت الظروف.
وأثناء تجوّل التاجر في السوق؛ رأى غلاما لهذا الصديق فأخذه على حين غفلة، وقال: سأعطيك طعاما طيبا، ثم أخذه فحبسه في غرفة وقال اجلس هنا فلا تبرح.
وفي اليوم التالي ذهب إلى الوليمة فرأى صاحبه وقد علته الكآبة وغشيه لون من الذهول وتبدُّل الخاطر!
فقال: ما خطبك يا صاحبي؟
فردّ صاحبه وهو يعتصر الكلمات من فيه: أحد أولادي فقدته منذ أمس ولا أعرف إلى مكانه سبيلا ؟
قال التاجر : آه .. آه، تذكرت لعلّه البوم الذي حمل ابنك في الجوّ، فقد رأيت الطير وهو ينزل إلى الأرض ثم خطف طفلا صغيرا وعاد إلى طيرانه!!
ثم وصفه بالأوصاف التي يعرفها والده، فصاح إنّه هو، ثم نظر إليه من جديد والاستغراب يعلو وجهه: ولكن يا صاحبي، وهل يُعقل ما تقول أن ينزل بوم بوزنه المعروف فيحمل صبيا وزنه أرطالاً؟
قال التاجر إنّ بلدكم بلد العجائب، يمكن أن يحدث فيه كلّ شيء؛ جرذان تقضم الحديد، وبوم يخطف الأطفال أليس كذلك؟
استحى الرجل قليلا، وقال: قد صدقت، وأنا قد بعت الحديد في يوم بؤس شديد وضائقة مالية، وهذا حقك أرده إليك..
ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا
من تراثنا،،
فقد ضاقت السبل يوما في وجه تاجر المدينة، فأراد أن يضرب في الأرض فيجرّب حظّه. وكان له صديق يثق به، فجاءه في يوم قد ارتسمت على وجهه علامات القنوط فقال: يا صاحبي لقد ضاقت عليّ الأمور في هذه البلدة ويقولون إنّ السّفر له عشر فوائد؛ من انشراح الصدر، وانتفاخ الجيب، وتجديد الحياة، والتعرف إلى مذاقات جديدة من الأطعمة، ورؤية طبيعة لم يحلم بها، والتعرف إلى شعوب وأمم لم يلتق بها، وكسب تجارب جديدة، ومشاهدات مثيرة. وأنا عازم على السفر، ولدفع خوف الفاقة والانقطاع فأنا راغب في وضع أطنان من الحديد لي أُبقيها أمانة عندك لحين عودتي.
فقال له صديقه: اعلم يا أخي أنّ الصّديق للصّديق أمانة وجنّة وستر عورة ومستودع أمان وأمانة فانطلقْ راشدا.
سُرّ الرجل وانبسطت أساريره وارتاح للبضاعة المخزونة عند الصاحب الوفيّ، ثمّ ما لبث أن ضرب في الأرض، فتابع الرحلة وحصد الثمر ورجع بعد غياب.
وحين دخل المدينة قصد صديقه التاجر الذي ائتمنه على أطنان الحديد، وحديثه مليء بالمشاهدات والخبرات، إلاّ أنّه لاحظ الكمد في وجه صاحبه، فقد أصابته السنون فباع الحديد وبدأ يخطّط للتنكر للأمانة.
فقال له: يا صاحبي، الجرذان عندنا مخيفة، وأنا آسف أن أخبرك أنّ حديدك التهمته جرذان المستودع؟
سمع التاجر الحكاية، ولم يظهر التعجب قط، بل اكتفى بقوله: نعم معك الحق في هذا، فالجرذان مشهورة بحدة أسنانها وعزمها في القرض والالتهام.
فرح الصديق، وقال له، عزمت عليك بالله أن تأتي غدا فتتعشى عندي.
فقبل التاجر الدعوة قائلاً: إذا كنتُ قد خسرت الحديد؛ فلن أخسرَ دعوتك، وأنا آتيك غدا إلى الوليمة.
انصرف التاجر متعجبّا من غدر الأصدقاء وقلة الوفاء، وتذكّر قول الرحمن "يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود"، والحضّ على ردّ الأمانات مهما كانت الظروف.
وأثناء تجوّل التاجر في السوق؛ رأى غلاما لهذا الصديق فأخذه على حين غفلة، وقال: سأعطيك طعاما طيبا، ثم أخذه فحبسه في غرفة وقال اجلس هنا فلا تبرح.
وفي اليوم التالي ذهب إلى الوليمة فرأى صاحبه وقد علته الكآبة وغشيه لون من الذهول وتبدُّل الخاطر!
فقال: ما خطبك يا صاحبي؟
فردّ صاحبه وهو يعتصر الكلمات من فيه: أحد أولادي فقدته منذ أمس ولا أعرف إلى مكانه سبيلا ؟
قال التاجر : آه .. آه، تذكرت لعلّه البوم الذي حمل ابنك في الجوّ، فقد رأيت الطير وهو ينزل إلى الأرض ثم خطف طفلا صغيرا وعاد إلى طيرانه!!
ثم وصفه بالأوصاف التي يعرفها والده، فصاح إنّه هو، ثم نظر إليه من جديد والاستغراب يعلو وجهه: ولكن يا صاحبي، وهل يُعقل ما تقول أن ينزل بوم بوزنه المعروف فيحمل صبيا وزنه أرطالاً؟
قال التاجر إنّ بلدكم بلد العجائب، يمكن أن يحدث فيه كلّ شيء؛ جرذان تقضم الحديد، وبوم يخطف الأطفال أليس كذلك؟
استحى الرجل قليلا، وقال: قد صدقت، وأنا قد بعت الحديد في يوم بؤس شديد وضائقة مالية، وهذا حقك أرده إليك..
ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا
من تراثنا،،