وفاء معلم
عضو جديد
-
- إنضم
- 13 يونيو 2013
-
- المشاركات
- 1,621
-
- مستوى التفاعل
- 202
-
- النقاط
- 0
معا نحقّق المعجزات
تقاصرت خطواته عندما همّ بالخروج إلى المدرسة، نتيجة ضغط الأفكار التي تكاثفت لتملأ رأسه، فقد كان له لقاء مع صراخ ابنه الرضيع الذي ملأ البيت منذ ساعات الفجر الأولى، لكنه ......حاول التظاهر بالنوم هربا من طلب الحليب المتكرّر، خاصّة وأنه لم يكن قد استعدّ بعد لشراء الحليب، فلم يلتق بأحد زملائه، ولم يتمكّن من اقتراض المبلغ المطلوب، فقد ظنّ أنّ الرضعة الأخيرة لم تلفظ أنفاسها بعد.
لكنّ إطلالة الراتب ما زالت بعيدة، وحتى لو كانت قريبة فماذا سيكفي راتب كان قد استدان أضعافه، لا!! فالأفكار تتصارع برأسه كالأمواج....فكّر!!! ثم همّ بإقناع زوجته ببيع ما تبقّى من قطعة مصاغ علّها تساعد في خفوت صوت الرضيع، أو تأجيله، ولكنّ المشكلة لا تُحلّ بقطعة مصاغ أو قطعتين، فنظر يميناً ثم وجّه أنظاره إلى وادٍٍ سحيق، وكان قد اعتراه زمهرير إحساس موحش، وأطلق (بصقة) عنيفة كأنها في وجه غول الغلاء.
سيطر عليه سيل من التمتة والشتائم واللعن المسموع دون قصد، فلو كان هذا الإحساس في غرفة الصف ماذا سيقول الطلبة؟ لا... إنّ طلبتنا اليوم أضحوا على قدر من المسؤولية، وهم يقدّرون معاناة المعلّم، إضافة إلى حبهم لك، وتعلقهم بحضورك، خاصّة وأنّك تبادلهم هذه المشاعر، وتشاركهم مناسباتهم المختلفة.
أيقظه صوت الجرس من شروده، فاتسعت خطواته، فمنظر الطابور أبعد قليلا من هواجس نفسه، فحاول إخفاء ما تبقّى من لهيب يمزّق أحشاءه وهو يدخل غرفة الصّف، فتصنّع بابتسامة وحيّا الطلبة، واتّجه إلى السبّورة، وتناول قطعة من الطباشير، نقّلها بين أصابعه ...وأخيراً كسرها إلى قطعتين محاولا امتصاص اضطرابه، فشعر بأنّ الطلبة يقرؤون خطواته، ويفسّرون ملامحه، فلم يعد الأمر يخفى عليهم، .....ولكنّ هذا لا يخجله، المهم أن يستغلّ زمن الحصّة التي لم يمض عليها سوى دقيقة واحدة خالها دهراااا.
توجّه إلى السّبورة، ووجد نفسه يكتب عليها الجمل الآتية:
- ارتفعت الأسعار ارتفاعاً فاحشاً.
- لا يستطيع المعلّم أن يدرّس ومعدة طفله فارغة.
- من لا يطالب بحقّه، لا يستطيع أن يعلّم غيره ما هو الحقّ.
أدار وجهه متردّداً، ماذا يفعل بهذه الجمل؟ وكان قد خيّم الصّمت على الطلبة الذين ينتظرون منه الخطوة التالية، ثمّ عاد إلى السّبورة قائلا بصوت مجلجل: أعرب ما تحته خط، ووضع خطوطا تحت (فاحشاً، فارغة، الحقّ)، فانتشى المعلّم لسرعة تجاوب الطّلبة، وتفهمهم لاختياره موضوع الدرس، وسارعوا إلى رفع أصابعهم، ممّا جعله يبتهج شيئا فشيئا، فعاد إلى السّبورة، ودوّن جملة أخرى:
معاً نحقّق المعجزات
(((من صفحات تراثنا))
لكنّ إطلالة الراتب ما زالت بعيدة، وحتى لو كانت قريبة فماذا سيكفي راتب كان قد استدان أضعافه، لا!! فالأفكار تتصارع برأسه كالأمواج....فكّر!!! ثم همّ بإقناع زوجته ببيع ما تبقّى من قطعة مصاغ علّها تساعد في خفوت صوت الرضيع، أو تأجيله، ولكنّ المشكلة لا تُحلّ بقطعة مصاغ أو قطعتين، فنظر يميناً ثم وجّه أنظاره إلى وادٍٍ سحيق، وكان قد اعتراه زمهرير إحساس موحش، وأطلق (بصقة) عنيفة كأنها في وجه غول الغلاء.
سيطر عليه سيل من التمتة والشتائم واللعن المسموع دون قصد، فلو كان هذا الإحساس في غرفة الصف ماذا سيقول الطلبة؟ لا... إنّ طلبتنا اليوم أضحوا على قدر من المسؤولية، وهم يقدّرون معاناة المعلّم، إضافة إلى حبهم لك، وتعلقهم بحضورك، خاصّة وأنّك تبادلهم هذه المشاعر، وتشاركهم مناسباتهم المختلفة.
أيقظه صوت الجرس من شروده، فاتسعت خطواته، فمنظر الطابور أبعد قليلا من هواجس نفسه، فحاول إخفاء ما تبقّى من لهيب يمزّق أحشاءه وهو يدخل غرفة الصّف، فتصنّع بابتسامة وحيّا الطلبة، واتّجه إلى السبّورة، وتناول قطعة من الطباشير، نقّلها بين أصابعه ...وأخيراً كسرها إلى قطعتين محاولا امتصاص اضطرابه، فشعر بأنّ الطلبة يقرؤون خطواته، ويفسّرون ملامحه، فلم يعد الأمر يخفى عليهم، .....ولكنّ هذا لا يخجله، المهم أن يستغلّ زمن الحصّة التي لم يمض عليها سوى دقيقة واحدة خالها دهراااا.
توجّه إلى السّبورة، ووجد نفسه يكتب عليها الجمل الآتية:
- ارتفعت الأسعار ارتفاعاً فاحشاً.
- لا يستطيع المعلّم أن يدرّس ومعدة طفله فارغة.
- من لا يطالب بحقّه، لا يستطيع أن يعلّم غيره ما هو الحقّ.
أدار وجهه متردّداً، ماذا يفعل بهذه الجمل؟ وكان قد خيّم الصّمت على الطلبة الذين ينتظرون منه الخطوة التالية، ثمّ عاد إلى السّبورة قائلا بصوت مجلجل: أعرب ما تحته خط، ووضع خطوطا تحت (فاحشاً، فارغة، الحقّ)، فانتشى المعلّم لسرعة تجاوب الطّلبة، وتفهمهم لاختياره موضوع الدرس، وسارعوا إلى رفع أصابعهم، ممّا جعله يبتهج شيئا فشيئا، فعاد إلى السّبورة، ودوّن جملة أخرى:
معاً نحقّق المعجزات
(((من صفحات تراثنا))