اولادي حياتي
عضو مميز
ما هي أسباب مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؟
اﻷسباب كثيرة، منها:
المتابعة والطاعة
ثبت في المعجم الكبير للطبراني عَنِ ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رَجُﻼ
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ﻷُحِبُّكَ، حَتَّى إِنِّي
ﻷَذْكُرُكَ، فَلَوْﻻ أَنِّي أَجِيءُ فَأَنْظُرُ إِلَيْكَ ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي تَخْرُجُ، فَأَذْكُرُ أَنِّي إِنْ
دَخَلْتُ الْجَنَّةَ صِرْتُ دُونَكَ فِي الْمَنْزِلَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَأُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ
فِي الدَّرَجَةِ. فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ: } وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ {
] النساء/ [69 ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَﻼهَا عَلَيْهِ.
محبة النبي صلى الله عليه وسلم
لحديث الصحيحين، عن أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم عَنْ السَّاعَةِ، فَقال: مَتَى السَّاعَةُ؟ قال: » وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا« ؟
قال: لَا شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم. فَقال:
» أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ .« قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم: » أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ« ، فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ
أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ.
لكن المحب الصادق الذي يناله هذا الفضل من سلك طريقه، واقتفى أثره،
واستنار بنهجه، واهتدى بهديه، أﻻ ترى أن اليهود والنصارى يحبون
أنبياءهم وإنما لم يحظوا بمعيتهم في اﻵخرة لمخالفتهم لهم.
هل يشك أحدٌ في حب أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم؟ قاطعته
قريش فآثر جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لحبه له، لكن لماذا
غاير الله بين مآليهما في اﻵخرة؟ ﻷن أبا طالب لم يتبع النبي صلى الله
عليه وسلم. إذاً المرء مع من أحب، لكن ﻻبد أن تسلك سبيل من أحببت
لتكون معه، ولئﻼ يكون الحبُّ دعوةً جوفاء.
كثرة الصﻼة
في صحيح مسلم، قال رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ رضي الله عنه: كُنْتُ أَبِيتُ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي:
» سَلْ.« فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: »أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ« ؟ قُلْتُ:
هُوَ ذَاكَ. قَالَ: » فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ .«
قال ابن القيم رحمه الله: " وإذا أردت أن تعرف مراتب الهمم فانظر إلى
همَّة ربيعة بن كعب اﻷسلمي رضي الله عنه وقد قال له رسول الله صلى
الله عليه وسلم: »سلني « ، فقال: أسألك مرافقتك في الجنة. وكان غيره
يسأله ما يمﻸ بطنه، أو يواري جلده .([2])"
والحديث دليل على أن مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم ﻻ تنال بالتمني،
فﻼبد من العمل لنيلها.
ومعنى " أسألك مرافقتك في الجنة " أي: سل لي ذلك وادع لي به، ومن
المعلوم قطعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم ﻻ يملك ﻷحد أن يُدخله الجنة.
حسن الخلق
في سنن الترمذي، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: »إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ
أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ،
وَالْمُتَشَدِّقُونَ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ .« قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ
وَالْمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: » الْمُتَكَبِّرُون.«
ومعني: »أقربكم مني مجلساً يوم القيامة « ، أي: " في الجنة؛ فإنها دار
الراحة والجلوس، أما الموقف فالناس فيه قيام لرب العالمين .([3])"
الصﻼة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: » أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَﻼَةً« رواه
الترمذي.
قال المناوي رحمه الله: »"إن أولى الناس بي يوم القيامة :« أقربهم مني
يوم القيامة، وأوﻻهم بشفاعتي، وأحقهم باﻹفاضة من أنواع الخيرات ودفع
المكروهات .([4])"
كفالة يتيم
إنّ اﻹحسان إلى اﻷيتام من أسباب الفوز بأعلى الجنان، ففي الصحيحين عن
سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
» أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا « وأشار بالسبَّابة والوسطى وفرَّجَ
بينهما.
قال النووي رحمه الله: " كَافلُ اليَتيم: القَائِمُ بِأمُوره .([5])"
وقال ابن بطال رحمه الله: "حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به؛
ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وﻻ منزلة في اﻵخرة
أفضل من ذلك .([6])"
ولمسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: » كافل اليتيم له أو لغيره وأنا وهو كهاتين في الجنة.«
قال النووي رحمه الله: »" اليَتِيمُ لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ« مَعْنَاهُ: قَريبُهُ، أَو اﻷجْنَبيُّ
مِنْهُ، فالقَريبُ مِثلُ أنْ تَكْفَلهُ أمُّهُ أَوْ جَدُّهُ أَوْ أخُوهُ أَوْ غَيرُهُمْ مِنْ قَرَابَتِهِ،
والله أعْلَمُ .([7])"
تربية البنات
في اﻷدب المفرد لﻺمام البخاري عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: » من عال جاريتين حتى تدركا، دخلت أنا وهو في
الجنة كهاتين.« وأشار محمد بن عبد العزيز بالسبابة والوسطى.
وفي مصنف ابن أبي شيبة قال صلى الله عليه وسلم: » من كان له أختان
أو ابنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين« وقرن
بين أصبعيه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: » من كان له ثﻼث بنات، أو ثﻼث أخوات، أو بنتان، أو أختان،
فأحسن صحبتهن، واتقى الله فيهن، فله الجنة « رواه الترمذي وأبو داود.
وفي لفظ ﻷبي داود: » فأدبهن، وأحسن إليهن، وزوجهن، فله الجنة.«
الدعاء
والدليل حديث ربيعة الذي طلب إلى النبي صلى االله عليه وسلم أن يسأل
له مرافقته في الجنة.
وفي مسند أحمد، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِذَا ابْنُ مَسْعُودٍ
يُصَلِّي، وَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ النِّسَاءَ، فَانْتَهَى إِلَى رَأْسِ الْمِائَةِ، فَجَعَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ
يَدْعُو وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: » اسْأَلْ تُعْطَهْ،
اسْأَلْ تُعْطَهْ .« ثُمَّ قَالَ: » مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ
بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.« فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ لِيُبَشِّرَهُ، وَقَالَ لَهُ: مَا
سَأَلْتَ اللَّهَ الْبَارِحَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لَا
يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ مُحَمَّدٍ فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ. ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا
بَكْرٍ قَدْ سَبَقَكَ، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ،مَا سَبَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي
إِلَيْهِ.
والسؤال:
هل المرافقة تعني أن المرتبة واحدة؟
الجواب: ﻻ.
ففي صحيح مسلم وغيره، قال صلى الله عليه وسلم: »إذا سمعتم المؤذن
فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صﻼة صلى الله
عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة ﻻ تنبغي
إﻻ لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت
له الشفاعة.«
والحديث يدل على أن أعلى درجات الجنة لن تكون إﻻ لسيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
وأما قول ربيعة رضي الله عنه: " أسألك مرافقتك في الجنة " ، فمعناه كما
قال أهل العلم: أسأل صحبتك وقربك في الجنة، وﻻ يقصد به أن يكون
معه في درجة الوسيلة الخاصة به صلى الله عليه وسلم وﻻ أن يساويه في
النعيم.
قال ابن عﻼن الشافعي رحمه الله: " أسألك مرافقتك في الجنة، أي: أن
أكون معك فيها قريباً منك، متمتعاً بنظرك وقربك حتى ﻻ أفارقك، فﻼ
يشكل حينئذٍ بأن منزلة ) الوسيلة( هي خاصة به عن سائر اﻷنبياء، فﻼ
يساويه في مكانه منها نبيّ مرسل، فضﻼً عن غيرهم؛ ﻷن المراد أن تحصل
له مرتبة من مراتب القرب التام إليه، فكنَّى عن ذلك بالمرافقة .([8])"
اللهم إنا نسألك مرافقة نبينا صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد.
رب صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.
اﻷسباب كثيرة، منها:
المتابعة والطاعة
ثبت في المعجم الكبير للطبراني عَنِ ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رَجُﻼ
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ﻷُحِبُّكَ، حَتَّى إِنِّي
ﻷَذْكُرُكَ، فَلَوْﻻ أَنِّي أَجِيءُ فَأَنْظُرُ إِلَيْكَ ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي تَخْرُجُ، فَأَذْكُرُ أَنِّي إِنْ
دَخَلْتُ الْجَنَّةَ صِرْتُ دُونَكَ فِي الْمَنْزِلَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَأُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ
فِي الدَّرَجَةِ. فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ: } وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ {
] النساء/ [69 ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَﻼهَا عَلَيْهِ.
محبة النبي صلى الله عليه وسلم
لحديث الصحيحين، عن أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم عَنْ السَّاعَةِ، فَقال: مَتَى السَّاعَةُ؟ قال: » وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا« ؟
قال: لَا شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم. فَقال:
» أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ .« قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم: » أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ« ، فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ
أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ.
لكن المحب الصادق الذي يناله هذا الفضل من سلك طريقه، واقتفى أثره،
واستنار بنهجه، واهتدى بهديه، أﻻ ترى أن اليهود والنصارى يحبون
أنبياءهم وإنما لم يحظوا بمعيتهم في اﻵخرة لمخالفتهم لهم.
هل يشك أحدٌ في حب أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم؟ قاطعته
قريش فآثر جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لحبه له، لكن لماذا
غاير الله بين مآليهما في اﻵخرة؟ ﻷن أبا طالب لم يتبع النبي صلى الله
عليه وسلم. إذاً المرء مع من أحب، لكن ﻻبد أن تسلك سبيل من أحببت
لتكون معه، ولئﻼ يكون الحبُّ دعوةً جوفاء.
كثرة الصﻼة
في صحيح مسلم، قال رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ رضي الله عنه: كُنْتُ أَبِيتُ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي:
» سَلْ.« فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: »أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ« ؟ قُلْتُ:
هُوَ ذَاكَ. قَالَ: » فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ .«
قال ابن القيم رحمه الله: " وإذا أردت أن تعرف مراتب الهمم فانظر إلى
همَّة ربيعة بن كعب اﻷسلمي رضي الله عنه وقد قال له رسول الله صلى
الله عليه وسلم: »سلني « ، فقال: أسألك مرافقتك في الجنة. وكان غيره
يسأله ما يمﻸ بطنه، أو يواري جلده .([2])"
والحديث دليل على أن مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم ﻻ تنال بالتمني،
فﻼبد من العمل لنيلها.
ومعنى " أسألك مرافقتك في الجنة " أي: سل لي ذلك وادع لي به، ومن
المعلوم قطعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم ﻻ يملك ﻷحد أن يُدخله الجنة.
حسن الخلق
في سنن الترمذي، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: »إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ
أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ،
وَالْمُتَشَدِّقُونَ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ .« قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ
وَالْمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: » الْمُتَكَبِّرُون.«
ومعني: »أقربكم مني مجلساً يوم القيامة « ، أي: " في الجنة؛ فإنها دار
الراحة والجلوس، أما الموقف فالناس فيه قيام لرب العالمين .([3])"
الصﻼة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: » أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَﻼَةً« رواه
الترمذي.
قال المناوي رحمه الله: »"إن أولى الناس بي يوم القيامة :« أقربهم مني
يوم القيامة، وأوﻻهم بشفاعتي، وأحقهم باﻹفاضة من أنواع الخيرات ودفع
المكروهات .([4])"
كفالة يتيم
إنّ اﻹحسان إلى اﻷيتام من أسباب الفوز بأعلى الجنان، ففي الصحيحين عن
سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
» أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا « وأشار بالسبَّابة والوسطى وفرَّجَ
بينهما.
قال النووي رحمه الله: " كَافلُ اليَتيم: القَائِمُ بِأمُوره .([5])"
وقال ابن بطال رحمه الله: "حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به؛
ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وﻻ منزلة في اﻵخرة
أفضل من ذلك .([6])"
ولمسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: » كافل اليتيم له أو لغيره وأنا وهو كهاتين في الجنة.«
قال النووي رحمه الله: »" اليَتِيمُ لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ« مَعْنَاهُ: قَريبُهُ، أَو اﻷجْنَبيُّ
مِنْهُ، فالقَريبُ مِثلُ أنْ تَكْفَلهُ أمُّهُ أَوْ جَدُّهُ أَوْ أخُوهُ أَوْ غَيرُهُمْ مِنْ قَرَابَتِهِ،
والله أعْلَمُ .([7])"
تربية البنات
في اﻷدب المفرد لﻺمام البخاري عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: » من عال جاريتين حتى تدركا، دخلت أنا وهو في
الجنة كهاتين.« وأشار محمد بن عبد العزيز بالسبابة والوسطى.
وفي مصنف ابن أبي شيبة قال صلى الله عليه وسلم: » من كان له أختان
أو ابنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين« وقرن
بين أصبعيه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: » من كان له ثﻼث بنات، أو ثﻼث أخوات، أو بنتان، أو أختان،
فأحسن صحبتهن، واتقى الله فيهن، فله الجنة « رواه الترمذي وأبو داود.
وفي لفظ ﻷبي داود: » فأدبهن، وأحسن إليهن، وزوجهن، فله الجنة.«
الدعاء
والدليل حديث ربيعة الذي طلب إلى النبي صلى االله عليه وسلم أن يسأل
له مرافقته في الجنة.
وفي مسند أحمد، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِذَا ابْنُ مَسْعُودٍ
يُصَلِّي، وَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ النِّسَاءَ، فَانْتَهَى إِلَى رَأْسِ الْمِائَةِ، فَجَعَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ
يَدْعُو وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: » اسْأَلْ تُعْطَهْ،
اسْأَلْ تُعْطَهْ .« ثُمَّ قَالَ: » مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ
بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.« فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ لِيُبَشِّرَهُ، وَقَالَ لَهُ: مَا
سَأَلْتَ اللَّهَ الْبَارِحَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لَا
يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ مُحَمَّدٍ فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ. ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا
بَكْرٍ قَدْ سَبَقَكَ، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ،مَا سَبَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي
إِلَيْهِ.
والسؤال:
هل المرافقة تعني أن المرتبة واحدة؟
الجواب: ﻻ.
ففي صحيح مسلم وغيره، قال صلى الله عليه وسلم: »إذا سمعتم المؤذن
فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صﻼة صلى الله
عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة ﻻ تنبغي
إﻻ لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت
له الشفاعة.«
والحديث يدل على أن أعلى درجات الجنة لن تكون إﻻ لسيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
وأما قول ربيعة رضي الله عنه: " أسألك مرافقتك في الجنة " ، فمعناه كما
قال أهل العلم: أسأل صحبتك وقربك في الجنة، وﻻ يقصد به أن يكون
معه في درجة الوسيلة الخاصة به صلى الله عليه وسلم وﻻ أن يساويه في
النعيم.
قال ابن عﻼن الشافعي رحمه الله: " أسألك مرافقتك في الجنة، أي: أن
أكون معك فيها قريباً منك، متمتعاً بنظرك وقربك حتى ﻻ أفارقك، فﻼ
يشكل حينئذٍ بأن منزلة ) الوسيلة( هي خاصة به عن سائر اﻷنبياء، فﻼ
يساويه في مكانه منها نبيّ مرسل، فضﻼً عن غيرهم؛ ﻷن المراد أن تحصل
له مرتبة من مراتب القرب التام إليه، فكنَّى عن ذلك بالمرافقة .([8])"
اللهم إنا نسألك مرافقة نبينا صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد.
رب صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.