فرحة الاردن
الادارة العامة
تغريبة بني هلال ورحيلهم إلى بلاد الغرب (03)
قصة أبوزيد الهلالي كامله
قصة الدبيسي بن مزيد( الجزء الثالث )
لايقدر العواقب ولا يخشى حلول المصائب، وكان في الشجاعة والفروسية في طبقة علية يفتخر بنفسه ويفضل ذاته على جميع الفرسان في ساحة الميدان ويقول انه اذا ركب الجواد لا يوجد من يقاومه في الحرب والطراد، ولو كان ابو الفوارس عنترة بن شداد، وكان له اربعة وزراء يركن اليهم ويعتقد في اموره عليهم، وهم مقلد وهمام وراشد وسلام وله ولد اسمه مزيد قد سماه على اسم جده وكان يحبه كثيرا، ومن شدة محبته فيه اراد ان يزوجه بابنة اخيه فجمع وزراءه واخبرهم بما قد صمم عليه فاجابو على ذلك المرام ما عدا الوزير همام، فانه كان صاحب راي وتدبير فنهاه عن ذلك في الوقت الحاضر، واعلمه بقدوم بني هلال الى تلك البلاد بالجيوش والعساكر، فانذهل الدبيسي وحار في امره وبينما هو مجلسه دخل عليه الرعيان واخبروه بقدوم بني هلال وانهم ملأوا الأرض بجيشهم فاستشار الدبيسي وزراءه فاشاروا عليه بان يرسل من يستطلع عددهم، فارسل العبد راشد الى مضارب بني هلال، فانذهل مما راى من كثرة الرجال والابطال والفرسان ورجع الى الدبيسي واخبره بما راى فزاد خوفه وفزعه فاستدعى اليه الوزراء واخبرهم بذلك، فلم يجبه احد بكلام، فقال لهم ما بالكم لا ترون الجواب فقال الوزير راشد انه من الواجب ان ترسل لهم كتابا تامرهم بدفع عشر المال مع النوق والجمال، فان امتنعوا عن ذلك نقاتلهم في الحال ونشتتهم في البراري والتلال، فاكتب لهم بهذا الصدد وانا آخذه اليهم وآتيك بالجواب، فاستصوب الملك رايه وكتب لهم كتابا يقول فيه:
يقول الدبيسي والدبيسي مزيد
بدمع جرى فوق الخدود بدود
الا ياغاديا على متن ضامر
تشابه غزالا بالفلاة شرود
اذا جيت عند الهلالي ابو علي
اعطيه مكتوبي تنال سعود
الا يا حسن اسمع كلامي واعتبر
وافهم مني غاية المقصود
فان كان قصدك تجوز بلادنا
فارسل لنا عشر مالك ترود
ارسل لنا الفين حمرة سليلة
والف جواد يامير هدود
والفين سيف يا أمير مسقطة
والف درع من عمل داود
وارسل لنا الجازية ام محمد
مع الست عليا بغية المقصود
وارسل لنا معها بنات امارتك
واحذر تخالف ولا تكون حقود
وان كنت لا تدفع لنا ما ذكرته
فارجع لأرضك واياك تعود
ثم ختم الكتاب واعطاه للوزير راشد، فاذه وسار حتى اشرف على بني هلال فنزل من على الحصان فسلم على السلطان، وعلى باقي الأمراء فردوا عليه السلام والتقوه بالترحاب والاكرام، وامر له بالجلوس فجلس بقربه وسال عن اسمه وعربه فاعلمه بواقعة الحال وعن سبب حضوره الى تلك الاطلال ثم اعطاه الكتاب، فاخذه الأمير وقراه، ولما وقف على حقيقة فحواه غضب الغضب الشديد لكنه اخفى الكمد واظهر الجلد، ثم امر الغلمان ان ياخذوا الوزير الى دار الضيافة، ولما خرج من الديوان التفت اللا الأمراء والأعيان واطلعهم على خطاب الدبيسي الذي طلب فيه عشر المال، فقال ابو زيد انه من الصواب ان تقول للدبيسي ان يمهلنا عشرة ايام ونحن نرسل له طلبه بالتمام ومتى انقضت المدة ولح في الطلب تقول له ليس عندنا مال ولا ذهب سوى الحرب والقتال في ساحة المجال، وبهذه الحال تكون فرساننا قد استراحت من تعب الطريق.
وتبادل الدبيسي وحسن الحوار شعرا، ثم ان حسن طوى الكتاب وختمه في الحال وسلمه الى الوزير فاوصله الوزير الى الدبيسي ودخل وسلم عليه واعطاه الكتاب ففتحه وقراه وعرف ما حواه ففرح واستبشر وايقن بالنجاح وبلوغ الوطر، ولما انتهت العشرة ايام لم ترسل بنو هلال الموال، قال الدبيسي للوزير ها قد مضت المدة المعينة ولم نقف على افادة ولا وردت الأموال، فيجب ان تسير اليه وتطلب منهم ان يبادروا بارسالها في الحال والا حاربناهم وانزلنا بهم الوبال فامتثل الوزير امره وسار الى صيوان الأمير حسن ودخل وسلم عليه، ثم جلس قليلا وبعد ذلك طالبه بالمال، ولامه على ذلك الاهمال، فقالت السادات ارجع الى مولاك وقل له ليس عندنا مال ولا نوق ولا جمال، غير ضرب السيف وطعن النصال، فاغتاظ الوزير من هذا الكلام ورجع الى مولاه واخبره بما سمعه من القوم فزاد غيظ الدبيسي، وامر الرؤساء والقادة بجمع العساكر والاجنا، فعند ذلك دقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيل واعتقلت بالرماح وخفقت الرايات وركبت الابطال باربع مائة الف مقاتل.
فقال: انا دياب المصادم وصاح فيه؛ وهجم عليه فالتقاه الفارس كالاسد الكاسر، وجرى بينهما حروب واهوال تشيب رؤوس الاطفال وبعد ذلك اختلف بينهما ضربتان قاطعتان، وكان السابق الأمير دياب لأنه اعلم في اصول الحرب واخبر في مواقع الطعن والضرب، فوقعت الضربة على هامه فقدته نصفين، ثم سال وجال وطلب مبارزة الابطال، فبرز اليه فارس آخر فقتله وثان جندله وثالث عجل الى المقابر مرتحله، وما زال يبارز الفرسان والابطال ويمددها على وجه الرمال الى وقت الزوال، دقت طبول الانفصال وبات الفريقين يتحارسان تحت مشيئة الرحمن، ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح، برز الأمير دياب الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه الوزير راشد، فالتقاه الأمير دياب بقلب كالحديد، ثم التقى البطلان كانهما جبلان او اسدان كاسران، وحان عليهما الحين وغنى على راسيهما غراب البين ولم تكن الا ساعة من الزمان، حتى استطال عليه دياب في الميدان وطعنه بالرمح في صدره، خرج يلمع من ظهره فوقع على الارض قتيلا وفي دمه جديلا، فلما قتل الوزير راشد هجمت جموع الدبيسي بقلب واحد فتلقتهم بنو هلال بقلوب كالجبال واشتد بين العسكرين القتال، وعظمت الاهوال، فما كنت ترى الا وقع السيوف على السيوف وقتال يشيب الاطفال، وما زال القوم على تلك الحال وهم في اشد القتال الى وقت الزوال، فعد ذلك دقت طبول الانفصال فتاخرت عساكر الدبيسي خاسرة ورجعت بنو هلال ظافرة، وفي ثاني الايام دقت طبول الحرب والكفاح، فركبت الفرسان واعتقلت بالسيوف والرماح وبرز الأمير دياب فصال وجال في ساحة المجال، وطلب مبارزة الأبطال فبرز اليه الوزير محمود فالتقاه الأمير دياب بقلب شديد.
ثم ان الوزير هم على دياب فالتقاه دياب بقلب شديد وهجم عليه هجوم الصناديد، واشتد بينهما القتال في ساحة المجال، فاختلف بين الاثنين ضربتان قاطعتان وكان السابق الوزير محمود، فغطس دياب تحت الخضرا فراحت الضربة خائبة، ثم انتصب الأمير دياب وهجم عليه سبع الغب فضربه بالسيف عل هامه، فقطعه نصفين وكان له اخ يدعى الهداف، فلما راى اخاه قد مات زادت عليه الحسرات فهجم على الأمير دياب لياخذ بثأر اخيه فالتقاه الأمير دياب في الميدان بقلب اقوى من الصوان، وجرى بينهما حروب واهوال تشيب رؤوس الاطفال، واستمرا على تلك الحال وهما في اشد القتال، الى ان ولى النهار واقبل الليل، فوقفا عن القتال وباتت العساكر في البطاح، ولما اصبح الصباح دقت طبول الحرب والكفاح وبرز الهداف الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه دياب وصدمه كليث الغاب، فالتقاه الهداف وهجم عليه الاسد الرئبال، وما زالا في اشد قتال وطعان يذهل العقول الشجعان، الى ان انتصف النهار وكان ان استظهر عليه دياب وضربه على عنقه بالسيف البتار فقطعه نصفين والقاه في ساحة المجال، فلما رات جموع الدبيسي ما حل بوزيرها، هجمت على دياب، فعند ذلك هجمت بنو هلال من اليمين والشمال، والتقت الرجال بالرجال، وجرى الدم وسال من شدة الحرب والقتال، وما زالوا على تلك الحال الى وقت الزوال، فدقت طبول الانفصال وباتت بنو هلال في سرور، وبات الدبيسي في قلق وضجر لأنه قد قتل الشجعان الملك الدبيسي، فصال وجال في ساحة المجال ونادى اين فرسان بني هلال، فلتبرز الآن الى ساحة القتال، فما تم كلامه حتى صار الأمير دياب قدامه وانشد شعرا يهدد به الدبيسي فاغتاظ الدبيسي منه، ورد عليه فاغتاظ دياب بدوره وانطبق عله، وفعل الدبيسي مثل ما فعل واخذا في الحرب والقتال وجرى بينهما عجائب واهوال، الى ان ولى النهار واقبل الليل بالاعتكار، فافترقا عن بعضهما البعض وعند رجوع الأمير دياب من معركة الصدام التقاه الأمير حسن باعزاز واكرام وشكره على ما فعل، وقال له لا تنزل غدا الى الميدان لأن لك عدة ايام في الحرب والصدام والدبيسي مرتاح ثم ختم الكلام بهذا الشعر والنظام:
قال الفتى حسن الهلالي ابو علي
الدمع من فوق الخدود سيولا
يامرحبا بك يا دياب الغانم
يا فارس الفرسان يوم الهولا
يا فارس الفرسان يا ليث العدا
يا ليت عمرك يا امير يطولا
يا امير انك قد قتلت لراشد
وسلام اضحى ميتا مقتولا
اما الفتى محمود ولى وانمحى
واخوه هدافا غدا مجدولا
فقهرتهم يوم الوغى حتى غدوا
قتلى بحد الصارم المصقولا
واليوم قد نزل الدبيسي صادمك
في حومة الميدان مثل الغولا
يا امير دع غيرك في غدا ينازله
فاسمع كلامي وافهم المنقولا
اخاف توقع يا دياب بغدره
تضحى صريعا في الفلا مقتولا
يتبع
قصة الدبيسي بن مزيد( الجزء الثالث )
لايقدر العواقب ولا يخشى حلول المصائب، وكان في الشجاعة والفروسية في طبقة علية يفتخر بنفسه ويفضل ذاته على جميع الفرسان في ساحة الميدان ويقول انه اذا ركب الجواد لا يوجد من يقاومه في الحرب والطراد، ولو كان ابو الفوارس عنترة بن شداد، وكان له اربعة وزراء يركن اليهم ويعتقد في اموره عليهم، وهم مقلد وهمام وراشد وسلام وله ولد اسمه مزيد قد سماه على اسم جده وكان يحبه كثيرا، ومن شدة محبته فيه اراد ان يزوجه بابنة اخيه فجمع وزراءه واخبرهم بما قد صمم عليه فاجابو على ذلك المرام ما عدا الوزير همام، فانه كان صاحب راي وتدبير فنهاه عن ذلك في الوقت الحاضر، واعلمه بقدوم بني هلال الى تلك البلاد بالجيوش والعساكر، فانذهل الدبيسي وحار في امره وبينما هو مجلسه دخل عليه الرعيان واخبروه بقدوم بني هلال وانهم ملأوا الأرض بجيشهم فاستشار الدبيسي وزراءه فاشاروا عليه بان يرسل من يستطلع عددهم، فارسل العبد راشد الى مضارب بني هلال، فانذهل مما راى من كثرة الرجال والابطال والفرسان ورجع الى الدبيسي واخبره بما راى فزاد خوفه وفزعه فاستدعى اليه الوزراء واخبرهم بذلك، فلم يجبه احد بكلام، فقال لهم ما بالكم لا ترون الجواب فقال الوزير راشد انه من الواجب ان ترسل لهم كتابا تامرهم بدفع عشر المال مع النوق والجمال، فان امتنعوا عن ذلك نقاتلهم في الحال ونشتتهم في البراري والتلال، فاكتب لهم بهذا الصدد وانا آخذه اليهم وآتيك بالجواب، فاستصوب الملك رايه وكتب لهم كتابا يقول فيه:
يقول الدبيسي والدبيسي مزيد
بدمع جرى فوق الخدود بدود
الا ياغاديا على متن ضامر
تشابه غزالا بالفلاة شرود
اذا جيت عند الهلالي ابو علي
اعطيه مكتوبي تنال سعود
الا يا حسن اسمع كلامي واعتبر
وافهم مني غاية المقصود
فان كان قصدك تجوز بلادنا
فارسل لنا عشر مالك ترود
ارسل لنا الفين حمرة سليلة
والف جواد يامير هدود
والفين سيف يا أمير مسقطة
والف درع من عمل داود
وارسل لنا الجازية ام محمد
مع الست عليا بغية المقصود
وارسل لنا معها بنات امارتك
واحذر تخالف ولا تكون حقود
وان كنت لا تدفع لنا ما ذكرته
فارجع لأرضك واياك تعود
ثم ختم الكتاب واعطاه للوزير راشد، فاذه وسار حتى اشرف على بني هلال فنزل من على الحصان فسلم على السلطان، وعلى باقي الأمراء فردوا عليه السلام والتقوه بالترحاب والاكرام، وامر له بالجلوس فجلس بقربه وسال عن اسمه وعربه فاعلمه بواقعة الحال وعن سبب حضوره الى تلك الاطلال ثم اعطاه الكتاب، فاخذه الأمير وقراه، ولما وقف على حقيقة فحواه غضب الغضب الشديد لكنه اخفى الكمد واظهر الجلد، ثم امر الغلمان ان ياخذوا الوزير الى دار الضيافة، ولما خرج من الديوان التفت اللا الأمراء والأعيان واطلعهم على خطاب الدبيسي الذي طلب فيه عشر المال، فقال ابو زيد انه من الصواب ان تقول للدبيسي ان يمهلنا عشرة ايام ونحن نرسل له طلبه بالتمام ومتى انقضت المدة ولح في الطلب تقول له ليس عندنا مال ولا ذهب سوى الحرب والقتال في ساحة المجال، وبهذه الحال تكون فرساننا قد استراحت من تعب الطريق.
وتبادل الدبيسي وحسن الحوار شعرا، ثم ان حسن طوى الكتاب وختمه في الحال وسلمه الى الوزير فاوصله الوزير الى الدبيسي ودخل وسلم عليه واعطاه الكتاب ففتحه وقراه وعرف ما حواه ففرح واستبشر وايقن بالنجاح وبلوغ الوطر، ولما انتهت العشرة ايام لم ترسل بنو هلال الموال، قال الدبيسي للوزير ها قد مضت المدة المعينة ولم نقف على افادة ولا وردت الأموال، فيجب ان تسير اليه وتطلب منهم ان يبادروا بارسالها في الحال والا حاربناهم وانزلنا بهم الوبال فامتثل الوزير امره وسار الى صيوان الأمير حسن ودخل وسلم عليه، ثم جلس قليلا وبعد ذلك طالبه بالمال، ولامه على ذلك الاهمال، فقالت السادات ارجع الى مولاك وقل له ليس عندنا مال ولا نوق ولا جمال، غير ضرب السيف وطعن النصال، فاغتاظ الوزير من هذا الكلام ورجع الى مولاه واخبره بما سمعه من القوم فزاد غيظ الدبيسي، وامر الرؤساء والقادة بجمع العساكر والاجنا، فعند ذلك دقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيل واعتقلت بالرماح وخفقت الرايات وركبت الابطال باربع مائة الف مقاتل.
( قال الراوي ):
فلما ركب الدبيسي ومعه العسار والاجناد، طالبا ديار بني هلال، اقترب منهم فالتقوا به ودنو من بعضهم، فبرز من فرسان الدبيسي فارس كانه الاسد الكاسر اسمه الامير خاطر، فبرز اليه دياب فقال له: من تكون من بني هلال؟
فقال: انا دياب المصادم وصاح فيه؛ وهجم عليه فالتقاه الفارس كالاسد الكاسر، وجرى بينهما حروب واهوال تشيب رؤوس الاطفال وبعد ذلك اختلف بينهما ضربتان قاطعتان، وكان السابق الأمير دياب لأنه اعلم في اصول الحرب واخبر في مواقع الطعن والضرب، فوقعت الضربة على هامه فقدته نصفين، ثم سال وجال وطلب مبارزة الابطال، فبرز اليه فارس آخر فقتله وثان جندله وثالث عجل الى المقابر مرتحله، وما زال يبارز الفرسان والابطال ويمددها على وجه الرمال الى وقت الزوال، دقت طبول الانفصال وبات الفريقين يتحارسان تحت مشيئة الرحمن، ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح، برز الأمير دياب الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه الوزير راشد، فالتقاه الأمير دياب بقلب كالحديد، ثم التقى البطلان كانهما جبلان او اسدان كاسران، وحان عليهما الحين وغنى على راسيهما غراب البين ولم تكن الا ساعة من الزمان، حتى استطال عليه دياب في الميدان وطعنه بالرمح في صدره، خرج يلمع من ظهره فوقع على الارض قتيلا وفي دمه جديلا، فلما قتل الوزير راشد هجمت جموع الدبيسي بقلب واحد فتلقتهم بنو هلال بقلوب كالجبال واشتد بين العسكرين القتال، وعظمت الاهوال، فما كنت ترى الا وقع السيوف على السيوف وقتال يشيب الاطفال، وما زال القوم على تلك الحال وهم في اشد القتال الى وقت الزوال، فعد ذلك دقت طبول الانفصال فتاخرت عساكر الدبيسي خاسرة ورجعت بنو هلال ظافرة، وفي ثاني الايام دقت طبول الحرب والكفاح، فركبت الفرسان واعتقلت بالسيوف والرماح وبرز الأمير دياب فصال وجال في ساحة المجال، وطلب مبارزة الأبطال فبرز اليه الوزير محمود فالتقاه الأمير دياب بقلب شديد.
ثم ان الوزير هم على دياب فالتقاه دياب بقلب شديد وهجم عليه هجوم الصناديد، واشتد بينهما القتال في ساحة المجال، فاختلف بين الاثنين ضربتان قاطعتان وكان السابق الوزير محمود، فغطس دياب تحت الخضرا فراحت الضربة خائبة، ثم انتصب الأمير دياب وهجم عليه سبع الغب فضربه بالسيف عل هامه، فقطعه نصفين وكان له اخ يدعى الهداف، فلما راى اخاه قد مات زادت عليه الحسرات فهجم على الأمير دياب لياخذ بثأر اخيه فالتقاه الأمير دياب في الميدان بقلب اقوى من الصوان، وجرى بينهما حروب واهوال تشيب رؤوس الاطفال، واستمرا على تلك الحال وهما في اشد القتال، الى ان ولى النهار واقبل الليل، فوقفا عن القتال وباتت العساكر في البطاح، ولما اصبح الصباح دقت طبول الحرب والكفاح وبرز الهداف الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه دياب وصدمه كليث الغاب، فالتقاه الهداف وهجم عليه الاسد الرئبال، وما زالا في اشد قتال وطعان يذهل العقول الشجعان، الى ان انتصف النهار وكان ان استظهر عليه دياب وضربه على عنقه بالسيف البتار فقطعه نصفين والقاه في ساحة المجال، فلما رات جموع الدبيسي ما حل بوزيرها، هجمت على دياب، فعند ذلك هجمت بنو هلال من اليمين والشمال، والتقت الرجال بالرجال، وجرى الدم وسال من شدة الحرب والقتال، وما زالوا على تلك الحال الى وقت الزوال، فدقت طبول الانفصال وباتت بنو هلال في سرور، وبات الدبيسي في قلق وضجر لأنه قد قتل الشجعان الملك الدبيسي، فصال وجال في ساحة المجال ونادى اين فرسان بني هلال، فلتبرز الآن الى ساحة القتال، فما تم كلامه حتى صار الأمير دياب قدامه وانشد شعرا يهدد به الدبيسي فاغتاظ الدبيسي منه، ورد عليه فاغتاظ دياب بدوره وانطبق عله، وفعل الدبيسي مثل ما فعل واخذا في الحرب والقتال وجرى بينهما عجائب واهوال، الى ان ولى النهار واقبل الليل بالاعتكار، فافترقا عن بعضهما البعض وعند رجوع الأمير دياب من معركة الصدام التقاه الأمير حسن باعزاز واكرام وشكره على ما فعل، وقال له لا تنزل غدا الى الميدان لأن لك عدة ايام في الحرب والصدام والدبيسي مرتاح ثم ختم الكلام بهذا الشعر والنظام:
قال الفتى حسن الهلالي ابو علي
الدمع من فوق الخدود سيولا
يامرحبا بك يا دياب الغانم
يا فارس الفرسان يوم الهولا
يا فارس الفرسان يا ليث العدا
يا ليت عمرك يا امير يطولا
يا امير انك قد قتلت لراشد
وسلام اضحى ميتا مقتولا
اما الفتى محمود ولى وانمحى
واخوه هدافا غدا مجدولا
فقهرتهم يوم الوغى حتى غدوا
قتلى بحد الصارم المصقولا
واليوم قد نزل الدبيسي صادمك
في حومة الميدان مثل الغولا
يا امير دع غيرك في غدا ينازله
فاسمع كلامي وافهم المنقولا
اخاف توقع يا دياب بغدره
تضحى صريعا في الفلا مقتولا
يتبع