• مرحبًا بكم في منصة منتديات صقر الجنوب التعليمية!
    أهلا ومرحبا بكم في مجتمعنا أنت حاليا تشاهد المعهد كزائر و التي لاتعطيك سوى خيارات التصفح المحدودة الاشتراك لدينا مجاني ولايستغرق سوى لحظات قليلة حتى تتمكن من المشاركة والتفاعل معنا

قصة أبوزيد الهلالي وتغريبة بني هلال كامله الجزء الأول

فرحة الاردن

الادارة العامة
إنضم
18 ديسمبر 2011
المشاركات
20,820
مستوى التفاعل
443
النقاط
83
الإقامة
الاردن
قصة أبوزيد الهلالي وتغريبة بني هلال كامله


قصة أبوزيد الهلالي كامله



نبداء بالجزء الآول وننتهي بالجزء الرابع والعشرون

قصة أبوزيد الهلالي كامله (24 جزء)


الجزء الأول

قصة مغامس مع شاه الريم


كانت بلاد نجد من اخصب بلاد العرب،كثيرة المياه والغدران و السهول و الوديان حتى كانت تذكرها شعراء الزمان بالاشعار الحسان وتفضلها على غيرها نظرا لحسن هواها.وما زالت على رونقها حتى تغير قطرها واضمحل وعمت البلاد المجاعة من جميع الجهات وشتدت على بني هلال،فأجتمعت المشايخ والشباب وقصدوا مضارب الامير حسن بن سرحان فدخلوا وسلموا عليه وقالوا له اعلم يا ملك الزمان بأن الجوع قد اشتد وانقطعت الماكولات من نجد،فان لم نتدارك الامر في الحال انقرضت جميع بني هلال وفقدت المواشي و الاموال.

فلما سمع حسن هذا الخطاب استعضم المصاب،وكان عنده جماعة من السادات الامجاد،والفرسان الصناديد، منهم البطل الهمام ابو زيد فارس الصدام، و الامير دياب ابن غانم البطل المقام،و القاضي بدر بن فايد السيد الماجد،فاخدوا يتذاكرون في هذا الشان نحو ساعة من الزمان فاستقر رايهم على الرحيل من تلك الديار قبل حلول الدمار،ثم قال الامير حسن لاكابر القوم نقوما بنا نتخفي ونتفقد احوال القبيلة في هذا اليوم،فتنكروا في الحال حتى لا يعرفهم احد وركبوا ظهور الجمال وطافوا في المضارب والخيام مدة ثلاثة ايام حتي دارو على القبيلة ولم يجدوا من يدعوهم الى ضيافته لانه لم يكن عند احد عشا ليلة، واتفق انهم في اليوم الرابع اشرفا على سهل وفيه مضارب وخيام وحواشي وخدام كبير شهير اسمه مفرج بن نصير، وكان وافقا عند الابواب وهو في حالة الذل و الاضظراب وعيناه تذرفان الدموع من شدة الجوع، فحيوه بالسلام ووقروه بالكلام،وقالوا له يا ايها السيد اتقبل ضيوفا قد قصدوك من ابع اقليم من اكبر سادات العشيرة وافضالك بين الناس معروفة شهيرة،فخجل من حديثهم وكلامهم ولم يجد بدا من اكرامهم، فقال اهلا وسهلا بالضيوف فشرفوا محلكم فنزلوا عن ظهور الجمال ودخلوا الى خيامه وكان لمفرج زوجة يقال لها مي، فقال لها اذهبي الان واقصدي بيت ابيك شيبان،لعلك تجدين شيئا من انواع الطعام تاتين به الى ضيوفنا الكرام، لانهم قصدونا دون باقي العربان من ابعد مكان.

فلما سارت الى بيت ابيها وطلبت منه شيئا من الطعام، قال و الله يا ابنتي ما دخل بيتنا طعام من ثلاثة شهور،واني خجلان من منك فاعذريني بالقصور، فلما سمعت كلامه رجعت في الحال واعمت زوجها بذلك المقال وانشدت شعرا اعلمت فيه الى زوجها ان يبع ابنتهما ليعتري الضيوف.

فلما فرغت من شعرها قال لها زوجها نعم الراي و التدبير، فقومي الان اصلحي من شانها والبسيها ثياب الحرير،حتى ادور في الفبيلة جميعها وادلل عليها وابيعها، فقامت والبستتها احسن ثياب وعطرتها بافخر الاطاياب،فتعجب الامير حسن وابو زيد ودياب وقالوا هذا الامر غريب وحادث عجيب، ولكنهم صبروا حتى ينظروا ماذا يجري. واما الامير مفرج فانه نهض في الحال وطاف بابنته انحاء بني هلال وهو ينادي ويقول: يا اهل الفضل والمعروف من يشتري ابنتي الثريا بعشاء اريعة ضيوف وكان كل من ينضر اليها ويتامل فيها يتحسر على جمالها وحسن معانيها ويقول،اذا اشتريناها ماذا نطعمها ونسقيها،ولما لم يجد ابوها من يشتريها ارجعها الى المضارب،فقالت زوجته علامك ما بعنها يا امير،فقال لم اجد من يشترريها مني لا بقليل ولا بكثير نفقالت له اذهب بها الى الامير حسن امير القبيلة فانه يشتريها منك ولو بعشاء ليلة،فاخذها وسار فعند ذلك خرج الامير حسن من المضارب وسبقه وسار الى صيوانه بدون ان يراه احد من اهل الامير مفرج،واما الامير مفرج وابنته لما دخل سلم عليه وقبل يديه وانشد يقول:

يقول الفتي المدعـو امير مفرج
ولي قلب موجوع وزاد افكار
ايامير اتانا ضيةف جازوا محلـنا
وداروا هلال كبارها مع صغار
وما عـندنا بالبـيت شي نقـيهم
ولا مرتـع للدود و الاطـيار
اخذت الى ابنتي ودرت نجوعهـم
ودرت ميامينها ودرت يســار
فلم اجـد مـنهم مـن يشتريـها
واضيافي قد تـركتهـم بالـدار
يا امير ساعدني واجبر بخاطري
يجيرك الهي من عـذاب النـار
وخـذ بنتـي واكسـب الـثنـا
وجد لـي بمال يزيل عنا العـار


فلما فرغ الامير مفرج من الشعر و النظام، طيب الامير حسن خاطره واحترمه غاية الاحترام ثم امر له بقنطار من الطحين وان يرجع بابنته الى خيمته فشكره على ذلك الاحسان ورجع بالصبية وهو فرحان، ولما ابتعد وغاب عن المضارب والقباب،نهض الامير حسن بالعجل وتزيا بزيه الاول وركب مطيه وسار الاى بيت مفرج فوصل قبله، واعلم الامير ابو زيد بما فعله، ولما وصل مفرج اعلم زوجته بما ناله من الانعام وبلوغ القصد و المرام،ثم قال لها قومي الان وضعي العشاء حتى تأكل ضيوفنا وتتعشى،فبادرت في الحال وعجنت وخبزت وقدم مفرج خلزا الى الضيوف بدون ادام. وقال لفضلوا وكلوا ولا تواخذونا بالقصور فاني والله معذور، فقال ابو زيد: لو جلست معنا، كنا في غنا من هذا التعب والعناء، لانه يوجد معي من الزاد ما يسد به رمق الفواد. ثم مد يده الى الخرج وافرغه على سفرت الطعام، فشكره مفلرج على ذلك الاهتمام وجلس معهم يباسطهم بالكلام ثم تركهم ورجع الى فراشه ونام، وهم ناموا الى طلوع النهار فركبوا مطايهم وقصدوا جوانب الفقار.

ولما اقتربوا من وادي سلامة سمعوا صياحا وضجيجا مثل يوم القيامة فتقدموا على الاثر ليكشفوا حقيقة الخبر ولما ساروا في ذلك المكان وجدوا جمهورا من الرجال والشبان والنساء والصبيان يصيحون من قلب وجوع من شدة الجوع فتقدم الامير حسن اليهم وقد اشفق عليهم فطيب خاطرهم بالكلام وفرق عليهم جوائز الانعام ثم سارو الى المضاب والخيام واستدعي اليه سادات القبيلة و اكابر الجماعة وجعلوا يتفاوضون في امر المجاعة، فاتفق رايهم بوجه الاجمال على ان يرحلوا من تلك الاطلال بالاهل و العيال،وان يذهب ابو زيد الى بلاد الغرب وتلك الديار فيجس الاحوال، ويأتيهم بحقيقة الاخبار، ثم يرحلون بأولادهم واثقالهم الى تلك الاقطارفقال ابو زيد للأمير حسن، لا يخفاك أطال الله عمرك وأبقاك، أن المسافة، بعيدة طويلة فيلزم أاان يكون معي جماعة من ساادات القبيلة، فقال دياب هذا الامر من اسهل الامور فخذ معك من تريد من الجمهور فقال ابو زيد متى طلع النهار يوفق الله من يشاء ويختار ثم عاد الى الخيام في قلق و اهتمام فقامت له زوجته على الاقدام وقالت له بكلام الدلال مالي اراك منقبض الوجه يا ابا الابطال،فاعلمها بوافعة الحال وكيف اتفق رايهم على ارساله لتونس ولا يوجد من يعتمد عليه لياخذه على سبيل المعاونة و المؤانسة، واني قد رهنت لساني مع القوم على ان اذهب ثاني يوم فقالت له ارشدك على حيلة تتخلص بها من هذه السفرة الطويلة، وهو انك عند الصباح تدخل على الامير حسن وسادات القبيلة وتقول بانك مستعد ان تذهب الى تونس بشرط ان يرسلوا معك مرعي ويحيي ويونس، فأنهم من ابناء الاعيان ولا تسمح بهم اهلهم ان يتغربوا عن الاوطان، وبهذه الوسيلة يكون عذرك واضحا عند سادات القبيلة، فاستصوب منها هذا الكلام وفي ثاني الايام ذهب الى عند الامير حسن فالتقاه بالاكرام وقال، هل استعديت على الرحيل فقال انني في غاية الاستعداد للذهاب الى تلك البلاد ن غير اني اريد ان يكون معي رفقاء و اصحاب من سادات الاعراب لان المسافة بعيدة ومشقات الطريق شديدة، فقال الامير حسن خذ معك من تريد من الفرسان الصناديد فقال، اريد ان اخذ معي يونس و يحيي و مرعي لانهم يعاونونني في الطريق عند كل شدة وضيق، وبهم يحصل النجاح و التوفيق واعود اليكم سريعا بلا تعويق ن فاستعضم الامير حسن هذا الطلب خوفا عليهم من العطب، وكان يظن بان ابا زيد يطلب غيرهم من فرسان العرب، و لكنه سمح له اخيرا بعد ان حدثهم بذلك الخبر، و في اليوم الثالث تجهزوا للسفر و ركب الامير حسن بن سرحان في سادات القبيلة و اكابر الاعيان وساروا لوداعهم مدة ثلاثة ايام على التمام، ولما عزموا على الرجوع الى الاطلال و الربوع بكوا من فؤاد متبول و اشار ابو زيد يقول:

يقول ابو زيد الهلالي سلامة
ونيران قلبي زايدت اللهايب
وعيني من كثر البكا قل شوفها
جري دمعها فوق خدي سكايب
اسمع كلامي يا امير ابو على
وكن لقولي فاهما ثم حاسب
غدونا بعون الله جل جلاله
نرود دروب الغرب يم المغارب
وفي صحبيتي مرعي ويحيي ويونس
من اجلهم ذا النجع باكي وناحيب
وعليا عيوني يا عرب في حيكم
و صبرا وريا طويلات الذوايب
يا ابو على بالك عليهم من العدا
اذا هاجت الفرسان بين المضارب
اودعتكم لله ربي وخالقي
ومن يلتجي لله ما راح خايب


فلما فرغ ابو زيد من شعره ونظامه، وفهم الامير حسن وباقي الامراء معاني كلامه، تقدم حسن امام قواده وجعل يوصي ابو زيد بالاولاد ثم بكي وقال:

يقول الفتي حسن الهلالي ابو على
دمعي جري فقوق خدي سكايب
ونيران قلبي كلما اقول تنطفي
يزبد لها بين الضلوع لهايب
لفرقة مرعي صار قلبي ذائبا
اصبحت كالسكران للخمر شارب
ويحيي ويونس نور عيني وضوها
على بعدهم دمعات عيني سكايب
فارقتهم ما كان قصدي فراقهم
ولكن احوجتني لذاك مطالب
ايا هل تري مرعي اراه بناظري
وتزول ايام العنا والمتاعب
ايا دهر يا غدار ما لك غدرتني
ففارقت خلاني وكل الحبايب
اودعتكم لله ربي وخالقي
ومن اودع الرحمن ما راح خايب
اوصيكم المزح لا تمزحونه
فانه باكثر الاوقات غير صائب
واذا اردتم تدخلون مدينه
فيونس تراه يشتري ويحاسب
واذا جادلتم عالما بطريقكم
فمرعي على ذاك الجدال يجاوب
وابقوا ليحيي حارسا لجمالكم
فانه سيحميها من الاغارب
ومن يم عليا منور عيني ومهجتي
وصبرا وريا اعز كل الحبايب
هذي وصايا احفظوها جميعا
فان كلامي كله قول صائب
وهذه مقالات الامير ابو على
فقلبي ذاب من هول المصائب



يتبع


 

فرحة الاردن

الادارة العامة
إنضم
18 ديسمبر 2011
المشاركات
20,820
مستوى التفاعل
443
النقاط
83
الإقامة
الاردن
فلما فرغ الامير حسن من هذا الشعر و النظام، بكى كل من كان حاضر ثم تقدمت امراته الست نافلة، اخت الامير دياب وهي في بكاء و انتحاب وجعلت توصي الامير ابو زيد بولدها مرعي وتقول:

تقول فتاة الحي نافلة النسا
بكيت على الفرقا وما قد جرا لها
ابوزيد لا تترك لمرعي وحده
فان غاب مرعي غاب عقلي وزالها
وحافظ عليه في الصباح وفي المسا
وداريه من الاخطار وامنع وبالها
فكم يوما من نجد لبلاد تونس
فاعلمني حتي اعد ليالها
فيا ليت نجد ارضها ما امحلت
و لا راح مرعي للمغارب جالها



فلما فرغت الاميرة نفالة من كلامها، تقدم الامراء فودعوهم ثم رجعوا الى بلادهم وسار الامير ابو زيد يقطع البراري و الفقار و يوصل سير الليل بسير النهار، قاصدا ولتك الديار، واما الامير حسن فانه قال مرادي اكتب تاريخ هذه الزيارة حتي تبقي ذكررا للجميع، فاستدعي الامير زيد بن مانع وكان كاتم اسراره وكاتب الوقائع فلما حضر امره بتسجيل بعض الابيات.

فلم انتهي الامير حسن من هذه الابيلت و سمعها السادات الكرام استحسنوها غاية الاستحسان، وسجلها زيد بن مانع في الديوان لتبقى لهم ذكري في طول الزمان، وكانت جميع النساء والبنات و الامراء و السادات تدعة لرب السماوات في اكثر الاوقات وتطلب منه نجاح ابة زيد في تونس ورجوعه سالما مع مرعي ويخيي ويونس، هذا ما كان من امر القبيلة و الامير حسن. واما ما كان من ابو زيد فانه بعد رحيله من الوطن مازال مجا في المسير حتي اشرف على بلاد حزوة و النير، وهي بلاد كثيرة الخيرات واسعة الاراضى والجهات وكان الحاكم عليها في ذلك الزمان ملك عظيم الشان صاحب ابطال وفرسان اسمه الدبيسي بن مزيد، فقصده ابو زيد وسلم عليه وتمثل بين يديه ووقف مرعي ويحيي ويونس حوليه، فقال ابو زيد اطال الله عمرك و رفع مقامك فانك وحيد العصر و اولى بالمديح والشكر، فلما سمع منه هذا الكلام قال له من أي بلاد انت. قال نحن شعراء حجازية نقصد الامراء الاجاويد ونمدح الملوك الاماجيد فناخذ عطاهم وننقل ثناهم، فقصدناك الان لنمدحك دون غيركم ونشكر فضلك وجزيل خيرك، لاننا سمنعا بجودك وكرمك ومن التفاق الغريب و الامر العجيب اننا مررنا على نجد وتلك الاوطان، مدحنا اميرها حسن بن سرحان فاجازنا بالجوائز السنية وخلع علينا الخلع الملوكية، وتلك البلاد الان في غلية الضيق من شدة المحن وعدم وجود القوت و الدقيق، ثم ان ابو زيد بعد هذا الخطاب عدل الرباب واشار يمدح الدبيسي ويعلمه عن احوال نجد بانشاد الوان القصيد.

قال الراوي فلما سمع الدبسيي منهم الشعر و النضام اكرمهم غاية الاكرام، وقال لهم مرحبا يا وجوه العرب ثم انزلهم في احسن الخيام و اقاموا عنده عشرة ايام، وكان ابو زيد في هذه المدة قد عرف احوال البلاد و وما فيها من عساكر واجناد، وميز مراكزها وجميع ضواحيها وبعد ذلك ودع الدبيسي ورحل من ذلك البلد وهو قاصد بلاد المغارب، وقد جدوا بالمسير و سابقوا بجنودهم الطير وما زالوا يقطعون البراري و الاجام مدة تسعة ايام، وكانوا يستريحون بالنهار ويقطعون الفلاو تحت ظلام الاعتكار، حتى وصلوا الى بلاد العمق وهي بلاد الامير مغامس، وكان دخولهم في الليل الدامس، ولما اقتربوا من الابيات سمعوا اصوات المولدات ودق طبول وزمور تدل على فرح وسرور، فقال ابو زيد لاصحابه ابشروا بالخير فان اهل الخير مشغولون بعرس لهم ومن الصواب ان نقصدهم ونصرف هذا اليوم عندهم( قال الراوي وكان السبب في ذلك انه كان اخاني اميران من اكابر الاعيان اسم الواحد عامر و الثاني ابو الجود و كان للامير عامر ولد اسمه مغامس جميل المنظر وكان لابي الجود بنت اسمها شاة الريم وكانت في الحسن على جانب عظيم، فأتفق ابو الجود على اب يجوزها لمغامس ابن اخيه لانه يحبه وهكذا تم الاتفاق و صار تقديم المهر و الصداق، وكان لهاذين الاميريين عدو من ملوك العربان يقال له نبهان، فغار بجنوده ذات يوم على هولاء، فالتقاه ابو الجود و الامير عامر بالابطال و العساكر وجرت بينهم حروب تشيب رؤوس الاطفال، انجرح فيها الامير عامر وقتل ابو الجود وكان للامير عامر عبد من الشجعان الصناديد يقال له سعيد كان يرعى الجمال بين الروابى و التلال، فلما راي تلك الخال وما خصل بمولاه من الوبال، ركب ظهر الحصان وهجم على نبهان وتبعته الابطال و الفرسان، بقلوب اقوي من الصوان ولم يكن غير ساعة من الزمان حتي طعنه بالمح بين بزيه، فالقاه على الارض يتخبط بعضه ببعض ثم انصب على جيش الاعداء فهزمه في تلك البيداء و بعد ذلك رجع الى القبيله بغائم جزيله فالتقته النساء بالنشائد و المدح الرائد وشكرته الرجال على تلك القتال و اكرموه غاية الاكرام، وفي اليوم الثالث اشتد على الامير عامر الالم حتى صار في حال العدم، فاستقر رايه على ان يقيم عبد سعيدا مكانه لبينما يكبر ابنه مغامس ويرتفع بين الناس قدره وشانه، فجمع اكابر الديوان وقواد الفرسان واعلمهم بذلك الشان ثم احضر سعيدا وقال له بحضور السادات الاماجيد، اعلم ايها الفارس الصنديد، اني قد اقمتك مكاني كلكا على هذه الاقليم بينما يكبر ابني مغامس فتزوجه بابنته عمه شاه الريم ويصير هو الامير وتكون انت له من جمله الوزراء و الاعيان.( قال الراوي) فلما انتهى عامر من كلامه بكى كل من كان حضرا من السادات الكرام وقال سعيد لمولاه سافعل ما امرت به اني عبدك وفي نعمتك قد انتشيت وكبرت ثم تفرقت العرب الى المضارب و الخيام وبعد ثلاثة ايام شرب كاس الحمام فغسلوه ودفنوه بالوقار و الاحترام، وبكي عليه الخاص و العام. وفي اليوم الثاني جلس سعبد على الكرسي مكان مولاه الامير عامر واطاعته الاكابر والاصاغر، فمان يحكم في القبيلة ويفعل ما يريد ولا يعترضه احد حتى تمكن غاية التمكين وصار من جملة الملوك المعظمين، فلما اشتهر امره وانتشر بين الناس ذكره داحله الطمع على اختلاس المملكة والقاء ابن مولاه مغامس في مهاوي التهلكة، فجمع الاعيان والابطال وقال لهم على رؤوس الاشهاد اعلموا ايها السادة الامجاد اني صممت الان على طرد مغامس من الاوطان وارساله الى ابعد مكان، فلا عدتم من الان تساعدوه وتعاملوه بشيء مهما كان، وكل من خالف ولم يمتثل لاحكامي قطعت راسه وخمدت انفاسه، فماذا تقولون: فقالوا سمعا والف طاعة فما عدنا نعامله ولا نتكلم معه من هذه الساعة، لانك انت ملكنا وميرنا وحامي بلادنا واوطاننا فبينما هم في الحديث والكلام واذا بالامير مغامس قد دخل عليهم فحياهم فلم يجسر احد ان يرد الجواب خوفا من القصاص والعقاب، فتاثر من ذلك الامر واحترق قلبه بلهيب الجمر، وعلم ان العبد مراده يمتلك على القبيلة بالقوة الجبرية فارتد رالجعا على الاثر واعلم امه بذلك الخبر ثم بكى وتنهد وانشد شعرا.

(فقال الراوي) فلما انتهى مغامس من شعره ومقاله ورثت امه لحاله وقالت اني خائفة من غدر هذا العبد فانه نكر الجميل والمعروف، وبادانا بالشر بعدما كان راعي جمالنا وعبدنا وخادمنا، فلما انتهت من هذا الكلام حتى اقبل عليها بعض الخدام يخبرها ان تذهب بابنها من تلك الديار، وقد ارسل اليك هذه الناقة الجربانة وهذه الشاة في سبيل الاحسان والصدقة فاذهبي في الحال قبل حلول الوبال فبكت ام مغامس من هذا الكلام، وتذكرت ايام زوجها وما اكنت فيه من العز والانعام وعلو الجاه ورفعة المقام، ولكنها اجابت بالسمع والطاعة ورحلت بابنها، وفي الطريق نصبا خيمة من القش واغصان الشجر لتقيهما من حرارة الشمس وضوء القمر، وجلسا في ذلك المكام تحت مشئية الرحمن(قال الراوي) هذا ما كان من امرهما واما سعيد العبد الخائن اللئيم فانه قد ارسل يطلب شاة الريم واامر امها ان تجهزها تلك الليلة وتصلح حالها حتى يدخل بها، فلما سمعت شاة الريم ذلك الكلام كان عليه اشد من ضرب الحسام، وجعلت تبكي مع امها على مغامس ابن عمها، لانها كانت تحبه ولما زاد عليها الحال انشدت تقولمن فؤاد متبول:

تقول شاة الريم من قلب حزين
ودمع عيني فوق وجناتي غزير
من بعد ابي وعمي قبله
صار راعينا على راس السرير
يارب سعيد العبد اعدمه الحياه
و اكتب نصيبي في مغامس يانصير

فلما انتهت من كلامها وفهمت امها فحوي شعرها ونضامها قالت لها، اعلمي يا بنت ان الصب مفتاح الفرج ولا بد ان نجد لهذا الضيق من مجرج، فاصبري على حكم الله وعلى قدره وقضاه، بان هذا العبد سعيد جبار عنيد وشيطان مريد، و قد ذلت له الفرسان الصناديد وابن عمك مغامس فقير الحال ليس له مال و رجال، وان خالفنا له امر اخذك غصبيا و قهرا، فمن الواجب ان نسمع كلامه ونمتثل اوامره واحكامه، فلما سمعت شاة الريم من امها هذا الكلام صبرت على احكام رب الانام، وكان العبد سيعيد قد صنع في تلك الليله وليمه لها قدرا وقيمة، جمع فيها بعض الاعيان واكابر الديوان، فدقت الطبول ونفخت الزمور وقام في القبيلة الفرحة والسرور، ودقت المولدات بالدفوف ولعبت الفرسان بالرماح والسيوف، فلما سمع مغامس اصوات الطبول وصهيل الخيول قصد الحي تحت ظلام الليل، فعندما وقف على خقيقة الخبر، طار من عينيه الشررؤ من شدة الوجد و الغرام وزواج ابنه عمه بدر التمام بذلك العبد ابن اللئام، فرجع واعلم امه بذلك فبكت شفقة عليه وجعلت تتلطف بخاطره وتقول، الله كريم فلا بد ان تكون من نصيبك شاة الريم، وكان في هذه اللحظة مرور ابو زيد ومن معه فسمع قولهما وبكائهما فنزل اليهما يستفهم عن سبب بكائهما فاعلامه بما جرى من العبد سعيد، فقال في سره لابد ان انصرهما وجلس عندهما فقام مغامس وذبح ناقته التي ليس له غيرها وقدمها لهم فاكلوا وشربوا و اخذ ابو زيد يغني على الرباب وكان راع لسعيد العبد مارا من هناك، فسمع غناء ابو زيد عند مغامس وامه، فذهب واخبر العبد سعيد بما راه، وهذا ارسل في طلبهم فحظروا الى العبد سعيد، فوجدوا عنده جماعة من السادات والاماجيد، وهو متكيء على طهره كانه فحل جاموس ومنتظر قدوم العروس، فسلم ابو زيد عليه ولا اكترث بكلامه، ولكنه قال لهم كيف تكونون من شعراء العرب واصحاب الفضل والادب وتتركون زيارة الامير وتقصدون عجوزا لا قدر لها ولا شأن، فقال ابو زيد اطال الله عمرك وزاد في مقامك وقدرك اننا ما اتينا الى هذه القبيلة الا لنمدح جنابك ونتشرف بساحة اعتابك غير ان وصولنا كان في الظلام وكنا نريد ان نزور حضرتك في ثاني الايام، الى ان ارسلت في طلبنا مع الغلمان، فحضرنا حالا لامرك العالي فلا زالت ايامك في فرح وسرور وافراح مدى الايام والليالي، فلما انتهى ابو زيد من مقاله جلس على يمينه وجلس مرعي يحيى ويونس على شماله، وكان عند جلوسه القى ساعده على فخذ سعيد، بقوة وعزم شديد، فتالم سعيد من تلك الحركة وقال: لا مرحبا بك ولا حلت علينا البركة، قاتل الله اباك وامك فما اثقل دمك، فقال ابو زيد لا تؤاخذنا كثر الله خيرك ومعروفك ثم انشد هذه الابيات:

يليه غداً الجزء (02) من تغريبة بني هلال
 

نجمة مسآء

عضو جديد
إنضم
5 مارس 2013
المشاركات
386
مستوى التفاعل
16
النقاط
0
الإقامة
الآردن
رائعه غاليتي

قصه مميزه

يعطيك الف عافيه

دمتي بسعاده بلا حدود ~
 

عطر الزهور

الإدارة العامة
إنضم
11 مايو 2012
المشاركات
8,749
مستوى التفاعل
161
النقاط
63
يسلموا يداك على هالقصة الجميلة
ننتظر الجزء الثاني
 

فرحة الاردن

الادارة العامة
إنضم
18 ديسمبر 2011
المشاركات
20,820
مستوى التفاعل
443
النقاط
83
الإقامة
الاردن
اشكركم على هذا الحضووور الرائع
 

اتعبني غلاك

عضو جديد
إنضم
28 يونيو 2012
المشاركات
9,046
مستوى التفاعل
214
النقاط
0
يعطيكي الف عافيه ع القصه الرائعه

تحياتي لكي
 

فرحة الاردن

الادارة العامة
إنضم
18 ديسمبر 2011
المشاركات
20,820
مستوى التفاعل
443
النقاط
83
الإقامة
الاردن
كل الشكر لمروركمـ الرآآقي
لكمـ مني اجمل وارق الامنيات
 
أعلى