نورس الحياة
الاداره العامه
-
- إنضم
- 9 يوليو 2012
-
- المشاركات
- 16,488
-
- مستوى التفاعل
- 1,137
-
- النقاط
- 0
-
- العمر
- 49
ثَور السّلطان
في قديم الزمان.. عاشَ ذلك السلطان ..
وكان عنده، ثورٌ أسود، ضخمٌ كبير، كأنَّهُ البنيان!
رأسه كالصخر، قرونه كالحديد ..
إذا سارَ، هزَّ الأرض ..
وإذا خارَ، غلبَ الرعد..
وكان ذلك السلطان، لا يشبعُ من النظرِ إليه، ولا يملُّ من الحديث عنه، وقد جعلَ له خدماً كثيرين، يعنونَ به ويحرسونه ..
خادمٌ يطعمهُ ، وخادمٌ يسقيه .
خادمٌ ينظِّفُهُ، وخادمٌ يداويه ..
خادمٌ ينزِّههُ، وخادمٌ يحميه ..
السلطانُ يحبّهُ كثيراً، والناسُ يكرهونه كثيراً..
لماذا ياترى ؟
تعالَ لنرى ..
***
الشارع مملوءٌ بالناس..
مابينَ شارٍ أو بائع، مابينَ ماشٍ أو قاعد ..
هذا يعمل، ذاكَ يضحك
ولدٌ يجري، بنتٌ تلعب
شيخُ يمشي على عكّاز
أمٌّ تحملُ طفلاً يرضع
أخرى تمشي، تسحبُ طفلة
حلوة حلوة، مثل الفلَّة
الشارعُ مملوءٌ بالناسِ.
وفجأة ...
جاءَ الصوت، مثل الموت :
- خرجَ الثورُ.. خرجَ الثورُ ..!!
دبَّ الرعبُ بينَ الناسِ ..
هذا يركض، ذاك يركض ..
يهربُ يهربُ كلُّ الناس ..
وقعَ الشيخُ على العكاز
مرَّ الثورُ، وداسَ الشيخ
تركَ الشيخَ، ونطحَ الطفلة
لكنَّ الطفلةَ ما ماتتْ، فاللَّهُ رحيمٌ بالأطفال
ومضى الثورُ إلى البستان.
كسرَ الغرسَ، أكلَ الزرع َ
خرَّب اسوارَ البستان
حلَّ الليلُ.
وعادَ الثورُ إلى السلطان.
حلَّ الليلُ ...
وباتَ الناسُ مع الأحزان ..
***
هكذا كان يفعل الثور ..
يخرجُ مهرولاً كالغول، فيختفي الرجال، وتتوقَّفُ الأعمال، ويتركُ الأطفالُ ألعابهم، ويهربون إلى البيوت، فتحضنهم أمهاتهم خائفات
ويغلقْنَ دونهم الأبواب .
وتنظرُ العيونُ من الشقوق ..
- هل أوقفه أحدٌ عند حدِّهِ ؟
- لا ...
- لماذا؟
- خوفاً من السلطانِ وجندهِ..
وصبرَ الناسُ محزونين، ينتظرون رحيلَ الظلم..
قال الشيوخ :
- الظلمُ لن يرحل
- لماذا؟
- لأنكم تقبلونه
- ومالعمل ؟!
- إذا رفضتم الظلم، لن يبقى ظالمون
***
ذاتَ يوم، والعيونُ غافلة ..
أسرع رجالٌ شجعان، وقبضوا على الثور ألجموا فمه، وعصبوا عينيه
ربطوا قوائمه بالحبال، وصاروا يشدُّونها بقوَّة.
غضبَ الثورُ وهاجَ، مدَّ رأسه وقرنيه، واندفعَ..
كالبركان، فاصطدمَ بالجدار، وسقط على الأرض ...
هجمَ عليه الرجال، ووقعوا على رقبتهِ، يذبحونه جاهدين..
الدمُ الأحمر، يدفقُ ويدفق ..
نهضَ الثورُ قويّاً، واندفعَ يجري، ثم وقعَ كالتّل، وسكنَتْ حركته، وفارق الحياة..
تركه الرجال، واختفوا في الحال
***
علم السلطان بمقتل الثور، فجنَّ جنونه، واستدعى جنودّهُ وخاطبهم قائلاً :
- أيُّها الجنود!
لقد جاء يومكم، فابحثوا عن المجرم اللعين إنْ كان في الأرض فاخرجوهُ ،وإنْ كان في السماء فأنزلوه، والويل ثم الويل لكم إن لم تجدوهُ..!
انتشر العساكرُ والأعوانُ، في كلِّ بقعةٍ... ومكان..
يطوفونَ ويبحثون ..
يراقبونَ ويسألون ..
ومرَّتِ الأيام، تتبعها الأيام ..
وأخفق الجنود، وعادوا للسلطان
لم يحصلوا على خبر، أو يعثروا على أثر!
***
في اليوم التالي ، كان منادي السلطان، ينتقلُ من مكان إلى مكان، وينادي بين الناس :
جائزةٌ كبيرة
ألف دينار
يأخذها من يخبر السلطان عن قاتل الثور
جائزةٌ كبيرة ..
ألف دينار ..
بُحَّ صوته، والناسُ ساكتون ..
وانصرفَ المنادي، وضاعَ النداء
***
اغتاظ السلطانُ كثيراً، فجمع وزراءه وقال :
- هل تعلمون أحداً يكرهُ ثوري؟
- الرعيَّةُ كلُّها تحبّهُ يامولانا!
- هل أوقعَ ضرراً بأحد؟
- ثورُ السلطان لا يعرفُ الضرر.
- هل كان أحدٌ يتمنَّى هلاكَه؟
- الناسُ جميعهم يدعون له بالحياة
- ألَمْ يفرحْ أحدٌ لموته ؟
- الرعيةٌ جميعها حزينةٌ لفراقه.
جُمِعَتِ الرعيّةٌ، أمامَ القصر، وخرجَ السلطانُ، فخطبَ وقال:
- أيُّها الشعبُ الطيِّب!
لقد بلغني حبّكم للثور، وحزنكم على فراقه، فعزمتُ على شراءِ ثورٍ آخر، لا مثيلَ له بين الثيران، في جميع الممالكِ والبلدان ، و.. وصرخ الأطفال :
- لا نبغي ثوراً يرعبنا
- لا نرضى العيشَ مع الثيران!
وصرخ الرجال :
- إنْ جاءَ الثورُ سنقتله
- إنْ جاءَ الثورُ سنقتله
واشتعل الغضبُ، وماجتٍ الحشود، كالبحر إذ يموج، وارتفع الهتاف، يدوِّي كالرعود، فارتجفَ السلطان، ودخل القصر ،وغلَّق الأبواب ..
***
في الصباح الباكر ..
شاع النبأْ العظيم، كالنارِ في الهشيم :
- لقد اختفى السلطان !
- لقد اختفى السلطان !
فقامَتِ الأفراح ،وزالَتِ الأحزان، وعادتِ الحياة، تسيرُ في أمان
هذا يعمل، وذاك يضحك
شيخٌ يمشي على عكاز.
وأمٌ تحملُ طفلاً يرضع ..
أخرى تمشي تسحبُ طفلة
حلوة حلوة، مثل الفلَّة .
تنقزُ في فرحٍ وأمان.
فالثورُ الأحمقُ لن يظهر .
والظلمُ ولَّى مع السلطان .
***
مضى زمانٌ وزمان، وقصةُ ثورِ السلطان، تنتقلُ من جيلٍ إلى جيل ..
يحكيها الآباءُ للأبناء
وتحكيها الأمهاتُ للبنات ..
الصغارُ ينصتون ، والكبارُ يقولون :
في قديمِ الزمانِ ..
عاشَ ذلكَ السلطان .
في قديم الزمان.. عاشَ ذلك السلطان ..
وكان عنده، ثورٌ أسود، ضخمٌ كبير، كأنَّهُ البنيان!
رأسه كالصخر، قرونه كالحديد ..
إذا سارَ، هزَّ الأرض ..
وإذا خارَ، غلبَ الرعد..
وكان ذلك السلطان، لا يشبعُ من النظرِ إليه، ولا يملُّ من الحديث عنه، وقد جعلَ له خدماً كثيرين، يعنونَ به ويحرسونه ..
خادمٌ يطعمهُ ، وخادمٌ يسقيه .
خادمٌ ينظِّفُهُ، وخادمٌ يداويه ..
خادمٌ ينزِّههُ، وخادمٌ يحميه ..
السلطانُ يحبّهُ كثيراً، والناسُ يكرهونه كثيراً..
لماذا ياترى ؟
تعالَ لنرى ..
***
الشارع مملوءٌ بالناس..
مابينَ شارٍ أو بائع، مابينَ ماشٍ أو قاعد ..
هذا يعمل، ذاكَ يضحك
ولدٌ يجري، بنتٌ تلعب
شيخُ يمشي على عكّاز
أمٌّ تحملُ طفلاً يرضع
أخرى تمشي، تسحبُ طفلة
حلوة حلوة، مثل الفلَّة
الشارعُ مملوءٌ بالناسِ.
وفجأة ...
جاءَ الصوت، مثل الموت :
- خرجَ الثورُ.. خرجَ الثورُ ..!!
دبَّ الرعبُ بينَ الناسِ ..
هذا يركض، ذاك يركض ..
يهربُ يهربُ كلُّ الناس ..
وقعَ الشيخُ على العكاز
مرَّ الثورُ، وداسَ الشيخ
تركَ الشيخَ، ونطحَ الطفلة
لكنَّ الطفلةَ ما ماتتْ، فاللَّهُ رحيمٌ بالأطفال
ومضى الثورُ إلى البستان.
كسرَ الغرسَ، أكلَ الزرع َ
خرَّب اسوارَ البستان
حلَّ الليلُ.
وعادَ الثورُ إلى السلطان.
حلَّ الليلُ ...
وباتَ الناسُ مع الأحزان ..
***
هكذا كان يفعل الثور ..
يخرجُ مهرولاً كالغول، فيختفي الرجال، وتتوقَّفُ الأعمال، ويتركُ الأطفالُ ألعابهم، ويهربون إلى البيوت، فتحضنهم أمهاتهم خائفات
ويغلقْنَ دونهم الأبواب .
وتنظرُ العيونُ من الشقوق ..
- هل أوقفه أحدٌ عند حدِّهِ ؟
- لا ...
- لماذا؟
- خوفاً من السلطانِ وجندهِ..
وصبرَ الناسُ محزونين، ينتظرون رحيلَ الظلم..
قال الشيوخ :
- الظلمُ لن يرحل
- لماذا؟
- لأنكم تقبلونه
- ومالعمل ؟!
- إذا رفضتم الظلم، لن يبقى ظالمون
***
ذاتَ يوم، والعيونُ غافلة ..
أسرع رجالٌ شجعان، وقبضوا على الثور ألجموا فمه، وعصبوا عينيه
ربطوا قوائمه بالحبال، وصاروا يشدُّونها بقوَّة.
غضبَ الثورُ وهاجَ، مدَّ رأسه وقرنيه، واندفعَ..
كالبركان، فاصطدمَ بالجدار، وسقط على الأرض ...
هجمَ عليه الرجال، ووقعوا على رقبتهِ، يذبحونه جاهدين..
الدمُ الأحمر، يدفقُ ويدفق ..
نهضَ الثورُ قويّاً، واندفعَ يجري، ثم وقعَ كالتّل، وسكنَتْ حركته، وفارق الحياة..
تركه الرجال، واختفوا في الحال
***
علم السلطان بمقتل الثور، فجنَّ جنونه، واستدعى جنودّهُ وخاطبهم قائلاً :
- أيُّها الجنود!
لقد جاء يومكم، فابحثوا عن المجرم اللعين إنْ كان في الأرض فاخرجوهُ ،وإنْ كان في السماء فأنزلوه، والويل ثم الويل لكم إن لم تجدوهُ..!
انتشر العساكرُ والأعوانُ، في كلِّ بقعةٍ... ومكان..
يطوفونَ ويبحثون ..
يراقبونَ ويسألون ..
ومرَّتِ الأيام، تتبعها الأيام ..
وأخفق الجنود، وعادوا للسلطان
لم يحصلوا على خبر، أو يعثروا على أثر!
***
في اليوم التالي ، كان منادي السلطان، ينتقلُ من مكان إلى مكان، وينادي بين الناس :
جائزةٌ كبيرة
ألف دينار
يأخذها من يخبر السلطان عن قاتل الثور
جائزةٌ كبيرة ..
ألف دينار ..
بُحَّ صوته، والناسُ ساكتون ..
وانصرفَ المنادي، وضاعَ النداء
***
اغتاظ السلطانُ كثيراً، فجمع وزراءه وقال :
- هل تعلمون أحداً يكرهُ ثوري؟
- الرعيَّةُ كلُّها تحبّهُ يامولانا!
- هل أوقعَ ضرراً بأحد؟
- ثورُ السلطان لا يعرفُ الضرر.
- هل كان أحدٌ يتمنَّى هلاكَه؟
- الناسُ جميعهم يدعون له بالحياة
- ألَمْ يفرحْ أحدٌ لموته ؟
- الرعيةٌ جميعها حزينةٌ لفراقه.
جُمِعَتِ الرعيّةٌ، أمامَ القصر، وخرجَ السلطانُ، فخطبَ وقال:
- أيُّها الشعبُ الطيِّب!
لقد بلغني حبّكم للثور، وحزنكم على فراقه، فعزمتُ على شراءِ ثورٍ آخر، لا مثيلَ له بين الثيران، في جميع الممالكِ والبلدان ، و.. وصرخ الأطفال :
- لا نبغي ثوراً يرعبنا
- لا نرضى العيشَ مع الثيران!
وصرخ الرجال :
- إنْ جاءَ الثورُ سنقتله
- إنْ جاءَ الثورُ سنقتله
واشتعل الغضبُ، وماجتٍ الحشود، كالبحر إذ يموج، وارتفع الهتاف، يدوِّي كالرعود، فارتجفَ السلطان، ودخل القصر ،وغلَّق الأبواب ..
***
في الصباح الباكر ..
شاع النبأْ العظيم، كالنارِ في الهشيم :
- لقد اختفى السلطان !
- لقد اختفى السلطان !
فقامَتِ الأفراح ،وزالَتِ الأحزان، وعادتِ الحياة، تسيرُ في أمان
هذا يعمل، وذاك يضحك
شيخٌ يمشي على عكاز.
وأمٌ تحملُ طفلاً يرضع ..
أخرى تمشي تسحبُ طفلة
حلوة حلوة، مثل الفلَّة .
تنقزُ في فرحٍ وأمان.
فالثورُ الأحمقُ لن يظهر .
والظلمُ ولَّى مع السلطان .
***
مضى زمانٌ وزمان، وقصةُ ثورِ السلطان، تنتقلُ من جيلٍ إلى جيل ..
يحكيها الآباءُ للأبناء
وتحكيها الأمهاتُ للبنات ..
الصغارُ ينصتون ، والكبارُ يقولون :
في قديمِ الزمانِ ..
عاشَ ذلكَ السلطان .