منار عزمي يونس
عضو مميز
الحديث عن المرأة في تاريخنا ذو شجون، فهو
لا ينتهي إلى حدّ، وكلما تجدَّد، انفتحت آفاق واسعة فهناك نسوة تركت بصمتها ليس فقط في التاريخ العربي بل في التاريخ والوجداني الإنساني كله.. إنهن كاللآلئ، يزددن بريقاً يوماً تلو آخر .. كنوز نسائية وتجارب تحتذى.
سأحدثكم عن من نقشت اسماؤهم بمداد الفخر
ونحتها التاريخ في جبين الدهر
سنكون مع نساء صنعن التاريخ
http://www.qzal.net/أم النجباء أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيْط
المهاجرة بدينها إلى الله ورسوله
صحابية جليلة سجلت لها كتب السيرة والتاريخ نفحة من نفحات البركة والإيمان حين أكرمها الله بالإسلام، إنها أم كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيط الأموية القرشية، وأمها الصحابية الجليلة وأم أمير المؤمنين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أروى بنت كُريز بن ربيعة العبشمية رضي الله عنها وأرضاها.
في ظلال الإسلام
لما نزلت الشريعة المحمدية أكرمت المرأة، فساوت بينها وبين الرجل في أداء الواجبات التي عليها واجتناب المحرمات، فكان لها من الحق ما أعطاها الله كما للرجل ما أعطاه الله، وعليها ما عليه على حسب ما ورد في الشريعة، لكن الله فضله عليها في قوة الجسم، وبسطة اليد، والانفاق عليها ورياستها وغير ذلك، وهو ما يُعرف بالقوامة، وذلك رأفة بها ومناسبة لحالها وضعفها، وتخفيفًا عنها ما لا يطيقه إلا الرجال، وقد أجمل الله عز وجل ذلك في القرءان الكريم بلفظ وجيز، وأدق تعبير، فبين هذه الحقوق بقوله تعالى: {ولهنَّ مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهنّ درجة والله عزيز حكيم} [سورة البقرة ءاية 228].
وقد قرن الله بينهما في إدخار الأجر والثواب عنده، وارتقاء الدرجات العلى في الآخرة، كما قرن سبحانه بينهما في كثير من الفضائل ومنها الإسلام، والإيمان، والصدق، والصبر، والخشوع وثواب الصدقة، والصيام وحفظ الفروج، وذكر الله وغير ذلك، وقرن هذه الصفات بعضها ببعض فقال جل وعلا: { إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعدّ الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا} [سورة الأحزاب ءاية 35].
بداية عطرة
أسلمت أم كلثوم، ورأت، وعاينت بنفسها صرخات المتألمين وءاهات المعذبين تحت سياط وضربات الكفار كفار قريش، فما اهتز إيمانها، ولا تزعزع بخوف أو وجل.
وقد صلّت أم كلثوم نحو القبلتين، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل هجرته إلى المدينة.
وأم كلثوم هي أخت أحد العشرة المبشرين بالجنة لأمه، وصهر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان عليه سحائب الرضوان، فقد تزوجت أروى بنت كُريز من عفان بن أبي العاص، فولدت له عثمان وءامنة، ثم تزوجها من بعده عقبة بن أبي معيط فولدت له الوليد وعمارة وخالدًا وأم كلثوم وأم حكيم وهندًا كما جاء في "الإصابة".
وأروى هذه صحابية كريمة، علمت بإسلام ابنها عثمان في بدء الدعوة، فلم تُنكر عليه ذلك، بل كانت سباقة إلى نصرة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم والدين الحنيف، فقد وقفت وقفة مباركة جريئة حفظتها كتب التاريخ، فقد روى ابن الأثير رحمه الله أن عقبة بن أبي معيط قد شكا عثمان بن عفان إلى أمه أروى فقال لها: إن ابنك قد صار ينصر محمدًا فلم تُنكر ذلك من ابنها، ووقفت في موقف مشرف وقالت لعقبة: ومَن أولى به منّا؟ أموالنا وأنفسنا دون محمد صلى الله عليه وسلم.
وكان عقبة بن أبي معيط هذا من أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين كثير الأذى، وقع في الأسر في أيدي المسلمين لما كانت غزوة بدر فقتل بأيديهم، وأما أخواها الشقيقان وهما الوليد وعمارة ابنا عقبة فقد أسلما يوم فتح مكة.
هجرتها
لا ينتهي إلى حدّ، وكلما تجدَّد، انفتحت آفاق واسعة فهناك نسوة تركت بصمتها ليس فقط في التاريخ العربي بل في التاريخ والوجداني الإنساني كله.. إنهن كاللآلئ، يزددن بريقاً يوماً تلو آخر .. كنوز نسائية وتجارب تحتذى.
سأحدثكم عن من نقشت اسماؤهم بمداد الفخر
ونحتها التاريخ في جبين الدهر
سنكون مع نساء صنعن التاريخ
http://www.qzal.net/أم النجباء أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيْط
المهاجرة بدينها إلى الله ورسوله
صحابية جليلة سجلت لها كتب السيرة والتاريخ نفحة من نفحات البركة والإيمان حين أكرمها الله بالإسلام، إنها أم كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيط الأموية القرشية، وأمها الصحابية الجليلة وأم أمير المؤمنين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أروى بنت كُريز بن ربيعة العبشمية رضي الله عنها وأرضاها.
في ظلال الإسلام
لما نزلت الشريعة المحمدية أكرمت المرأة، فساوت بينها وبين الرجل في أداء الواجبات التي عليها واجتناب المحرمات، فكان لها من الحق ما أعطاها الله كما للرجل ما أعطاه الله، وعليها ما عليه على حسب ما ورد في الشريعة، لكن الله فضله عليها في قوة الجسم، وبسطة اليد، والانفاق عليها ورياستها وغير ذلك، وهو ما يُعرف بالقوامة، وذلك رأفة بها ومناسبة لحالها وضعفها، وتخفيفًا عنها ما لا يطيقه إلا الرجال، وقد أجمل الله عز وجل ذلك في القرءان الكريم بلفظ وجيز، وأدق تعبير، فبين هذه الحقوق بقوله تعالى: {ولهنَّ مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهنّ درجة والله عزيز حكيم} [سورة البقرة ءاية 228].
وقد قرن الله بينهما في إدخار الأجر والثواب عنده، وارتقاء الدرجات العلى في الآخرة، كما قرن سبحانه بينهما في كثير من الفضائل ومنها الإسلام، والإيمان، والصدق، والصبر، والخشوع وثواب الصدقة، والصيام وحفظ الفروج، وذكر الله وغير ذلك، وقرن هذه الصفات بعضها ببعض فقال جل وعلا: { إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعدّ الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا} [سورة الأحزاب ءاية 35].
بداية عطرة
أسلمت أم كلثوم، ورأت، وعاينت بنفسها صرخات المتألمين وءاهات المعذبين تحت سياط وضربات الكفار كفار قريش، فما اهتز إيمانها، ولا تزعزع بخوف أو وجل.
وقد صلّت أم كلثوم نحو القبلتين، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل هجرته إلى المدينة.
وأم كلثوم هي أخت أحد العشرة المبشرين بالجنة لأمه، وصهر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان عليه سحائب الرضوان، فقد تزوجت أروى بنت كُريز من عفان بن أبي العاص، فولدت له عثمان وءامنة، ثم تزوجها من بعده عقبة بن أبي معيط فولدت له الوليد وعمارة وخالدًا وأم كلثوم وأم حكيم وهندًا كما جاء في "الإصابة".
وأروى هذه صحابية كريمة، علمت بإسلام ابنها عثمان في بدء الدعوة، فلم تُنكر عليه ذلك، بل كانت سباقة إلى نصرة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم والدين الحنيف، فقد وقفت وقفة مباركة جريئة حفظتها كتب التاريخ، فقد روى ابن الأثير رحمه الله أن عقبة بن أبي معيط قد شكا عثمان بن عفان إلى أمه أروى فقال لها: إن ابنك قد صار ينصر محمدًا فلم تُنكر ذلك من ابنها، ووقفت في موقف مشرف وقالت لعقبة: ومَن أولى به منّا؟ أموالنا وأنفسنا دون محمد صلى الله عليه وسلم.
وكان عقبة بن أبي معيط هذا من أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين كثير الأذى، وقع في الأسر في أيدي المسلمين لما كانت غزوة بدر فقتل بأيديهم، وأما أخواها الشقيقان وهما الوليد وعمارة ابنا عقبة فقد أسلما يوم فتح مكة.
هجرتها
لما كانت الهجرة النبوية إلى المدينة، حُبست أم كلثوم في مكة المكرمة ومُنعت من اللحاق بركب المهاجرين، فكتمت إيمانها، وحملت في قلبها الأمل بأن الله عز وجل يعينها على الفرار بدينها من شرك كفار قريش وأذاهم إلى مدينة النور والإسلام، فصبرت على ذلك زمنًا وهي تتحمل الشدائد في سبيل الله عز وجل، إلى أن شاء الله لها بالهجرة فكان لها بذلك شأن عظيم يدل على إكرام الله تبارك وتعالى لها ولأمثالها من المؤمنات الصابرات.
قال ابن عبد البر رحمه الله في "الاستيعاب": "إنه لم يتهيأ لأم كلثوم هجرة إلى سنة سبع من الهجرة، وقيل: هي أول من هاجر من النساء، وكانت هجرتها زمن صلح الحديبية".
وتروي أم كلثوم بنت عقبة في قصة هجرتها فتقول: "كنت أخرج إلى بادية لنا فيها أهلي، فأقيم فيها الثلاث والأربع ثم أرجع إليهم فلا يُنكرون ذهابي للبادية، حتى أجمعت المسير، فخرجت يومًا من مكة كأني أريد البادية، فلما رجع من تبعني، إذ رجل من خزاعة، قال: أين تريدين؟ قلت: ما مسألتك؟ ومن أنت؟ قال: رجل من خزاعة.
فلما ذكر خزاعة اطمأننت إليه لدخول خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده. فقلت: إني امرأة من قريش، وإني أريد اللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا علم لي بالطريق، قال: أنا صاحبك حتى أوردك المدينة. ثم جاءني ببعير فركبته حتى قدمنا المدينة، وكان خير صاحب، فجزاه الله خيرًا، فدخلتُ على أم المؤمنين أم سلمة وعرفتها بنفسي فالتزمتني، وقالت: هاجرت إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم؟
قلت: نعم، وأنا أخاف أن يردني، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة فأخبرته بذلك، فرحب وسهل.
فقلت: يا رسول الله، إني فررت إليك بديني، فامنعني ولا تردني إليهم يفتنوني ويعذبوني، ولا صبر لي على العذاب".
فنزل قول الله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ الله أعلم بإيمانهنّ فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الكفار لا هنّ حلٌّ لهم ولا هم يحلون لهنّ وءاتوهم ما أنفقوا ولا جُناح عليكم أن تنكحوهن إذا ءاتيتموهن أجورهنّ ولا تُمسكوا بعصَم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم} [سورة الممتحنة ءاية 10].
وروى البيهقي في "دلائل النبوة" وابن عبد البر في "الاستيعاب" أن أم كلثوم رضي الله عنها لما هاجرت لحقها أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة بن أبي معيط ليرداها، فمنعها الله عز وجل منهما بالإسلام، ولم يدفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما. ثم امتحن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم والنساء بعدها.
وروى ابن جرير رحمه الله عن أبي نصر الأسدي قال: سُئل ابن عباس رضي الله عنهما، كيف كان امتحان رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء؟
قال: كان يمتحنهن: بالله ما خرجتُ من بُغض زوج، وبالله ما خرجتُ رغبة عن أرض إلى أرض، وبالله ما خرجت التماس دُنيا، وبالله ما خرجت إلا حبًا لله ولرسوله.
ويروى أن الوليد وعمارة دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا: يا محمد أعد لنا أختنا أم كلثوم، ردها إلينا، هناك شروط متفق عليها بيننا وبينكم، وأنت من نعلم لا تنقض عهدًا ولا تخلف وعدًا.
فلما نزل قول الله في سورة الممتحنة استثنى النساء، وكان هذا الامتحان لأم كلثوم، فكانت الممتحنة الأولى.
فقد خرجت حبًا بالله وبرسوله وطلبًا للإسلام لا حُبًا لزوج ولا لمال.
ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول للنساء: "والله ما أخرجكنّ إلا حب الله ورسوله والإسلام، أما خرجتنّ لزوج ولا مال؟ فإذا قلن ذلك، لم يرجعهن إلى الكفار".
أم كلثوم أم النجباء
كانت أم كلثوم من أوفر النساء عقلاً، وأقواهنّ إيمانًا، فاحتلت مكانة لائقة بين نساء الصحابة المهاجرين والأنصار، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكرمها لصدق إيمانها، وقد أخرجها معه في بعض غزواته تداوي الجرحى، وضرب لها بسهم.
وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بأمرها، فقد ورد أنه خطبها الزبير بن العوام، وزيد بن حارثة، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم. فاستشارت في هذا أخاها لأمها عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأشار عليها أن تأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فأتته فاشار صلى الله عليه وسلم عليها بزيد، وقال: تزوجي زيد بن حارثة فإنه خير لك". فتزوجته فولدت له زيدًا ورقية.
وروى النووي رحمه الله في "تهذيب الأسماء واللغات" وابن حجر في "تهذيب التهذيب" أن الزبير بن العوام تزوجها لما استُشهد زيد بن حارثة في موقعة مؤتة، فولدت له زينب، وكان الزبير رضي الله عنه شديدًا على النساء، فسألته الطلاق، فطلقها، ثم تزوجها عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فولدت له إبراهيم وحميدًا، فلما توفي عنها تزوجها عمرو بن العاص رضي الله عنه فماتت عنده.
وكان أولاد أم كلثوم رضي الله عنها من نجباء العلماء الذين تركوا ءاثارًا كريمة في دنيا العلم والعلماء في تاريخ الإسلام.
فابنها حُميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري التابعي المشهور، كان فقيهًا نبيلاً عالمًا، له روايات كثيرة، سمع من خاله عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو صغير، قال عنه ابن العماد في "شذرات الذهب": "كان عالمًا فاضلاً مشهورًا توفي سنة 95هـ رحمه الله تعالى".
مناقبها
روت أم كلثوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أحاديث، أخرج لها منها في الصحيحين حديث واحد متفق عليه، وروى لها الجماعة سوى ابن ماجه، وروى عنها ابناها حميد وإبراهيم ابنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
ومما يعزز علمها ووعيها ومقدرتها على الحفظ والرواية أنها كانت إحدى نساء قريش القلائل اللواتي كنّ يعرفن القراءة والكتابة، وهذه ميزة عظيمة في ذلك الزمان.
ومن مروياتها ما أخرجه الإمام مسلم بسنده عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها، أخبرته أنها سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس ويقول خيرًا ويُنمي خيرًا".
ومن الجدير ذكره أن وفاة الصحابية الجليلة أم كلثوم كانت في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه.
رحم الله السيدة الجليلة أم كلثوم هذه الصحابية المؤمنة المهاجرة التي كانت قدوة في التضحية والصبر والثبات ومثالاً صادقًا على الإخلاص لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين