فرحة الاردن
الادارة العامة
الصــداقة قيمة إنســانية أخلاقية ودينية عظيمة سامية المـعاني والجمال كبيرة الشأن بها تسمو
الحــياة وتــرتقي وبدونها تنحدر ، الصداقة من الصدق والصدق عكس الكذب والصديق هو من
صدقك وعدو عــدوك ، إنـهــا علاقة وثيقة بين شخصين أو أكثر ، علاقة متبادلة وانسجام كامل
في المشاعر و الأحاسيس وهــي بـالغة الأهمية في استقرار الفرد و تطور المجتمع لأن الإنسان
خلقه الله كائن اجتماعي لا يقـدر الـعيش بمفرده بل يتفاعل مع من حوله إيجابيا ليشكل المجتمع
المتكامل ، لتعطيه الصداقة الدفء والشــعور بـالــمحبة والراحة في حياته وخاصة إن كان ممن
يحسن اختيارهم فهم جـــواهر الحـــياة والمفـــترض أن نحسن تمـــيزهم ، لأن أشـــباه الصديق
والصداقة السيئة تنتهي بسرعة انتهاء فقاعة الماء أو الصابون ، فالصداقة تجعل الحياة جـميلة
لأنها تخدم الروح والجسد والعقل .
فلابد مـــن اكتساب الأصدقاء والعـــمل على المحافظة عليهم كما قال الإمام أمير المؤمنين عليه
السلام في حديث له : " عليك بإخوان الصدق ، فــأكثر من اكتسابهم ، فإنهم عدة عند الرخاء ،
وجنة عند البلاء "
والمعروف إن افتقاد الصداقات والعلاقات مع الناس والأصدقاء يـولد الاكتئاب والمرض والتوتر
النفسي والكثير من المشاكل الصحية والنفسية. والجلوس منفردا عقوبة جسمية ونفسية قاسية
تمارسها السلطات على المخالف للقانون و يتعرض لـها من لا صــديق له وفي الأمثال والأقوال
يقال( الصديق والرفيق قبل الطريق ) وقول الشاعر:
صــديقي من يقاسمني همومي ** ويرمي بالعداوة من رماني
ويحــفــظـني إذا مـا غبت عنه ** وارجـــوه لـنـــائبة الــزمان
شــروط الصداقة والعــلاقات المثالية التي تـصــلح لكـل عصر وزمان وتستمر بل تدوم ، ما قاله
الإمـام جعفر الصادق عليه السلام : ( لا تكون الصداقة إلا بحدودها ، فمن كانت فيه هذه الحدود
أو شــيء منها فــانسبه إلــى الصداقة ، من لــم يكن فيه شيء منها ، فلا تنسبه إلى شيء منها
فأولها : أن تكون سريرته و عـــلانيته لك والثانية : أن يرى زينك زينه وشينك شينه والثالثة :
أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال ) .
فـــي البداية نحن تربينا أن نحيا بالصـــدق والجمال وان ننظر للصـــداقة بميزان المودة وصدق
العلاقات ونبلها.و بالقيم الصادقة نجود ونعيش مقتدين بقوله تعالى :
( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون، لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين)
(الزمر 33 ، ـ34).
جـــال الموضوع فــي خاطري و رسمَت يدي بعض التعابير و الكلمات عنها لربما لما في نفسي
من ضيق ولربما لـــمـا أراه من امور تؤثر على علاقات الصداقه و على مجتمعنا العربي ، نحن
جــميعنا مـــا نصف أنفسنا أننا من رواد الفـن و محبي الفن و لكن كم هي قيم الفن النبيلة كبيرة
و قوية و راسخة فينا نحن جميعا ، أتمنى أن تكون الإجابة ( راسخه حتى النخاع ).
أعـــزائي الصــديق من صادقك وليس من صدّقك كم هي هذه العبارة جميلة و تحمل من المعاني
الكثير ، عــنــد ذكــر كلمة صـــادقك التي تــأتي من مردفات الصـدق و الكلام الصادق و الحقيقة
والـــواقع كــم هـــو جميل أن أتعلم من أخطــائي و أجمل أن يكــون هناك في خاطري لزملائي و
أصـــدقائي حـــس بالمسؤولية و خوف عليهم مـن الخطأ ليس لاحتماله و لكن لثقتي فيهم و في
تواجدهم جميعا
لــربما تكون هناك الكثير مــن المشاحنات الكبيرة و القــوية و الـتــوتر وخــاصــة في المجالات
المتشابة ولــربما يكون لــدينا أسلوب قـاسي و منفرد و لكن تبقى القيم و المبادئ ثابتة لا تتغير
وتبقى المعاني الصادقة موجودة و قـائمة معنا وتبقى كلمة واحدة تدور بيينا و في عقولنا و في
قلوبنا وهي ( ما فائدة الكلام أن لم يسمعني صديق ).
قـد تمر علينا أيام نسمع من الكثير أمور تغضبنا و تعاتبنا و تقلقنا و تشكل في خاطرنا مجموعة
مـــن الجروح و الصدمات ولكن إن جعلنا للكــلام مفر إلى قلــوبنا قـد ماتت في حياتنا الثقة التي
نزرعها بالصدقات و المعارف القوية ، كما لا نستطيع أن نقفل آذاننا ولكن نستطيع أن لا نصدق
كل ما يدور حولنا إلا بالبرهان و الدليل و سؤال من لهم شأن في الموضوع.
قــد يقول قائل نـحــن لا نقول ولا نفعل و لكن أنا لا أرمز لأحد و لكن هذا و بكل صدق و صراحة
يجول حولنا و بيننا جميعا ، إن لـــم يكن في الجانب الفني ســـوف يـكــون في جوانب أخرى في
حيــاتنا الصغيرة و القصــيرة ، وإن كنا جميعا نؤمن بأن الدنيا هي ممر و مسلك لماذا لا نجعلها
سامية و عالية بذكر الله عــز و جــل و بصدق و صداقة و صراحة و حرية و خوف على بعضنا
البعض و مراعية للجميع بكل الجوانب و النواحي الدنياوية.
ولكــن فــي نفس السياق الإنسان يــؤثر و يتأثر وقـال رسول الله(صل الله عليه و سلم): (المرء
عـلــى ديـــن خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) ، ولكي نتمكن من العيش مع الآخرين علينا إيجاد
بعض النقاط والقواسم المشتركة والتفاعل معها والبناء عليها لعلاقات أفضل والابتعاد عن نقاط
الخلاف والتفرقة وكما أن نجاح الحياة يـتـطلب وجود العلاقات الاجتماعية والروابط المتنوعة ،
والأهم من كل هذا أن يقبل كل واحد منا الآخر كما هو ويحترمه.
لأنه ليس منا بالكامل أو المعصوم نـحــن بــشر كـلٍ يخطئ ولكلٍ ظروف ومشاكل حياتية مختلفة
علينا مراعاتها وتقديرها لتكون الحياة أجمل وأنقى ونعيش بشرا , وبذلك يكون شريط الذكريات
لدقائق العمر القصــير يستحق أن يـــراه مــن يـــأتي بعدنا , وعلـيـنــا أن لا ندع وَحّلاْ الرأسمال
وسيطرته تطمر الصداقة والمرؤة في رمالها وقت من الأوقات , وإذا حــدث ذلك يـجــب العـودة
فوراً للتراث ، لملاقاة الفكر والقيم الخالدة وارتداء لباس العزة فلا يصح في النهاية إلاّ الصحيح
و الشـمس تبقى ساطعة على الجميع تشع الخير لنا و لأولادنا ، وبحرارتها يذوب جليد الصداقة
المزيفة المبنية على المصالح والمادة.
كيف ونـحـن لا نحب العمل والقول إلا تحت أشعة الشمس لأننا لا نحب الظلمة وتابعيها بل هدفنا
الشمس ذاتـها ونورها الساطع دليلنا الدائم , وما اختم به لأولادي والناس هذه الوصية العظيمة
لنبي الله لقمان لولده لما فيها من فوائد جليلة :
قـال تعـالــى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ
الـلّـَهَ غَـنـِيٌّ حَمِيدٌ[12]وَإِذْ قَــالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُــوَ يَعِظُهُ يَــا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِــاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ
عَظِيمٌ[13]وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصـَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي
وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ[14]وَإِنْ جَــاهَــدَاكَ عَلى أَنْ تُشــْرِكَ بــِي مَــا لَيـْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِــيلَ مـــَنْ أَنــَابَ إِلَــــيَّ ثــــُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ[15]يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَــكُ مِثـــْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي
الأَرْضِ يَــأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ[16]يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُــرْ بِــالْمــَعْــرُوفِ وَانْهَ عَنِ
الْمُــنـْكَـرِ وَاصْبِرْ عَلَى ما أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ[17] وَلا تـُصَعّـِرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ
فِي الأَرْضِ مَــرَحًـا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ[18]وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ
إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ[19]} ( سورة لقمان )
