إيمـ حرف منسي ــــان
عضو مميز
بسم الله الرحمن الرحيم
اقدم لكم اليوم تكملة السيرة النبوية وهذا الجزء الثالث :
قد علمت أن الله تعالى قد أكرم آل حليمةالسعدية التي أرضعته صلى الله عليه وسلم، فبدل عسرهم يسراً وأشبع غنيماتهم وأدرضروعها في سنة الجدب والشدة، كما بارك سبحانه وتعالى في رزق عمه أبي طالب حينما كانفي كفالته، مع ضيق ذات يده، وأنه سبحانه وتعالى كان يسخر له الغمامة تظله وحده منحر الشمس في سفره إلى الشام، فتسير معه أنى سار دون غيره من أفراد القافلة. وكانسبحانه وتعالى يلهمه الحق ويرشده إلى المكارم والفضائل في أموره كلها، حتى إنه كانإذا خرج لقضاء الحاجة في صغره بَعُدَ عن الناس حتى لا يُرى.
وكان سبحانه وتعالىيكرمه بتسليم الأحجار والأشجار عليه، ويُسمعه ذلك فيلتفت عن يمينه وشماله فلا يرىأحداً.
وقد كان علماء اليهود والنصارى - رهبانهم وكهنتهم- يعرفون زمن مجيئه صلىالله عليه وسلم مما جاء من أوصافه في التوراة وما أخبر به المسيح عيسى بن مريم عليهالصلاة والسلام فكانوا يسألون عن مولده وظهوره وقد عرفه كثيرون منهم لما رأوا ذاتهالشريفة أو سمعوا بأوصافه وأحواله صلى الله عليه وسلم.
وقد نشأ سيدنا محمد صلىالله عليه وسلم ممتازاً بكمال الأخلاق، متباعداً في صغره عن السفاسف التي يشتغل بهاأمثاله في السن عادة، حتى بلغ مبلغ الرجال فكان أرجح الناس عقلاً، وأصحهم رأياً،وأعظمهم مروءة، وأصدقهم حديثاً، وأكبرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، وقد لقبه قومه (بالأمين)، وكانوا يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم.
وقد حفظه الله تعالى منذنشأته من قبيح أحوال الجاهلية، وبَغَّض إليه أوثانهم حتى إنه من صغره كان لا يحلفبها ولا يحترمها ولا يحضر لها عيداً أو احتفالاً، وكان لا يأكل ما ذبح علىالنُّصُب، و النصب هي حجارة كانوا ينصبونها ويصبون عليها دم الذبائح ويعبدونها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب يحن إلى المسكين، ولا يحقر فقيراًلفقره، ولايهاب ملكا لملكه، ولم يكن يشرب الخمر مع شيوع ذلك في قومه، ولا يزنى ولايسرق ولا يقتل، بل كان ملتزما لمكارم الأخلاق التي أساسها الصدق والأمانة والوفاء.
وبالجملة حفظه الله تعالى من النقائص والأدناس قبل النبوة كما عصمه منها بعدالنبوة.
وكان يلبس العمامة والقميص والسراويل، ويتزر ويرتدى بأكيسة من القطن،وربما لبس الصوف والكتان، ولبس الخف والنعال وربما مشى بدونها. وركب الخيل والبغالوالإبل والحمير. وكان ينام على الفراش تارة وعلى الحصير تارة وعلى السرير تارة وعلىالأرض تارة، ويجلس على الأرض، ويخصف نعله، (أي يخرزها ويصلحها) ويرقع ثوبه، وقداتخذ من الغنم والرقيق من الإماء والعبيد بقدر الحاجة. وكان من هديه في الطعام ألايرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً.
اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع لأحدقبله ولا بعده ، كيف لا وهو خير الناس وأكرمهم عند الله تعالى . فقد كان صلى اللهعليه وسلم أفصح الناس ، وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقا حتى إن كلامهليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ، يشهد له بذلك كل من سمعه.
وكان إذا تكلمتكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لايُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي اللهعنها بقولهاما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلمبكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه .
وثبت في (( الصحيحين )) منحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت بجوامعالكلام) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليفهمه السامع ويعقله عنه ، ففي البخاريعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى يفهمعنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم ثلاثاً).
وكان صلى الله عليه وسلم طويلالصمت لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان إذا تكلم افتتح كلامه واختتمه بذكر الله،وأتى بكلام فَصْلٍ ليس بالهزل ، لازيادة فيه عن بيان المراد ولا تقصير ، ولا فحش فيهولا تقريع ، أما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسماً، وغاية ما يكون من ضحكه أنتبدو نواجذه، فكان يَضْحَك مما يُضْحك منه، ويتعجب مما يُتعجب منه.
وكانبكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاؤه بشهيق ولا برفع صوت، كما لميكن ضحكه بقهقهة، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا، ويُسمع لصدره أزيز، وكان صلىالله عليه وسلم تارة يبكى رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده، وتارة يبكي خوفاًعلى أمته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله ، فقد بكى لما قرأ عليه ابنمسعود رضي الله عنه (سورة النساء ) وانتهى إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَامِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41].
وتارة كان يبكي اشتياقاً ومحبة وإجلالاً لعظمة خالقهسبحانه وتعالى.
وما ذكرناه وأتينا عليه من صفاته صلى الله عليه وسلم غيضمن فيض لا يحصره مقال ولا كتاب، وفيما ألمحنا إليه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أرادشكوراً والحمد لله أولاً وأخيرا
م ن للفائدة بأذن الله
اقدم لكم اليوم تكملة السيرة النبوية وهذا الجزء الثالث :
قد علمت أن الله تعالى قد أكرم آل حليمةالسعدية التي أرضعته صلى الله عليه وسلم، فبدل عسرهم يسراً وأشبع غنيماتهم وأدرضروعها في سنة الجدب والشدة، كما بارك سبحانه وتعالى في رزق عمه أبي طالب حينما كانفي كفالته، مع ضيق ذات يده، وأنه سبحانه وتعالى كان يسخر له الغمامة تظله وحده منحر الشمس في سفره إلى الشام، فتسير معه أنى سار دون غيره من أفراد القافلة. وكانسبحانه وتعالى يلهمه الحق ويرشده إلى المكارم والفضائل في أموره كلها، حتى إنه كانإذا خرج لقضاء الحاجة في صغره بَعُدَ عن الناس حتى لا يُرى.
وكان سبحانه وتعالىيكرمه بتسليم الأحجار والأشجار عليه، ويُسمعه ذلك فيلتفت عن يمينه وشماله فلا يرىأحداً.
وقد كان علماء اليهود والنصارى - رهبانهم وكهنتهم- يعرفون زمن مجيئه صلىالله عليه وسلم مما جاء من أوصافه في التوراة وما أخبر به المسيح عيسى بن مريم عليهالصلاة والسلام فكانوا يسألون عن مولده وظهوره وقد عرفه كثيرون منهم لما رأوا ذاتهالشريفة أو سمعوا بأوصافه وأحواله صلى الله عليه وسلم.
وقد نشأ سيدنا محمد صلىالله عليه وسلم ممتازاً بكمال الأخلاق، متباعداً في صغره عن السفاسف التي يشتغل بهاأمثاله في السن عادة، حتى بلغ مبلغ الرجال فكان أرجح الناس عقلاً، وأصحهم رأياً،وأعظمهم مروءة، وأصدقهم حديثاً، وأكبرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، وقد لقبه قومه (بالأمين)، وكانوا يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم.
وقد حفظه الله تعالى منذنشأته من قبيح أحوال الجاهلية، وبَغَّض إليه أوثانهم حتى إنه من صغره كان لا يحلفبها ولا يحترمها ولا يحضر لها عيداً أو احتفالاً، وكان لا يأكل ما ذبح علىالنُّصُب، و النصب هي حجارة كانوا ينصبونها ويصبون عليها دم الذبائح ويعبدونها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب يحن إلى المسكين، ولا يحقر فقيراًلفقره، ولايهاب ملكا لملكه، ولم يكن يشرب الخمر مع شيوع ذلك في قومه، ولا يزنى ولايسرق ولا يقتل، بل كان ملتزما لمكارم الأخلاق التي أساسها الصدق والأمانة والوفاء.
وبالجملة حفظه الله تعالى من النقائص والأدناس قبل النبوة كما عصمه منها بعدالنبوة.
وكان يلبس العمامة والقميص والسراويل، ويتزر ويرتدى بأكيسة من القطن،وربما لبس الصوف والكتان، ولبس الخف والنعال وربما مشى بدونها. وركب الخيل والبغالوالإبل والحمير. وكان ينام على الفراش تارة وعلى الحصير تارة وعلى السرير تارة وعلىالأرض تارة، ويجلس على الأرض، ويخصف نعله، (أي يخرزها ويصلحها) ويرقع ثوبه، وقداتخذ من الغنم والرقيق من الإماء والعبيد بقدر الحاجة. وكان من هديه في الطعام ألايرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً.
اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع لأحدقبله ولا بعده ، كيف لا وهو خير الناس وأكرمهم عند الله تعالى . فقد كان صلى اللهعليه وسلم أفصح الناس ، وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقا حتى إن كلامهليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ، يشهد له بذلك كل من سمعه.
وكان إذا تكلمتكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لايُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي اللهعنها بقولهاما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلمبكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه .
وثبت في (( الصحيحين )) منحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت بجوامعالكلام) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليفهمه السامع ويعقله عنه ، ففي البخاريعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى يفهمعنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم ثلاثاً).
وكان صلى الله عليه وسلم طويلالصمت لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان إذا تكلم افتتح كلامه واختتمه بذكر الله،وأتى بكلام فَصْلٍ ليس بالهزل ، لازيادة فيه عن بيان المراد ولا تقصير ، ولا فحش فيهولا تقريع ، أما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسماً، وغاية ما يكون من ضحكه أنتبدو نواجذه، فكان يَضْحَك مما يُضْحك منه، ويتعجب مما يُتعجب منه.
وكانبكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاؤه بشهيق ولا برفع صوت، كما لميكن ضحكه بقهقهة، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا، ويُسمع لصدره أزيز، وكان صلىالله عليه وسلم تارة يبكى رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده، وتارة يبكي خوفاًعلى أمته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله ، فقد بكى لما قرأ عليه ابنمسعود رضي الله عنه (سورة النساء ) وانتهى إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَامِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41].
وتارة كان يبكي اشتياقاً ومحبة وإجلالاً لعظمة خالقهسبحانه وتعالى.
وما ذكرناه وأتينا عليه من صفاته صلى الله عليه وسلم غيضمن فيض لا يحصره مقال ولا كتاب، وفيما ألمحنا إليه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أرادشكوراً والحمد لله أولاً وأخيرا
م ن للفائدة بأذن الله