الورده النقية
عضو مميز
الزلزال
الزلزال اهتزاز الأرض بسبب انكسار وزحزحة مفاجئة لقطاعات عريضة من قشرة الأرض الصخرية الخارجية. وهو من أعظم الأحداث ذات القوة الهائلة التي تُصيب الأرض ولها نتائج مرعبة. قد يطلق زلزال عنيف كميات من الطاقة تعادل مائة ألف مرة قدر ما أطلقته القنبلة الذرية الأولى. وقد تؤدي حركات الصخور أثناء الزلزال إلى تغيير مجاري الأنهار. كما يمكن أن يؤدي الزلزال إلى حدوث انزلاقات أرضية تؤدي بدورها إلى خراب كبير وفقدان أرواح. وتسبب الزلازل الكبيرة التي تقع تحت مياه المحيط نشوء سلاسل من أمواج بحرية عظيمة مدمرة، تسمى الأمواج السَّنامية تغرق السواحل.
لا تقتل الزلازل الناس غالبًا مباشرة، بل إن كثيرًا من الوفيات والإصابات أثناء الزلازل تنتج عن سقوط الأجسام وعن انهيارات المباني والجسور والمنشآت الأخرى. ويعتبر اشتعال النيران من جراء تحطم خطوط الغاز أو الكهرباء خطرًا رئيسًيا آخر يحدث أثناء الزلزال. كما يعتبر تناثر المواد الكيميائية الخطرة أثناء الزلازل أمرًا بالغ الخطورة. يقوم مخططو الأراضي والمهندسون في معظم أماكن المناطق الزلزالية، بتصميم مشاريع إسكان جديدة ومشاريع إعْمار مثل إقامة الجسور والسدود بهدف الإقلال من تدمير الممتلكات والإصابات وفقدان الأرواح عند وقوع الزلازل.
تتوقف قوة الزلازل على مقدار تكسر الصخور، وعلى مقدار زحزحتها، وبمقدور الزلازل القوية هز الأرض الصلبة بعنف إلى مسافات شاسعة. وخلال الزلازل الصغيرة فإن اهتزاز الأرض قد لا يتعدى الاهتزاز الذي يسببه مرور شاحنة كبيرة.
يقع في العموم زلزال قوي أقل من مرة واحدة كل سنتين. ويقع على الأقل كل عام حوالي أربعين زلزالاً متوسط القوة يحدث دمارًا في أماكن من العالم. كما يقع كل عام نحو من أربعين إلى خمسين ألف زلزال صغير يمكن الإحساس بحدوثها دون أن تؤدي إلى دمار.
كيف يبدأ الزلزال
تحدث الزلازل عندما تنكسر الصخور وتتزحزح مطلقة كمية من الطاقة في شكل ذبذبات تسمى الموجات السيزمية. وتسمى النقطة داخل الأرض التي تنكسر فيها الصخور أولاً، البؤر ة. وتسمى النقطة المقابلة من سطح الأرض التي تقع مباشرة فوق بؤرة الزلزال بؤرة الزلزال السطحية.
تقع معظم الزلازل على طول امتداد الصدوع. والصدع كسْر يحدث في صخور قشرة الأرض الخارجية، يحدث حينما تنزلق قطاعات صخرية الواحدة عبر الأخرى بصورة متكررة. وتكون الصدوع في مناطق ضعف صخور الأرض، ومعظمها تحت سطح الأرض، لكن بعض الصدوع مثل صدع سان أندرياس في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية يشاهد فوق سطح الأرض. وتؤدي الإجهادات المطبقة على الأرض إلى التواء كتل كبيرة من الصخر على طول امتداد الصدع. وعندما يبلغ التواء الصخر حده الأقصى، فإن الصخر يتكسر وينهار متجزئًا إلى وضع جديد، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اهتزاز زلزالي.
تبدأ الزلازل عادة عميقة تحت سطح الأرض. وتسمّى النقطة في داخل الأرض التي تنكسر الصخور عندها أولاً البؤرة أو المركز، كما تسمى أيضًا المركز الباطني للزلزال أو بؤرة الزلزال العميقة. تقع بؤرة معظم الزلازل على عمق أقل من 70كم تحت سطح الأرض وذلك بالرغم من أن أعمق البؤرات المعروفة تكون عند عمق 700 كم تحت سطح الأرض. وتسمى النقطة المقابلة من سطح الأرض، التي تقع مباشرة فوق بؤرة الزلزال بؤرة الزلزال السطحية أو مركز الزلزال السطحي. ويحس الناس عادة بالاهتزاز الأكبر للأرض بالقرب من بؤرة الزلزال السطحية.
ينتشر الكسر في الصخر من بؤرة الزلزال على هيئة شق يمتد على طول الصدع. وتتوقف سرعة انتشار الكسر على طبيعة الصخر وقد تبلغ حوالي ثلاثة كيلومترات في الثانية في صخر الجرانيت أو أي صخر آخر قوي. وبهذا المعدل للسرعة فإن كسرًا قد يمتد إلى ما يزيد على 560كم في اتجاه واحد في أقل من ثلاث دقائق. ولدى امتداد الكسر على طول الصدع، فقد تسقط كتل من الصخر على أحد جانبي الصدع وتهبط تحت الصخر على الجانب الآخر من الصدع، أو أنها تتحرك صاعدة فوقها أو أنها تنزلق متقدمة عليها.
كيف ينتشر الزلزال
عندما يقع زلزال ما، فإن انكسار الصخور بعنف يطلق كميات من الطاقة تنتقل خلال الأرض على هيئة اهتزازات تسمى موجات زلزالية (سيزمية). تنطلق الموجات السيزمية من بؤرة الزلزال في كل الاتجاهات، ولدى انطلاقها فإنها تضعف تدريجيًا ولهذا فإن الأرض تهتز بصورة أقل كلما ابتعدت عن مركز الزلزال.
هناك نوعان رئيسان من الموجات السيزمية: 1- موجــات باطنيــة 2- موجات سطحية. تنتقل الموجات الباطنية وهي الموجات الأسرع خلال باطن الأرض بينما تنتقل الموجات السطحية وهي الأبطأ عبر سطح الأرض.
الموجات السيزمية المختلفة تنتقل عبر الصخور بطرق متعددة. تنتقل الموجة التضاغطية عبر الأرض بضغط الصخور وتمديدها. وعندما تضرب موجة القص كذلك عبر الأرض بتحريك الصخور إلى الأمام وإلى الخلف وعلى السطح، تهز المباني بشدة. وتنتقل موجة لف عبر سطح الأرض وتحرك الأرض من جانب لآخر. أما موجه رايلي فتنتقل أيضًا عبر الصخور على سطح الأرض طاوية مثل موج البحر.
الموجات الباطنيَّة تكاد تكون سببًا في حدوث معظم الدمار الزلزالي. وهناك نوعان من الموجات الباطنية: 1- موجات تضاغطية 2- موجات قص. حينما تنتقل الموجات خلال الأرض فإنها تؤدي إلى تحرك جُسيمات الصخر بطرق مختلفة. فتدفع الموجات التضاغطية الصخر وتسحبه. وتؤدي إلى انكماش وتمدد المباني والأبنية الأخرى. وتلوي موجات القص الصخر أو تجعله ينزلق من جانب إلى آخر كما أنها تهز المباني. فتنتقل الموجات التضاغطية خلال الجوامد والسوائل والغازات، أما موجات القص فإنها تنتقل خلال الجوامد فقط.
تعتبر الموجات التضاغطية موجات سيزمية أكثر سرعة وهي الأسبق في الوصول إلى نقطة بعيدة، ولهذا فإنها تسمى أيضًا الموجات الأولية، أما موجات القص فتنتقل ببطء وتصل متأخرة ولهذا فهي تسمى الموجات الثانوية.
تنتقل الموجات الباطنية في أعماق الأرض بسرعة أكبر من سرعتها بالقرب من سطح الأرض. فمثلا تنتقل الموجات التضاغطية عند أعماق تقل عن 25كم بسرعة 68كم/ثانية. بينما تنتقل الموجات القصيّة بسرعة 38 كم/ثانية. تنتقل الموجات عند عمق 1000كم بسرعة تعادل ضعفًا ونصف الضِّعف من سرعتها العادية.
الموجات السَّطحيَّة. موجات طويلة بطيئة مسؤولة عمــا يحس به الناس من اهتزاز صخري بطيء. وهي لا تسبب دمارًا وإنَّما تسبب خرابًا طفيفًا. وهناك نوعان من الموجات السطحية: 1- موجات لف السطحية 2- موجات رايلي السطحية. تنتقل موجات لف بصورة أفقية خلال سطح الأرض وتحرك الأرض من جانب لآخر. أما موجات رايلي فإنها تجعل سطح الأرض يموج كأمواج المحيط. تنتقل موجات لف المثالية بسرعة 44كم/ثانية، وتنتقل موجات رايلي الأبطأ بسرعة 37كم/ثانية. وقد سمي هذان النمطان من الموجات باسم اثنين من الفيزيائيين البريطانيين هما أوغسطس لف ولورد رايلي اللذان توقعا وجود هذه الموجات بطريقة رياضية وذلك عامي 1885م، 1911م على التوالي.
الدمار الذي تسببه الزلازل
كيف تسبب الزلازل الدمار. قد تدمر الزلازل المباني والجسور والسدود والأبنية الأرضية كما أنها قد تدمر العديد من المظاهر الطبيعية. يحدث بالقرب من صدع ما، عملية إزاحة وزحزحة كتل صخرية كبيرة من قشرة الأرض والمسماة الانزلاق الصدعي وكذلك عملية اهتزاز الأرض بسبب الموجات السيزمية تسببان الدمار والانهيارات. أما بعيدًا عن الصدع فإن اهتزاز الأرض يكون سببًا في معظم الدمار الحاصل. قد تتسبب الزلازل التي تقع تحت مياه البحر في نشوء أمواج بحرية زلزالية تطغى فوق المناطق الساحلية. وتشمل مخاطر الزلازل الأخرى مثل الانهيارات الصخرية وانخساف الأرض واقتلاع الأشجار.
الانزلاق الصدعي. قد تُزحزح الصخور على جانبي الصدع بلطف أثناء الزلزال أي أنها تتحرك لعدة أمتار. وفي بعض الحالات فإن الصخور الموجودة في عمق الأرض هي التي تُزحزح فقط ولا تحدث أية حركة للصخور الموجودة عند سطح الأرض. قد ترتفع الأرض فجأة لعلو ستة أمتار أو أكثر في زلزال كبير جدًا. قد يُلْوي كل تركيب أرضي مزامن للصدع أو أنه يتخلع بقوة إلى أجزاء. وقد تؤدي الكتل الأرضية المُزحزحة أو المزاحة من أماكنها إلى تفكك التربة والصخور على امتداد منحدر ما، الأمر الذي يسبب انزلاقات أرضية. هذا بالإضافة إلى أن الانزلاق الصدعي قد يؤدي إلى تحطم ضفاف الأنهار والبحيرات والأجسام المائية الأخرى مسببًا فيضانات.
اهتزاز الأرض. يؤدي إلى ترنح الأبنية الأرضية من جانب لآخر كما يؤدي إلى ارتفاعها وانخفاضها فجأة وكذلك إلى تحركها بعنف. وقد تنزلق المباني من فوق قواعدها وتنهار أو تهتز وتتشقق.
قد تؤدي عملية تسمى الإسالة إلى زيادة قوة التدمير الزلزالي وذلك في المناطق ذات التربة الناعمة الرطبة. وتحدث عملية الإسالة حينما تسلك التربة بسبب اهتزاز الأرض سلوكًا مؤقتًا كجسم سائل أكثر من سلوكها كجسم صلب. وهكذا يمكن أن يغوص كل جسم فوق التربة السائلة في داخل الأرض الطرية الرطبة. كما قد تطفح التربة المميعة وتسيل باتجاه المناطق المنخفضة طامرة كل ما يعترض مسارها.
الأمواج السنامية. تعطي زلزلة قاع المحيط دفعًا هائلاً لمياه البحر المجاورة لها. وهذه الأخيرة تبني واحدة أو أكثر من الأمواج الكبيرة المدمرة تسمى أمواجًا بحرية سنامية. وتعرف أيضًا باسم الموجات السيزمية البحرية كما يسميها بعض الناس الأمواج المدِّية، ويعتبر العلماء هذه التسمية الأخيرة غير صحيحة لأن هذه الأمواج لا تنتج عن ظاهرة المدِّ والجزر. قد يبلغ ارتفاع الأمواج البحرية السنامية أكثر من ثلاثين مترًا وذلك عندما تصل إلى المياه الضحلة قرب الشاطئ. تتحرك الأمواج البحرية السنامية في المحيط المفتوح بسرعات تبلغ 800-970كم/س. وهي تستطيع الانتقال إلى مسافات بعيدة دون أن ينقص من حجمها إلا القليل. وهي تفيض فوق المناطق الساحلية على بعد آلاف الكيلومترات من مصدر هذه الأمواج.
مخاطر التراكيب الأرضية. تنهار الأبنية الأرضية أثناء الزلزلة وذلك إن كانت ضعيفة جدًا، أو كانت صلبة إلى درجة لا تستطيع معها الثبات والصمود أمام القوى الكبيرة المطبقة على الصخور. وبالإضافة لهذه فقد تهتز المباني فوق مساحات واسعة وتتتصادم ببعضها بعضًا.
تعتبر النار سببًا رئيسيًا في الوفيات وتدمير الممتلكات أثناء الزلازل. وقد تنشب النيران إذا ما دمر الزلزال خطوط الغاز والكهرباء.
يعتبر زلزال سان فرانسيسكو عام 1906م واحدًا من أسوأ الكوارث في تاريخ الولايات المتحدة وذلك بسبب النيران التي اتقدت بقوة لمدة ثلاثة أيام بعد وقوع الزلزال.
تشمل المخاطر الأخرى أثناء الزلزال اندلاق مواد كيميائية سامة وسقوط أجسام كفروع الأشجار وطوب وزجاج المباني. كما قد تتحطم خطوط الصرف الصحي وينساب ماء المجاري إلى مصادر مياه الشرب العذبة. وقد يسبب شرب مثل هذا الماء غير النقي الكوليرا والتيفوئيد والدوسنتاريا وأمراضًا خطيرة أخرى.
تعطل وتوقف القدرة الكهربائية ووسائل الاتصال وعمليات الانتقال والنقل الحاصلة بعد وقوع الزلزال تعيق عمل فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الوفيات والإصابات. ثم إن مكاتب الأعمال والمكاتب الحكومية قد تفقد سجلاتها ومواردها، الأمر الذي يبطئ عمليات الانتعاش والإغاثة بعد الكارثة.
بناية مقاومة للزلازل تحتوي على تراكيب مثل جدران قص وعمود قص مركزي وتدعيم متقاطع وعوازل قاعدية تعمل ماصات للصدمات. كما أن وجود خندق (أو حفر) يحيط بالمبنى يسمح بترنح المبنى دون أن ينهار.
تقليل حجم الدمار الزلزالي. معرفة أين تبني وكيف تبني، في المناطق المعرضة لوقوع الزلازل تساعد في تقليل عدد الوفيات ودمار الممتلكات عند وقوع الزلزال وكذلك فإن إدراكك لما تفعل عند وقوع زلزال يساعد أيضًا في منع الإصابات والوفيات.
أين تبني. يحاول العلماء تعريف وتحديد المناطق التي يحتمل أن تعاني من دمار كبير لدى وقوع الزلزال. وهم ينشئون ويطورون خرائط تُوضح أماكن الصدوع ومسطحات الفيضان (المناطق التي سبق أن تعرضت للفيضان) والمناطق المعرضة لانزلاقات أرضية أو تميع للتربة. وكذلك فإن العلماء يحددون المواقع من الأرض التي تعرضت لزلازل سابقة. حدد مخططو استعمالات الأراضي بالاعتماد على هذه الخرائط مناطق من الأرض اعتبرت غير آمنة، الأمر الذي ساعد في التحذير من إنشاء وإقامة أبنية غير آمنة في هذه المناطق المعرضة لضرب الزلازل.
كيف تبني. طور المهندسون عدة طرق لبناء أبنية مقاومة للزلازل، وتتراوح تقنياتهم من البساطة المتناهية إلى التعقيد لحد ما. تشمل تقنية استخدام الأسمنت المسلح في المباني الصغيرة والمتوسطة الحجم تثبيت المباني إلى قواعدها بالقضبان المعدنية وتزويدها بجدران داعمة تسمى جدران قص. تساعد جدران القص المشيدة من الإسمنت المسلح (إسمنت متضمنًا قضبان معدنية) في تقوية البناء وفي الصمود أمام القوى المطبقة على الصخر تُشكِّل إقامة جدران قص في وسط مبنى حول نفق مصعد أو بئر سلم يسمى عمود القص المركزي. ويمكن تسليح الجدران بدعائم فولاذية مائلة في تقنية تسمى التدعيم المتقاطع.
يحمي البناءون المباني متوسطة الحجم أيضًا باستخدام أجهزة تعمل على امتصاص الصدمة توضع بين جسم المبنى وقواعده. تسمى هذه الأجهزة العوازل القاعدية، وهي عبارة عن سنادات مصنوعة من طبقات متعاقبة من الفولاذ ومادة مطاطية مرنة كالمطاط الصناعي. تمتص العوازل القاعدية الحركة الجانبية والتي لولا وجود العوازل هذه لسببت دمارًا كبيرًا للمبنى.
يلزم استخدام طريقة بناء خاصة لإقامة ناطحات سحاب مقاومة للزلازل. ويجب أن تغرز عميقًا وبأمان في الأرض، كما يلزم استخدام شبكة من الحديد المسلح بوصلات أكثر قوة من تلك المستعملة في ناطحات السحاب العادية وذلك لجعل الناطحات قوية ومرنة إلى درجة تستطيع معها الصمود أمام الزلازل.
تُثبَّت الأدوات الثقيلة والأثاث والتراكيب الأخرى الموجودة في المنازل والمدارس وأماكن العمل الأخرى المصممة لمقاومة الزلازل وذلك لمنعها من السقوط أو الانقلاب لدى اهتزاز المباني. كما يجب تسليح خطوط الماء والغاز بمفاصل خاصة قابلة للانثناء وذلك لمنع تحطمها عند وقوع الزلزال.
احتياطات السلامة. هي أمر حيوي عندما يقع الزلزال. فبمقدور الناس أن يحموا أنفسهم بأن يقفوا تحت إطارات الأبواب أو يزحفوا ويختبئوا تحت المناضد والمقاعد ريثما يتوقف الزلزال. وعليهم ألا يخرجوا إلى خارج المباني حتى يتوقف الاهتزاز تمامًا.
كما أنه يتعين عليهم استخدام الاحتياطات البالغة حتى بعد توقف الزلزال. قد يُتْبَع الزلزال الكبير بزلازل عديدة صغيرة تسمى روادف أو توابع وعلى الناس أن يبقوا بعيدًا عن الجدران والنوافذ والتراكيب التي أصابها الدمار إذ أنها قد تنهار في تابعة زلزالية. وعلى الذين يكونون خارج المباني عند وقوع الزلزال أن يتحركوا بعيدًا عن الأشجار العالية والمنحدرات الشديدة والمباني وخطوط القدرة الكهربائية. وإن كانوا بالقرب من جسم مائي كبير فعليهم الانتقال إلى أرض مرتفعة.
أين تقع الزلازل ولماذا
خريطة: أين تحدث الزلازل
طور العلماء نظرية تدعى حركية الصفائح القارية وهي تفسر سبب وقوع معظم الزلازل. وحسب هذه النظرية فإن قشرة الأرض الخارجية تتألف من حوالي عشر صفائح كبيرة صلبة وحوالي عشرين صفيحة أصغر حجمًا. تتألف كل صفيحة من قطاع من قشرة الأرض وجزء من وشاح الأرض. والأخير هو طبقة سميكة من مصهور صخري حار يقع تحت قشرة الأرض. ويطلق العلماء على هذه الطبقة من قشرة الأرض مع الجزء العلوي من الوشاح اسم الغلاف الصخري. تتحرك الصفائح حركة دائبة بطيئة فوق نطاق الانسياب وهو طبقة من مصهور الصخر الحار الناعم الطري توجد في الوشاح. ولدى تحرك الصفائح، فإنها قد تتصادم مع بعضها بعضًا أو أنها تتباعد بعضها عن بعض أو أنها تنزلق إحداها فوق الأخرى.
تؤدي حركة الصفائح إلى إجهاد الصخور على حدود التقاء الصفائح بعضها ببعض وتشكيل نطاق صدوع حول حدود الصفائح هذه. قد تُحْشَر الصخور في مكان ما على طول امتداد بعض الصدوع بحيث لا تستطيع الانزلاق عند تحرك الصفائح، وهكذا يتولد جهد في الصخور الواقعة على جانبي الصدع يؤدي إلى تكسرها وزحزحتها على هيئة زلزال. انظر: تشكل الصخور، علم.
هناك ثلاثة طرز من الصدوع: 1- صدوع عادية 2- صدوع معكوسة 3- صدوع انزلاقية مضربية. في الصدوع العادية والمعكوسة ينحدر الكسر الحاصل في الصخر إلى أسفل كما تتحرك الصخور إلى أعلى أو أسفل على طول الكسر. وفي الصدع العادي تنزلق كتلة الصخر في الجانب العلوي من الكسر إلى أسفل. أما في الصدع المعكوس فيكون الصخر على جانبي الصدع مضغوطًا بشكل كبير، وإن قوى الضغط تؤدي إلى انزلاق كتلة الصخر العليا إلى أعلى وإلى رمي كتلة الصخر السفلى إلى أسفل. وفي صدع المضرب يمتد الكسر مستقيمًا أو تنزلق الكتل الصخرية على امتداد الكسر الواحدة منها بإزاء الأخرى بشكل أفقي.
تقع معظم الزلازل في نطق الصدوع على حدود الصفائح وتعرف مثل هذه الزلازل الزلازل بين الصفائح، كما تقع بعض الزلازل الأخرى في داخل جسم الصفيحة ذاتها وتسمى في هذه الحال الزلازل داخل الصفيحة.
--------------------------------------------------------------------------------
أنماط الصدوع: سبب تحرك الأرض المعروف باسم الصدع معظم الزلازل. وفي الصدع العادي (إلى اليمين) تُرى كتلتان من الأرض قد تباعدتا وسقطت إحداهما إلى أسفل. وفي الصدع المعكوس (في الوسط) يُرَى تصادم كتلتين تسمح بالترنح دون السقوط واندفاع إحداهما تحت الأخرى. وفي الصدع الانزلاق المضربي ( إلى اليسار) انزلقت الكتلتان بعضها على بعض.
--------------------------------------------------------------------------------
صدع عادي
صدع معكوس
صدع انزلاقي مضربي
الزلازل بين الصفائح. وتقع على امتداد أنماط ثلاثة من حواف الصفائح القارية وهي: 1- حيد اتساع قيعان المحيطات 2- نُطُق الغوص 3- صدوع تحولية.
حيد اتساع قيعان المحيطات. هي أماكن في قاع أحواض المحيطات العميقة، حيثما تتحرك صفائح مبتعدة بعضها عن بعض. لدى انفصال الصفائح بعضها عن بعض، تصعد اللابة الساخنة القادمة من الوشاح وتنحشر بين الصفائح، تبرد اللابة تدريجيًا وتتقلص وتتشقق محدثة صدوعًا. وتكون معظم الصدوع المتشكلة صدوعًا عادية. وعلى طول امتداد الصدوع تتكسر كتل من الصخر وتنزلق إلى أسفل بعيدًا عن الحيد الجبلية في قاع المحيط وتحدث زلزالاً. تكون الصفائح بالقرب من الحيد الجبلية المحيطية رفيعة وضعيفة كما يكون الصخر ساخنًا، لم يبرد بعد ولا يزال مرنًا قابلاً للانثناء إلى حد ما. ولهذه الأسباب فإنه لا تتشكل إجهادات كبيرة في الصخر. وتكون معظم الزلازل التي تقع بالقرب من حيد قيعان المحيطات ضحلة متوسطة إلى بالغة العنف.
نطق الغوص حدود تصادم صفيحتين حيث تدفع حافة صفيحة تحت حافة صفيحة أخرى في عملية تسمى الغوص أو الاندساس. وبسبب قوى الكبس على هذه النطق فإن العديد من الصدوع الحادثة تكون صدوعًا معكوسة. يقع حوالي 80% من الزلازل في نطق غوص تحلِّق (أو تحيط) المحيط الهادئ أسفل الصفائح الحاملة للقارات. يسبب انسحاق الصفائح المحيطية الأكثر برودة والقابلة للتكسر تحت الصفائح القارية إجهادات عظيمة تنطلق على هيئة زلازل عالمية كبيرة.
تقع أعمق الزلازل العالمية عند نطق غوص على عمق حوالي 700كم، وتحت هذا العمق يكون الصخر ساخنًا ولزجًا بحيث لا يمكن تكسره فجأة وإحداث زلزال.
صدوع تحولية. هي أماكن انزلاق الصفائح الواحدة إزاء الأخرى أفقيًا، وتقع صدوع انزلاق مضربية هناك أيضًا. قد تكون الزلازل الواقعة على امتداد الصدوع التحولية كبيرة، لكنها لا تكون بكبر أو عمق الزلازل على نُطُق الغوص.
أحد أعظم الصدوع التحولية شهرة هو صدع سان أندرياس حيث حدثت الانزلاقات التي حرَّكت صفيحة المحيط الهادئ فوق صفيحة أمريكا الشمالية. ويعتبر صدع سان أندرياس والصدوع الأخرى المصاحبة له سببًا في معظم الزلازل في كاليفورنيا. انظر: سان أندرياس، صدع .
الزلازل داخل الصفائح. ليست شائعة ولا كبيرة مثل تلك الزلازل التي تقع على طول حدود الصفائح. أكبر هذه الزلازل يكون أصغر مائة مرة من الزلازل بين الصفائح الكبيرة.
تميل الزلازل داخل الصفيحة إلى الوقوع في المناطق الضعيفة الهشة من داخل الصفيحة. ويعتقد العلماء أن الزلازل داخل الصفيحة تنتج عن إجهادات تطبق على داخل الصفيحة من جراء تغيرات الحرارة والضغط داخل الصخر، كما قد يكون مصدر الإجهاد موجودًا على حدود صفيحة قارية بعيدًا. قد تؤدي هذه الإجهادات إلى وقوع زلازل على طول امتدادات الصدوع العادية والمعكوسة وصدوع الانزلاق المضربية.
الزلزال اهتزاز الأرض بسبب انكسار وزحزحة مفاجئة لقطاعات عريضة من قشرة الأرض الصخرية الخارجية. وهو من أعظم الأحداث ذات القوة الهائلة التي تُصيب الأرض ولها نتائج مرعبة. قد يطلق زلزال عنيف كميات من الطاقة تعادل مائة ألف مرة قدر ما أطلقته القنبلة الذرية الأولى. وقد تؤدي حركات الصخور أثناء الزلزال إلى تغيير مجاري الأنهار. كما يمكن أن يؤدي الزلزال إلى حدوث انزلاقات أرضية تؤدي بدورها إلى خراب كبير وفقدان أرواح. وتسبب الزلازل الكبيرة التي تقع تحت مياه المحيط نشوء سلاسل من أمواج بحرية عظيمة مدمرة، تسمى الأمواج السَّنامية تغرق السواحل.
لا تقتل الزلازل الناس غالبًا مباشرة، بل إن كثيرًا من الوفيات والإصابات أثناء الزلازل تنتج عن سقوط الأجسام وعن انهيارات المباني والجسور والمنشآت الأخرى. ويعتبر اشتعال النيران من جراء تحطم خطوط الغاز أو الكهرباء خطرًا رئيسًيا آخر يحدث أثناء الزلزال. كما يعتبر تناثر المواد الكيميائية الخطرة أثناء الزلازل أمرًا بالغ الخطورة. يقوم مخططو الأراضي والمهندسون في معظم أماكن المناطق الزلزالية، بتصميم مشاريع إسكان جديدة ومشاريع إعْمار مثل إقامة الجسور والسدود بهدف الإقلال من تدمير الممتلكات والإصابات وفقدان الأرواح عند وقوع الزلازل.
تتوقف قوة الزلازل على مقدار تكسر الصخور، وعلى مقدار زحزحتها، وبمقدور الزلازل القوية هز الأرض الصلبة بعنف إلى مسافات شاسعة. وخلال الزلازل الصغيرة فإن اهتزاز الأرض قد لا يتعدى الاهتزاز الذي يسببه مرور شاحنة كبيرة.
يقع في العموم زلزال قوي أقل من مرة واحدة كل سنتين. ويقع على الأقل كل عام حوالي أربعين زلزالاً متوسط القوة يحدث دمارًا في أماكن من العالم. كما يقع كل عام نحو من أربعين إلى خمسين ألف زلزال صغير يمكن الإحساس بحدوثها دون أن تؤدي إلى دمار.
كيف يبدأ الزلزال
تحدث الزلازل عندما تنكسر الصخور وتتزحزح مطلقة كمية من الطاقة في شكل ذبذبات تسمى الموجات السيزمية. وتسمى النقطة داخل الأرض التي تنكسر فيها الصخور أولاً، البؤر ة. وتسمى النقطة المقابلة من سطح الأرض التي تقع مباشرة فوق بؤرة الزلزال بؤرة الزلزال السطحية.
تقع معظم الزلازل على طول امتداد الصدوع. والصدع كسْر يحدث في صخور قشرة الأرض الخارجية، يحدث حينما تنزلق قطاعات صخرية الواحدة عبر الأخرى بصورة متكررة. وتكون الصدوع في مناطق ضعف صخور الأرض، ومعظمها تحت سطح الأرض، لكن بعض الصدوع مثل صدع سان أندرياس في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية يشاهد فوق سطح الأرض. وتؤدي الإجهادات المطبقة على الأرض إلى التواء كتل كبيرة من الصخر على طول امتداد الصدع. وعندما يبلغ التواء الصخر حده الأقصى، فإن الصخر يتكسر وينهار متجزئًا إلى وضع جديد، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اهتزاز زلزالي.
تبدأ الزلازل عادة عميقة تحت سطح الأرض. وتسمّى النقطة في داخل الأرض التي تنكسر الصخور عندها أولاً البؤرة أو المركز، كما تسمى أيضًا المركز الباطني للزلزال أو بؤرة الزلزال العميقة. تقع بؤرة معظم الزلازل على عمق أقل من 70كم تحت سطح الأرض وذلك بالرغم من أن أعمق البؤرات المعروفة تكون عند عمق 700 كم تحت سطح الأرض. وتسمى النقطة المقابلة من سطح الأرض، التي تقع مباشرة فوق بؤرة الزلزال بؤرة الزلزال السطحية أو مركز الزلزال السطحي. ويحس الناس عادة بالاهتزاز الأكبر للأرض بالقرب من بؤرة الزلزال السطحية.
ينتشر الكسر في الصخر من بؤرة الزلزال على هيئة شق يمتد على طول الصدع. وتتوقف سرعة انتشار الكسر على طبيعة الصخر وقد تبلغ حوالي ثلاثة كيلومترات في الثانية في صخر الجرانيت أو أي صخر آخر قوي. وبهذا المعدل للسرعة فإن كسرًا قد يمتد إلى ما يزيد على 560كم في اتجاه واحد في أقل من ثلاث دقائق. ولدى امتداد الكسر على طول الصدع، فقد تسقط كتل من الصخر على أحد جانبي الصدع وتهبط تحت الصخر على الجانب الآخر من الصدع، أو أنها تتحرك صاعدة فوقها أو أنها تنزلق متقدمة عليها.
كيف ينتشر الزلزال
عندما يقع زلزال ما، فإن انكسار الصخور بعنف يطلق كميات من الطاقة تنتقل خلال الأرض على هيئة اهتزازات تسمى موجات زلزالية (سيزمية). تنطلق الموجات السيزمية من بؤرة الزلزال في كل الاتجاهات، ولدى انطلاقها فإنها تضعف تدريجيًا ولهذا فإن الأرض تهتز بصورة أقل كلما ابتعدت عن مركز الزلزال.
هناك نوعان رئيسان من الموجات السيزمية: 1- موجــات باطنيــة 2- موجات سطحية. تنتقل الموجات الباطنية وهي الموجات الأسرع خلال باطن الأرض بينما تنتقل الموجات السطحية وهي الأبطأ عبر سطح الأرض.
الموجات السيزمية المختلفة تنتقل عبر الصخور بطرق متعددة. تنتقل الموجة التضاغطية عبر الأرض بضغط الصخور وتمديدها. وعندما تضرب موجة القص كذلك عبر الأرض بتحريك الصخور إلى الأمام وإلى الخلف وعلى السطح، تهز المباني بشدة. وتنتقل موجة لف عبر سطح الأرض وتحرك الأرض من جانب لآخر. أما موجه رايلي فتنتقل أيضًا عبر الصخور على سطح الأرض طاوية مثل موج البحر.
الموجات الباطنيَّة تكاد تكون سببًا في حدوث معظم الدمار الزلزالي. وهناك نوعان من الموجات الباطنية: 1- موجات تضاغطية 2- موجات قص. حينما تنتقل الموجات خلال الأرض فإنها تؤدي إلى تحرك جُسيمات الصخر بطرق مختلفة. فتدفع الموجات التضاغطية الصخر وتسحبه. وتؤدي إلى انكماش وتمدد المباني والأبنية الأخرى. وتلوي موجات القص الصخر أو تجعله ينزلق من جانب إلى آخر كما أنها تهز المباني. فتنتقل الموجات التضاغطية خلال الجوامد والسوائل والغازات، أما موجات القص فإنها تنتقل خلال الجوامد فقط.
تعتبر الموجات التضاغطية موجات سيزمية أكثر سرعة وهي الأسبق في الوصول إلى نقطة بعيدة، ولهذا فإنها تسمى أيضًا الموجات الأولية، أما موجات القص فتنتقل ببطء وتصل متأخرة ولهذا فهي تسمى الموجات الثانوية.
تنتقل الموجات الباطنية في أعماق الأرض بسرعة أكبر من سرعتها بالقرب من سطح الأرض. فمثلا تنتقل الموجات التضاغطية عند أعماق تقل عن 25كم بسرعة 68كم/ثانية. بينما تنتقل الموجات القصيّة بسرعة 38 كم/ثانية. تنتقل الموجات عند عمق 1000كم بسرعة تعادل ضعفًا ونصف الضِّعف من سرعتها العادية.
الموجات السَّطحيَّة. موجات طويلة بطيئة مسؤولة عمــا يحس به الناس من اهتزاز صخري بطيء. وهي لا تسبب دمارًا وإنَّما تسبب خرابًا طفيفًا. وهناك نوعان من الموجات السطحية: 1- موجات لف السطحية 2- موجات رايلي السطحية. تنتقل موجات لف بصورة أفقية خلال سطح الأرض وتحرك الأرض من جانب لآخر. أما موجات رايلي فإنها تجعل سطح الأرض يموج كأمواج المحيط. تنتقل موجات لف المثالية بسرعة 44كم/ثانية، وتنتقل موجات رايلي الأبطأ بسرعة 37كم/ثانية. وقد سمي هذان النمطان من الموجات باسم اثنين من الفيزيائيين البريطانيين هما أوغسطس لف ولورد رايلي اللذان توقعا وجود هذه الموجات بطريقة رياضية وذلك عامي 1885م، 1911م على التوالي.
الدمار الذي تسببه الزلازل
كيف تسبب الزلازل الدمار. قد تدمر الزلازل المباني والجسور والسدود والأبنية الأرضية كما أنها قد تدمر العديد من المظاهر الطبيعية. يحدث بالقرب من صدع ما، عملية إزاحة وزحزحة كتل صخرية كبيرة من قشرة الأرض والمسماة الانزلاق الصدعي وكذلك عملية اهتزاز الأرض بسبب الموجات السيزمية تسببان الدمار والانهيارات. أما بعيدًا عن الصدع فإن اهتزاز الأرض يكون سببًا في معظم الدمار الحاصل. قد تتسبب الزلازل التي تقع تحت مياه البحر في نشوء أمواج بحرية زلزالية تطغى فوق المناطق الساحلية. وتشمل مخاطر الزلازل الأخرى مثل الانهيارات الصخرية وانخساف الأرض واقتلاع الأشجار.
الانزلاق الصدعي. قد تُزحزح الصخور على جانبي الصدع بلطف أثناء الزلزال أي أنها تتحرك لعدة أمتار. وفي بعض الحالات فإن الصخور الموجودة في عمق الأرض هي التي تُزحزح فقط ولا تحدث أية حركة للصخور الموجودة عند سطح الأرض. قد ترتفع الأرض فجأة لعلو ستة أمتار أو أكثر في زلزال كبير جدًا. قد يُلْوي كل تركيب أرضي مزامن للصدع أو أنه يتخلع بقوة إلى أجزاء. وقد تؤدي الكتل الأرضية المُزحزحة أو المزاحة من أماكنها إلى تفكك التربة والصخور على امتداد منحدر ما، الأمر الذي يسبب انزلاقات أرضية. هذا بالإضافة إلى أن الانزلاق الصدعي قد يؤدي إلى تحطم ضفاف الأنهار والبحيرات والأجسام المائية الأخرى مسببًا فيضانات.
اهتزاز الأرض. يؤدي إلى ترنح الأبنية الأرضية من جانب لآخر كما يؤدي إلى ارتفاعها وانخفاضها فجأة وكذلك إلى تحركها بعنف. وقد تنزلق المباني من فوق قواعدها وتنهار أو تهتز وتتشقق.
قد تؤدي عملية تسمى الإسالة إلى زيادة قوة التدمير الزلزالي وذلك في المناطق ذات التربة الناعمة الرطبة. وتحدث عملية الإسالة حينما تسلك التربة بسبب اهتزاز الأرض سلوكًا مؤقتًا كجسم سائل أكثر من سلوكها كجسم صلب. وهكذا يمكن أن يغوص كل جسم فوق التربة السائلة في داخل الأرض الطرية الرطبة. كما قد تطفح التربة المميعة وتسيل باتجاه المناطق المنخفضة طامرة كل ما يعترض مسارها.
الأمواج السنامية. تعطي زلزلة قاع المحيط دفعًا هائلاً لمياه البحر المجاورة لها. وهذه الأخيرة تبني واحدة أو أكثر من الأمواج الكبيرة المدمرة تسمى أمواجًا بحرية سنامية. وتعرف أيضًا باسم الموجات السيزمية البحرية كما يسميها بعض الناس الأمواج المدِّية، ويعتبر العلماء هذه التسمية الأخيرة غير صحيحة لأن هذه الأمواج لا تنتج عن ظاهرة المدِّ والجزر. قد يبلغ ارتفاع الأمواج البحرية السنامية أكثر من ثلاثين مترًا وذلك عندما تصل إلى المياه الضحلة قرب الشاطئ. تتحرك الأمواج البحرية السنامية في المحيط المفتوح بسرعات تبلغ 800-970كم/س. وهي تستطيع الانتقال إلى مسافات بعيدة دون أن ينقص من حجمها إلا القليل. وهي تفيض فوق المناطق الساحلية على بعد آلاف الكيلومترات من مصدر هذه الأمواج.
مخاطر التراكيب الأرضية. تنهار الأبنية الأرضية أثناء الزلزلة وذلك إن كانت ضعيفة جدًا، أو كانت صلبة إلى درجة لا تستطيع معها الثبات والصمود أمام القوى الكبيرة المطبقة على الصخور. وبالإضافة لهذه فقد تهتز المباني فوق مساحات واسعة وتتتصادم ببعضها بعضًا.
تعتبر النار سببًا رئيسيًا في الوفيات وتدمير الممتلكات أثناء الزلازل. وقد تنشب النيران إذا ما دمر الزلزال خطوط الغاز والكهرباء.
يعتبر زلزال سان فرانسيسكو عام 1906م واحدًا من أسوأ الكوارث في تاريخ الولايات المتحدة وذلك بسبب النيران التي اتقدت بقوة لمدة ثلاثة أيام بعد وقوع الزلزال.
تشمل المخاطر الأخرى أثناء الزلزال اندلاق مواد كيميائية سامة وسقوط أجسام كفروع الأشجار وطوب وزجاج المباني. كما قد تتحطم خطوط الصرف الصحي وينساب ماء المجاري إلى مصادر مياه الشرب العذبة. وقد يسبب شرب مثل هذا الماء غير النقي الكوليرا والتيفوئيد والدوسنتاريا وأمراضًا خطيرة أخرى.
تعطل وتوقف القدرة الكهربائية ووسائل الاتصال وعمليات الانتقال والنقل الحاصلة بعد وقوع الزلزال تعيق عمل فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الوفيات والإصابات. ثم إن مكاتب الأعمال والمكاتب الحكومية قد تفقد سجلاتها ومواردها، الأمر الذي يبطئ عمليات الانتعاش والإغاثة بعد الكارثة.
بناية مقاومة للزلازل تحتوي على تراكيب مثل جدران قص وعمود قص مركزي وتدعيم متقاطع وعوازل قاعدية تعمل ماصات للصدمات. كما أن وجود خندق (أو حفر) يحيط بالمبنى يسمح بترنح المبنى دون أن ينهار.
تقليل حجم الدمار الزلزالي. معرفة أين تبني وكيف تبني، في المناطق المعرضة لوقوع الزلازل تساعد في تقليل عدد الوفيات ودمار الممتلكات عند وقوع الزلزال وكذلك فإن إدراكك لما تفعل عند وقوع زلزال يساعد أيضًا في منع الإصابات والوفيات.
أين تبني. يحاول العلماء تعريف وتحديد المناطق التي يحتمل أن تعاني من دمار كبير لدى وقوع الزلزال. وهم ينشئون ويطورون خرائط تُوضح أماكن الصدوع ومسطحات الفيضان (المناطق التي سبق أن تعرضت للفيضان) والمناطق المعرضة لانزلاقات أرضية أو تميع للتربة. وكذلك فإن العلماء يحددون المواقع من الأرض التي تعرضت لزلازل سابقة. حدد مخططو استعمالات الأراضي بالاعتماد على هذه الخرائط مناطق من الأرض اعتبرت غير آمنة، الأمر الذي ساعد في التحذير من إنشاء وإقامة أبنية غير آمنة في هذه المناطق المعرضة لضرب الزلازل.
كيف تبني. طور المهندسون عدة طرق لبناء أبنية مقاومة للزلازل، وتتراوح تقنياتهم من البساطة المتناهية إلى التعقيد لحد ما. تشمل تقنية استخدام الأسمنت المسلح في المباني الصغيرة والمتوسطة الحجم تثبيت المباني إلى قواعدها بالقضبان المعدنية وتزويدها بجدران داعمة تسمى جدران قص. تساعد جدران القص المشيدة من الإسمنت المسلح (إسمنت متضمنًا قضبان معدنية) في تقوية البناء وفي الصمود أمام القوى المطبقة على الصخر تُشكِّل إقامة جدران قص في وسط مبنى حول نفق مصعد أو بئر سلم يسمى عمود القص المركزي. ويمكن تسليح الجدران بدعائم فولاذية مائلة في تقنية تسمى التدعيم المتقاطع.
يحمي البناءون المباني متوسطة الحجم أيضًا باستخدام أجهزة تعمل على امتصاص الصدمة توضع بين جسم المبنى وقواعده. تسمى هذه الأجهزة العوازل القاعدية، وهي عبارة عن سنادات مصنوعة من طبقات متعاقبة من الفولاذ ومادة مطاطية مرنة كالمطاط الصناعي. تمتص العوازل القاعدية الحركة الجانبية والتي لولا وجود العوازل هذه لسببت دمارًا كبيرًا للمبنى.
يلزم استخدام طريقة بناء خاصة لإقامة ناطحات سحاب مقاومة للزلازل. ويجب أن تغرز عميقًا وبأمان في الأرض، كما يلزم استخدام شبكة من الحديد المسلح بوصلات أكثر قوة من تلك المستعملة في ناطحات السحاب العادية وذلك لجعل الناطحات قوية ومرنة إلى درجة تستطيع معها الصمود أمام الزلازل.
تُثبَّت الأدوات الثقيلة والأثاث والتراكيب الأخرى الموجودة في المنازل والمدارس وأماكن العمل الأخرى المصممة لمقاومة الزلازل وذلك لمنعها من السقوط أو الانقلاب لدى اهتزاز المباني. كما يجب تسليح خطوط الماء والغاز بمفاصل خاصة قابلة للانثناء وذلك لمنع تحطمها عند وقوع الزلزال.
احتياطات السلامة. هي أمر حيوي عندما يقع الزلزال. فبمقدور الناس أن يحموا أنفسهم بأن يقفوا تحت إطارات الأبواب أو يزحفوا ويختبئوا تحت المناضد والمقاعد ريثما يتوقف الزلزال. وعليهم ألا يخرجوا إلى خارج المباني حتى يتوقف الاهتزاز تمامًا.
كما أنه يتعين عليهم استخدام الاحتياطات البالغة حتى بعد توقف الزلزال. قد يُتْبَع الزلزال الكبير بزلازل عديدة صغيرة تسمى روادف أو توابع وعلى الناس أن يبقوا بعيدًا عن الجدران والنوافذ والتراكيب التي أصابها الدمار إذ أنها قد تنهار في تابعة زلزالية. وعلى الذين يكونون خارج المباني عند وقوع الزلزال أن يتحركوا بعيدًا عن الأشجار العالية والمنحدرات الشديدة والمباني وخطوط القدرة الكهربائية. وإن كانوا بالقرب من جسم مائي كبير فعليهم الانتقال إلى أرض مرتفعة.
أين تقع الزلازل ولماذا
خريطة: أين تحدث الزلازل
طور العلماء نظرية تدعى حركية الصفائح القارية وهي تفسر سبب وقوع معظم الزلازل. وحسب هذه النظرية فإن قشرة الأرض الخارجية تتألف من حوالي عشر صفائح كبيرة صلبة وحوالي عشرين صفيحة أصغر حجمًا. تتألف كل صفيحة من قطاع من قشرة الأرض وجزء من وشاح الأرض. والأخير هو طبقة سميكة من مصهور صخري حار يقع تحت قشرة الأرض. ويطلق العلماء على هذه الطبقة من قشرة الأرض مع الجزء العلوي من الوشاح اسم الغلاف الصخري. تتحرك الصفائح حركة دائبة بطيئة فوق نطاق الانسياب وهو طبقة من مصهور الصخر الحار الناعم الطري توجد في الوشاح. ولدى تحرك الصفائح، فإنها قد تتصادم مع بعضها بعضًا أو أنها تتباعد بعضها عن بعض أو أنها تنزلق إحداها فوق الأخرى.
تؤدي حركة الصفائح إلى إجهاد الصخور على حدود التقاء الصفائح بعضها ببعض وتشكيل نطاق صدوع حول حدود الصفائح هذه. قد تُحْشَر الصخور في مكان ما على طول امتداد بعض الصدوع بحيث لا تستطيع الانزلاق عند تحرك الصفائح، وهكذا يتولد جهد في الصخور الواقعة على جانبي الصدع يؤدي إلى تكسرها وزحزحتها على هيئة زلزال. انظر: تشكل الصخور، علم.
هناك ثلاثة طرز من الصدوع: 1- صدوع عادية 2- صدوع معكوسة 3- صدوع انزلاقية مضربية. في الصدوع العادية والمعكوسة ينحدر الكسر الحاصل في الصخر إلى أسفل كما تتحرك الصخور إلى أعلى أو أسفل على طول الكسر. وفي الصدع العادي تنزلق كتلة الصخر في الجانب العلوي من الكسر إلى أسفل. أما في الصدع المعكوس فيكون الصخر على جانبي الصدع مضغوطًا بشكل كبير، وإن قوى الضغط تؤدي إلى انزلاق كتلة الصخر العليا إلى أعلى وإلى رمي كتلة الصخر السفلى إلى أسفل. وفي صدع المضرب يمتد الكسر مستقيمًا أو تنزلق الكتل الصخرية على امتداد الكسر الواحدة منها بإزاء الأخرى بشكل أفقي.
تقع معظم الزلازل في نطق الصدوع على حدود الصفائح وتعرف مثل هذه الزلازل الزلازل بين الصفائح، كما تقع بعض الزلازل الأخرى في داخل جسم الصفيحة ذاتها وتسمى في هذه الحال الزلازل داخل الصفيحة.
--------------------------------------------------------------------------------
أنماط الصدوع: سبب تحرك الأرض المعروف باسم الصدع معظم الزلازل. وفي الصدع العادي (إلى اليمين) تُرى كتلتان من الأرض قد تباعدتا وسقطت إحداهما إلى أسفل. وفي الصدع المعكوس (في الوسط) يُرَى تصادم كتلتين تسمح بالترنح دون السقوط واندفاع إحداهما تحت الأخرى. وفي الصدع الانزلاق المضربي ( إلى اليسار) انزلقت الكتلتان بعضها على بعض.
--------------------------------------------------------------------------------
صدع عادي
صدع معكوس
صدع انزلاقي مضربي
الزلازل بين الصفائح. وتقع على امتداد أنماط ثلاثة من حواف الصفائح القارية وهي: 1- حيد اتساع قيعان المحيطات 2- نُطُق الغوص 3- صدوع تحولية.
حيد اتساع قيعان المحيطات. هي أماكن في قاع أحواض المحيطات العميقة، حيثما تتحرك صفائح مبتعدة بعضها عن بعض. لدى انفصال الصفائح بعضها عن بعض، تصعد اللابة الساخنة القادمة من الوشاح وتنحشر بين الصفائح، تبرد اللابة تدريجيًا وتتقلص وتتشقق محدثة صدوعًا. وتكون معظم الصدوع المتشكلة صدوعًا عادية. وعلى طول امتداد الصدوع تتكسر كتل من الصخر وتنزلق إلى أسفل بعيدًا عن الحيد الجبلية في قاع المحيط وتحدث زلزالاً. تكون الصفائح بالقرب من الحيد الجبلية المحيطية رفيعة وضعيفة كما يكون الصخر ساخنًا، لم يبرد بعد ولا يزال مرنًا قابلاً للانثناء إلى حد ما. ولهذه الأسباب فإنه لا تتشكل إجهادات كبيرة في الصخر. وتكون معظم الزلازل التي تقع بالقرب من حيد قيعان المحيطات ضحلة متوسطة إلى بالغة العنف.
نطق الغوص حدود تصادم صفيحتين حيث تدفع حافة صفيحة تحت حافة صفيحة أخرى في عملية تسمى الغوص أو الاندساس. وبسبب قوى الكبس على هذه النطق فإن العديد من الصدوع الحادثة تكون صدوعًا معكوسة. يقع حوالي 80% من الزلازل في نطق غوص تحلِّق (أو تحيط) المحيط الهادئ أسفل الصفائح الحاملة للقارات. يسبب انسحاق الصفائح المحيطية الأكثر برودة والقابلة للتكسر تحت الصفائح القارية إجهادات عظيمة تنطلق على هيئة زلازل عالمية كبيرة.
تقع أعمق الزلازل العالمية عند نطق غوص على عمق حوالي 700كم، وتحت هذا العمق يكون الصخر ساخنًا ولزجًا بحيث لا يمكن تكسره فجأة وإحداث زلزال.
صدوع تحولية. هي أماكن انزلاق الصفائح الواحدة إزاء الأخرى أفقيًا، وتقع صدوع انزلاق مضربية هناك أيضًا. قد تكون الزلازل الواقعة على امتداد الصدوع التحولية كبيرة، لكنها لا تكون بكبر أو عمق الزلازل على نُطُق الغوص.
أحد أعظم الصدوع التحولية شهرة هو صدع سان أندرياس حيث حدثت الانزلاقات التي حرَّكت صفيحة المحيط الهادئ فوق صفيحة أمريكا الشمالية. ويعتبر صدع سان أندرياس والصدوع الأخرى المصاحبة له سببًا في معظم الزلازل في كاليفورنيا. انظر: سان أندرياس، صدع .
الزلازل داخل الصفائح. ليست شائعة ولا كبيرة مثل تلك الزلازل التي تقع على طول حدود الصفائح. أكبر هذه الزلازل يكون أصغر مائة مرة من الزلازل بين الصفائح الكبيرة.
تميل الزلازل داخل الصفيحة إلى الوقوع في المناطق الضعيفة الهشة من داخل الصفيحة. ويعتقد العلماء أن الزلازل داخل الصفيحة تنتج عن إجهادات تطبق على داخل الصفيحة من جراء تغيرات الحرارة والضغط داخل الصخر، كما قد يكون مصدر الإجهاد موجودًا على حدود صفيحة قارية بعيدًا. قد تؤدي هذه الإجهادات إلى وقوع زلازل على طول امتدادات الصدوع العادية والمعكوسة وصدوع الانزلاق المضربية.